|
استنهاض الثقافة الجادة .. وبعث التنوير.. والأمية السياسية ( 3 ).. عن المشروعات الحكومية لمحو الأمية فى عهدى السادات ومبارك .. قراءة فى وثيقة هامة صادرة من اللجنة القومية للقضاء على الأمية
بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 4295 - 2013 / 12 / 4 - 11:47
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
استنهاض الثقافة الجادة .. وبعث التنوير.. والأمية السياسية ( 3 ) عن المشروعات الحكومية لمحو الأمية فى عهدى السادات ومبارك قراءة فى وثيقة هامة صادرة من اللجنة القومية للقضاء على الأمية تقديم : شهد حكم السادات مجموعة من السياسات والقوانين والإجراءات المنحازة للأغنياء فى الداخل وللمعسكر الغربى الأمريكى والأوربى فى الخارج. كان منها قانون رفع الحراسة عن أراضى الإقطاع ومؤسسات وشركات كبار الرأسماليين ، والانفتاح الاقتصادى ، وقطع العلاقات مع الاتحاد السوفييتى ، وشن هجوم وحشي على الزراعة ( هيكلة الزراعة ) ؛ وإبرام اتفاقية الصلح مع العدو الصهيونى والاعترف به وبحقه فى اغتصاب أراضى الشعب الفلسطينى علاوة على إخلاء معظم سيناء من القوات المسلحة. واستصدار عدد من القوانين المعادية للحريات الأساسية للشعب مثل قانون العيب وقانون محاكم القيم ( الاستثنائية ) وقانون الاشتباه الذى يخول لأصغر مخبر حق احتجاز أى مواطن لمدة 24 ساعة دون إبداء الأسباب. وكذلك الإفراج عن جماعة الإخوان المسلمين وإتاحة حرية النشاط السياسى لها دون غيرها. هذا وأنهى السادات حكمه- قبل اغتياله- باعتقال المئات من السياسيين والمفكرين والصحفيين. باختصار أعلن السادات من خلال الإجراءات العملية والقانونية انحيازه ضد الحريات وضد الفقراء ، وزرع بذور الفساد والاستبداد فى التربة المصرية ليتولى خلفه مبارك مهمة رعايتها وريها حتى أثمرت ( ففسد التعليم وانتشرت البطالة وبالتالى البلطجة ؛ وارتفعت الأسعار وتفشت الأمراض ؛ وعمّت الكآبة والفقر واليأس صفوف الشعب ) ؛ ليقطف هو وأسرته والحلقات المحيطة به من رجال الأعمال ثمارها التى كان من ضمنها ثورة الشعب فى 25 يناير 2011 . وفى ظل هذا المناخ خدعوا الأميين بمشروعات وهمية بددت أموال الشعب وزرعت الأوهام ولم تسفر سوى عن بقاء الأمية مرضا متوطنا شبه ميئوس منه طالما استمرت سياسة الانحياز للأغنياء وللغرب ومعاداة العلم والثقافة والحريات قائمة . وحيث سبق لنا فى الحلقتين 1& 2 التعرض للمفاهيم المختلفة للأمية ولأساليب مكافحتها على المستوى النظرى ؛ وأجبنا عن السؤال الأهم : لماذا فشلت كل تجارب محو الأمية التى قامت بها الدولة وبعض الجمعيات الأهلية والنقابات على أساس المفهوم التقليدى للأمية والذى يحصرها فى الجهل بالقراءة والكتابة..؟ كما تطرقنا لمفهوم جديد تبنته اللجنة المسكونية لمحو الأمية يرى أن الأمية شئ أوسع من الجهل بالأبجدية ويرى ضرورة مساعدة الأمى فى الخروج من الإطار الذى أدى لأميته ( إطار التخلف )؛ بمعنى أن هناك أوجها أخرى لها يجب الكفاح ضدها بنفس المستوى الذى يتم به الكفاح ضد الجهل بالقراءة والكتابة.. وذلك من أجل استئصال الأمية بكل جوانبها لمن يرغبون فى ذلك من الأميين على أقل تقدير. وأوضحنا أن اللجنة المسكونية رغم خروجها من إسار المفهوم التقليدى للأمية إلا أنها فى التطبيق العملى قد ارتدت لأرض ذلك المفهوم التقليدى ومن ثم لم تؤتِ تجربتهُا الثمارَ المعقودة عليها. ولأن الحديث النظرى فى بعض الأحوال لا يغطى كامل جوانب تفاصيل الظاهرة وأسبابها ؛ فقد رأينا – تعميما للمناقشة ورصدا لكل التطبيقات العملية لمفاهيم قضية الأمية المتنوعة - أن نتناول بعض المشروعات والتجارب التى شرعت الدولة وبعض الجمعيات الأهلية والنقابات فى تطبيقها فى عهدى السادات ومبارك والتى تقطع الشك باليقين فى فساد فكرتها وتهافت خططها وانهيار تطبيقها العملى بل كان استخدامها ( المشروعات والتجارب ) لأغراض أخرى سياسية معادية لحقوق وحريات الفقراء والأميين وتأبيد