وليد فتحى
الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 20:03
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
"فى البدء لابد أن نذكر أهمية التنظيم ومعاييرة داخل الأحزاب والتيارات اليسارية ,وبالتالى فهو مرتبط بالعمل الجماهيرى وأطاره الأجتماعى ورؤية المجتمع الثقافى الخاص والعام,ومعيار النجاح فى
داخل التنظيمات يتمثل فى وجود طليعة قوية داخل أطار المجتمع برؤية أجتماعية متوافقة مع الجماهير دون وعى متعالى عنهم ,فتلك الطليعة تسبق الجماهير فى حدود خطوة واحدة أو تزيد قليلا ,وليس
بعشرات الخطوات كما نرى حاليا فى الأطار السياسى والتنظيمى داخل الأحزاب اليسارية وتياراتها,ولا تتكون الطليعة الواعية والمرتبطة بهموم وتطلعات المجتمع ألا من وجود كوادر يسارية حقيقية
يمثلون الاطار التثقيفى والأعلامى للطليعة الثورية وبالتالى تأثيرهم العام على تصاعد وعى الجماهير ..
وتعانى التنظيمات اليسارية من أحزاب وحركات من أشكالية خطيرة هى السبب الرئيسى فى ضعفها وتتمحور هذه الأشكالية من وجود ظاهرة ليبرالية أصبحت منتشرة فى التنظيمات اليسارية وهى
عدم التفاعل مع المجتمع وأطاره الأجتماعى والثقافى,فتلك الظاهرة تفسر جميع الرؤى السياسية بأستعراضها فقط فى الأعلام والمناطق الشهيرة وأمام المبانى الرمزية ودون التوحد مع الجماهير,فى حين
النضال الحقيقى هو التواصل مع الجماهير فى الأحياء والمناطق الشعبية وفى المصانع والمزارع ,وعرض القضايا وحث الجماهير على الحوار لا يتحقق ألا بتوافر شرط موضوعى لهذا الشأن ولن يتحقق
سوى المشاركة مع الجماهير فعلا ,ودون التعالى عليه والأنفصال عن الأماكن التى يتواجد فيها الجماهير المفقرة وأستعراض مجموعة من المطالب الحياتية التى تمس حياتهم بشكل مباشر.
فنحن الأن أمام سلسلة من اخطاء الحركات اليسارية والثورية بسبب التظاهرات الكثيرة وجهد ضائع ورؤية غائبة فى تحقيق الحد الأدنى من رؤية التنظيم وهو التفاعل المباشر مع الجماهير وبشكل مباشر,
فكثيرا من اليساريين يصممون على تنفيذ الأخطاء القاتلة ودون وعى منهم يتم تفتييت قوى اليسار وأبتعادها عن الواقع الأجتماعى وتبنى وجهه نظر القوى الليبرالية والمجتمع المدنى ومراكز حقوق الأنسان
,فليس الحل هو النزول الى الشارع حتى ولو برؤية أشتراكية والأنفصال عن وجود الجماهير,ويتم الأعلان عن هذا التوجه من خلال الفيس بوك وأليات التواصل الأجتماعى,ولكن الحل فقط يكمن هو
التواجد ولو بشكل تتدريجى مع الجماهير أصحاب المصالح الحقيقية ومطالبها الأقتصادية والأجتماعية فى أماكنها الطبيعية لذلك,ولكن وللأسف الشديد أصبح التواجد فقط فى الميادين العامة وأمام المبانى
الصامتة وكأننا نخاطب تلك المبانى دون الجماهير,فكثير من الأحيان يتم التظاهر أمام مبانى تشكل رمز لكافة القوى المدنية المصرية فى المحافظات والمدن المصرية فمثلا أمام مبنى ديوان المحافظة
أو مديريات الحكومية,وعادتا تجد تلك المبانى فى مناطق منعزلة عن السكان وبعيدا عن الجماهير ,لكن أصبحت ظاهرة الرمز هى المسيطرة على وعى الكوادر اليسارية وخاصا من الشباب وهى ظاهرة
مرتبطة شكلا ومضمونا لتوجه القوى الليبرالية والتى لا تتوجه الى الجماهير بقدر ما توجه رسالة حتى ولو رمزية الى السلطة فقط وفى حدود المعايير السياسية ,فهم يستعرضون الرؤى الخلافية أنما
فى حقيقة الأمر وبشكل واقعى لا يقفون ضد السلطة ألا بسبب الصراعات السياسية والتواصل مع السلطات القائمة الى صيغة توافقية وتحقيق أنتهازية خاصة لتلك القوى والأحزاب الليبرالية,فمعارضتهم
هى معارضة شكلية بترسانة أعلامهم ونخبهم المتواجدين دائما على موائد تلك السلطات القائمة,فهم دائما يراهنون على السلطة وكيفية الضغط الشكلى عليها دون أدراك أن الجماهير هم مصدر جميع
السلطات ودون أدراك الشأن الأقتصادى والأجتماعى لتلك الجماهير,ولذلك لا نجد القوى الليبرالية تسعى الى تكوين قاعدة شعبية لها بل بالعكس فهم دائما يتواجهون الى الجماهير بنظرة فوقية ومتعالية
ويمارسون التزييف والخداع للجماهير من أجل مصالح ضيقة خاصة بالقوى الليبرالية والمجتمع المدنى,ولكن من الظاهر هو تحالف القوى اليسارية وبعدم وعى منها مع القوى الليبرالية فى تبنى هذا
النوع من التحركات من أجل الظهور فى الأعلام وأنعقاد الصفقات المشبوهه مع السلطات القائمة فقط,وفى النهاية يخسر شباب اليسار الشارع الحقيقى فى مناطقه الشعبية وفى الريف المصرى.
