أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فالح عبد الجبار - المشروطة أم المستبدة؟















المزيد.....

المشروطة أم المستبدة؟


فالح عبد الجبار

الحوار المتمدن-العدد: 1226 - 2005 / 6 / 12 - 10:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المشروطة أم المستبدة؟
فالح عبدالجبار
في حومة التسابق على غنيمة الدولة, أو الصدود عنها, تدخل المذاهب الدينية طرفاً أو رأساً في الحياة السياسية العراقية, بين قائمة شيعية يقال انها تلبس جلباب المرجعية العليا للسيد السيستاني (بحق أو بغيره, لا أحد يعلم علم اليقين), وحزب اسلامي اختار الانزواء, وكتل سلفية ترى وجوب التغيير بسيارة مفخخة كأضعف الإيمان, أو حركة الصدر التي تقبل وتدبر, باشتهاء واستحياء. طلباً للسلطة واستنكافاً عنها.
هذه الحال تذكرني, في بعض جوانبها, بالانقسام الفكري الذي اجتاح المشرق العربي وقوتيّه الأعظم عصر ذاك: الدولة العثمانية والدولة القاجارية في ايران, وكان العراق مسرحاً لبعض فصوله.
خلاصة هذا الانقسام تركز في الثورة الدستورية الايرانية المكنّاة بـ"المشروطة" (1906) والثورة التركية (1908). جاءت أفكار الدستور والاصلاح بفضل النخب السياسية الدنيوية من رجالات الدولة, والقادة العسكريين, والمفكرين الدنيويين, فألقت حجراً في مياه الفكر الراكدة.
تبلور عصر ذاك تياران: تيار المشروطة, أي الدستورية, وتيار المستبدة, أو الحكم المطلق. ارتبط الأول باسم الشيخ محمد حسين النائيني, والثاني باسم محمد فضل الله نوري.
طلع علينا النائيني بدعوة الى الدستور, في كتابه "تنبيه الأمة وتنزيه الملة", وكانت فكرته جد بسيطة, وجد عميقة, ولا نغالي إذا قلنا ان خلاف النائيني مع فضل الله نوري ما يزال قائماً حتى اللحظة في الفكر السياسي الاسلامي (الشيعي والسني).
يرى النائيني ان كل نظم الحكم غير شرعية في عهد الغيبة (حسب منطوق علم الكلام الشيعي), غير ان الشكل الدستوري أنسب من الحكم المستبد على قاعدة مصلحة المجتمع. ويرى ايضاً ان من حق الأمة ان تتولى سد مناطق الفراغ في التشريع, وان الانتخاب يقوم على فكرة التوكيل في البيوع (فقه المعاملات).
اما خصمه فضل الله نوري, فيحاجّ بأن السلطة سلطتان, سلطة الحكم للتنفيذ, وسلطة الإمام (الغائب) للتشريع, معطياً الحق للأولى في الوجود, ما دام كلاهما واجباً.
وعارض نوري حق البرلمان في التشريع على قاعدة ان التشريع لله وحده, كما رفض دخول غير المسلمين (الذميين) في البرلمان, واخيراً عارض فكرة الانتخاب كنوع من التوكيل, وأفتى بعدم جوازها.
الثورة الدستورية اعدمت نوري, ومضت الى ايجاد حل خاص للعلاقة بين الدنيوي والديني. فأقرت مبدأ ان يختار البرلمان خمسة فقهاء من بين عشرين فقيهاً ترشحهم المراجع الدينية, ابتغاء تقديم النصح والمشورة لمجلس الأمة, أي بصفة مستشارين. ليس من باب المصادفة ان يهيج دعاة المستبدة الدهماء ضد المصلح الكبير النائيني, ولا غرابة في ان يعمد النائيني الى شراء نسخ كتابه ليتلفها كمن ضُبط متلبساً بجرم.
وليس من المصادفة ايضاً, ان تمجد المدرسة الخمينية ذكرى فضل الله نوري, داعية الاستبداد, شهيداً, فتصدر طوابع تخليداً له, وتودع النائيني في ثرى النسيان.
صراع المستبدة والمشروطة في 1906 تكرر في 1979 بين تيار الخميني, أو المدرسة الايرانية, وتيار المفكرين اللبنانيين (مغنية, شمس الدين, وفضل الله), الذين أرسوا مدرسة شيعية ديموقراطية.
بقي العراق حائراً, واقعاً بين فكي رحى المدرسة الايرانية والمدرسة اللبنانية, ونرى بعضاً من هذا التطاحن اليوم يجري في الخفاء حيناً وحيناً في العلن.
لكن شتان ما بين اليوم والأمس. فالسجال الفكري بالأمس دار حول مزايا الدستور بإزاء الاستبداد, فيما انحدر السجال اليوم (ان كان ثمة سجال اصلاً) الى نزاع حصص بالمعنى الحزبي الضيق, لا بالمعنى الواسع لتشارك العراقيين بعامة, طوائف واثنيات وأدياناً.