أوضاعهم الاجتماعية والتعليمية والمعرفية. صلة الحزب الوطنى الديموقراطى ووزارة التعليم بمشروعات الأمية : 1-التعددية الحزبية المزيفة وتغيير المسار السياسى: كان السادات وراء تجربة التعددية " الحزبية " التى ظهرت فى منتصف السبعينات بعد أن قسّم الاتحاد الاشتراكى ( التنظيم السياسى الوحيد آنذاك ) إلى ثلاثة أقسام أطلق عليها منابر ( يمين ، وسط ، يسار) ثم حوّلها بقرار إدارى إلى أحزاب هى ( الأحرار، مصر العربى الاشتراكى، التجمع ) على الترتيب . وبعد اتفاقه مع اثنين من ضباط 23 يوليو ( مصطفى كامل مراد ، وخالد محيى الدين ) على أن يتولى الأول رئاسة حزب الأحرار والثانى حزب التجمع ؛ لكنه و بعد أن أعلن عن تأسيس الحزب الوطنى الديموقراطى وتولى رئاسته هاجر إليه 99 % من عضويات حزب الوسط (مصر العربى الاشتراكى ) ومن يومها شرع الحزب الجديد فى ممارسة دوره فى تنفيذ سياسة الانفتاح وهيكلة الزراعة وابتداع القوانين المعادية للحريات والانحياز للولايات المتحدة وإسرائيل واستمر فى ذلك المسار حتى بعد رحيل مؤسسه فى أكتوبر 1981. ومنذ تأسيس الحزب الوطنى تجلت ظواهر فساد التعليم وتفاقمت واشتدت فى عهد خلفه مبارك؛ وارتبط ذلك بالبطالة المتزايدة اللتين أفرزتا معا ظاهرتى البلطجة وأولاد الشوارع . 2- الصمت على انهيار التعليم والصخب حول الأمية وجهان لعملة واحدة: ولأن السياسات والقوانين والقرارات الإدارية كانت تطبَّق فى هدوء ودون ضجيج بشأن التعليم على وجه الخصوص؛ كان من الضرورى توجيه الأنظار بعيدا عن مآله ومصيره – الذى ينحدر بمعدلات مخيفة- وذلك بإطلاق الصيحات وافتعال الضجيج وإثارة الغبار حول قضية أخرى هى الأمية التى يمثل انحطاط التعليم النظامى منبعا لها ؛ والتى باصطناع الاهتمام بها تستمر فى التضخم.. فى نفس الوقت الذى يواصل فيه التعليم الانهيار أو يصل إلى حد حرج تصبح معه عملية إنقاذه نوعا من العبث. ومن هنا كانت المشروعات الحكومية لمحو الأمية و الصيحات التى تسبقها وتتلوها تُوَظف فى إلهاء الشعب عما يحاك بالتعليم و فى نفس الوقت لا تسهم فى مواجهتها مواجهة حقيقية خصوصا وأن أعداد الأميين المطلقة تتزايد .. حتى لو سلمنا جدلا بأن الأمية تتناقص من الناحية النسبية وهو ما لا نعتقده فالثقة فى الإحصاءات الرسمية واهية. كما أن تفاقم ظاهرتى البلطجة وأولاد الشوارع اقتطع جزءا من الضجيج الذى تحظى به قضية محو الأمية لكن غبار الضجيج ظل متواصلا لا يتوقف ويحجب الرؤية عن تصدع المشروع التعليمى. كذلك فقد انعكست أثارهاتين الظاهرتين على الأمن والتنمية والثقافة وهيأت المناخ لنمو وانتشار جماعات الإسلام السياسى . وهكذ ظل الحديث عن قصة الأمية يعلو و" التحذير" من خطرها يتزايد وينتشر لكن دون موقف محدد ( سياسى أو قانونى أو عملى ) يخطو بجدية فى اتجاه مكافحتها . 3- ترهل النظام السياسى وعجزه وتمهيد الأرض لنمو واستشراء الإسلام السياسى: ولأن النظام السياسى فى مصر قد بدأ فى الانحدار اعتبارا من هزيمة 1967 ؛ وتزايدت تلك المعدلات فى أعقاب حرب 1973 وبدا كما لو أنه يسابق الزمن نحو السفح فى أعقاب إبرام اتفاقية الصلح مع إسرائيل وتوجيه الدفة – ليس لمجرد التعاون – بل للتحالف مع الولايات المتحدة .. وبمرور الوقت وانهيار مكانة النظام وعزلته عربيا وإقليميا كان من الطبيعى أن يترهل وتصبح استجابته لمواجهة أية ظواهر تهدد المجتمع وتهدده بطيئة وغير فعالة. ولأن ظواهر الأمية والبلطجة وأطفال الشوارع تتفاعل أسبابها بسلاسة فى أحشاء المجتمع بينما ظاهرة الإرهاب الإسلامى تنفجر وتنثر الترويع والشظايا فى كل اتجاه ؛ فقد شرَع النظام – مضطرا – للدفاع عن جلده بمواجهة ذلك الإرهاب ( الجماعات الإسلامية ) أمنيا من ناحية ؛ وعقد الصفقات مع جناحه الذى يبدو سلميا (جماعة الإخوان) إتقاءا لشره من ناحية ثانية ؛ والسعى فى تنمية جناح ثالث ( السلفيين) يوازن به الإرهاب المسلح وجماعة الإخوان من ناحية ثالثة تولاه جهاز أمن الدولة. 4- البلطجة والإسلام السياسى لاعبان فاعلان فى المعادلة السياسية والاجتماعية: ولأن ما زرعه النظام قبل عدة عقود ( بالإفراج عن الإخوان المسلمين والسماح لهم بالنشاط ) يحصد نتائجه الآن ، ولأن تواطأه أو صمته عن تنامى كل الظواهر السابقة – بسبب ترهله وانحداره- قد أعلن عن موته إكلينيكيا؛ لم يجد أمامه سوى استخدام البلطجة فزاعة لترهيب الشعب وأداة - إلى جوار الإرهاب الإسلامى - لإسكات حلفائه فى الخارج وتحذيرهم ( أنا أو الفوضى). لذا كان إفساد التعليم هدفا من أهدافه ووسيلة فعالة مع ظاهرة البطالة لمواجهة الشعب " بالشعب " أى بالبلطجة. صحيح أن تلك الظواهر المدمرة – من زاوية ما – تعتبر عرَضا من أعراض ترهله ونتيجة طبيعية لفساده واستبداده لكن مشاركة النظام القصدية فى تنمية تلك الظواهر كانت واضحة لا شك فيها. من هنا كان الاهتمام الشكلى بقضية الأمية وبمكافحتها المزيفة قد أسهم بدور شديد الفعالية فى تواصل فساد التعليم وبالتالى القضاء عليه. قراءة فى إحدى وثائق الحزب الوطنى حول مشروعات وتجارب محو الأمية : فى مارس 1984 أصدر الحزب الوطنى من خلال اللجنة القومية للقضاء على الأمية .. بالتعاون مع أمانة الشباب بالحزب وثيقة هامة حملت عنوان ( الاستيضاح رقم 40 ) موجهة للمحافظين و المسئولين التنفيذيين بالأقاليم ؛ وقد صدر الاستيضاح كجزء من حملة إعلامية للقضاء على الأمية ومنابعها بالتعليم الأساسى ( أى التعليم الإلزامى - ويشمل حاليا المرحلتين الابتدائية والإعدادية ، وقبل ذلك اقتصر على الابتدائية ) ، وكان ذلك تنفيذا لقرار السلطة العليا فى هذا المجال ( المجلس الأعلى لمحو الأمية ) . وحملت الوثيقة توقيع الدكتور عبد الدايم البقرى الأنصارى مقرر اللجنة القومية لمحو الأمية باعتباره مسئولا بالحزب وبأمانة الشباب حسبما كتب أسفل توقيعه. وتتكون من ثلاثة صفحات وتزخر بأخطاء لغوية ساذجة مثل عبارة ( الاستيضاح ) وصحتها الإيضاح أو التوضيح ، وصياغة ركيكة ؛ وبعض العبارات السوقية ؛ وتتخللها روح أوامرية متعالية علاوة على لهجة بوليسية متسلطة لا ندرى كيف استقبلها من وُجهت إليهم ..؟ مختصر الوثيقة : تبدأ الوثيقة فى سطورها الأولى بتذكير المحافظين – تأنيبا- بالجملة الآتية [ يهم اللجنة بعد أن أرسلت لسيادتكم شخصيا 14 منشورا و 40 استيضاحا ، وعقدت أكثر من مؤتمر برياستكم يهمها تسجيل الحقائق الآتية : ] ثم تسرد البنود التسعة التالية : 1-" كان الرئيس مبارك جادا كل الجد عندما أصدر أوامره المتكررة وآخرها لرؤساء المجالس الشعبية المحلية بالتصدى بعزم وإيمان لمحو أمية 25 مليون منهم 15 مليون شاب والقضاء على منابعها بالتعليم الأساسى الذى يقذفنا سنويا بمليون طفل ( متسرّب، وراسب ، ولم تستوعبه المدرسة ) ". 2- " ما كان الحزب الوطنى يهزل بل كان جادا كذلك، عندما أصدر قراره رقم 138 لسنة 1979 ( أى فى عهد السادات ) وقرار الرئيس مبارك رقم 122 سنة 1980 ( أى عندما كان نائبا للرئيس ) بإنشاء اللجنة القومية للقضاء على الأمية وعيّن مقررها الدكتور عبد الدايم البقرى الأنصارى ... " 3-" ما كانت اللجنة القومية تهزل عندما أصدرت 40 استيضاحا ونشرة للمحافظين ... لتنفيذ المشروع الشعبى لمحو الأمية .... ومن ميزاته أنه : • قرآنى ودينى فى المسجد ويجذب الأمى. • أىُّ قارئ من الشعب يمكن أن يكون مدرسا. • قراءة وكتابة وحفظ جزء عمّ من القرآن الكريم فى 3 شهور. • إعطاء وسائل التعليم مجانا. • الأمى يعلّم حينئذ نفسه بنفسه. • ربط الأمى بالمدرس الذى يلتزم به منذ اختياره من سجل حصرالأميين. • قلة تكاليفه ، وقصر مدته. • يأخذ المدرس أجره وحافزه بعد إنجاح الأميين فى امتحان الوزارة ربطا للأجر بالإنتاج." 4- " بل وما كانت الوزارة تهزل.. عندما أصدرت قرارها رقم 7 لسنة 1980 لوقف الصرف على محو الأمية حيث ثبت لها وهمية فصولها ؛ فهى على الورق لقبض المكافآت ، وكذلك فصول المدارس ذات الفصل الواحد ( 5000 مدرسة ) ." 