أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - جعفر باشا العسكري أبو الجيش العراقي.. سيرة عطرة














المزيد.....

جعفر باشا العسكري أبو الجيش العراقي.. سيرة عطرة


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 4303 - 2013 / 12 / 12 - 15:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنه اللقب الذي أطلِق على الشَهيد الراحِل جَعفر باشا العَسكري لدَوره الريادي الذي لا يُنسى في تأسيس الجَيش العراقي ووَضع لبناته الأولى، وهي خُطوة سَبقت تأسيس الدَولة العراقية في سابقة لم يَعرفها تأريخ الدُول، ربّما لقناعة توَصّلت أليها سُلطات الإستِعمار البريطاني والنخبة السياسية العراقية حينَها، مِن أن أهم ما يَحتاج له العراق هو جَيش قوي يَحمي أرضه وشَعبه وكيانه المُهَدّد دائِماً وأبَداً مِن الذِئاب والضِباع المُفترسة التي تحيط به مِن كل حَدب وصَوب.
لم يَكن لقب العَسكري الذي ألحِق بأسم جَعفر باشا إشارة لمَسلكه كعَسكري، بَل نِسبة لقرية عَسكر القريبة مِن كركوك، والتي يَنتسِب اليها بأصلِه. ولِدَ الراحِل في بغداد وأكمَل فيها دراسَته الإبتدائية والإعدادية، ثم سافر للإستانة ليكمل دراسته الأكاديمية بالكلية الحَربية التي تخرّج مِنها برُتبة مُلازم، ألتحَق بَعدها بالجيش التركي، ثم أرسِل في بعثة تدريب الى ألمانيا فأقام فيها ثلاث سنوات، عادَ بَعدَها وإشترَك في حَرب البَلقان وجُرح فيها. بَعد إندِلاع الحَرب العالمية الأولى وإنطلاق شرارة الثورة العربية تطوّع في جَيشِها وقاتل في صُفوفه حَتى باتَ أحَد أبرَز مُساعدي الأمير فيصَل الأول، عاد بَعدَها الى بَغداد ليُشرف مَع صَهره ورَفيق دَربه نوري باشا السَعيد على وضع اللبنات الأولى للجَيش العِراقي. لم يَكن إختيار جَعفر باشا لهذه المُهمّة إعتباطِياً، فخِبرته الأكاديمية التي إكتسَبها مِن دراسَته بالأستانة، والمَيدانية التي اكتسَبها مِن خِلال مُشاركته بعَشَرات المَعارك أهّلته بجَدارة لهذه المُهمّة، فقد عَمِل في الجَيش العُثماني والالماني ثم العَربي قبل تشكيل الجَيش العراقي، وخِدمَ مَيدانياً في البلقان والعراق وليبيا ومصر والجزيرة وبلاد الشام، وكان يَتكلم العَربية والتركية والكردية والفارسية والالمانية والفرنسية والانكليزية.
كان جَعفر باشا العَسكري شَخصِيّة نادِرة بَين شَخصِيّات العِراق التي تسَلمَت مَقاليد المَسؤولية فيه ببدايات تأسيس دَولته الفتيّة، فقد كان مِثالاً للخُلق الرَفيع والنَبيل الذي كان يُمَيّز جيل الرُوّاد مِن بُناة الدولة العراقية، ثم بَدأ بالتلاشي حَتى باتَ مَعدوماً في العُقود الآخيرة. فرَغم شِدّته وقوة شَخصِيّته، إلا أنه كان وَدوداً لطيفَ المَعشَر، عُرف ببَساطته بالتعامُل مَع الآخرين وعَدَم إساءته لأحَد في حَياتِه، كان ظريفاً ومَرحاً وصاحِب نكتة لا تفارق الإبتسامة مُحَيّاه، وتروى عَنه قصَص طَريفة ومَقالب مُنوّعة. عُرف عَنه شَجاعِته ولباقتِه السِياسية وثقافته العَسكريّة والقانونية، كان ذكياً يُحِب القراءة وإلتحَق خِلال إقامَته في لندَن بإحدى كليات الحُقوق لدِراسة القانون رَغبَة بالإستِزادة مِن العِلم وليسَ لحاجَة الى شَهادة، فقد وَصَل لأعلى مَناصِب الدولة، وأصبَح رَئيساً لوزرائِها مَرّتين وَوَزيراً لدفاعِها خَمس مَرّات.
لقد كانَت سيرة الرَجل بحَق سيرة عَطِرة مَليئة بالإنجازات الكبيرة، وأحياناً بالمُغامَرات، نتيجة للجُرأة التي كان يتمَتع بها خُصوصاً في المَواقِف الحَرجة، والتي كانَت السَبَب في أن تنتَهي هذه السيرة نهاية مَأساوية مُحزنة. ففي سَنة 1936 وعِندَما فاجَأ بكر صدقي وزارة الهاشمي بإنقلابه المَعروف، قرّر جَعفر باشا الذي كان وزيراً للدِفاع التوجّه بنفسِه الى القطَعات الزاحِفة على بَغداد لمُحاورتِها وإيقافها لا سِيّما وقد إستقالت الوزارة، في خطوة لم تخلو مِن الجُرأة والمُخاطرة، إلا أنه كان يُراهِن على أن ما يُكِنه له ضُباط الجَيش وجُنوده مِن مَحَبّة واحترام سَيُمَكنه أن يُثني هذه القطَعات عَمّا تعتزم القيام به ويُحبط مُحاولة بكر صدقي، فاتصل به وأبلغه بقدومِه إليه حامِلاً رسالة مِن المَلك غازي. لكن بكر صدقي كان يَتحَيّن الفرصة للتَخلص مِن جَعفر العَسكري صَهر الرَجل القوي وَزير الخارجية آنذاك نوري السعيد، لذا رَتّب الأمر مَع أتباعِه مِن الضُباط لإغتياله، وما أن وصَل الفريق جَعفر العَسكري إلى المَنطقة المُحَدّدة قربَ بعقوبة حَتى جَرّدوه مِن سِلاحِه، بَعدها تقدّم عَدَد مِن الضُباط وَوَجّهوا صَوبَه وابلاً مِن الرَصاص فلقيَ مَصرَعه في الحال، وسقط أبو الجَيش العراقي مُضَرَجاً بدمائه على يَد أبناء هذه الجَيش!!
وهكذا طويَت صَفحة أخرى مِن صَفحات التأريخ الحَديث للعِراق، صَفحة تحوي السِفر الجَليل لأحَد أهَم وأبرَز بُناة هذه التأريخ، إلا أنها لم تطوى بالطَريقة التي يَستحِقها هذا الرَجُل وأمثاله، بَل طويَت بالطريقة اللاإنسانية الدَمَوية البَشِعة التي عُرف بها تأريخ هذه البلاد وشَعبها، طريقة إمتازَت بالغَدر والقسوة ونُكران الجَميل لكل ماهو مُشَرّف في هذا التأريخ، وهو أمر يَستحِق البَحث والدراسة في تركيبة هذا الشَعب، وجُهد بَدأت تتّجه له اليوم أنظار الكثيرين، نتمنى أن يُثمِر عَن نتائِج مَلموسة ذاتَ نفع وفائِدة لتغيير هذا الوَضع الشاذ أو على الأقل إصلاحِه في المُستقبل الذي نرجوا أن لا يَكون بَعيداً جداً كما نظن ونتوَقع.
المَصادِر:
1ـ نجدة فتحي صفوة (مَقال في مَجلة الف باء العَدد 745)
2ـ جيمس موريس (كتاب الملوك الهاشميّون).


