كوسلا ابشن
الحوار المتمدن-العدد: 4306 - 2013 / 12 / 15 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المغرب العربي ّ الوهم الايديولوجي الظرفي
بأعتراف احد السلفيين العرب ّ إن بلاد العرب كانت تطلق على الجزيرة العربية فقط، وعندما امتد نور الإسلام في الأرض وافتتح جند الله عزوجل من المسلمين العرب نصف الأرض في نصف قرن، كان لا بد للشعوب التي دخلت في الإسلام أن تتعلم العربية حتى تؤدي شعائر عبادتها، فلا بد من تعلم القرآن الكريم لأن صلاتهم لا تجوز إلا بتلاوة القرآن باللسان العربي المبين، ولا بد من حفظ الأذكار والأدعية بالعربية ولا بد من معرفة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فأصبحت العربية جزء أساسيا من حياة الشعوب الإسلامية فأخذت تتعرب تدريجيا، فكل مسلم: عربي بلغة قرآنه، وعربي: بنبيه صلى الله عليه وسلم العربي، وقبلته التي يتوجه إليها كل يوم خمس مرات واقعة في بلاد العرب، وحجه الذي يسعى إليه من استطاع سبيلا في جزير العرب.
ثم حافظ الإسلام والقرآن على العرب والعربية من الإندثار رغم المحاولات المستميتة لمحو العربية، وتوسعت الرقعة العربية فأصبحت تطلق على كل الشعوب التي عرب الإسلام لسانها وأفصح القرآن بيانها فصارت مصر والشام (بأكملها) والعراق والشمال الإفريقي من العرب ّ
هذه الشهادة لوحدها دون الخوض في مفهوم الهوية يؤكد ان الجغرافية الممتدة من العراق الى شمال افريقيا ليست عربية بل عرب الاسلام لسان ساكنتها وادخلها قهرا في نادي العروبة والبداوة , كما يؤكد عرقية الله العربي الداعي لابادة الشعوب بيولوجيا وهوياتيا , والتحليل السلفي لايختلف عن التحليل القومجي واليسراوي في تحديد الانتماء العروبي , فبالنسبة لعفلق مثلا حدد العربي بقوله ( كل من تحدث بالعربية فهو عربي ) يؤكد ضمنيا ان العرب ليسوا عربا بالانتماء الهوياتي , بل كل من تعرب لسانه لسبب الابادة الهوياتية اولسبب ما فهو عربي وحتميا بلاده تصبح عربية.
عبر التاريخ ظل الاستلاب الثقافي واللغوي احد السمات الاساسية للانظمة الاستعمارية لضم المستعمرات الى المركز الاستعماري وادامة الاستغلال والنهب , وكان الاستعمار العروبي احد اوجه هذه الانظمة واخطرها ليس مما عرف عنه من وحشية واستبداد لكن خطورته تجلت في الاستلاب الفكري المعتمد على المعتقد الديني الرابط الايماني بين المستعمر ( كسر الميم ) والمستعمر ( فتح الميم ) , ورغم انهيار النظام الاستعماري العروبي في القرن 13 , الا ان الرابط الايماني استمر بدون عائق ( رغم ظهور الهيمنات الاستعمارية الاخرى في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ) في انتاج واعادة انتاج الايديوجية الاستعمارية العروبية واستلابها الثقافي واللغوي .
ساهم الاستعمار العثماني والفرنسي في شمال افريقيا في تعريب ايمازيغن لضرب ثقافة الارتباط بالارض والجذور والتاريخ , المحفز الاساسي على مقاومة الاستعمار, وخلق حالة الاغتراب الذاتي وبالتالي تسهيل عملية الاحتواء و الترويض والذوبان والتحكم في مصيرهم ليس بالتتريك اوالفرنسة بل بالتعريب , اختيار الحلقة الاضعف في السيكولوجية الامازيغية وهي الحالة الايمانية القدسية ( الاسلام – عروبة ) , القادرة وحدها على انتاج الاغتراب والارتزاق والاعتزاز بالاستعمارخالق القدسية الايمانية ( الاسلام – العروبة ) .