5- " كل ذلك أُرسل للمحافظين شخصيا ومع ذلك لا زال : - تبديد أموال الدولة بالملايين موجودا فى فصول شبه وهمية بتحايلات مخزية وعارية. - وإيهام الشعب بمحو أميته . - مع أن التعليم الأساسى الحكومى " يُسجن فيه الشعب حتى سن 18 سنة ثم يخرج معظمهم منحرفا وأميا وجاهلا. - وذلك راجع لسوء التخطيط بالنقل الآلى من صف لآخر ودون تأهيله لتلقى علوم الصف الذى سيُنقل إليه. - وهو تخطيط شاذ وبدعة بين جميع الدول منقولا من قادة يونسكو سرس الليان ( مدينة بالمنوفية يقع بها مقر اليونسكو) المأمورين بيونسكو باريس الذى يضم مستشارين إسرائيليين متأمركين هدفهم تجهيل الشعب وإبعاده عن لغته وثقافته ودينه. - مع تشريد 250 ألفا من أبناء الشعب لا يتم استيعابهم ( بالمدارس) سنويا . - ولهذا نجد الفوضى والتسيب والإهمال بين التلاميذ والمدرسين والنظار ( أى مديرى المدارس) والمفتشين حيث لا رقيب ولا حسيب . - ومع الفترات المتعددة ( للدراسة فى اليوم الواحد )، وقصر اليوم ( ثلاث ساعات ونصف يوميا ) يكتوى الشعب بنار الدروس الخصوصية التى تستهلك مع المجموعات المدرسية ( التقوية ) ربع دخله." 6- " ولأن أسلوب الوزارة لمحو الأمية كُتبا وتخطيطا وفنيا فاشل حيث : - فشلت تجربة ترسا التى يشرف عليها شخصيا د.عبد القادر حاتم ( كان نائبا لرئيس الوزراء) ( فصلين للتلفزيون= صفر% ، فصلين إناث = صفر % ، فصلين ذكور = 19 % ). - وفشلت تجربة اليونسكو بسرس الليان فألغى محافظ المنوفية والمجلس الشعبى المحلى 112 فصلا لوهميتها وعدم جدواها، وفى الشرقية أحال محافظها القائمين على المشروعات للتحقيق لقبضهم أموالها وأثبت ذلك الجهاز المركزى للمحاسبات." 7- " لهذا وبعد تسجيل ما سبق من الحقائق الصارخة : نرجو من السادة المحافظين وقد أعطاهم القانون 43 لسنة 1979 سلطة الوزير المختص وسلطة رئيس الجمهورية فى محافظاتهم أن يتحملوا المسئولية ويقوموا بتنفيذ : أ- إعلان الحملة القومية للقضاء على الأمية بجميع مواقع وقرى وعزب ونجوع وكفور؛ وعلى منابعها بالتعليم الأساسى طبقا للاستيضاحات الـ 40 السابقة ؛ مع الاستعانة بشباب وأعضاء الحزب ورجال التعليم الكبار وغيرهم. ب- إنشاء صندوق لحوافز المدرسين مما رصدته الوزارة ونسبة أخرى من (رسوم ) الخدمات – كقرار محافظ الشرقية 34 لسنة 1980 . ج- عمل لجان تقصى حقائق عن فصول محو الأمية وفصول المدارس ذات الفصل الواحد وعن سلبيات التعليم الأساسى كمنبع للأمية وذلك بمعرفة ومسئولية مديرى الأمن تنفيذا للقرارين 7 ، 17 لسنة 1980 مع إفادتنا بأماكن وأزمان وأسماء مدرسى ودارسى هذه الفصول. " 8- " وإنشاء غرفة عمليات بالمحافظة والمراكز التابعة؛ وإفادتنا بأسماء أعضائها وعناوينهم وتيليفوناتهم مع ربطها بغرفة عمليات أمانة الشباب بالحزب ( ت 903042 ، 7630063) لمعاونتكم على تذليل أية مشاكل فنية أو تنظيمية أو مالية مسترشدين بالاستيضاحات السابقة . 9-ونرجو الرد خلال أسبوع عما ستفعله المحافظة ليلمس الشعب ما قدمه الحزب من إيجابيات كما وكيفا وحتى يُعرَف ما سيقوم به السادة المحافظون ، وسننقل للرئيس مبارك ما أنتم فاعلون .. وهو بلا شك عظيم ومشرف وفى خدمة الشعب." وفقكم الله وسدد خطاكم وسيجزيكم بما كنتم تعملون. وتفضلوا بقبول أسمى آيات الإجلال والاحترام. د. عبد الدايم البقرى الأنصارى 2 / 3 / 1984 مقرر اللجنة القومية لمحو الأمية والمسئول بالحزب وأمانة الشباب وعضو المجلس الأعلى لمحو الأمية انتهت الوثيقة تعليق على الوثيقة : لأن الوثيقة صادرة فى عصر مبارك ( 1984 ) فهى تتحدث عن الفترة الزمنية السابقة لصدورها وتوجه المآخذ والملاحظات إلى تجربتى (محو الأمية والتعليم الأساسى وضمنها مدارس الفصل الواحد ) وتغطى على الأقل العامين الأخيرين من حكم السادات والثلاثة الأولى من حكم مبارك . -وتؤكد على جدية الرئيس والدولة ممثلة فى اللجنة القومية والمجلس الأعلى لمحو الأمية والحزب الوطنى الديموقراطى ووزارة التعليم مبرهنة على ذلك برصد القرارات الحكومية والحزبية ( 138 / 1979 ) للحزب