جمعة الحلفي
الحوار المتمدن-العدد: 1224 - 2005 / 6 / 10 - 13:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يستطيع الإنسان أن يختار جيرانه وأن يتنقل بسكنه من دار الى دار ومن جار الى جار، لكن ليس بوسع الشعوب ان تفعل ذلك فهذه حكمة الجغرافيا. وقد كان على جيران العراق، ولا يزال، أنظمة وحكاماً، أن يأخذوا هذه الحكمة السديدة بعين الإعتبار وهم يتعاطون مع الحدث العراقي ومجرياته وإفرازاته، فلا الشعب العراقي ولا الشعوب المجاورة له يمكنها أن تختار جيرةً غير ما قدُر لها، وهذا معناه أن مصيراً تاريخياً واحداً ومشتركاً، لا فكاك منه، يربط بين هذه الشعوب، وهو ما يستوجب، من هذه الأنظمة وأؤلئك الحكام، أن يبحثوا عن كل ما يعزز وينمي ويطور ويوطد ويجمع، بين شعوبهم، وأن يبُعدوا عنها ويبتعدوا بها عن كل ما يخلق بينها الضغائن والأحقاد وينصب في طريق مستقبلها الفخاخ والألغام.
لقد لخص رئيس الوزراء، الدكتور إبراهيم الجعفري، خلال زيارته الأخيرة لتركيا، كلاماً من هذا القبيل، واضحا وجلياً في رسالته، عندما قال" هناك مصير مشترك وشراكة مصالح بين العراق وجيرانه" وعلى رغم رغبة العراق في السعي الى إقامة علاقات ودية مع كل جيرانه إلا أنه "لن يقبل بأي شيء يسيء الى أقتصاده وأمنه". وفي مثل هذا الكلام ما ينم عن رغبة صادقة في إعلاء شأن المصالح، العامة والمشتركة، بين هذه الشعوب، على المصالح الضيقة والأنانية لحكامها وأنظمتها.
واذا كان القادة الأتراك قد التقطوا فحوى كلام الدكتور الجعفري، وردوا التحية بأحسن منها، عندما أعرب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، عن مساندته القوية لحكومة العراق الجديدة، عارضاً مساعدة بلاده ودعمها للمساهمة في أستتباب الإستقرار في العراق، فإن على بقية جيران العراق، ممن تربط شعوبهم بالشعب العراقي لا أواصر الجيرة والتاريخ والدين فحسب، إنما أخوة الدم واللغة والتراث ايضاً، أن يتقوا الله وشعوبهم، في تعاطيهم مع الحدث العراقي، وأن يضعوا مصالح هذه الشعوب، الذي غُلبت على أمرها عقوداً طويلة ومريرة، فوق كل أعتبار. ويكفي هنا أن يقرأوا حروف الرسالة، التي وجهها الدكتور الجعفري، من العاصمة التركية، بوضوح ودقة، فمثلما للجغرافيا حكمتها السديدة، للتاريخ حكمته القاسية.
#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