|
كيري وأولوية الجانب الأمني (لإسرائيل) في خطته المنحازة لها
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 19:53
المحور:
القضية الفلسطينية
بات واضحاً ، أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري بخطته الأخيرة لحل مشكلة الحدود ، يسعى لتمرير الإستراتيجية الأمنية للعدو الصهيوني على حساب المنظور السيادي للدولة الفلسطينية ، وعلى حساب قضية القدس وتجميد الاستيطان وإلغائه ، وعلى حساب حق العودة والأسرى ألخ في الوقت الذي يتشبث به الجانب الفلسطيني المفاوض باستمرار المفاوضات ، مصراً على أن يلدغ من الجحر الواحد مئات المرات. وقبل أن يطرح خطته ، بالغ كيري في تقديم آيات الولاء والطاعة ( لإسرائيل) علها تقبل بخطته المنحازة لها ، عندما أعلن أثناء لقائه مع نتنياهو بأن المسألة المركزية بالنسبة للإدارة الأميركية في اتفاقي الكيماوي والنووي مع كل من سوريا وإيران ، هي ضمان أمن ( إسرائيل) أولاً وأخيرا. في خطته الأخيرة طرح كيري ما يلي : أولاً: بقاء القوات الإسرائيلية في غور الأردن ، لمدة عشر سنوات في محاولة لاسترضاء حكومة نتنياهو ، التي تصر على أن تظل منطقة الغور المحاذية للأردن تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية ، بهدف منع ما أسمته تسلل المسلحين ومنع عمليات إدخال السلاح للضفة الغربية من نهر الأردن. ثانياً : اعتبار منطقة الغور خلال العشر سنوات هذه ، رغم مرابطة القوات الإسرائيلية فيها ، تحت السيادة النظرية للدولة الفلسطينية المرتقبة. ثالثاً: العمل على تدريب القوات الأمنية الفلسطينية من قبل مستشارين أمنيين أمريكان ، حتى تكون قادرةً على حماية الحدود مستقبلاً ، أي بعد عشر سنوات. والمبرر الذي طرحه كيري لهذه الخطة ، أنه لا يريد أن يتكرر في هذه المنطقة وفي الضفة الغربية عموماً ، ما حدث في قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي منه عام 2005 ، من حيث استمرار ما يسميه بالعمليات الإرهابية ( المقاومة ) ضد المستوطنات الإسرائيلية. وهذا المبرر متهافت ومكشوف للاعتبارات التالية : أولاً : أن السلطة الفلسطينية – ويا للأسف- تلعب دوراً رئيسياً ومركزياً في حماية أمن المستوطنين والكيان الصهيوني ، والتزمت بشكل صارم بما هو مطلوب منها في خارطة الطريق ، التي أشرف عليها الجنرال الأمريكي كيت دايتون وجونز وغيرهما ، من حيث وقف عمليات المقاومة وتجريد الضفة الغربية من سلاح المقاومة ، واعتقال كل من يحمل السلاح ضد الإسرائيليين ، في حين لم تلتزم ( إسرائيل ) بالبند المقابل ألا وهو وقف الاستيطان . ثانياً : أن التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني لم يتوقف لحظةً واحدة ، رغم تعثر المفاوضات ، وذلك بشهادة الجنرالات الإسرائيليين. ثالثاً : أن السلطة الفلسطينية ملتزمة عملياً بعدم السماح باندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد الاحتلال . وفي ضوء انكشاف وكذب هذا المبرر الأميركي ، لاستمرار مرابطة القوات الإسرائيلية في منطقة الغور ، يتبين لنا أن كيري يريد أن يلبي المطلب الأمني الإسرائيلي ، على حساب الجانب الفلسطيني ، ما يعني أن الإدارة الأمريكية تسعى لاسترضاء ( إسرائيل ) بشأن الاتفاق النووي مع إيران ، عبر تقديم تنازلات على حساب الجانب الفلسطيني المفاوض. الأخطر من ذلك ، أن كيري وبكل وقاحته الإمبريالية ، لم ينس أن ينحاز ( لإسرائيل) أيضاً في مسألتين هما : أولاً : موافقته على أن تباشر حكومة نتنياهو بإقامة (2500) وحدة استيطانية للتعويض عن فترة التجميد الاستيطاني المزعوم في العام 2011 حيث قام بإبلاغ الجانب الفلسطيني بهذا الأمر ، متجاهلاً حقيقة أن العدو الصهيوني لم يتوقف عن البناء الاستيطاني لحظةً واحدة في محيط القدس والضفة الغربية عموماً ، وبشكل خاص بعد استئناف المفاوضات – وفقاً لخطته في تموز الماضي – ثانياً: أنه توافق مع الجانب الإسرائيلي ، بعدم مواصلة إطلاق سراح الدفعتين المتبقيتين من أسرى ما قبل أوسلو ، في سجون الاحتلال حتى يرضخ الجانب الفلسطيني المفاوض لخطة كيري الانتقالية الجديدة. وحتى تكتمل صورة خطة كيري الانتقالية ، لا بد من وضعها في الإطار العام والأشمل ، الذي كشف عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما في تصريحاته أمام مؤتمر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ، الذي ينظمه معهد بروكينجز الأمريكي ، حول دولة فلسطينية محدودة الصلاحيات في الضفة مقتطع منها الغور والكتل الاستيطانية ، ويلتحق بها قطاع غزة بعد أن يلمس الكرامة والنعيم الذي سيتحقق في الضفة .. ألخ. وأشار أوباما إلى اختياره للجنرال جون ألين – الرئيس السابق للتحالف العسكري في أفغانستان – للتوصل إلى بعض الأفكار الخاصة بالحفاظ على حل الدولتين التي تحافظ على ما وصفه بجوهر أمن ( إسرائيل) منوهاً بأن الأفكار سيتم طرحها على الفلسطينيين ( ملاحظة: هذه الأفكار طرحها كيري على المفاوض الفلسطيني في خطته الأخيرة ) بانتظار موافقتهم قائلاً : " أن على الرئيس عباس ، تفهم أن الفلسطينيين لن يحصلوا على كل ما يريدونه بين عشية وضحاها على حد قوله ". إن أدنى قراءة لخطة كيري في ضوء التطبيق المستقبلي لها ، إذا ما وافق الجانب الفلسطيني المفاوض عليها مستقبلاً تقودنا إلى ما يلي : أولاً : أن المعابر الحدودية الفلسطينية مع الأردن ستظل خاضعة للسيادة الإسرائيلية ، بحيث يلعب موظف الجوازات الفلسطيني دور المناول (Handling) بحيث يستلم جواز السفر من المواطن الفلسطيني وغيره ليقوم بتسليمه للضابط الإسرائيلي ، الذي يقرر دخول هذا المواطن من عدمه . ثانياً : أن منطقة الغور التي تشكل مساحتها (25) في المائة من مساحة الضفة الغربية ، ستظل تحت السيطرة الإسرائيلية ، ما يعني أن المستوطنات الموجودة فيها ستظل قائمة ، وما يعني حرمان الضفة الغربية من سلة الغذاء الرئيسية . ثالثاً: أن السيطرة الإسرائيلية المؤقتة على منطقة الغور الحدودية (10 سنوات ) ستبقى سيطرة دائمة ، إذ بوسع الجانب الإسرائيلي أن يفتعل أية مشكلة أمنية في الغور ، تبرر بقائه والزعم بعدم قدرة الأمن الفلسطيني على تأمين المنطقة . رابعاً: أن هنالك موافقة ضمنية أمريكية، على بقاء الكتل الاستيطانية الرئيسية في محيط القدس والضفة الغربية ، وكذلك مصادر المياه تحت السيطرة الإسرائيلية ، خاصةً إذا ما علمنا أن أحواض المياه الرئيسة في الضفة الغربية ، تقع جغرافيا في إطار هذه الكتل الاستيطانية الكبرى. خامساً : أننا لا نصبح أمام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ، بل أمام كانتونات تحمل إسم " الدولة " مجردة من السيادة على أرضها وسمائها ومياهها. والأسئلة المحددة هنا- في ضوء كل ما تقدم - والموجهة للجانب الفلسطيني المفاوض : أين هي الضمانات الأمريكية الشفوية أو المكتوبة التي تقدم بها جون كيري لكم بشأن الاستيطان وحدود 1967 وغيرها ؟ أين هي الوعود بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في مرحلة ما قبل أوسلو ؟ ولماذا الإصرار على إكمال مدة التسعة شهور الخاصة بالمفاوضات تنفيذا للوعد الذي قطع لكيري رغم هذه الهجمة الاستيطانية غير المسبوقة ؟ لماذا استمرار الرهان على الإدارة الأمريكية ؟ ولماذا هذا الإصرار من قبل الجانب الفلسطيني على أن يلدغ من الجحر الواحد مرات ومرات ؟ هذه الأسئلة وغيرها برسم المفاوض الفلسطيني !! حسناً أن رفضت قيادة منظمة التحرير الخطة الأمريكية ، التي تسعى لحل مشكلة الحدود ، "في إطار اتفاق إطاري يتابع بعده المفاوضين الفلسطيني والإسرائيلي بقية القضايا " خاصةً وأن المنظور الأمريكي لبقية القضايا بات واضحاً وضوح الشمس لمصلحة الكيان الصهيوني . وحسناً أن تؤكد في بيانها بعد مغادرة كيري للمنطقة " أنها ترفض أية محاولات للانتقاص من حق الشعب الفلسطيني في دولة كاملة السيادة على مائه وترابه وحدوده وعاصمتها القدس " . ولكن هذا الموقف من قيادة منظمة التحرير لا يكفي ، فالمطلوب عملياً إدارة الظهر لخيار المفاوضات البائس -الذي شكل غطاء لغول التهويد والاستيطان - وإلغاء التنسيق الأمني مع الاحتلال ، وإعادة الاعتبار لخيار المقاومة بكل أشكالها ، وتثمير المقاومة سياسياً خارج أطر أوسلو وخارطة الطريق ، وخارج أطر خطط كيري البائسة والمنحازة لمصلحة الكيان الصهيوني. نعلم أن هذه المطالب لن تلق أذناً صاغية لدى المفاوض الفلسطيني ارتباطاً بمسألتين هما : أن هنالك قوى اجتماعية محددة نشأت في ظل السلطة ليس من مصلحتها وقف المفاوضات ، وأن هنالك تيار إسرائيلي في السلطة معني بإبقاء الأوضاع على حالها ، ما يستدعي من القوى الحية في الشعب الفلسطيني ومن القوى والكوادر المتمسكة بالثوابت الإستراتيجية الفلسطينية في حركة فتح والجبهة الشعبية والديمقراطية والجهاد وغيرها من الفصائل الفلسطينية ، أن تتجاوز حالة الرتابة وأن تأخذ زمام المبادرة باتجاه إحداث التغيير المنشود تنظيمياً ووطنياً .
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5 +1 ) إنجاز استراتيجي لإي
...
-
في مواجهة المبررات المتهافتة للاستمرار في المفاوضات
-
في ذكرى وعد بلفور : نحو إستراتيجية تحدد بوضوح معسكر الأعداء
-
حذار من النهج النيوليبرالي ومن أدوات العولمة القاتلة
-
إرهاصات ثورة اجتماعية وسياسية في السودان
-
الرابحون والخاسرون من الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن الكيماوي
...
-
بوتين أذل أوباما في قمة العشرين حيال الأزمة السورية
-
تماسك القيادة السورية يربك الادارة الأمريكية
-
العدوان الامبريالي الرجعي المرتقب على سوريا سيفشل في تحقيق أ
...
-
ثورة 23 يوليو المجيدة : ثورتان في ثورة واحدة
-
كفى رهاناً على جون كيري وعلى خيار المفاوضات البائس
-
حملة مكارثية ظالمة ضد الفلسطينيين المقيمين في مصر
-
اغتيال القائد الميداني رائد جندية استحقاق لتحالف حماس مع قطر
-
في مواجهة الإجراءات التهويدية للنقب
-
مرسي يتسول ود أمريكا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق
-
انكفاء مصر في عهد مبارك والأخوان سهل مهمة (إسرائيل) في حوض ا
...
-
مسلسل المصالحة الفلسطينية وسراب الصحراء
-
الحصار المصري الرسمي لغزة لا يزال مستمراً
-
في الذكرى أل (65) للنكبة : العودة تقترن بتحرير فلسطين
-
نريد قيادات تتصدى لمهزلة - تبادلية - حمد بن جاسم
المزيد.....
-
قبل موتهم جميعا.. كشف آخر ما فعله مسافران قبل اصطدام طائرة ا
...
-
الصين تعرب عن استيائها الشديد إزاء الرسوم الجمركية الأميركية
...
-
حرب تجارية جديدة: كندا تفرض رسوما على سلع أمريكية بقيمة 155
...
-
دراسة تكتشف أسرار الأذن البشرية
-
دلالات طريقة المشي
-
علماء الفيزياء الكمومية يبتكرون فضاء مكونا من 37 بُعدا
-
واشنطن تريد انتخابات بأوكرانيا إذا توقفت الحرب
-
عشرات الآلاف دون مأوى وفي وضع مأساوي بغزة
-
حراك طلابي في صربيا يُطيح برئيس الوزراء وموسكو وبروكسل تراقب
...
-
الولايات المتحدة تفرض رسوما جمركية على كندا والمكسيك والصين
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|