الوطنى ، 122 / 1980 لنائب رئيس الجمهورية حسنى مبارك ، 7 و17 لسنة 1980 لوزارة التعليم والمنشورات الـ 14 والاستيضاحات الـ40 للحزب الوطنى المشار إليها.. وكلها عدا المنشورات والاستيضاحات صادرة فى عهد السادات. - وتتصور أن إصدار مثل هذه القرارات والمنشورات والاستيضاحات من المعنيين الرسميين بالأمر كفيل بتحريك المياة الراكدة فى المؤسسات القائمة بالعمل الميدانى فى مجال التعليم الأساسى ومحو الأمية ، والمهم أنها تتعامل مع مؤسسات التعليم الأساسى ( تعليم نظامى) تماما كما تنظر لفصول محو الأمية ( تعليم غير نظامى ) بل ولا تفرق بينهما من حيث الفلسفة الحاكمة أو الإدارة التعليمية أو طبيعة الدارسين أو نوعية المعلمين. باختصار تعتبرهما شيئا واحدا رغم ذكرهما منفصلين وهو ما يجافى البديهيات المستخدمة فى علوم التربية ويفتقد التمييز. - رغم الحديث المتكرر عن الجدية وعدم الهزل فيما يتعلق برئيس الدولة والحزب الوطنى واللجنة القومية ووزارة التعليم إلا أنها وجهت هجوما شديدا لجدية ومصداقية القائمين بعملية التعليم والمشرفين عليها وهو من الوزارة ) متهمة إياهم بـ ( فصول وهمية ) ، ( إهدار لأموال الدولة )، (إيهام الشعب بمحو أميته) ، ( سجن الدارسين حتى سن 18 سنة ليخرج معظمهم منحرفا أو أميا أو جاهلا) ، وتُرجع ذلك لسوء التخطيط الناجم عن نقل الدارسين بشكل آلى دون امتحانات من صف لصف ودون إعدادهم الجيد لذلك ؛ إضافة للفوضى والإهمال التى تسود العملية والقائمين عليها. فهل يُسأل المعلمون عن التخطيط؟ ؛ أم أن ذلك هو دور القادة فى هذا الأمر وأيضا فى وضع البرامج والكتب والامتحانات والإشراف الإدارى الذى يضبط العملية التعليمية على الأقل من الناحية الشكلية؟ ، وهل يجيبنا كاتب الوثيقة عن أسباب الغش الجماعى الذى ظهرت إرهاصاته واضحة فى المدارس الثانوية منذ بداية الثمانينات أى وقت كتابة الوثيقة واستمرت متصاعدة ؟؛ وما هى شيم أهل البيت إذا كان رب البيت بالدف ضاربا..؟ - لكن الوثيقة تدهشنا عندما تشن هجوما شرسا على قادة اليونسكو من سرس الليان إلى باريس كما لو أنهم يصدرون الأوامر لوزارة التعليم والقائمين الكبار على محو الأمية . كذلك لم تتعرض الوثيقة لتحديد الأسباب فى فشل مشروعات محو الأمية من الوجهة الفنية والكتبية بل كل ما رصدته بشأنها لا يخرج عن النتائج التى أسفرت عنها فى تجربة قرية ترسا وبإلغاء المحافظ والمجلس الشعبى بالمنوفية لفصول محو الأمية وبإحالة القائمين عليها للجهاز المركزى للمحاسبات فى الشرقية وترجع السبب لعدم تمسك اللجنة القومية ( قبل أن يتولى الكاتب منصب مقررها ) بالمشروع الشعبى الذى يطرحه. -ونسأل الكاتب : هل ربْط الأجر بالإنتاج الذى يقترحه سيدفع القائمين على مشروعه عند التطبيق من معلمين ومشرفين لتلفيق الإجابات لكى يضمنوا أجورهم وحوافزهم طالما ظلت الأسس القديمة مطبقة أم سيمنعهم من ذلك..؟ . -وهل كانت الأدوات التى يستخدمها الدارس فى التعلم قبل ذلك مجانية أم بمقابل..؟ وهل اختلفت مدة المشروع قبل ذلك عن مدتها فى المشروع المقترح ؟ فى الحقيقة أنها كانت متطابقة فى الحالتين. -وهذا ما يدفعنا لاستبعاد تلك العناصر الثلاثة من أى اختلاف مع المشروعات السابقة. - والجديد فى مشروع الدكتور الأنصارى " الشعبى " هو أن الأمى سيعلم نفسه بنفسه كما نصت النقطة الخامسة من البند الثالث ..؟ ، فلماذا إذن سنكلف أنفسنا عناء بقية الإجراءات التى يَسُوقها لنا مشروعه ؟ ؛ كذلك فنحن لم نهتد - منذ حصلنا على هذه الوثيقة من عدة عقود - إلى تصور ذلك أو إلى كيفية تنفيذه. وإذا كان ذلك ممكنا فما هو دور المدرسين ذوى الأجور وما أهمية ربط الأمى بالمعلم والالتزام به منذ الدرس الأول؟ وبناء على هذه الفكرة الألمعية ما هى ضرورة إنشاء صندوق حوافز المدرسين؟ ألا تكفى الأجور طالما سيعلم الأمى نفسه بنفسه؟ أم أن الأفضل إلغاء بند الأجور كلية من ميزانية المشروع؟ وهل لم يلحظ كاتب المشروع " الشعبى " أى تناقض بين هذه الأفكار ا لمتنوعة..؟ -والأكثر إدهاشا مما سبق ما نصت عليه النقطة الثانية من نفس البند من أن ( أى قارئ من الشعب يمكن أن يكون مدرسا )، ولم تقل ( حاصلا على الإعدادية مثلا ) أو ( أى متعلم يثبت كفاءة وقدرة فى تعليم الأميين) . -لكن الدهشة تزول عندما نتعرف على المادة التعليمية المقترحة والتى تُقصِر ما يتعلمه الأميون على برنامج ( قرآنى دينى فى المسجد ويجذب الأمى) كما ورد فى النقطة الأولى من نفس البند السابق، ويتأكد ذلك من النقطة الثالثة التى تنص على ( قراءة وكتابة وحفظ جزء عمّ من القرآن فى 3 شهور ) والنقطة السابعة التى تحدد الأدوات التعليمية فى( جزء عمّ وقلم وكراسة ). - إذن وبناء على ذلك يجب أن نلغى المدارس المدنية ، ونستبعد مواد التاريخ والجغرافيا والفلسفة والاجتماع وعلم النفس والعلوم الطبيعية ( كالكيمياء و الفيزياء والأحياء ) والرياضيات واللغات الأجنبية والآداب والتربية الرياضية من معاهد وجامعة الأزهر. -ولماذا فى المسجد؟ وما هو المخرج لو كان من بين الأميين عدد من المسيحيين ؟ أ ليست اللجنة المتكفلة بمحو الأمية تسمى اللجنة القومية ؟ أى تهتم بكل الأميين المصريين مسلمين ومسيحيين ؛ وهل يستبعد الحزب الوطنى من عضويته المسيحيين ؟ أو يستنكف عن محو أميتهم لو كانوا لا يحملون عضويته ؟ أم أن اختيار المسجد قد تم اقتفاء لما كان يحدث فى بداية الدعوة الإسلامية؟ أم أنه تقليد لما كان يحدث فى الجامع الأزهر منذ تأسيسه وحتى منتصف القرن العشرين..؟ وإذا كانت جامعات الأزهر نفسها فى محافظات مصر قد اتخذت مقارا جديدة بدءا من النصف الثانى من القرن الماضى نظرا لصعوبة استمرار الدراسة جلوسا على الأرض كما كان يحدث قديما .. فما الفكرة فى العودة لذلك الآن ؟ أم سيتم اقتطاع جزء من المساجد لاتخاذها فصولا لمحو الأمية مزودة بسبورات ومقاعد..؟ -وعموما تعود الدهشة لنا مرة أخرى عندما نقرأ النقطة الثالثة فى نفس البند وهى ( لقراءة وكتابة وحفظ جزء عمّ ) ، وبافتراض أن قراءة الأمى وحفظه لجزء عمّ ممكنة فى 3 شهور .. فهل سيتمكن من كتابته فى نفس الفترة ..؟ وهل يتبادر لذهن أى عاقل أن يتعلم الأمى الأبجدية باستخدام آيات قرآنية مكتوبة بطريقة تختلف فى المصاحف عنها فى الكتب المدرسية والجرائد والمصالح الحكومية خصوصا فيما يتعلق بحروف المد الثلاثة .. وبعدد من الاختصارات فى كتابة بعض الألفاظ ..؟ وفى هذه الحالة هل سيستمر الأميون فى المسجد أم سيفرون منه واحدا بعد الآخر ..؟ -لقد أفصح مشروع الدكتور عبد الدايم الأنصارى عن استرجاع حَرْفى للكتاتيب القديمة التى كانت منتشرة فى الريف منذ ما يزيد عن نصف قرن ولكن دون مميزاتها؛ ولذلك رأى أن أى قارئ يمكن أن يكون مدرسا .. وأن الأمى يمكن أن يعلم نفسه بنفسه . - إن مشروعات محو الأمية التى نفذتها وزارة المعارف العمومية ( التربية والتعليم فيما بعد ) كانت أرفع مستوى من الوجهة الفنية ( التعليمية ) وأكثر استنارة وأحدث مضمونا من هذا المشروع المقترح ؛ ولأننا لا نحتاج لمقارنته بأية مشروعات أخرى تتبنى الرؤية التقليدية لقضية الأمية نؤكد أن الكتاتيب القديمة فى أربعينات القرن الماضى كانت- حسبما أفاد آباؤنا المعلمون – تُعلم الشعر والحساب وبعض المعارف العامة علاوة على الأبجدية لأنها كانت تقوم بوظيفة المدارس التى اقتصر وجودها على المدن وبعض القرى الكبيرة أو ذات الحظوة ؛ أما كتاتيب الدكتور الأنصارى فهى- كما جاء فى مشروعه – أدنى منها مستوى سواء فى الشكل أو فى المضمون أو فى الأدوات أو الطموح العلمى والمعرفى.. لذا فهذه الدعوة الصادرة من الحزب الوطنى الديموقراطى فى مارس 1984 عن طريق اللجنة القومية للقضاء على الأمية تفسر لنا جزءا مما نعيشه فى مصر الآن فى عام 2013 كما تفسر كل ما عشناه منذ منتصف الثمانينات حتى الآن وتوضح لنا أن العداء للعلوم الحديثة وللتعليم والاستنارة كانت تصدر من الهيئات الرسمية حزبية وحكومية يدعمها نشاط واسع لجماعات وجمعيات أهلية