|
قراءة تحليلية في واقع التجربة السورية في التغيير
هاني الخوري
الحوار المتمدن-العدد: 1225 - 2005 / 6 / 11 - 10:43
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تواجه معظم الدول النامية اليوم تحديات تنموية خصوصاً الدول التي كانت تتبع أسس الاقتصاد المخطط والتي تعتمد على الأسس الإدارية التقليدية والروتينية وحراك سياسي محدود وتحديات مصيرية ونسب نمو سكاني كبيرة في ظل تنافس عالمي باقتصاد السوق واقتصاد المعرفة والمعلومات والتكنولوجيا والتكتلات الاقتصادية والانفتاح التجاري وسورية من الدول التي أرادت أن تتغير لتواجه التحديات الدولية والحضارية المتنامية في داخلها والتي ترغب في مستقبل اقتصادي تنموي حضاري لسكانها وفي نفس الوقت هي من الدول التي لها سمات خالصة في تجربتها بين النجاح والفشل، فكيف تقرأ اليوم التجربة السورية في التغيير والتطوير بعد أربع سنوات ونيف على بدء هذه المرحلة رسمياً بتولي الرئيس بشار الأسد السلطة في سورية.
في الواقع العام كانت سورية تعيش في ظل عقلية أحادية عامة، وببنية اقتصاد تقليدي ريعي يعتمد على الثروات والزراعة التقليدية التي تم دعمها في الثمانينات لبناء الأمن الغذائي في وجه التحديات، اقتصاد اعتمد على ريع النفط والثروات الباطنية وعائدات المغتربين والعاملين في الخليج وعلى دعم التوظيف العام بمعاشات محدودة وخبرات محدودة وعلى تنمية شاملة عشوائية ولدت قطاع عام غير اقتصادي ومؤسسات إدارية بيرقراطية ومترهلة ومصابة بأمراض الفساد الإداري وحالة ترهل سياسي ووطني وهذا الاقتصاد انتعش نسبياً بعد حرب الخليج الثانية وبعد إصدار قانون الاستثمار رقم 10 ودخول بعض الرساميل الوطنية والعربية للاستثمار من جديد في ظل انتعاش مشروع السلام في المنطقة في مطلع التسعينات من القرن المنصرم ولكن عند تراجع مشروع السلام في المنطقة او تلكؤه وانحسار الاستثمارات الاقتصادية وعدم تحديث البنية العامة للدولة لمواجهة تحديات التكنولوجية والأساليب الإدارية الحديثة حاول الرئيس حافظ الأسد في نهاية عهده أن يحافظ على البنى الاقتصادي والإدارية بالحالة المقبولة مع تهيئة التفكير الوطني لمرحلة إصلاح وتطوير ورفع شعار محاربة الفساد ومحاولة امتصاص أخطاء متراكمة اقتصادية واجتماعية وسياسية صارت عبئاً على المواطن والدولية وأجهزتها وعلى مستقبل الوطن ككل
وعندما جاء الرئيس بشار الأسد انتعشت الآمال بالتغيير والتطوير في سورية وانطلقت الندوات المحاضرات التي تناقش أفق الإصلاح في سورية، بحجم كبير وجرأة متزايدة لدرجة لم يحتملها المسئول الذي تعود المديح وعدم الحديث بصراحة عن المشكلات والعقبات وعمق تأثيرها في بناء المجتمع، وبسرعة كبيرة تم تحليل العديد من المشكلات الوطنية، والتي هيأت البيئة لإصدار الكثير من القرارات الإصلاحية والتنطويرية التي كانت سمة العامين الأولين من عهد الرئيس بشار الأسد والتي أرضية لنهج جديد تفاعلي مع المشكلات، وفعلاً تم وإصدار عدد كبير من القرارات والمراسيم التغييرية في كل مجال علمي واقتصادي وفي مختلف الوزارات والمؤسسات ، وارتفعت وتيرة الحلول المطروحة وعمقها وبدأت تطالب بإصلاح الجذري بما يبدأ بالإصلاح الاقتصادي والإداري والتعليمي يصل للمطالبة بالإصلاح السياسي الشامل في سورية ، وقد تم مناقشة القرارات التي تتعلق بتطوير التعليم الخاص وحل مشكلات الاجار وتطوير البنية القضائية والتطوير الإداري وإصلاح القطاع الصناعي وإصلاح الرواتب والأجور وتطوير الخدمات وتعزيز الأتمتة ومواضيع الدمج والهيكلة الإدارية وتطوير المصارف وإحداث المصارف الخاصة والتفكير بسوق أوراق مالية وتحديث أساليب التربية والتعليم وغيرها وإحداث هيئات التشغيل ومكافحة البطالة وتطوير قوانين العمل وخفض الجمارك وإصلاحها والسماح باستيراد السيارات والتأكيد على السوق العربية المشتركة وتطوير قطاعات السياحة والإسكان والإدارة المحلية وتطوير الخطاب الإعلامي وأدواته وحماية الملكية الفكرية .