[email protected]



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموسيقى الكلاسيكية اليونانية.. نغم راقص وعَبَق مِن سِحر أفر ...
- الإسلام السياسي وأحلام السُلطة
- آلوندرا دي لا بارا وآرتورو ماركيز.. قيثارتان مِن بلاد السِحر ...
- العراقيون و (جين) عبادة الفرد وتأليه الزعماء
- الدَعوَجي والفِصام بَين شَخصيّة رَجل الدولة وشَخصيّة الرَوزخ ...
- هل الدول العربية وشعوبها نامية أم نايمة ؟
- أيها العِراقيون.. إن أعدتم الإعتِبار لمِلوكِكُم فحينها سَتعي ...
- انقِلاب 14 تموز 1958 ومَحكمَته الثورية الهَزلية
- ثورات الربيع العربي تنهش أبنائها
- عَزف نسائي.. وعَودة الألق الى المَسرح العراقي
- الرَوزَخون خضير الخزاعي وإعادة تشكيل الوَعي العراقي
- أحزاب الإسلام السياسي نَباتات سامة أتلفت تُربة مُجتمعاتِنا
- إنتخابات عِراق المالكي وشِراء الذِمَم بالبَطالة المُقنعة
- رَبيع خير أم خريف بؤس عَربي ؟
- العراقيون.. شَعب يَعيش التناقض حَتى في إختيار جَلاديه
- حَقيقة الثورات بَين خَيال مُنَظّريها الخَصِب و واقِعها البَش ...
- وعّاظ سُلطان الزمان ومُختار العَصر والأوان نوري المالكي
- كِذبة الرَبيع العربي وتلاشي الدَولة المَدنية العَلمانية
- العراق.. مِن دكتاتورية صَدام البائِدة الى دكتاتورية المالكي ...
- طيور ظلام الإسلام السياسي على أشكالها تقع


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - جعفر باشا العسكري أبو الجيش العراقي.. سيرة عطرة