أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - تيسير عبدالجبار الآلوسي - الحقوق في الدستور بين الفرد والمجموعة؟














المزيد.....

الحقوق في الدستور بين الفرد والمجموعة؟


تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)


الحوار المتمدن-العدد: 1225 - 2005 / 6 / 11 - 10:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يتشكل الشعب من مجموع الأفراد الذين يعيشون في ظل خيمة الوطن الواحد. ويحيا هؤلاء على أساس من العقد الذي ينتظم أمورهم الفردية والجمعية ويحدد شروط عيشهم ومحدداته بطريقة تستجيب للمجموع على أساس من العدل والتساوي. وهذا ما أُطلِق عليه الدستور بوصفه العقد المنظِّم للخطوط العامة من العيش المشترك.
من هنا كان لزاما على الدستور أن يتضمن الخطوط الجوهرية لسبل التكافل والتعايش ما يتيح للمجموعة أن ترسم بقوانين تفصيلية أخرى مسارها وتقرر مصيرها بما تخطّه من تقعيدات لحياتها. فإذا لم يستجب الدستور لتلك المفاصل الحيوية للعيش المشترك خرج عن أنْ يكون عقدا مشتركا وصار قراءة لطرف على حساب آخر أو قانونا من قوانين الجور والاستغلال ليس أكثر..
ولكي تتوافر في الدستور صحة صياغته واستجابته لتطلعات الشعب ينبغي أن يتضمن حقوق مكونات الشعب الأساس وهي الإنسان الفرد أولا والمجموعات أو الأطياف ذات الخصوصية في هويتها.. فأما الإنسان الفرد فقد تمَّ تحويله عبر الزمن المنصرم إلى عبد باسم المواطنة حيث المواطن هو ابن البلد الذي يخضع لقوانينه وواجباته القسرية ولا يملك من وجوده حتى حق الحياة على قاعدة المواطن مشروع أضحية دائم ظاهرا للوطن وباطنا وفي حقيقة الأمر للحاكم الذي يكتب الدستور والقوانين...
وعليه فإنَّ الثورة الحقيقية في كتابة الدستور العراقي الجديد تكمن في الخروج من قمقم تاريخ العبيد وعهد الاستلاب وإعادة كل حقوق الإنسان العراقي له.. بتثبيتها دستوريا بشكل كامل تام غير منقوص لأي سبب أو ذريعة أو حجة. لأنَّ حقوق الإنسان ليست من تلك الأمور التي يمكن التسويف والمماطلة فيها أو حتى التفاوض على شروط تكبيلها وتحجيمها ما خلا ضوابط مشترك العيش من جهة انتهاء حرية الفرد حيث تبدأ حرية الآخر أي منع التجاوز والاعتداء فقط لا غير...
إنَّ حقوق الإنسان الفرد هي جوهر الدستور الجديد ولا يعلو على هذه الحقيقة أية حقوق أخرى وإلا فإننا سندور في حلقة مفرغة حيثما أتحنا فرصا لتضييق الحريات بناء على تصورات أيديولوجية سياسية بحتة أم سياسية مبرقعة بالدين والاعتقاد وما إلى ذلك.. فلاتتعايش حريات صحيحة ومكتملة مع حالات المصادرة والاستلاب من أية جهة كما يُزعَم بصدد استغلال مفهوم أغلبية مجموعة على الأساس السياسي أو الديني أو القومي ...
ولأنَّ عماد الحياة البشرية هي وجود الفرد نفسه، ولأنّ حركة الحياة وتفاصيلها تبدأ بالإنسان الفرد وتنتهي به، فإنَّ الصحيح الصائب في معالجة الأمر يكمن في العودة إليه بما يكفل له حقوقه في الحياة وفي ما تشترطه تفاصيلها؛ فلم يرد في منطق عقلي ولا في شريعة صادقة إلغاء الفرد ووجوده والتعامل من خلال منافذ تستلب الإنسان الفرد حقا من حقوقه في الوجود الإنساني...
أما المجموعات المكوِّنة للمجتمع البشري أو الشعب فإنَّها قيمة بشرية مكمِّلة على صعيد رسم حقوق الإنسان.. ولكنَّ الأمر هنا يتجه في مسار أو منحى آخر حيث يكون من جملة حق الإنسان الفرد أن يتمثل بهوية قومية أو أثنية عرقية أو دينية أو أية حالة تجمع بشري بهوية مخصوصة... ولكن هذه الهوية لا تلغي الوجود الإنساني للفرد بقدر ما تستكمله وتمنحه حقوقا مضافة.. حتى إذا كانت هذه الخصوصية الجمعية عامل استلاب لحق من حقوق الفرد انتهت عن أن تكون محمية دستوريا.. لأنَّ الحماية الدستورية تكون للإنسان الفرد ولحقوقه وليس للقيم والسياسات والاعتقادات والأفكار المختلفة المتنوعة مهما كان وضعها...
فالحقيقة أو المعيار والمقياس الصحيح في رصد الحقوق وتثبيتها تكمن في أسبقية الإنسان نفسه على الأفكار أيّا كانت تلك الأفكار وإلى أية جهة انتسبت وأسبقيته على أشكال التجمع والتكوينات الاجتماعية قومية أو دينية أو مذهبية أو أثنية عرقية وما إليها .. وعليه فليس لنا دستوريا على وفق هذه الحقيقة إلا تثبيت أسبقية حقوق الإنسان الفرد من جهة وتعزيز تلك الحقوق بما يستكملها من حقوق المجموعات البشرية وهوياتها المخصوصة..
إنَّ قضية الموازنة بين حقوق الإنسان الفرد وبين معطيات مكونات المجتمع من جهة الخصوصيات المتنوعة قوميا ودينيا هي إشكالية مهمة في تحديد مسار خيار اي دستور نريد لوجودنا الراهن والمستقبلي.. وهي أي تلك الموازنة ما يحدِّد وقوعنا في توريط إشكالي عقدي جديد أو يجنبنا ذلك.
كما أن توجيه الأمور باتجاه أسبقية الإنسان الفرد نفسه لا يعني أن قيم الخصوصية القومية والدينية لن تظهر بطريقتها الصحيحة في الدستور بل العكس ستتعزز وتظهر بأفضل ما يخدم مجموعات الطيف المتنوعة في إطار شعبنا ومظلته الوطنية الموحدة...
وما يبقى هنا من إشارة تكمن في الطلب من المختصين في صياغة الدستور الالتزام بمثل هذه الموازنة ومعالجتها بطريقة موضوعية وبآليات مناسبة ترتقي بالحق وترتفع بالإيجاب لصالح الإنسان فردا وجماعة على حساب الاستلاب والانتقاص من وجوده وقيمه ومحدداته التي توفر له أفضل شروط العيش الإنساني الكريم...
فهل سننجح في تحقيق ذلك عراقيا؟ أم أننا ما زلنا مستسلمين لسلطة الغاب التي شرَّعت لنا وتعمل على فرض تشريعاتها اليوم؟؟!