لقد كانت الأفكار اكبر من قدرة المؤسسات المترهلة والمفرغة الخبرات من استيعابها كما كانت هذه الإصلاحات مفاجئة لذوي التوجهات التقليدية لمحاربة التغيير والحفاظ على المواقع والمصالح التقليدية ضمن اعتقاد عام بان هذا المجتمع قبل بالكثير والأخطاء في الخبرات وكان يقنع بأي معطيات وتحسينات مقدمة لهم ولم يدركوا بان البنية الإدارية في المجتمع هشة وعلى وشك الانهيار وبان الآمال المنتعشة بالإصلاح هي التي تعطي الحيوية لحركة المجتمع أما الوضع الإداري والتطوير الذاتي في المؤسسات فهو في حالة يرثى لها وصرخات الإصلاح الإداري التي وجدت فيها القيادة علمنة أو علمية للقرارات الحكومية تلغي مساحة التلاعب في القرار وتوجيهه وتوقع نتائجه فوقفت الحكومة موقفاً سلبياً من الإصلاح الإداري تحت اثر ذرائع مختلفة منها عدم نضج خبرات القائمين على التطوير الإداري.
فتم تأخير ملف الإصلاح الإداري لما بعد إنشاء معاهد عليا للإدارة وتخريج كوادر تستطيع حمل لواء الإصلاح الإداري وتم الاكتفاء بالتوصيف الوظيفي والهيكلة الإدارية التي جاءت مفرغة من التغيير الحقيقي أو من تفعيلها على ارض الواقع وخطوة مجتزئة بغير رؤية إصلاحية واضحة وكان التطوير هو مجموعة تكنولوجيات وتقنيات إدارية تدخل على المجتمع بدون أن تغير في الذهنية وأساليب العمل ورغم إدراك الرئيس بشار الأسد لصعوبة التغيير وضرورة تدرجه وضرورة تغيير العقلية والذهنية وتطوير مستوى الكوادر والكفاءات العلمية وتطوير التعليم لتخريج نوعية جديدة من الخبرات العلمية تنسجم مع الفكر البحثي والمعرفي والمتطور باستمرار إلا أن العقلية التقليدية استطاعت ان تقاوم التغيير بشراسة فتم مقاومة تنفيذ الجزء الأكبر من القرارات والمراسيم الجديدة وحرفها عن مسارها من خلال التعليمات التنفيذية أو من خلال عدم وجود كوادر إدارية فاعلة قادرة على تنفيذها ضمن الأهداف المرسومة لها عند متخذ القرار، وتم استنفار أصحاب المصالح الكبيرة في دوائر الدولة لمقاومة التغيير حيث ظهر الأمر بان مجموعة شخصيات تكنوقراط تمتلك بعض التقنيات العلمية أو الادعاءات العلمية تريد تغيير خريطة الاستفادات المالية والسيطرة على القرار في سورية فتم مواجهة التغيير ورموزه الادعاء على أن جرعة التغيير كبيرة ورموز التغيير ما هم إلا رموز طائشة تدفع بالمستقبل السياسي للبلاد بالمجهول وان المطالبات ترتفع كل يوم حتى تحول خطابها لخطاب إصلاح سياسي عميق يؤثر على مستقبل الحكم في سورية ورغم دعوة وتعاطف بعض الرموز الأمنية الكبيرة مع ارتفاع صوت المجتمع المدني تم القرار بإقصاء هذا الصوت واعتباره صوتاً مرفوضاً ومحارباً بان هذه الندوات العلمية والثقافية والفكرية التي انطلقت بكثافة عهد الرئيس بشار الأسد بحاجة لتقنين وضبط وإلغاء وهنا كانت الطامة الكبرى فقد صمتت الألسن وانهارت الآمال عاد صوت الفساد للتصاعد تحت ضغط الاحتياجات المعيشية المتزايدة ورغبة أصحاب المصالح الجديدة في ترجمة موقع القرار لحصيلة مالية خاصة
النقاط التي لم يتم إدراكها في الفكر الإصلاحي والتطويري:
أولاً أن الإصلاح ليس خياراً ولكنه تحدي استراتيجي لا يمكن تجاوزه في مجتمع شديد التكاثر السكاني وضعيف الإنتاجية ومستهلك الموارد ومشوه البيئة