وفق مبدأ التمثيل النسبي, سيحمل أي برلمان, اليوم أو غداً, نسبة غالبة من النواب الشيعة, ونسبة أقل من الأكراد, واخرى من السنة العرب. هذه حقائق ديموغرافية, من المضحك نسيانها.
غير ان القول بوجود "غالبية" نواب من شيعة العراق في برلمان العراق شيء, والسعي الى تشكيل غالبية شيعية (اسلامية) شيء آخر. فلا الاسلاميون يمثلون كل الشيعة, ولا شيعة العراق وغير العراق تنتمي حصراً الى تيار فكري واحد موحد. بل ان الاسلاميين, على كل الجبهات, اكثر تنوعاً وتعدداً مما يوحي به ادعاء وحدة الدين ووحدة المذهب.
هذا الأمر يوصلنا الى قائمة "الائتلاف العراقي الموحد" التي يتزعمها السيد عبدالعزيز الحكيم.
لسنا في وارد تحليل مزايا هذه القائمة وقوامها ومآلها, بل في وارد تحديد ماهيتها. ثمة ثلاث فرضيات حول منشأ هذه القائمة. ونقول فرضيات لغياب اي دليل قاطع على صدق أي منها.
تقول الفرضية الأولى ان هذه القائمة أُعدت بتوجيه من السيد السيستاني وعلى أساس توصيات من لجنة خاصة تقدم له المشورة السياسية.
وتقول الفرضية الثانية ان السيد السيستاني لا يدعم أي قائمة بعينها, فلا يجوز لأحد ان ينزل بالمرجعية الى مرتبة حزب وقائمة انتخابية, ذلك انها راعية للجميع دون انحياز.
وتقول الفرضية الثالثة ان السيد السيستاني شجع على انشاء قائمة موحدة لكل العراقيين, من دون ان يزج بالمرجعية في تفاصيل شأن سياسي يومي. فمبتغاه ان يتولى العراقيون أمور بلدهم بالطريق السلمي.
نحن نعلم ان السيستاني ينتمي الى مدرسة النائيني, مدرسة الدستور والاقتراع السلمي والحكم المدني. كما نعلم ان القائمة المذكورة تضم قوى تربأ بالمدرسة النائينية, بل تعلن جهاراً انها نزاعة الى النموذج المعاكس.
لا تنتهي الحيرة عند هذا الحد, بل تتعداه الى طبيعة موقف السيد السيستاني. فوكلاؤه, مثلاً, يثبتون وينفون ما ذهبنا اليه. معلوم ان كثرة كاثرة من الناخبين تشخص ببصرها الى النجف, والى السيد السيستاني تحديداً, وان المكانة السامية التي يتبوأها تتجاوز الامكانات المتواضعة, والرغائب الدنيوية في المناصب عند جل المتسابقين في هذه الحلبة. كما ان انصرافه للشأن الروحي يتجاوز اصطراع المصالح الآنية في عالم السياسة, بين سياسيين مفعمين بطموح الزعامة, وآخرين شغوفين بالجاه والنياشين, أو طامعين بما لا حصر له من المغانم.
لقد أفتى السيستاني بوجوب الانتخابات, أي افتى بإرساء المبدأ الديموقراطي الذي يقوم اصلاً على حرية الاختيار وفقاً لمبدأ المصلحة, ويصعب على المرء ان يصدق ان المرجعية تملي على جمهور الناخبين مجموعة محددة من المرشحين, تحمل من الغث والسمين ما تحمله اي قائمة اخرى. فمثل هذا الإملاء (إذا صح وجوده) يتناقض مع فكرة الاختيار وحريته.
ان كان هذا اللبوس لجلباب المرجعية التباساً, فلا بد لنا من كلمة واضحة وصريحة تأتي من المنبع الأصلي, كيما نخرج من الإبهام, أو الإيهام. فكلاهما في وارد تقسيم الأمة والإمعان في تمترسها في عالم الملل والنحل.




#فالح_عبد_الجبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأفندية والملائية بين قرنين
- كرنفال الديموقراطية: حقيقة الأشياء أم مظاهرها
- العراق: مصادر العنف ومآله
- نحن والغرب من إدوارد سعيد إلى محمد عبده
- تأملات في العنف, لا سيما عنف أولئك الذين يفجّرون العراق
- في انتظار البرابرة... في وداع البرابرة
- تأملات في الماركسية
- العراق حيال مسألة الفصام بين الأمة والدولة
- عراق غامض المآلات مُقلق, لكن البعث... لن يعود
- التوتاليتارية، الكلمة الغائبة الحاضرة
- من يقف وراء الهجمات على الأمريكيين في العراق؟
- القتال، التمرد او التلاشي
- بين الحزب والقبائل والعشائر التوازن الهش للنظام العراقي
- مزيفو النقود
- إيضاح لا بد منه في بيان الملاكمة المأجورة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فالح عبد الجبار - المشروطة أم المستبدة؟