تذكى هذا المسار وتؤسس له بل وتقطف ثماره ؛ وهو ما يؤكد لنا اتفاق الدولة مع هذه الجمعيات والجماعات فى الأهداف رغم اختلافهما فى الوسائل وفى الصراع على كرسى الحكم، ولذا عقدوا معا الصفقا ت السياسية والانتخابية ، وأفتى بعضهم بتحريم الخروج على الحاكم المسلم حتى لو كان ظالما. الدولة المترهلة والعقلية البوليسية فى مشروعات محو الأمية : وتأكيدا للدور العاجز لدولة ترهلت تطالعنا وثيقة د. الأنصارى بالمنطق الذى تتبعه السلطة فى تنفيذ إرادتها وخططها ومشروعاتها لمحو الأمية بعقلية رجل الشرطة وروح المستريب ليس مع الفقراء فحسب بل ومع موظفيها وحكامها فى الأقاليم وبلغة آمرة متعجرفة ولا تتنبه أنهم أدواتها فى تنفيذ ما تريده وتراه. -يطالب البند السابع من الوثيقة ( نقطة 3 ) بعمل لجان لتقصى الحقائق عن: أ- فصول محو الأمية والتى يشرف عليها كاتب الوثيقة كمقرر للجنة القومية... ب-وعن المدارس ذات الفصل الواحد. ج- وعن سلبيات التعليم الأساسى... وذلك بمعرفة ومسئولية مديرى الأمن .... والإفادة بأماكن وأزمان ومدرسى ودارسى هذه الفصول... وأسمائهم وعناوينهم وتليفوناتهم وربطها بغرفة عمليات أمانة الشباب بالحزب الوطنى بالقاهرة . وتستمر على هذا المنوال فى البند الثامن مطالبة ( بإنشاء غرفة عمليات مركزية بالمحافظة والمراكز...والإفادة بأسماء وعناوين وتليفونات أعضائها..إلخ وربطها أيضا بغرفة العمليات المركزية بالقاهرة )؛ ولأننا نعرف أن الدكتور عبد الدايم ليس مقررا للجنة عسكرية أو بوليسية ؛ كما نعرف أنه ليس ضابطا سابقا وأن مصر ليست فى حالة حرب مع دولة معادية أو تتعرض لوباء ميكروبى خطير.. لذا نتعجب من هذه الأفكار التى يطالب بتنفيذها فى مشروعات مدنية ( بمجالي تعليم الكبار والتعليم النظامى ) ونتساءل عن الدافع وراءه؛ فهناك فرق بين الروح الأرشيفية والبيروقراطية المحتاطة التى تحكم كثيرا من دواوين الحكومة منذ القدم وبين النزعة والعقلية البوليسية المستريبة. وطالما تبددُ مشروعاتُ محو الأمية ومعلمو ومشرفو مدارس الفصل الواحد والتعليم الأساسى أموالَ الدولة ( الدولة وليس الشعب ) ولا همَّ لهؤلاء سوى الحصول على الأجور والحوافز ؛ وما دامت الفوضى هى الحاكم الأوحد فى تسيير العمل؛ وطالما ينتشر التسيب والإهمال كالوباء بين صفوفهم ولم ينج منه حتى التلاميذ وصار الجميع موضع اتهام بل ولن يحيدوا عن هذا المسار إلا بالأوامر المشددة المتوعدة وبتدخّل وظهور مديرى الأمن على مسرح مشروعات محو الأمية ومدارس الفصل الواحد والتعليم الأساسى ليقوّموا المعوج فيها ويضطلعوا بالمهام العلاجية التى عجز أو يعجز عنها المتخصصون فهل نتوقع أن تنجح مثل هذه العقلية فى علاجها.. بعد أن قطع الدكتور الأنصارى بفشل التخطيط لهذه المشروعات..؟ وهل سيفلح مديرو الأمن فى وضع تخطيط بديل؟ وهل سيكون جمع المعلومات ومعرفة جملة البيانات المطلوب جمعها من غرف العمليات المحلية والمركزية هو البلسم الشافى لفشل التخطيط ..؟. وإذا كان هذا الإجراء البوليسى من أجل التحوّط من نشاط المعارضين القابعين فى ثنايا هذه المشروعات فلماذا نعترض إذا كان أحد أهم الرءوس فى اللجنة القومية لمحو الأمية ( د. الأنصارى ) يمهد الأرض لنشاط هؤلاء المعارضين ويبصم على تهيئة الدارسين لدعايتهم بتقديم مشروع لا يحلمون به ولا كان فى مخيلتهم..؟ ولأن البحث عن أسباب الفشل والتسيب والإهمال وتبديد " أموال الدولة " وتخريج المنحرفين والجهلة لا تدفعهم للاستعانة بعدد من الأساتذة المتخصصين المشهود لهم بالكفاءة من خارج دوائر هذه المشروعات لتشخيص الداء وتحديد العلاج ؛ فمن المنطقى أن يلجأوا لأقرب الحلول إلى عقولهم ووجدانهم وهو الأسلوب البوليسى فى إدارة العمل ويستعينوا برجال الشرطة بشكل مباشر. ولو تأملنا ذلك جيدا لأيقنا أن الأهداف الخفية لتلك المشروعات ربما تكون بعيدة عن ذهن الكثيرين ممن يقترحهم الدكتور لتقصى الحقائق وربما بعيدة عنه أيضا رغم كونه صاحب المشروع المقترح الذى