ثانياً؟: إن الآمال الايجابية التي انهارت فجأة بتراجع الاصلاح والتطوير من الصعب جداً إعادة تنشيطها وستتحول لقوى محبطة تكرس السلبية وضعف الإنتاجية وضعف الإدارة الوطنية في المجتمع.
ثالثاً : إن الفجوة الإدارية التي تعاظمت بشكل كبير وهي حالة سائدة في كل الدول ذات الإدارة الروتينية التقليدية المخترقة بالمصالح وضعيفة القرار العلمي.
والاهم هنا إن الإدارة الحكومية والعمل في المؤسسات وصلت لدرجة يعتبر فيها عمل الموظف تخريبياً لا إنتاجيا يقوم على ابتزاز المواطن واختراق القوانين من اجل المصالح الخاصة والأعداد الموظفة كبيرة والخبرات قليلة وغير قادرة على تجديد أسس العمل أو تطويره أو تحسين فاعليته مما جعل العمل الإداري يهبط أداء ويقدم خدمات متعثرة وبطيئة للمواطن رغم التكنولوجيا التي دخلت
رابعاً:إن الكوادر التكنوقراط التي أدارت زمام الإصلاح في سورية هي كوادر غير ناضجة في سورية ولم تعي مستوى التحدي الاستراتيجي ودرجة التفعيل المطلوبة .
خامساً: إن الإصلاح بسورية لم يصل إلى درجة الرؤية المتماسكة والمحددة الملامح لسورية التي نود بناءها وما هي الأسس في التربية والتنظيم الاجتماعي والبعد الإنتاجي والاقتصادي وسوية التفكير والتنظيم الإداري واليات العمل والحراك السياسي والاجتماعي وطرق تمويل التنمية وشكل إعادة الهيكلة والحكم الرشيد الممكن تطويره لتثبيت العدالة وإعادة بناء القيم الوطنية.
لماذا الخوف من التغيير في سورية:
في سورية المسئول اقل انفتاحاً على التغيير من المواطن وكذلك أصحاب المصالح ولكن لماذا الخوف من التغيير ان التغيير يحمل آليات عمل جديدة وعلمية لا تتناسب مع عقلية الادعاء وضعف الفعاليات المؤسسية والعلمية وتعزيز العقلية الفردية معرفة الكثيرين بان الأدوات الحكومية قديمة وروتينية وغير فاعلة وغير فاعلة في تحقيق رافعة الإصلاح التطوير إذ هي بحاجة للإصلاح والتطوير بحد ذاتها ونقص القيادات والتفكير بالمصالح الخاصة الانتهازية سواء لكوادر إدارية في المؤسسات أسست أطرا للفساد أو التحالف مع القطاع الخاص وقواه الاقتصادية المخترقة لمصالح الإدارات الحكومية بالتعاون مع آليات الفساد القائمة في سورية بالإضافة لخوف الكوادر الإدارية من أن يمس التغيير مصالحهم ويظهر عيوبهم ويعرضهم للمسائلة من خلال كشف العيوب وزيادة وعي المواطن بحقوقه وإدراكه لمكامن الخلل أو عدم التمكن من لغة العقل والتفكير النقدي والبنية المؤسسية المفكرة أو الخبرات النوعية العالية كل هذه العوامل كرست الضعف الإداري وحالات مقاومة بالإضافة للممانعة السياسية لبعض الفئات في إنجاح مشروع الإصلاح في سورية ولم يستطع حزب البعث بترهله النظري والعملي ومؤسساته المترهلة أو الغير قادرة على اعادة تطير تنظيمها واهدافها وتفعيل دورها او تنظيمه بشكل جديد واهداف أكثر اقناعاً او واقعية، وازدياد المنتسبين له عدداً وترهله فكراً أن يقدم شيئاً بمؤسساته لحركة الإصلاح والتطوير ولذلك برز في المرحلة السابقة حالات اعتماد على أفراد او مؤسسات خاصة او خارجية لصلاحيات كانت محصورة ببعض المؤسسات السياسية والحزبية وهذا فرغ المؤسسات من أهدافها ووجهها نحو تطوير آليات عملها او الحد من دورها في اتخاذ القرار.