#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)       Tayseer_A._Al_Alousi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل تفعيل الحملة من أجل دستور علماني؟
- رفض مصطلح -الأقليات- القومية والدينية في العراق الجديد
- الدستور بين الصياغات السياسية المشروطة والصياغة القانونية ال ...
- لجنة كتابة الدستور بين مرجعيتها السياسية الحزبية ومهامها الو ...
- العراق: الأمن وإعادة الإعمار والمحيطين الإقليمي والدولي
- حول حكاية حكومة وحدة وطنية والروح الطائفي المريض الذي يمزقها ...
- شغيلة العراق بين عسف المرجعيات الزائفة وقيود الاستغلال الطبق ...
- الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك مركز أكاديمي علمي عربي ...
- أسباب الاعتداءات على مقار الأحزاب اليسارية الديموقراطية والر ...
- الطائفية والمحاصصة في الحياة السياسية العراقية الجديدة؟
- نداء من أجل معالجة جدية لقضية المقابر الجماعية وإنصاف الضحاي ...
- المرأة العراقية بين دوامتي القوانين والتقاليد
- بين مصادر الدستور ودلالاته
- فساد الجهاز الحكومي ومستقبل التطور في العراق؟
- إلى أعضاء الجمعية الوطنية المنتخبة: نطالب بوزارة لشؤون القوم ...
- المرأة العراقية في ظل قوانين الاستبداد
- بعض مشكلات القضية القومية في العراق وتفاعلاتها
- سلطان السلطة وسطوتها بين تحرّر العراقي منها و ارتهانه لها؟!
- ردود الفعل المتساوية على الأفعال المختلفة وآثارها السلبية
- العراقيون مدعوون اليوم لتوكيد موقفهم من لغة العنف والإرهاب


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - تيسير عبدالجبار الآلوسي - الحقوق في الدستور بين الفرد والمجموعة؟