قصة قصيرة
كان فتى لم تنجب البطحاء العربية له مثيل ….فتىٍ وأي فتى…!!
بهياً مثل فلقة القمر ….نبيلاً …، تكاد إذ تراه تحسبه للرحمن صفياً خليلاً…
فقد كان له في الحسن ما ليس ليوسف ، وقد بلغ من الحكمة أشواطاً ما داناه فيها حكماء العربان ، لا الأولين منهم ولا الآخرين ..!
كان قلبه مثقل بالهموم ، وحاشاه أن تكون همومه إلا…. هموم قومه من العربان ، إذ كان يرى كم أوغل فيهم المشركين والكفار والمنافقين والرافضة ، بطشاً وتنكيلاً …!
ويحّي على قلبه الفتي الذي كان يتفطر من الألم … ليتني والله كنت المكلوم مكانه … إذ ليس لمثله أن يحمل عنا كل هذا الوزر ، وكل تلك الهموم …!!
ويحّي…!
غادرنا ذات ليلة ليلاء …على عجل … كنا نيامٍ … كنا نياما إذ غادر …
تسربل بجلبابه الأبيض الذي بالكاد يصل الركبتين … ، كان حسرة قلبي عليه يخاف النجاسة ، وكم في الأرض من نجاسةٍ خفيةٍ وظاهرة…!
حمل بندقية جدي العتيقة…. دس دفتر شيكاته في جيب حقيبته … دس سواكه …. ومشط لحيته وكسرة خبز يابسة…ورحل …
حمل في قلبه تاريخنا ….ورحل..
حمل في عينيه رسالتنا ….ورحل …
رحل ليحارب الكفار وحده …
رحل ليعيدهم إلى بطون التاريخ وحده …
حين أجهزوا عليه عادوا إلينا …. عادوا لينبشوا تاريخنا …. وأقسموا أن يخرجونا من بطون التاريخ جملة واحدة …
كان بهياً حين رحل …
كان عظيماً … إذ أيقظ فيهم الرغبة لإخراجنا من جوف التاريخ …
فلله دره هذا الذي حاربهم …..وحده ….!
لله دره…!!!