آليات تطوير الفكر الوطني الإصلاحي:
حتى يتم تطوير رؤية إصلاحية متكاملة في سورية يجب أن يتم أولا معرفة الركائز الاجتماعية والفكرية السياسية القادرة على إقناع الأجيال الشابة بمستقبل الوطن تقديم رؤية حضارية متكاملة قادرة على تشكيل الحامل الاستراتيجي الفكري لحركة المجتمع خلق حوار داخلي.
إن الفجوة الإدارية اليوم تدل على اختراق أسس التنظيم والروتين السائد وعدم فعالية التطوير وانخفاض حاد في الأداء مرتبط بالإحباط النفسي والحاجة الاستهلاكية المتعاظمة والتحير الذي يحدثه الفكر المعرفي التحليلي الذي يجعل كلا شخص يشك بخبراته وغير قادر على تقديم نماذج إدارية او
تعديلات إدارية مقنعة.
إن التغيير في سورية صعب ومعقد ، من مختلف المناحي صعب على صعيد القرار او الاعتراف بنقاط الضعف القائمة او بمعرفة الشكل الذي سيتم التغيير اليه او الثقة بتوجهات التغيير او مقاديره المناسبة والتي تعتبر تغييراً مناسباً وفاعلاً ومن ناحية القيادات التي تستحق ان تدعى قيادات تغييرية، حيث القوى التي تقاوم التغيير كثيرة بقصد سياسي أو مصلحي أو الخرف من التغيير بحد ذاته أو بدون قصد والعقل التقليدي مستحكم والعقل التغييري المعرفي في تطوير العمل تنظيمياً همش لفترات طويلة وكرست طريقة العقل الوصائي الذي يفكر نيابة عن المجتمع والدولة ويتحاور بنفسه نيابة عن المجتمع ويفرض رؤيته او قوانينه بالقوة وليس بالحوار والإقناع المشاركة.
وهذا كرس آليات سياسية ضعيفة وشعارات غير مقنعة وأصبحت ممجوجة وأساءت للفكر القومي الذي لم يمتلك برنامج عمل حقيقي حتى الآن على حساب الفكر الوطني الذي تراجع.
