|
هل أصبحنا عنصريين؟
المامون حساين
الحوار المتمدن-العدد: 4301 - 2013 / 12 / 10 - 23:57
المحور:
المجتمع المدني
شكلت الوقفة الاحتجاجية التي نظمها مجموعة من الساكنة بطنجة صباح يوم الأحد 8 دجنبر ضد المهاجرين الأفارقة ، صدمة لعدد من المواطنين ، حيت يعد الأمر مؤشرا خطيرا لتصاعد "العنصرية" بالمدينة ، وعدم تقبل الافارقة بشكل عام فهل هذا مؤشر انتشار العنصرية لدى المجتمع المغربي ؟ الا تساهم حملات الدولة الدعائية و الامنية ضد المهاجرين الأفارقة في تأليب الرأي العام ضدهم؟ السنا أفارقة ؟ هل يمكن أن نتقبل ما يمارس على المهاجرين الافارقة ؟ مادا لو تمت ممارسة نفس الشيء على العمال المغاربة بالخارج؟. في البرامج التلفزية يطبلون ويزمرون أن المغرب والمغاربة بلد مضياف حيث مظاهر البشاشة في كل مكان وكونه ارض السلام، لكن في واقع الحال وما شهدناه وقرأناه أن أفارقة مهاجرون يرجمون امام الملأ وحضور السلطات المحلية وبتحريض منها للأطفال الأبرياء وبعض منعدمي الضمير من الكائنات العنصرية ، ولم يثر الأمر إلا بعضا من المغلوب على أمرهم من أصحاب الضمير ألإنساني وهو أمر حقا يدعو إلى الدهشة في ضمير المغاربة والراي العام الوطني الذي لم يحرك ساكنا بشكل يجعلنا نتساءل حقا : هل هذا يعبر على مازوشية فريدة من نوعها لدى المواطن المغربي حين لا تحركه آلام ألآخرين وهل يقبل المغاربة أن يرجموا في بلاد المهجر؟ تحاصر سلطات الأمن المحلية المجموعات الإفريقية في الأحياء الشعبية المجاورة لبيوتاتهم البئيسة التي هدمتها بشكل فاجر وأحرقتها دون مراعات إتلاف وثائقهم ولا مراعاة ظروف إنسانية بوجود اطفال ونساء وما إلى ذلك، لقد تم تعنيفهم بكل أشكل التعنيف المادية والمعنوية وبما يحط الكرامة الإنسانية،وهو أمر ينم عن انعدام أية مسؤولية أخلاقية وهو ما كان يرفضه المغرب مع جارته إسبانيا في كل هذا الجدل حول تامين حدود العجوز العشماء مما تعتبره طفيليات آدمية،بدعوى أنه يتلقى من أوربا العجوز ادوات الدعم والتأمين والترحيل. تحدث البعض على أنه في طنجة مؤخرا تمنع السلطات الأمنية على المواطنين مجرد الحديث مع الأفارقة ولهذا الأمر دلالة مأساوية تضمر نوع العنصرية المؤسساتية التي تمارسها دولة المخزن، فمنع الكلام معهم يختزل كل اشكال المنع الأخرى كمنع شراء الغذاء والشرب والتنقل وكل ما يدخل في أسباب العيش وهو عمليا القتل البطيء المتعمد وخلق أسباب اليأس، وفي نفس الوقت يظهر مدى تحرر المواطن المغربي حين يفرض عليه مع من يجب أن يتكلم ومع من يجب عليه أن يخرص وهذا فقط لكي نرضي عيون أوربا الهمجية. فمغرب البشاشة الترحابية صاحب الكرامات الحاتمية مع الوفوذ القادمة من الشمال ليس سوى مغرب القبح والوجه المنقبض تجاه الجنوب. عندما تمارس الدولة المغربية النهج المتعمد في قتل الأفارقة المهاجرين قتلا بالبطء، فهي تمارس شكلا من أشكال النازية المدانة إنسانيا، لكن أن يتخذ المواطن المغربي جانب الرؤية المخزنية المطبوعة بفاشيتها بالإمتناع عمليا عن أن يخلق فضاء اندماجيا مع الآخر لأنه أسود فهذا يعبر عن عنصرية بغيضة، فالدولة لم تسن قوانين تمنع الإختلاط مع الأفارقة، ولا تستطيع أن تسنه أصلا لأنه يتعارض مع كل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي سبق للمغرب أن صادق عليها، وتبعا لذلك فإن أصحاب الطاكسيات والباعة وكل المواطنين، بإحجامهم في التعامل مع هذه الفئات يسقطون بوهم الهيبة المخزنية في تناقض مع إنسانيتهم الطبيعية والمفترضة وتصنع منهم شعبا عنصريا بامتياز. إن قضية المهاجرين الأفارقة بالمغرب لتستحق كل التحسيس بما يفتح حولها أكثر من جدل سياسي وإنساني بشكل يجعل طرح مشكلتهم امرا واجبا من منطلق أن لا احد قانوني من حيث أن كل البشر متساوون في كل شيء.أتكلم في هذه المقالة بالتعميم والحالة أن الأمر لا يعني أن المغاربة لا يوجد فيهم ذووا الضمير الإنساني، بل إن غياب التحسيس أيضا بمشكلة الهجرة يعطي مصداقية لممارسة السلطات الأمنية وبعض دوي النفوس المريضة في حق هذه الفئات وهي ممارسات لا قانونية يساعد صمت الرأي العام الوطني في طمسها من منطلق ان لها مصداقية فطرية تعمي حسنا الإنساني : "هؤلاء ليسوا مغاربة، ليسوا قانونيون حتى وإن ولد الكثير من أطفالهم في المغرب". إن التحسيس بقضيتهم يساعد كثيرا في التحسيس بالكثير من قضايانا المحلية : إنهم يمثلوننا في وضع خاص هو وضع ما تسميه أدبياتنا السياسية بالمغرب المهمش إذ ما الفرق بينهم وبين سكان المداشر المغربية سوى هذا الوجود الفعلي في وطن المولد، ثم إن الدوافع التي تجعل أغلبنا يفكر في الهجرة هي نفسها الدوافع عندهم،إنهم ضحايا انتزاع ثرواتهم الطبيعية لتستفيذ منها وحوش الرأسمالية في الشمال الإمبريالي والموقف المساند لهم وتجاههم هو في نفس الوقت وبشكل ما انعكاس لمواقفنا تجاه انتزاع ثرواتنا أيضا.
#المامون_حساين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو تعريف لعلم الاجتماع
-
المدرسة كفضاء للتربية الديمقراطية
-
الدارجة مجددا؟؟
-
هل المبدع مجنون؟
-
عشوراء بين-الشعالة-و-الكديدة-
-
خبث السياسة
-
هل هناك فعلا ارادة في اصلاح التعليم ؟
-
التمثلات والفلسفة : اتصال أم انفصال
-
تأملات
-
أوهام الربيع العربي تتهاوى
-
حكم الردة سياسي وليس ديني
-
هرسوا هرسوا الحكومة تخلصوا
-
الدورة الثانية للأيام الربيعية للثانوية التأهيلية بئر أنزران
-
عملية تشجير بثانوية بئر أنزران بالجديدة
-
عميد كلية الحقوق بمراكش يحاضر حول الجريمة الاخلاقية
-
لماذا لا يفرض الحجاب على الرجال؟
-
من يوقف المهزلة؟
-
مأساة المغرب العميق في فاجعة -تيشكا-
-
يوميات مصحح مادة الفلسفة
-
برامج التلفزة بين اغناء التفاهة وتفقير التقافة
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|