الادعاء بالانتماء للعروبة للشريحة الارتزاقية وفرضها قهرا على شعوب شمال افريقيا فيما يطلق عليه منذ لقاء مراكش 1989 بين قادة العرقية و الارتزاق ّ بالمغرب العربي ّ نتاج الاستلاب الفكري للاستعمار العروبي المستمر في حالته الايمانية رغم انقراض دولة العروبة – اسلام في عهد بنو العباس , اعادة ميكانيزمات دولة العروبة بمقوماتها الجغرافية والبشرية والمؤسساتية ظلت فكرة مثالية تحتاج لادوات مادية لفرضها على الواقع ما لم يكن متاح للعقل العروبي الرجعي , الا ان مستجدات اواخر القرن 19 وبداية القرن 20 وما فرضتها من اعادة تقسيم العالم ورسم خريطة جيو-سياسية جديدة بين القوى الاستعمارية المتطورة وازاحة الاطراف التقليدية الضعيفة من التكتل الاستعماري , سيؤدي بالقوى الاستعمارية وبالاخص الانجلو-فرنسي الى الاستعانة ببدو العرب تحت غطاء وهمي سمي بالقومية العربية خارج جغرافية العرب , تكتيك هدفه انهاء الوجود الاستعماري العثماني واحلال محله من جهة ومن جهة اخرى خلق بديل للهويات المحلية المرتبطة بالارض والتصدي لمقاومتها بعناصراستطانية محترفة للدجل القدسي والابادة الهوياتية , وما حصل فيما يسمى بالشرق الاوسط , حصل كذلك في شمال افريقيا لهدف تفكيك ميكانيزمات ثقافة وحدة الانسان والارض , وتغيير ذهنية الامازيغ ,عملية الاغتراب الذاتي المنتجة لانسان الالة الخاضع لاوامر الخالق و المرتبط بالزائف و بالوهم اللامادي , من خلال خلق هوية زائفة في خدمة الاستعمار, هذا ما توصلت الية ابحاث السوسيولوجية الاستعمارية في شمال افريقيا ونتيجته صنع الوهم العروبي في مختبر صناعة قرارات الدولة الاستعمارية الفرنسية , بقرار استعماري ظهرت التسمية العرقية الاستعمارية لما يسمى ّ بالمغرب العربي ّ , قرار سياسي , ايديولوجية في خدمة الاستعمار , تحملت شعوب شمال افريقيا كل مأسيه المادية والروحية , فكرة وهمية انتجتها السسيولوجية الاستعمارية ورسختها في بطون الاقلية الاستطانية العرقية المتعاونة مع دولة الحماية لتدميرالذات المحلية وخلق كتلة من الاغنام تتبع السيد المتعدد الاسماء .
الوهم الورقي سيتحول الى مشروع سياسي في مراكز القوى الاستعمارية في طرفي النزاع لاعادة تقسيم الكعكعة العالمية والشمال الافريقي خصوصا , سواء المحور او الحلفاء , فبمبادرة النازية الالمانية سيفتح مكتب عرقي في برلين تحت اسم وهمي ّ مكتب المغرب العربي ّ سنة 1943, يستمد عرقيته من مرجعية عروبية – نازية المانية ومن بين مؤسسيه تلاميذة هتلر , الحبيب ثامر ويوسف الرويسي وغيرهما , وسيصدر المكتب جريدة تحت نفس الاسم الوهمي ببرلين , وسيؤسس الرويسي الوهم الورقي في دمشق 1946 قبل اجتماع جماعة برلين بجماعة باريس لتأسيس المكتب العرقي الورقي في القاهرة سنة 1947 قبل شهور من اختطاف رئيس جمهورية الريف عبد الكريم الخطابي من طرف الجماعة العروبية الارهابية المكونة للمكتب العرقي ومن تخطيط دولة الحماية الفرنسية وبيادقها العروبيين .
