عندما ينحني الشرطي ..

طه رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 4294 - 2013 / 12 / 3 - 11:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

لم استعمل هويتي الصحفية لاي غرض ولا في اية قضية شخصية او عامة، اذ اكتفي بالجنسية او بهوية الدائرة التي اعمل فيها، ولم استعملها حتى في ازمة " الزوجي والفردي " لسبب بسيط كوني لا امتلك سيارة والحمد لله. ولكن في سفرتي الاخيرة الى كردستان قررت ان استعمل هويتي الصحفية من باب التجريب .
وصلنا الى حدود مدينة السليمانية، ترجلنا من التاكسي ، وبلحظات صار عددنا بالعشرات . هذه هي المرة الاولى التي ازور فيها كردستان بعد غياب عن آخر زيارة يقترب من اربعة عقود . جاء جندي وجمع اوراقنا الشخصية، ناولته هويتي ودلف الى المكتب الخاص بتزويد الداخلين للسليمانية باذن الاقامة السياحية . لا اعرف لماذا تذكرت وجودي العام الماضي وانا اقف في صف طويل على الحدود التايلندية ـ الكمبودية حيث كنا ننتظر تأشيرة الدخول الى كمبوديا، بلدان مختلفان، لا رابط بينهما سوى الحدود البرية ودين سمح مسالم ينبذ العنف ولا يدس انفه في الامور السياسية، انه البوذية !. اما نحن فلا يفرق بيننا سوى اللغة وهي ليست بالعامل المهم فابناء البلد الواحد لا يحتاجون للغة لسانية للتفاهم قدر حاجتهم للغة المحبة والتآخي والمودة والابتعاد عن الطائفية والعنصرية والعرقية وّهربشي كرد وعرب رمز النضال " .
خرج شاب يرتدي بزة عسكرية، خمنت انه شرطي من قوات حرس الحدود، نادى بعض الاسماء وطلب منهم ان يدخلوا الى المكتب ليخرجوا فرحين مع قصاصة ورق تسمح لهم بالمكوث مدة محددة في المدينة . جاء دوري حين نادي باسمي ، اقتربت منه ففاجئني اذ ادى التحية العسكرية ثم خلع قبته وانحنى مناولا اياي هويتي الصحفية. سالته عن التأشيرة السياحية فاوضح لي بانني لا احتاج مثل هذه الورقة لا في الدخول ولا في الخروج .
ايقنت حينها ان هذا الجزء من الوطن قد قطع شوطا بعيدا في محاولة بناء مدينة حضارية ، وتذكرت هذه المرة الشرطي الاوربي حين يوقف سيارة مخالفة .. يقترب من السيارة يخلع قبعته ويؤدي التحية وبعد ذلك يطلب الاوراق الرسمية من السائق .
ما زلنا نحن بعيدين عن سلوك الشرطي الاوروبي !
ولكن من يزور هذه المدينة " السليمانية " سوف يكون على يقين بان انحناءة الشرطي لم تأت اعتباطا، فحين ينحني الشرطي للصحفي قل ان البلد سائر نحو التقدم والطمأنينة والبناء.

#طه_رشيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات