هادي بن رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 21:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مقتطف من -رسالة من برغوث إلى إنسان- لعبد الله القصيمي بعد طرده من مصر:
إني أشاهد دائما وأتذكر أشياء مذهلة جدا من سلوك البشر ومن هوانهم وضعفهم - أتذكر وقد عجزت أن أنسى أن احد الطغاة المتسلطين على جماهيرهم الضعيفة المستسلمة قد أصدر ذات يوم قرارا جمهوريا بتأميم الصحف وقرارا اخر بمنع الحج إلى بيت المقدس لأنه كان في خصومة مع حاكم المقدس واجتمع أيضا اي ذلك الطاغية المتسلط بحاكم اخر مخالف له في الدين والقومية والعرق. فماذا حدث ؟
لقد بعث رجل الدين الاكبر في ذلك البلد الذي يحكمه ذلك الطاغية القاتل للرجولة ثلاث برقيات يشكره فيها على تأميمه الصحافة وعلى منعه الحج الى القدس وعلى اجتماعه بذلك الزعيم الحاكم الاجنبي واصفا له أنه بما فعل قد نصر الدين وأعز كلمات الله !
نعم إنه بتأميمه الصحافة وبمنعه الحج وباجتماعه بالحكام الاخرين لاستعراض ذاته وتباهيه بنفسه وإعلانه عن كبريائه على حساب الجماهير التي يعيش فوقها واستقوائه عليها .. نعم انه بذلك قد اعز لدين الله, هكذا يقول رجل الدين الأكبر تحت رهبة الخوف والاذلال الذي يعيش فيه ذلك المجتمع الذي يعيش فوقه هذا الطاغية القاتل. ما أسوأ هذا المستوى الانساني الذي هبط اليه رجل يعيش الله في كلماته واعصابه وداخل زيه الجليل, وما أقبح ان تكون حيا إذا كانت الحياة تعني ان تهون كل هذا الهوان, وما أقبح ان تكون إنسانا اذا كان أعلى انسان سماوي .. أعلى إنسان يتخاطب مع السماء كل اوقاته يخاف ويسحقه الخوف ويمسخه حتى يتصاغر ويبكي ويرتمي على التراب كما فعل هذا الإنسان السماوي الذي يعيش الله في عقله وأعصابه ويتخاطب مع السماء صباحه ومساءه !
إن النفاق هو اقسى اساليب البكاء وأمر الدموع - بكاء ودموع الرجال الكبار الذين يخجلون من ذرف الدموع اما الاخرين !
إني وانا البرغوث الصغير الذي يعيش بلا مثل او مذهب او شعارات او الهة قد شعرت بالتمزق غيظا وغضبا وشعرت بأن كبريائي - كبريائي انا البرغوث - تغوص وتغوص بلا قرار وإن كانت على حساب اخر قد شعرت بشيء من الكبرياء رضا عن نفسي واقتناعي بتفوقي.
وكما أحسست بالغيظ والغضب أحسست كذلك بالرثاء لذلك المجتمع المسحوق الذي يهون فيه رجل الله وحامل اخلاق الله وينافق حتى يهوي إلى كل هذا المنخفض وحتى يبكي بهذا الأسلوب الفاضح الذليل ويحول دموعه إلى قراءات !
#هادي_بن_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