عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 22:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
العجز العقلي
من المبررات التي لا منطق يحتويها إتهام العقل الجمعي للمجتمع بالعجز عن إدراك طريق الإرتقاء والتطور وخاصة في مجتمع يتعرض يوميا وتفصيليا للكثير من الأزمات الجزئية التي تضع المشكلة الشخصية الوجودية في محل الصدارة من الإهتمام ,وخاصة مع عجز السلطة الناظمة للمجتمع من تدارك سلم الأوليات والعمل على تطمين العقل الفردي والجمعي إنها تمارس دورها كقوة حارسة ومسيطرة وما على العقل الجمعي والفردي إلا أن يمارس وظيفته كما هي تكوينا وتكيفيا ويتفرغان للإنتاج المعرفي والعقلي.
هذ الإشغال والإنشغال حسب سلم أوليات الوجود يطيح بمؤهلات العقل ونظمه العاملة أن يبحث عن أسباب الرقي والكمالات مع وجود مشاكل مصيرية مهددة للوجود, تبدأ من الفقر وتنتهي بتأمين الوجود الطبيعي أي السلام , ومن هنا فإن تشغيل العقل بما يهدد دفعا أو إتقاء يكون أولى حتى بأضعف منطلقات العقل والمنطق الإنساني من أن يتجه صوب ما هو خارج حالة التهديد ,وكلما كان هذا التهديد ملجئ واضطراري كلما تعمقت أزمة العقل وتشتت مجهوداته ليسجل في كل مرة مرحلة من مراحل التراجع القهقري.
في بحوث سابقة أكدنا على جملة من الحقائق التي تعني حالية التنشيط والتعجيز العقلي وعلاقة هذه العوامل بما يمكن أن نطلق عليه التكوين العمومي لحالة الإبداع في المجتمعات وإثراء الخزين المعرفي المولد للمعرفة كمنتج نهائي, هذه العوامل أيضا هناك ما يمكن أن نفرضه كقانون وهناك أيضا ما يمكننا أن نسميه عوامل مساعدة أو جانبية ولكن جميع هذه العلوم لها صلة بالواقع والبيئة الأجتماعية ولا تنفك عن تأثيراته على العقل والمعرفة خصوصا.
ما يمكن أن نفرضه قانون هو علاقة المعرفة بطريقة ممارسة الحياة اليومية ومصادرها ومعطياتها والبيئة التي تنتج من هذا التعاطي أو تتعاطى مع هذا القانون, مثلا هناك علاقة جدلية بين أسلوب المعيشة وبين المعرفة كمنتج, تتمثل هذه الجدلية بترابط نوعية المنتج المعرفي بصورة الواقع وكيفية ممارسة الفرد لأسلوب المعيشة العام وليس الخاص, فكلما كانت هذه الممارسة بسيطة وغير معقدة وتلقائية نجد أن المعرفة تتصف أيضا بنفس الصفات وتنعكس على تركيب المعرفة وتنوعها, وهذا واضح جلي في قراءة أساليب وأنماط المعيشة في كل المجتمعات.
قد يثار أيضا هنا سؤال مثلا أن كثيرا من الفلاسفة والمفكرين المتخصصين بالمعرفة العميقة وأهل العرفان هم أكثر الناس تبسيطا في أسلوب ونمط المعيشة مع ثراء وتعقيد وتنوع في نتاجهم المعرفي , وهذا الامر صحيح وموافق أيضا للفرض الذي جئنا به , الأختيار هنا هو الخروج من الحياة والمعيشة المعقدة بأعتبار أن هؤلاء ليسوا حالة عامة بل جزء مختار من حالة عامة وهي التي تفرض شروطها وليس هم من يفرض الشرط المنافي للقاعدة.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