أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الدير عبد الرزاق - مأساة حقوق الإنسان في دواليب الاستهجان!!!















المزيد.....

مأساة حقوق الإنسان في دواليب الاستهجان!!!


الدير عبد الرزاق

الحوار المتمدن-العدد: 4304 - 2013 / 12 / 13 - 22:16
المحور: حقوق الانسان
    


كعادتي المسائية قبل أن أخلد للنوم أتصفح الصحف الوطنية و العربية و الدولية على أمل إيجاد شيء يستحق أن يثير شهيتي في القراءة، كل الأخبار أصبحت مكررة ، يتغير فيها فقط الزمان و المكان و الشخوص، و جميع المواقف تتواطأ على اغتيال ما تبقى من مفهوم الإنسان، استوقفني خبر مثير في جريدة الخبر الجزائرية الصادرة يوم الثلاثاء 10 دجنبر 2013، لست أدري لماذا وَقْعُ هذا الخبر تجاوز كل عجزي و إرهاقي في الكتابة؟ ربما الخبر يجسد عمق المأساة العربية في تمفصلها المزدوج حول إشكالية حقوق الإنسان...
فالخبر كما ورد في عنوانه العريض: "الجزائريون لا يتمتعون بالحق في الحياة"، عنوان يخفي في داخله هواجس فضول حقوقي، عنوان لا يجب المرور عليه مرور الكرام و إنما التوغل فيه لفحص لسان الحال الصادم، و الذي يعطي لمعنى الحق في الحياة بعدا و معنى آخر "ليس معناه أن لا تقتل فقط، و لكن معناه أن لا تقتل و أن تعيش حياة كريمة، في ظل توفر كل متطلبات الحياة"...
نستشف من هذه الفقرة أن مصادرة الحق في الحياة ليس لها معنى أحاديا في التمثل القائل بالموت المادي فقط، و إنما هناك موت آخر و هو موت رمزي، ما معنى الحياة بدون أسباب الحياة؟ ما معنى أنك حي بيولوجيا، ميت رمزيا ووجوديا؟
و التوغل في بعض الفقرات من التقرير يعطينا واقعا حقوقيا مأساويا بكل ما تحمل المأساة من معنى، ليس فقط في الجزائر فحسب و إنما هو لسان حال كل البلاد العربية، و هذا التقرير لا يختلف في معطياته عن باقي التقارير الحقوقية التي تصدر سنويا في أكثر من بلد عربي، و كثيرا ما يتم التشكيك في مصداقية مثل هذه التقارير لاعتبارات سياسية لا تريد نقل الواقع الحقوقي كما هو بدون ماكياج أو مساحيق تجمل الصورة البشعة و القبيحة للواقع الحقوقي، في ظل أنظمة سياسية مستبدة تكرس نفس الخطاب الخشبي في التعاطي مع ملفات حقوقية تسمو بالإنسان إلى جوهريته المتأصلة، و على النقيض من ذلك تتعامل مع الإنسان كأنه ضيعة ورثتها عن أجدادها، لها الحق في التصرف فيها دون أدنى اعتبارات إنسانية، مكرسة فعل الملكية avoir على حساب فعل الكينونة être و دائما و أبدا تنظر إلى هذا الإنسان مفعولا به، يتم استعماله في أنساق مختلفة تخدم السلطة السياسية و توجهاتها الإيديولوجية بنوع من التحقير، و أي خروج عن هذه النمطية هو عقوق وجب التعامل معه بيد من حديد و نار، فهذا التقرير و غيره من التقارير الحقوقية يجب على السلطة العربية أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل تدارك هذا النقص الحقوقي القاتم و القاتل من أجل ربح عمر افتراضي إضافي في السلطة، من أجل القيام بإصلاحات جوهرية تخدم الإنسان و الوطن من لنتطلع إلى مستقبل زاخر للأجيال القادمة بدون تمييز طبقي و لا انتماء عائلي أو سياسي، حتى لا نعيش مآسي أكثر من المأساة التي نعيشها اليوم في أكثر من بلد عربي، و السبب هو إدراك الشعوب لإنسانيتها و لو بشكل نسبي، فأرادت أن تتحرر من قيود الظلم و مصادرة أحلامها و كرامتها و حقوقها، و هذا هو ما ترفضه الأنظمة المستبدة التي تعجل بالحروب الطاحنة بين قوى الاستبداد و الشعوب المستضعفة التواقة إلى غد أفضل لأبنائها، من أجل تدارك هذه المفارقات و استحضار أن الإنسان فاعل في التاريخ و قادر على تغيير الموازين و البنى الاجتماعية و السياسية، فهذا التقرير الحقوقي السنوي لم يخرج عن تأكيد ما صدر من تقارير سابقة مثل غلاء المعيشة و تدهور الصحة و السكن و العمل و العنف في حق المرأة و الأطفال، و عدم المساواة و التمييز و تراجع الحق في التعبير و الرأي و حرية التظاهر و المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان و النقابيون و الجمعيات ، إضافة إلى عدم استقلال القضاء و وضعية السجون المزرية، إلى جانب ملفات حقوقية ثقيلة من قبيل الاختفاء القسري و المفقودين و غيرها.
إذن لا يجب القفز على هذه التقارير و التعامل معها بسلبية و إنما وجب التعاطي معها بإيجابية من خلال اعتبارها معطيات جد مهمة من أجل إعادة النظر في الملف الحقوقي و الاجتماعي الذي لم يعد مسموح لأي سلطة سياسية أن تتجاهله و إلا فلتتحمل مسؤوليتها في مواقفها التي تزيد من الهوة بين الدولة و بين الشعب، و تخلق لنا زمنين مختلفين في كل شيء و هذا يضر بالبلد و يدفعه إلى مزيد من العنف و إراقة الدم، ما نراهن عليه هو أن تقترب السلطة العربية في خطابها من الشعوب بصدق المسؤولية و الاعتراف بالأخطاء السابقة من أجل توافق وطني لإصلاحها، و إعادة بناء تعاقد اجتماعي و سياسي جديد مع الشعوب التي أصبح لها منسوب الوعي مرتفع جدا، و يجب التعاطي معه في هذا الإطار و إلا سنجد أنفسنا خرابا و دمارا نهدم ما شيدناه لعقود من الزمن في لحظة واحدة، الكل ضد الكل، من ضد من؟ الضحية هو الوطن و مستقبل الإنسان العربي.
فليس هذا الخبر الذي أثار كل هذه الإشكالات و المفارقات وحده الذي صدر في نفس اليوم و في نفس العدد من جريدة الخبر الجزائرية، و إنما هناك خبر آخر جاء بعنوان عريض" بوتفليقة يفوز بالجائزة الوطنية لحقوق الإنسان"، و منحته هذه الجائزة اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان ، هنا نطرح سؤالا عريضا لن يكلفنا أكثر من قوة الملاحظة: كيف يمكن لرئيس دولة صدر فيها التقرير السابق الذي تطرقنا له أن ينال الجائزة الوطنية لحقوق الإنسان؟ إما أن التقرير الأول يتطرق لواقع آخر و مجتمع آخر، و إما أن اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان أخطأت في إدراج مصطلح" حقوق الإنسان" و هي تتحدث عن شيء آخر...
سنبقى في السؤال الشقي الذي ينغص علينا واقعنا: ما هي النضالات الحقوقية التي خاضها السيد الرئيس؟ و أين هم المناضلين الحقوقيين الحقيقيين الذين كرسوا حياتهم و أرواحهم لخدمة حقوق الإنسان بأي ثمن كان و لو بأرواحهم و أجسادهم الطاهرة، أين هم من هذه الجائزة التي تسيء لنا كحقوقيين يهمنا الإنسان كجوهر فوق أي اعتبار آخر؟ فإذا كانت مثل هذه الجهات تنتسب للفعل الحقوقي العربي فهي تكرس احتواء مجال حقوق الإنسان سياسيا و التلاعب بورقة سياسية في استحقاقات سياسية قادمة، هل تعني رمزية هذه الجائزة إعطاء وجه آخر مشرق على حساب حقوق الإنسان؟ أم أنها جهة تابعة بشكل كلي لإيديولوجية السلطة، و بالتالي وجب نزع صفة حقوق الإنسان عنها؟
لست أدري لماذا هذا الاستمرار في استحمار و استغباء المواطن العربي الذي تجاوز فهمه فكر هذه الشخصيات و القيادات التي شاخت و لم يعد بمقدورها التفكير و إعطاء شيء لهذه الأوطان سوى أنها مستمرة على خطى سياسة و نهج شاخ و حان الوقت أن ينقرض من الممارسة السياسية، فأجيال اليوم لم تعد تحتمل وجود رموز ظهرت عليها الشيخوخة السياسية و تأبى أن تترك الساحة للشباب بأحلامهم نحو المستقبل، فهؤلاء الشيوخ يحملون ماض مازال ينخر الشعوب العربية، و كأني بالرجل المريض يجثم على الفكر السياسي العربي في وقت نجد طاقات شابة لها أفضل تكوين على المستوى العلمي و الأكاديمي و السياسي و هي أهل بقيادة هذه الشعوب.
فلا مستقبل حقوقي للشعوب العربية في غياب مناخ ديمقراطي و تغيير جذري في كل البنيات و المستويات من أعلى الهرم إلى أدناه، ينتظرنا سفر طويل و شاق من أجل الإنسان العربي لرد الاعتبار له كوجود و ذات و ليس كشيء و موضوع مفعول به، فإيماننا قوي بإرادة الشباب العربي في تغيير واقعه الحقوقي الذي يشكل نقطة سوداء تتلاعب بها جهات معينة و تخيطها على مقاسها، و بناء دولة عربية ديمقراطية لكل المواطنين رغم الاختلاف الذي يجب ضمانه حقوقيا و سياسيا، في الحق في الاختلاف كمنعطف للتعايش بين مواطنين ينتمون لدولة وطنية.