يدخل الجميع فى نفق مظلم . ورغم الطريقة المتعالية التى تتحدث بها الوثيقة والإحساس المبالغ فيه بالسلطة وبالثقة فى النفس وفى صواب التعليمات الصادرة وصرامتها إلا أنها تعود مرة أخرى للاستعانة بملجئها الأخير ( سيادة رئيس الجمهورية) ترهيبا وترغيا قائلة : [ وسننقل إلى السيد الرئيس ما أنتم فاعلون.. وهو بلا شك جليل وعظيم .. إلخ ] وهو ما ذيلت الوثيقة نفسها به . خاتمة : لا يمكن إزاء التوجه العمدى من الدولة لإفساد التعليم - بتخفيض نصيبه فى الميزانية العامة أو ثباته مقارنا بخدمات أخرى أو بميزانيات دول أخرى؛ فى بناء المدارس وإصدار الكتب وتوفير المعامل ومستلزماتها ومرتبات المعلمين والعاملين والمشرفين، والتشجيع الصامت لاستشراء المدرسة الموازية ( الدروس الخصوصية ) ، والتحديد المسبق لنسبة النجاح فى الامتحانات التى تلتزم بها المعاهد التعليمية، والتواطؤ على استفحال ظاهرة الغش الجماعى ، والتوقف عن تعيين الخريجين ، وندرة فرص العمل – لا يمكن إزاء ذلك إلا أن يتم توجيه الأنظار بعيدا عن هذه المصائب واصطناع " زفة " هائلة فى اتجاه مغاير تشد الانتباه .. وتحدث الضجيج المطلوب وتستثير الناس وتتركز فى قطاع لم يأخذ حظه من المواطنة ومن الحقوق والحريات الأساسية ( الفقراء ) وفى قضيةٍ تلقى ترحيبا جماهيريا ولا يختلف عليها اثنان وهى تعليم الأميين لتكون هى الموضوع الذى يشد الأنظار بعيدا عن القضية الأصلية والأخطر وهى فساد التعليم وانحداره . إن تردى التعليم النظامى يفاقم الأمية ويخلق مشكلات أخرى أشد خطورة ، ومن الطبيعى لصرف الأنظار عنها ولإلهاء الناس افتعال المعارك بشأن قضية أخرى وهى هنا الأمية. ولأن الأمية قضية بالغة الأهمية وبصرف النظر عن الغرض وراء تسليط الأنظار عليها .. إلا أن استئصالها لا يكون بالتوجه لها مباشرة فحسب ؛ بل يأتى – بالإضافة لذلك- من الجذور بسد روافدها من المنبع وعلاج الظواهر المسببة لها ( انخفاض نسبة المقبولين فى المدارس فى سن الإلزام ، والتسرب من المدرسة ؛ والارتداد للأمية ) علاوة على الشروع فى مواجهة التخلف الاقتصادى الاجتماعى الذى يضم الأسباب الثلاثة هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى الالتزام بالتشخيص غير التقليدى لمفهوم الأمية والتعامل معها باعتبارها ظاهرة مرضية ذات أوجه ثلاث ( الأبجدية ، والوظيفية ، والثقافية ) لا تقتصر على الجهل بالقراءة والكتابة كما سبق الحديث فى مقالات سابقة.. وإلى حلقة قادمة.
#بشير_صقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. والأمية السياسية (2)
...
-
استنهاض الثقافة الجادة وبعث التنوير .. والأمية السياسية فى م
...
-
حيث لا وقت نبدده فى المماحكات.. لنضع النقاط على الحروف .. عن
...
-
مأساة بعض شباب منظمات المجتمع المدنى فى مصر: قراءة فى مسودة
...
-
استيعاب - المضللين - من أعضاء جماعة الإخوان .. الوهم الأشد خ
...
-
لو افترضنا جدلا ..
-
عن الجيش المصرى .. والثنائية المفتعلة ( ثورة أم انقلاب..؟ )
-
طريقان لا ثالث لهما .. التطهير وإعادة البناء.. أو المصالحة و
...
-
حائط الصد الأخير.. وحديث عن النخب
-
لكى تعود مصر .. ونعود فراعنة مرة أخرى : جففوا منابع التمويل
...
-
مدخل لحل مشكلةالإسكان فى الريف المصرى والمناطق الزراعية المس
...
-
شواهد مزعجة تعترض مستقبل الثورة المصرية : هل يتكرر سيناريو ث
...
-
( ثورة جديدة ونداءات مريبة بالمصالحة)
-
مصالحة .. أم محاصصة جديدة برعاية الجيش المصرى
-
ثورة جديدة - ونداءات مريبة بالمصالحة
-
الجوع .. وأوهام الأمن الغذائى فى مصر
-
تمهيدا لثورة معادية فى ريف مصر فى 30 يونيو القادم: بقايا الإ
...
-
مرة ثالثة عن عزلة اليسار وانقسامه .. بعيدا عن المواعظ ولحاقا
...
-
مساهمة أخرى فى الحوار حول أسباب عزلة اليسار المصرى وانقسامه
-
رسالة للحوار المتمدن والأستاذ إبراهيم فتحى .. حول أسباب انعز
...
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|