خضير عباس محسن
الحوار المتمدن-العدد: 4293 - 2013 / 12 / 2 - 21:13
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ملاحظات على كتابي سعد محمد رحيم ( أستعادة ماركس – أنطقة المحرم)
ألاستاذ سعد محمد رحيم كاتب من العراق حائز على شهادة البكالوريس في الاقتصاد في عام 1980 وتدل سيرته على انه كاتب روائي وصحفي ينتمي الى ترسانة الماركسية المتحرر كما يوصف نفسه في كتابية هذاين والذي سوف نقف عند افكاره في هذه الكتابين مع الملاحظات عليهما :
- في استعادة ماركس يطرح الاستاذ سعد أزمة الماركسية التي ظهرت بشكل واضح عقب أنهيار التجربة السوفتية حيث يتابع سعد أزمة الماركسية تلك في ضوء هذا الانهيار. يبدأ الكتاب بعرض سيرة ماركس بشكل انفعالي وعاطفي تدلل على مدى التأثر بفكر ماركس والاحترام الذي يكنه لهُ ثم يراى المؤلف أن أزمة فكر ماركس تكمن في جمود الماركسية السوفتية وخاصة الجمود الستاليني ومن ثم تشويه فكر ماركس حيث وضع ماركس في أطار الدوغمائية والمذهبية وصيغ فكر ماركس على شكل قوانين دوغمائية رافضة الفكر ألانساني برمتهُ وتم ضياغة نظام بيروقراطي حديدي (ستالين) بأسم ماركس صادره فيه الوعي والحريات , ويعرج المؤلف على أفكار ماركس مابعد ماركس يراها افكارتقومية لماركس متمثلة بالثقافة الغربية اليسارية الماركسية انطلاقاً من كارل كاوتسكي الذي تنبأ بانهيار التجربة السوفتية حيث قامت التجربة في بلد متخلف صناعياً .
يطرح المؤلف افكار دعاة الماركسية الغربية وبشكل موسوعي بارع ابتداً من غرامشي ,لوكاتش , الوتسير, كاستور ياديس , مدرسة فرانكفورت وخاصة هابرماس , ماركوز , كودليه , سارتر حتى ينتهي افكار اثنين من الماركسين العرب وهما رفعت السعيد و فالح عبد الجبار ويحاول المؤلف تقويم افكار ماركس واستعادتهُ من خلال هؤلاء الاعلام من الماركسية الغربية ويحاول سعد رحيم أستثناء لينين من جمود الماركسية السوفتية بـ اشارة خجوله أن صح التعبير مثل أن لينين كان يدرك أن روسيا غير مؤهلة للاشتراكية بسبب تخلفها الصناعي وكان يعول على المانيا ولكن الامور سارت ولم تحدث ثورة في ألمانيا حيث اظطر لينين الى مسايرة الواقع .
- نعود الى الملاحظات حول الكتاب بعد هذا العرض الموجز للكتاب أعلاه :
• اغرق المؤلف بسرد افكار اليسار الماركسي الغربي عبر اشخاصهُ وبشكل موسوعي بارع لكنه لم يضع الجدلية التي من خلالها استلهام افكار هؤلاء لأستعادة ماركس بل اكتفى بشرح افكارهم التي تسهم في تقيم ماركس ومناهضة التشويه السوفيتي لماركس دون أيجاد الرابط بينهم .
• يدعو المؤلف الى تفاعل فكر ماركس مع الفكر ألانساني وألابتعاد عن المذهبية والجمود لكننا نتفاجئ عن ما يتناول المؤلف افكار ميشيل فوكو وجاك دريدا ويصفهم بالايدولوجية البراجوازية وهنا يقع المؤلف في الفخ المذهبي بل يصف مشيل فوكو بـ ألابن المتمرد على ألاب ماركس وفقاً للمنظار الفرويدي ولا أعرف كيف صوغ المؤلف لنفسة هذه العبارة علماً ان ميشيل فوكو وجاك دريدا هم من مدارس فكرية أنسانية تنتمي الى منهجية مابعد الحداثة .
• وبيقى السؤال بعد استعراض المؤلف الى الكم الفكري من اليسار الماركسي الغربي هل يمكن استرداد ماركس من الماركسية السوفتية في ضوء ذلك الاستعراض ولايرسوا بنا المؤلف الى أي صيغة يمكن من خلالها أستعادة ماركس .
- وفي كتاب انطقة المحرم وشبكة علاقات السلطة يعود سعد محمد رحيم الى ميشيل فوكو الذي وصفه ُ بايدولوجي البراجوازية يعود أليه ليوظف افكاره عن شبكة السلطة في المجتمع العراقي والعربي حيث يلاحظ المؤلف أن المحرمات للاشعورية وشبكات السلطة المستندة الى المؤسسات الدينية والاجتماعية وماتحملة من افرازات تصل الى حد يصبح المثقف جزء من تلك السلطة الخطابية المتشعبة
- أما طرحهُ لمشكلة الحداثة فقد عالجها المؤلف بشكل تقليدي أي عوائق الحداثة بالعالم العربي وهي السلطة المرئية والغير مرئية من الموروث الديني والمحرمات الاجتماعية وغيرها من السياقات التي تأتي في ضوء اطروحات ميشيل فوكو
- سعد محمد رحيم في مواجهة المفكر علي حرب :
حاول سعد رحيم توجية انتقادات الى المفكر اللبناني علي حرب تتلخص في أن علي حرب حاول أقصاء الثقافة وبألاخص المثقف النخبوي بحجة ان الثقافة النخبوية انتهت ويراى سعد محمد رحيم أن علي حرب أبتعد عن عالمهُ العربي وبدأ يتحدث وكأنه من مفكري الغرب ويطرح افكاره من وجهة نظر العالم الغربي وهي بالطبع افكار تدعوا الى مابعد الحداثة والعولمة .
- نعود الى افكار علي حرب في مجال الثقافة وهو المجال الذي انتقد سعد محمد رحيم علي حرب والذي يرجع الى كتابات علي حرب يلاحظ ان علي حرب لم يعمل على أقصاء الثقافة ولا الترويج للعولمة بل أن علي حرب يراى ان المثقف الرسالي والنخبوي أنتهى بسبب التطورات العلمية والتقنية الجارية أي سيطرة شبكة الاتصالات ألكترونية والرقمية واحلال العوالم الأفتراضية القادمة من معطيات الحاسوب وهنا يراى علي حرب ان المثقف التداولي التقني هو الذي حل محل المثقف النخبوي كواقع حال علماً أن المثقف النخبوي أنتهى كضحية
لأاوهامه أي الاوهام الايديولوجية التي تسيطر عليه وتملي عليه عالم مثالي يختفي وراء شعارات التقدم وألاشتراكية وعالم الوهم الايدولوجي هذا عند المثقف اليساري قد ساهم بواسطة هذه الشعارات حول التقدم وألاشتراكية في أقامة اكثر الانظمة الاستبداية أليس هذه الشعارات التي جاءت في التجربة السوفتية ليتولها ستالين اكثر البشرية اجراماً وفتكاً ؟ حتى برفاقه أليس المثقفون بشعارات التقدمية والاشتراكية من اوصلوا هذا الاجرام الى غايته حيث تربع ستالين وبرجنيف على رأس هذه الشعارات ؟ . أليس شعارات الثقافة اليسارية من اوصلت ألانظمة الحديدية والاستبداية في الشرق الاوروبي الذي كان يسمى بالاشتراكي ؟.
(صدام حسين , القذافي , عبدالناصر, الاسد , وغيرهم من الطغاة ألم يصلوا؟ الى بشعارات التقدمية الى السلطة ) وأكرر أن كارثة صدام حسين ألم تتحقق بشعارات القومية وألاشتراكية ألم يصل صدام على أكتاف الثقافة النخبوية أذن هذه الثقافة النخبوية التي يحاول يقصها علي حرب ويطرح بديل لها المثقف التداولي الذي يتعامل بعقلانية مع واقع متحرر من وهم ألايدولوجية والنخبة ومستلهم التقدم العلمي التقني عبر شبكات ألاتصالات ألكترونية ومستلهم العولمة التي اصبحت واقع حال فالعولمة لا تحمل لنا الفردوس لكنها لا تمثل الجحيم بل هي واقع حال لا بد من ألاخذ بمحاسنها وتجنب مساؤها لكي نصل نتواصل مع العالم المتحضر وعليه فالمثقف التداولي هو المثقف الذي يحاول تأسيس ودعم المجتمع المدني واستلهام نشاطات المجتمع المدني والدولة المدنية المعاصرة اصبحت ألان تؤسس على التقنية المعلوماتية . فكيف يتم التطور ونحن غارقون في موروثنا الضائع ونتباكى في كيف اضاعت خمس حزيران هذا الموروث كما يراى الاستاذ سعد رحيم مع العلم أن خمس حزيران مضى عليها مايقارب خمس عقود حدثت في هذه العقود نكسات شتى منها حروب الخليج وانهيار العالم الاشتراكي وتصاعد المد ألاصوالي الديني وتغيرات الرأسمالية العالمية المعاصرة .
- في النهاية اشعر أن المؤلف سعد محمد رحيم في كتابيه (أستعادة ماركس – انطقة المحرم ) يعاني من صراع داخلي في نفسه انعكس في كتابيه وهو صراع بين النظام الفكري الخاضع لهُ وبين متغيرات الفكر وسياسة المعاصرة ويتضح ذلك مثلاً رؤيتهُ في ميشيل فوكو وجاك دريدا بأنهم مثليي الفكر البرجوازي ومتمردين على ألاب ماركس لكنه يوظف افكارهم في السلطة وشبكات المحرم وفي جانب اخر تعامل المؤلف مع علي حرب بشكل انتقائي أي أنه استعانه بـ علي حرب عن موت الايدولوجيا لكنه لا يتردد بوصف فوكو ودريدا بأيدلوجيه البراجوازية والحقيقة أن هذا الارباك الفكري موجود عند اغلبي مثقفي اليسار الماركسي الساخط على الماركسية السوفتية .
#خضير_عباس_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