رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4306 - 2013 / 12 / 15 - 09:37
المحور:
المجتمع المدني
بالأمس القريب قدمنا كتاب ( مدخل إلى النص القرآني)على شكل أجزاء على موقع الحوار المتمدن، ورغم قناعتنا بان لكل كاتب أن يفكر بالطريقة التي يستطيع من خلالها أن يبني ويطور أفكاره، وجدنا البعض الذي يدعي العقلانية والتقدمية وغيرها من المسميات ـ التي لا تغني ولا تسمن جوع ـ يعمل بعين العقلية والمسلكية المتخلفة ليس للأفراد المجتمع وحسب بل حسب منطلقات النظام الرسمي العربي، وهنا نقول هل يريد كل اتجاه فكري أو جماعية سياسية عربية أن تكون منعزلة عن مجتمعها؟ هل الخلاف الفكري أو العقائدي هو سور الصين العظيم في المجتمع العربي فلا يسمح لطرف التعرف على الطرف الآخر؟ إذا كان العلمانيون والعقلانيون يمارسون عين أسلوب الأنظمة المتخلف فأين الطليعة ؟ وما هي مكانها؟ وأين دورها؟ وما هي السمات ـ المسلكية ـ التي تميزها عن الآخر المتخلف؟
أيام الدراسة، وفي ذروة القمع الرسمي العربي، حتى الكتب كانت من المحرمات والممنوعات ـ وما أكثر الممنوعات ـ كنا إذا شاهد أحدا من الطلاب معنا الكتب الحمراء، يقول بزهو "كيف تقراء مثل هذه الكتب الإلحادية؟" فكان بهذا الكلام كمن يقنع نفسه بأنه نظيف فكريا، وانه بطبيعة الحال يتماشى مع النظام، وأيضا يقف إلى جانب الدولة العلية في موقفها من محاربة الأفكار الهدامة، ومع هذا كنا نحاورهم معتمدين على أن الفكر هو مشاع لكل إنسان، ومن حق أي فرد إذا وجد الفكر المناسب، أن يقتنع به .
وفي المقابل عندما كنا نستأذن البعض للذهاب إلى الصلاة كنا نسمع منهم "ما هذا التخلف الذي تقومون به" واذكر احدهم انه قال "استغرب وأتعجب كيف يكون هناك أستاذ في العلوم أو الفيزياء ويصلي" منذ ذلك الوقت تعلمنا أن لا يكون هناك ما هو محذور من الأفكار، مهما كانت منطلقاتها وأيا كان قائلها، وتعلمنا بأننا فعلا كعرب نعيش في جزر متقطعة، ويسعى كل طرف فكري أو سياسي إلى جعل ذاته فوق الجميع، فلا احد فوق التنظيم أو الطائفة أو الجماعة، وكان الجميع يتغنى بالانجازات ـ الشحيحة ـ التي قدمها خلال دهر من النضال، ويقلل وينتقد بجفاء الآخر، متهما إيه بالانحراف فكريا ومسلكيا.
هذه احد المشكلات التي ما زلنا نعاني منها كمجتمع عربي، ولكن ما أدهشني هو وجود عين السلوك والفكر في زمن ألنت، وزمن لا يوجد فيه من المحرمات أي شيء، فنحن من خلال الفضاء الكتروني نستطيع أن نشاهد كل ما كان محذورا وممنوعا، كتب سياسية، فكرية، جنس، حتى إننا نستطيع إدخال أي مفكرا إلى منزلنا دون أي خوف أو حاجز، فلماذا نمارس سلوكا قاتلا لنا كمجتمع وكأمة تدعي بأنها في شوق ولهفة للحرية والنهضة؟
رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