علينا أن ندرك أن تشبث أصحاب المصالح والمكاسب بمواقعهم وضعف المشاركة الشعبية والشماتة بالفشل والضغوطات الخارجية بكل تحدياته وأصنافها ستكون دماراً للوطن والإصلاح الوطني على الجميع فنحن نعيش في نفس المركب وسنفاجأ بان الشعب السوري المغيبة مشاركته هو ليس كما تعودنا أو نتوقع فالشريحة الأكبر منه اليوم هو عقليات غيبية متخلفة وغير مفكرة وتقليدية أصولية تريد أن تعود بالوطن للوراء، وان من يستغلون التعصب الديني لديهم مشروع سيطرة وبدائل من الكوادر المهيئة لتولي المسؤولية ولا يهمها سوى الوصول للسلطة بدون مشروع إصلاح حقيقي وواضح لذلك فان الرؤية الأمنية يجب أن تنطلق من الأمن المعاشي والحضاري الفكري للمواطن فالرؤية الحضارية والفكر النقدي والتحليلي للمواطن هو صمام الأمان للتطوير الإصلاحي في المجتمع وتوجهات المجتمع المدني رغم حساسيتها الأمنية هي محرك سياسي وطني للفكر الإصلاحي ويمكن ان توجه كقوى وطنية مشاركة للبناء تعزز الرؤى العلمانية والفكرية لمستقبل الوطن وتناقش البعد الوطني لأي مشكلة من رؤية حضارية يقبلها الجميع متدينين وغير متدينين لأنها تعالج المشاكل فكرياً وتقنع بوجودها وتجر العقل التقليدي للتفكير والتحليل فيصبح أكثر واقعية وتعقل في توجهاته.
التغيير بين التجريب والخطا والبرمجة والقيادة:
كما أن الواضح إن الخطى الإصلاحية لم تشكل إلى اليوم برنامج عمل بل هي توجهات متضاربة داخل الحكومة وبين الوزراء وليست خطوات متناسقة بناء على برنامج وعندما جاءت الشراكة الأوربية السورية ظهر برنامجها كبرنامج إصلاح وطني حيث العمل المؤسسي الأوربي يبرمج الخطوات التطويرية والإصلاحية أكثر مما استطاع الكادر الوطني تقديره للصلاح الوطني ومن هنا اعتمد برنامجاً للإصلاح للانتقال نحو اقتصاد السوق وإصلاح القوانين الاقتصادية والقانونية والاجتماعية وتطوير البنى والمؤسسات الوطنية .
أن من يريد أن يبني ويطور في سورية عليه أن يعلم أن ليس المهم العمل أو البناء المهم أن نعلم أين نبني وكيف نعمل ونبني ، وأن الأولوية لبناء المصداقية وللتضحية بالمصالح، وضمن أي طرح أو رؤية وعليه ان يدرك أن العمل أو التطوير يجب أن يبنى على أسوا الفروض أو الاعتبارات حتى يتفاجأ بالواقع وان يعمل على تكثيف القوى المفكرة أصحاب التحليل الإصلاحي القابل للتناسق والحوار ضمن مشروع وطني وعليه أن يهيئ لمشاركة شعبية واسعة قائمة على الإيمان بالوطن والتشارك والحوار وليس على الفكر الأحادي ، فالتطوير ليس مسؤولية الحكومة في هذه الحالة ولكنه مسؤولية كل القوى الوطنية الفاعلة والمشاركة التي تدرس خطواتها لإنعاش وإنقاذ الوطن من كل التحديات الحضارية.
إن التلاعب وعدم المصداقية في الفكر الإصلاحي والعقل الأمني المتحفظ والخوف من كل جديد ومحاولة المحافظة على آليات ومكاسب قائمة وأشخاص متشبثين بمواقعهم الوظيفية بدون خبرة وكفاءة عالية ومناسبة لهذه المرحلة الإصلاحية وضعف فكر التدرب والتعلم الدائم والتنافس والتحفيز وسيادة الفكر الوصائي الذي يفتت القرار ويجعله دائماً يجول في حلقة الشكوك دون البناء على مشروع وهدف واضح مع تامين المستلزمات والإمكانيات المناسبة يجعل إدارة التطوير قاصرة ومحدودة النتائج لأنه مشاريع غير مؤمنة المتطلبات تحركها الأماني والشعارات وليس الأدوات والتمويل والدراسات والبنى المؤسسية المهيئة.
لقد اعتقدنا ان العاملين في المؤسسات العاملة قادرين على تحقيق فاعلية الإصلاح وهم عقليات تقليدية وخبرات محدودة ولم نعلم ان المؤسسات الإصلاحية هي غالباً مؤسسات مستقلة يبذل عليها الكثير بشكل علمي وضمن إطار حراك علمي ومعرفي وسياسي واسع لجعل الحلول المتولدة عملية والكوادر الإصلاحية مستغلة بأقصى طاقاتها فكيف نحقق الإصلاح وهو علاج جراحي غالباً بمبضع ملوث وممرض.