#الدير_عبد_الرزاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبلة الموقوتة
- هل سقطت .... أم أسقطوها؟ ........ قصة قصيرة
- على هامش أغنية الرحيل
- السينما المغربية و سؤال الفن
- قراءة في تجربة حزب العدالة و التنمية في الممارسة السياسية في ...
- غول سياسي في مواسم -الدعارة- السياسية


المزيد.....




- عضو بالكنيست الإسرائيلي: مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وجالانت ...
- إسرائيل تدرس الاستئناف على قرار المحكمة الجنائية الدولية الص ...
- وزير الخارجية الأردني: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت رسالة لو ...
- هيومن رايتس ووتش: مذكرات المحكمة الجنائية الدولية تفند التصو ...
- الاتحاد الأوروبي والأردن يُعلنان موقفهما من مذكرتي الاعتقال ...
- العفو الدولية:لا احد فوق القانون الدولي سواء كان مسؤولا منتخ ...
- المفوضية الاممية لحقوق الانسان: نحترم استقلالية المحكمة الجن ...
- المفوضية الاممية لحقوق الانسان: ندعم عمل الجنائية الدولية من ...
- مفوضية حقوق الانسان: على الدول الاعضاء ان تحترم وتنفذ قرارات ...
- أول تعليق من -إدارة ترامب- على مذكرة اعتقال نتانياهو


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - الدير عبد الرزاق - مأساة حقوق الإنسان في دواليب الاستهجان!!!