الفكرة العرقية الوهمية ّ المغرب العربي ّ انتاج استعماري اوروبي لهدف استراتيجي السيطرة على جغرافية شمال افريقيا ونهب خيراتها الطبيعية وفتح اسواقها لبضائع دولة الاستعمار بدون ممانعة الكيان المصطنع التبعي وهو الضامن الوحيد لسيرورة الهيمنة , الاستعمارالفرنسي اسس اركان الكيان العرقي الوهمي ّ المغرب العربي ّ وحافظ على وجوده بالدعم المادي والمعنوي في مواجهة نقيضه الثابت المنغرس في طبيعة المكان مصدر الادراك الواعي للاجيال الامازيغية المتشبثة بالوجود المادي والروحي في مواجهتها للاطروحات الاستعمارية وعملياتها الاجرامية في تذويب الهويات والاستلاء على المكان وثرواته.
ّ المغرب العربي ّ شكل من اشكال التمييز العرقي بخصوصية مميزة لشمال افريقيا الممثلة في قدسية العرق الاستطاني المخول من الرب العرقي وكذا مخول من الاسياد الاوروبيين لاستعباد ايمازيغن والتحكم في مصيرهم , هذا هو ّ المغرب العربي ّ نتاج فكرة وتنفيذ استعماري وتبني عرقي رباني استطاني , تعفي الكل من المقومات الاساسية للانتماء الهوياتي المرتبط بالارض والانسان ومنتوجه المادي والروحي .
من عجائب العرقية العروبية ان الرب العرقي احل لها كل شيئ من استعمار اراضي الغير وتغيير هويات الشعوب والخيانة والتبعية للانظمة الاستعمارية والتعاون معها .
الانتماء الاستطاني للوهم الايديولوجي ّ المغرب العربي ّ مبني على فكرة استعمارية مدعمة بالميتافيزيقية المحمدية لن يصمد في مواجهة الحقيقة المادية للانتماء الطبيعي لامازيغ في ارضهم شمال افريقيا واقع طبيعي دونه تاريخ المنطقة على الاقل منذ ان استقر الامازيغ ومارسوا الفلاحة وتدجين الحيوانات , ارتبط وجودهم بمنطقة شمال افريقيا انتجوا ثقافتهم بالارتباط بالمكان , اسسوا دولهم وحضارتهم ودونوا تاريخهم بدمائهم الراوية لمجال الترابي لشمال افريقيا , ذكرتهم كتابات مصرية ترجع الى 3 الاف سنة ق . م ( حجر الرشيد ) واغريقية خاضوا حروب الدفاع عن الارض والحرية ,على سبيل المثال لا الحصر , حرب ماشوش الامازيغ بقيادة الملك مريي ضد المصريين بقيادة رمسيس 2 سنة 1227 ق . م , والحرب الدفاعية للملكة ديهيا ضد الاستعمار العروبي , او ما تميزوا به من نبل مثل سماح الملك هيرباس للاجئة الفينيقية الاميرة اليسا للاقامة في بلده او استقبال اللاجئين اليهود الناجين من حملات الابادة او استقبال اللاجئ ادريس المدعي الهروب من حروب السلالات المكية , و استمرت شمال افريقيا بلاد ايمازيغن رغم كل اشكال الاستعمارية ورغم اشكال الوجود الاستطاني الذي يفترض ان يندمج في المجتمع المحلي الامازيغي وليس العكس .
الجهاز الاستبدادي السلطوي الاستطاني قد يفرض لفترة زمنية مؤقتة الوهم العرقي لما سمي ّ مغرب عربي ّ على بلاد ملك مريي وملك اكسل|كوسلا وابطال ملحمة انوال وبوغافر , لكن الوهم سيتلاشى بازالة شروط وجوده , الانتماء للجغرافية المحددة لا يتم بفكرة استعمارية ولا بتعاليم ميتافيزيقية محمدية , فهو موجود بعامل طبيعي مادي شكل في سيرورة تاريخية لالاف السنين سابق على الميتافيزيقية والانظمة الاستعمارية معا , الهويات الزائفة ستزيل ولا تبقى الا الهوية الحقيقية الامازيغية الصامدة في وجه اوكار الدناسة و الانظمة الاستعمارية .
#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