|
هيا بنا نقتل إسرائيل
عبد المجيد إسماعيل الشهاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 14:34
المحور:
القضية الفلسطينية
مرض عضال يكاد أن يفتك بالجسد العربي منذ أكثر من ستة عقود الآن. ليل نهار طول هذه السنين، نحن نلعن حملة هذا الفيروس المميت، الصهاينة، وناقله الشرير، رئيس الوزراء البريطاني آرثر جيمس بلفور الشهير بإعطاء اليهود ’وعد بلفور‘ لإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين. لكن كل اللعنات والصلوات والأدعية لم تستجب. لا زال المرض مشتد ومعاند، والمريض ضعيف وينازع.
هيا بنا نقتل إسرائيل حتى نشفى من السقم. كانت صرخة الملوك العرب في 1948. لكن الجيوش الملكية عادت مطأطئة الرؤوس، مهزومة، وأخرج الشيطان الصهيوني لسانه عن آخره ليعلن رسمياً قيام دولة إسرائيل، أمام أعظم وأهم وأغلب رجال العالم بالأمم المتحدة. وتخلف الزعماء العرب، حتى حين.
هكذا ضاعت نصف فلسطين على الأقل. لكن لا زال هناك نصف الأرض الآخر سليم، ومنه نستطيع أن نسترد المغتصب- بالطبع بعد أن نلقي باليهود كلهم في البحر! هيا بنا نحشد الجماهير ونعبئ الجيوش ونجهز المعدات، لكي نجرب قوتنا مرة ثانية في قتل إسرائيل.
هي النكسة في 1967. لم يضيع النصف الآخر من فلسطين فحسب؛ لم تضيع مساحات شاسعة من جميع دول الجوار فحسب؛ ما ضاع هذه المرة كان أهم وأفدح بكثير من كل أراضي وثروات العرب من المحيط إلى الخليج- ضاع من الشعوب العربية الأمل والكرامة وثقتها بالنفس.
كانت نكسة 1967 ولا تزال نقطة فارقة في تاريخ المنطقة العربية، التي عندها استدار إلى الخلف المشروع النهضوي الإصلاحي المتقدم بثبات نسبي منذ مطلع القرن التاسع عشر؛ منذ النكسة، انتكست بالفعل الشعوب العربية صوب ماضيها السحيق وانغلقت عليه بمرضية لتلد، من جملة ما ولدت، ظاهرة ’الصحوة الإسلامية‘، التي هي في حقيقة الأمر سبات لنحو ألف وخمسمائة عام.
أكتوبر 1973 كانت أكثر واقعية وبرجماتية وحاولت إنقاذ حياة المريض أولاً ببعض الأدوية والمسكنات. لكنها لم تقتل المرض، وفي الأصل لم تكن تنوي ذلك. في المقابل، نحن نريد أن نقتل إسرائيل أولاً وقبل أي شيء آخر، وربما عدا ذلك لا نهتم بشيء آخر، حتى لو كانت أرواحنا. أرواحنا فداء. وهكذا قد حضر ومضى نصر أكتوبر من دون أن نستثمره، بل وقتلنا رمزه ورمزيته.
الجيوش العربية أخفقت ثلاث مرات متتالية في القضاء على إسرائيل. لكن نحن، الشعوب العربية، لا نزال مصرين على قتل إسرائيل. لا حل آخر حتى يسترد الجسد العربي عافيته البكر. فقدنا الأمل في الجيوش، التي بدورها فقدت الأمل في قدرتها على أن تهزم إسرائيل. أمريكا واقفة معها. الجيوش العربية بطلت تحارب خارج الحدود واستدارت هي الأخرى، مثل الشعوب، إلى الخلف، صوب الجبهة الداخلية، لكي تحكم وتستثمر وتقمع.
في سبيل القضاء على إسرائيل، قد خسرنا النصف الآخر المتبقي من فلسطين، زائد خسارتنا الأهم والأفدح في جميع الجيوش العربية العاملة بدول الطوق.
لن نستسلم. مهما كان الثمن سوف نحرر فلسطين ونقتل إسرائيل. أرواحنا فداء. طظ في هذه الجيوش الفاشلة. من الآن فصاعداً سوف نتولى الأمر بأيدينا، نحن الشعوب الحرة. إلى المقاومة. إلى الانتفاضة الأولى. الثانية. محور الممانعة.
امتلئ الفضاء العربي بالعصابات والميليشيات والتنظيمات المسلحة وشبه المسلحة والكيانات الشبيهة بالدول من كل صنف ونوع، وعلى جميع الأذواق والمقاسات، محلياً وإقليمياً ودولياً. سوف عكاظ ميليشياوي. لكن بقي السؤال: هل تنجح مثل هذه المجموعات العبثية اليائسة فيما فشلت فيه قبلها الجيوش النظامية المدججة بالأسلحة؟! سؤال لا يحتاج إجابة. وكما الشعوب والجيوش العربية بعد 1967، هذه الجماعات أيضاً تركت إسرائيل واستدارت إلى الخلف، ضد شعوبها وحكوماتها ودولها وجيوشها تعيث فساداً وخراباً أينما حلت. وبقيت إسرائيل. لم ولن يجرؤ أحد على يمسها بسوء.
معقولة؟! ألا يوجد حل ناجع أبداً؟! قد جربنا كل وسائل العنف دون أي نتيجة مفيدة. تعبنا. هرمنا. دعونا نجرب هذه المرة بعض وسائل السلم. لعلها تنجح. لعلها تجدي مع هذا المرض العضال ونشفى منه. لعلها تحقق المعجزة ونستريح أخيراً.
حتى المفاوضات والوسائل السلمية لتسوية أسباب الصراع العربي الإسرائيلي كانت غايتها، تماماً مثل الوسائل العنيفة، هي تخليص الجسد العربي من هذا الفيروس الإسرائيلي بأي وسيلة. في الحقيقة، الوسيلة تغيرت لكن الغاية بقيت نفس ما كانت من قبل- قتل إسرائيل، لكن عبر الوسائل السلمية بعدما لم يفلح العنف.
كل هذه السنين، لم يسأل العرب أنفسهم أبداً: هل التعايش والاستمتاع بالحياة ممكن مع المرض، خاصة لو كان يستوطن أجسادهم مطمئناً منذ أكثر من ستين عاماً الآن؟
#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكومتها مدنية
-
باشاوات ثاني؟!
-
وهل ماتت دولة الإسلام؟!
-
دولة الإسلام- دينية، عنصرية، متخلفة
-
إيران الإسلامية تحتمي بالقنبلة النووية
-
برهامي، ومثلث الرعب الإسلامي
-
الإرشادية تمثيل الإلوهية على الأرض
-
الأزهر سبحانه وتعالي
-
تحذير: للكبار فقط
-
بأمر الواقع، السيسي رئيساً.
-
ثورة دي، ولا انقلاب؟!
-
رثاء
-
كبير الإرهابيين، إمام المغفلين
-
في حب الموت
-
حين تعبد الديمقراطية
-
في آداب القتل الشرعي
-
أنا الله
-
جمال عبد الناصر، خيبة أمل نصف العرب
-
القرآن دستورنا
-
حاكموا لهم إلههم، أو أخلوا لهم سبيله
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|