وعلى من يبني ويعمل في سورية أن يعلم أن مؤسسات واليات الإصلاح غير متوفرة وأن كل مواطن لا يشارك في بناء الحلول هو مواطن سلبي فالوطن اليوم لا يحتاج للكوادر المنفذة بسلبية وضعف تفاعل الوطن بحاجة للعقول المفكرة النقدية والتحليلية القادرة على توليد العقول ونحن طبيعة مجتمعية وتعليمية تجعلنا أدوات تنفيذ سلبية وليس مهندسي إصلاح وتطوير دائم وخصوصاً أن العمل في عصر المعلومات هو نشاط تفكير وتحيل دائم وتحريك طاقات إبداعية.
لقد أردنا أن نعيش الإصلاح بعيداُ عن تغيير المصالح الشخصية لكل منا وبعقلية التطوير المجاني الذي يأتي بالخير للجميع وبأننا سنقوم بمشاريع تجعلنا نبدأ من حيث انتهى الآخرون وكأننا نصلح بدهاء وذكاء يفوق القوانين الإنسانية ومفهوم التراكم والمعرفة والتجربة والثمن الوطني، إن مفهوم تراكب وحرق المراحل يتم في الشعوب الحية الوطنية التي تطلق الطاقة الاستثنائية للإصلاح والتطوير من خلال إيمان أبناء الوطن بحق الوطن عليهم بكل معارفهم وأقصى طاقاتهم وتضحياتهم.
أخطاء مرحلة التغيير والتطوير في سورية:
· عدم الجرأة السياسية لمواجهة استحقاقات التغيير الفاعل
· ضعف ثقافة التغيير وحاجة المجتمع لحراك علمي لفرز وإبراز الحلول الوطنية
· ضعف المؤسسات القادرة على حمل مسؤولية الإصلاح والتطوير في سورية تشبث أصحاب المصالح الخاصة والعمة والمكاسب الفاسدة بمواقعهم
· الاعتقاد بإمكانية الاكتفاء ببعض الإصلاحات إبقاء البنية العامة على ما هي عليه وتفريغ التغيير من محتواه
· عدم إدراك حجم الاستحقاق وتحدياته عدم إدراك أبعاد الضغوط الدولية وتحديات الانفتاح والضغوط على المنطقة
· الاعتماد على آليات عمل ووسائل وأدوات محدودة ومترهلة
· عدم القدرة على الترويج للخطاب الإصلاحي بالشكل المحرك لطاقات المجتمع مع التخفيف من مقاومة التغيير
· عدم وجود مقاييس واليات واحة لانتقاء الشخصيات الإصلاحية وتحقيق الانسجام بين رؤيتها ومشروع إصلاحي شامل وعدم وجود مقاييس للتناسق في مشروع الإصلاح الوطني وتقدير نتائجه
· اعتقاد البعض أن التحديث هو في المكاتب والتسميات والتقنيات وليس في الأدوات العقلية والأساليب والصدق في معالجة الترهل والضعف الإداري ومعالجة المشكلة والوقاية منها وليس العلاج بسياسة إطفاء الحرائق
· إبراز الدور الوطني للمواطن بمشاركته وجهده في دعم خطوات الإصلاح وتفهمها وتفهم بعض الإجراءات الاستئصالية أو الجراحية الصعبة في المجتمع ضمن رؤية التطوير الصحيح وإعادة هيكلة الأعمال والمؤسسات في كل الوطن
عدم القدرة على وضع أسس التكامل بين الفكر التنظيري الفكري النقدي المنقح واليات العمل المؤسسية الإصلاحية والفاعلة إداريا.
عدم ربط الإصلاح المطلوبة بالتكلفة الوطنية والمالية المطلوبة فكان المطلوب إصلاح مجاني او شبه مجاني مما اضعف قدرة الرؤى الإصلاحية وعرضهم للمحاربة ومقاومة التغيير وعناصرها. ...
#هاني_الخوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
-
ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
-
المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد
...
-
-كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر
...
-
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
-
التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|