أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - حقيقة الجهاديين














المزيد.....

حقيقة الجهاديين


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4301 - 2013 / 12 / 10 - 01:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجهاديون ظاهرة مركبة , معقدة .. الجهاديون ليسوا ظاهرة دينية أبدا , بل ظاهرة إنسانية , بكل ما تعنيه كلمة إنسانية من تفاصيل اجتماعية و سيكولوجية و فكرية الخ .. صحيح أن الجهاديين ينسبون أنفسهم إلى حالة ماضوية و يعلنون أنهم تجسيدها المعاصر , لكن الحقيقة أن أفعالهم و أفكارهم , أن ثورتهم تأتي من مصادر مختلفة تماما .. ليس القرآن و لا السنة هو مانيفستو الجهاديين , و لا يمكن اشتقاق أو نسبة أفعالهم إلى تلك النصوص , صحيح أن الجهاديين "مؤمنين بعمق" بتلك النصوص لكن إيمانهم هذا يخفي إيمانا أعمق , هذه النصوص تمدهم بالجانب التقني البحت فقط الضروري لثورتهم , كان يمكن لهذا الجانب أن يكون أية فكرة أخرى , تحمل نفس الوعد بمعنى ما للعالم , للصراع و المعاناة , للبطولة و للعنف .. ليست الفكرة ( الدينية في هذه الحالة ) إلا تفصيلا هامشيا , المهم هو الصراع نفسه , على حدود المطلق و اللانهائي .. خلافا لما يتهم به الجهاديون عادة , لا يمكننا استحضار مفكرين ماضويين لفهم ظاهرة الجهاديين , من يمكنهم فعلا مساعدتنا في فهم هذه الظاهرة هم تحديدا نيتشه , كامو , دوستويفسكي , الماركيز دي ساد ( الذي تنسب إليه السادية ) , من بين آخرين .. سوبرمان نيتشه , راسكولنيكوف دوستويفسكي , طقوس الجنس العنيفة أو الدموية عند دي ساد , المتمرد الميتافيزيقي عند كامو , هؤلاء هم أقرب أنماط البشر إلى الجهاديين .. الجهادي تجسيد لفكرة نيتشه في أن المعاناة و الألم و المأساة هي التي تمنح الإنسان عظمته , فقط بمواجهة عالمه و أيضا بمواجهة هواجسه و تناقضاته , مواجهة يأسه و عبثية وجوده بشجاعة يولد السوبرمان .. تلك البطولة , و التراجيديا , هي حقيقة الجهادي .. لكن خلافا لحل نيتشه لغياب المعنى في هذا العالم , ينكص الجهاديون إلى معنى سهل , متاح , زائف و شعبوي أو قطيعي .. ليس فقط أنهم يعودون إلى القطيع , إنهم يخلقوه من جديد , و بعضهم يتحول إلى كلابه النابحة الحارسة .. هل أنهم لم يجرؤوا على قطع الخطوة الأخيرة نحو السوبرمان , هل خشوا من عظم المهمة أو "الأمانة" الملقاة على عاتق الإنسان , أم أنهم من الأساس حالة مائعة غير أصيلة من التمرد , من البحث عن ما هو عظيم في الإنسان .. لأن القبول بعبثية الوجود الإنساني هو شرط لمثل هذه الثورة , بل إنهم بخداع النفس هذا يرتكبون الخطيئة الكبرى ضد الحياة ( كامو ) .. مع ذلك يبقى الجهاديون مخلصين جزئيا "للحقيقة" , إنهم يختارون اللاعقلاني , يختارون ما يرونه روحا , روحا مزعومة في عالم بلا روح , خلافا لما يفعله المثقفون من محاولة عقلنة ما هو غير عقلاني , من محاولة خلق معنى لعالم بلا معنى , عقل لعالم بلا عقل , هنا تنتهي الثورة , يصبح الخيار هو بين معنى زائف و آخر , و ليس في محاولة اقتحام المستحيل و المجهول , في محاولة خلق معنى إنساني , ثائر دائما ضد كل القيود , حرا محلقا , ضد العبث و الزيف معا .. هكذا تنكص ثورتهم عن حدود المطلق , هكذا يفرون من المعركة ضد الزيف , لينتصر الزيف مرة أخرى .. ليس العنف الذي يخيف أنصاف العبيد هو ما يبعث على القلق من الجهاديين , بل هذا النكوص عن مواجهة الزيف حتى النهاية هو المهلك في ثورتهم , و الذي يحكم عليها ربما بأن تكون ثورة مزيفة .. المثير للقلق أو الرعب ربما , هو ما لاحظه جورج أورويل عندما رأى كيف أدرك هتلر كذبة النظرة النفعية للعالم , التي تبناها عموما الفكر "التقدمي" و الليبرالي الأوروبي , أدرك هتلر أن العمال الألمان لا يريدون فقط ساعات عمل أقل و لا أجور أعلى فقط , أدرك حاجة هؤلاء للتضحية , للصراع والتحدي , و لو من وقت لآخر .. ليست المشكلة في الجهاديين تحديدا , و لا حتى في ترددهم أو نكوصهم أو هروبهم إلى معنى زائف , المشكلة هي في أمثال هتلر و ستالين , أولئك المهووسين بالسلطة الذين يستطيعون أن يتلاعبوا بهم و بنا عن طريقهم , ليجعلوا منهم مادة لشموليات قادمة



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقبل الآخر : كعلاقة هيمنة لإيريك إمبسون و آريانا بوف
- مانديلا : انتصر على الأبارتيد , و هزمته النيوليبرالية لجوناث ...
- ثورات في منتصف الطريق
- هل تكون الطائفية هي الثقب الأسود لربيع الثورات الشعبية
- ماذا يمكن للثوري الايطالي كاميليو بيرنييري أن يقول اليوم للث ...
- تأملات في جنيف 2
- مناضلون ضد النازية
- من هو الأناركي ؟
- مجموعة تشيرنوي زناميا ( الراية السوداء ) الأناركية ( 1903 – ...
- مزرعة الحيوانات السورية
- الله و دولة العراق و الشام الإسلامية
- بيان دادائي سوري
- نماذج من -المعارضة السورية الجديدة-
- تعليق على مقال أسلمة الأناركية للكاتب عبد الرحمن أبو ذكري
- تحولات النخبة
- ابتسم أيها الرجل الضئيل
- قصة الجندي الطيب سيفيك للكاتب التشيكي ياروسلاف هازيك
- كل شيء مباح , في سبيل السلطة
- ثورة ذوي السراويل الطويلة
- و رحل نبي التمرد


المزيد.....




- الرئيس بزشكيان: نرغب في تعزيز العلاقات مع الدول الاسلامية ود ...
- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...
- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون
- جدل حول اعتقال تونسي يهودي في جربة: هل شارك في حرب غزة؟


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - حقيقة الجهاديين