ومجرد تبنى شباب اليسار تلك النظرة الضيقة وأهدافهم من التظاهرات التى تتم بالشكل الليبرالى الأنتهازى فهم يشكلون مجرد قوى عددية وعلى حساب خسارة الشارع ,ويضيع مجهودهم هباءا منثورا
لصالح القوى الليبرالية.
وأذا ناقشنا فى الأزمة سنجد أنها تتلخص فى عدم تحديد الأولويات فى التنظيم وأصبح شعار المعارضة فقط فى التظاهرات دون التواجد فى وسط الجماهير وبناء قاعدة جماهيرية عريضة فى الشارع
الحقيقى وليس أمام المبانى الحكومية والميادين العامة,وبالنسبة الى قانون التظاهر الجديد هو بالفعل قمع لجميع الحريات وضد الجميع ,ولكن لا توجد أولويات للوقوف ضد هذا القانون وهو التواصل
مع الطبقة العاملة والقوى الفلاحية فى أماكنهم الطبيعية وبناء جسر تواصل وأغتنام فرصة وجود ظروف موضوعية وذاتية مناسبة للتحدث مع الجماهير وبشكل مباشر وعندها سيتمكن اليسار من
أستيعاب طليعة ثورية من باطن تلك الجماهير وبالتالى تتشكل بؤر ثورية للخروج ضد هذا القانون ليس بمنظور الليبرالى وأنما ضد جميع السلطات والأنظمة التى تعمل جاهدة ضد مصالح الجماهير
الطبقية,ومع تصاعد الوعى سيدرك الجميع بأن هذا القانون هو مجرد بذرة داخل مزرعة كبيرة للسياسات الرأسمالية والأفقار ضد الجميع,وعندها ستتحقق الثورة الحقيقية من أجل مطالب حقيقية خاصة
بالجماهير الفقيرة والمعدومة وليس لمجرد عدة عناوين فى أطار الأصلاح السياسى ,وستسوعب الجماهير من منطلق خبراتها النضالية وبوجود الطليعة الثورية وأقتناص وعيها من وجود الرؤى
اليسارية وتنظيماتها بأن الدولة لا تصلح فيها منهجية ليبرالية فى أطاره صناديق الأنتخاب والديمقراطية الشكلية والمزيفة وأنما قاعدة شعبية جماهيرية عنوانها الديمقراطية الشعبية.
ومن ظواهر الأمور هى تدمير الثورية والجانب الفكرى عند اليسار لصالح القوى الليبرالية ومراكز حقوق الأنسان والمجتمع المدنى,فترسيخ رؤية مضمونها مناهضة الحزبية والتنظيم داخل اليسارط
يتم تفعيله على شباب اليسار ومن خلال تحالفهم ومشاركتهم مع الليبراليين ومصالحهم الذاتية والمنفصلة عن المجتمع والجماهير الشعبية,فترسيخ عداء التنظيم والحزبية نابعة من الأساس لخطط تخريبية
داخل قوى اليسار حتى لا يصبح اليسار متواجدا فى الشارع السياسى والأجتماعى على الأطلاق,فالكثير من شباب اليسار يقتنع حاليا أن الأنتفاضات المتكررة فى مصر والمنطقة العربية قد قامت بسبب
أليات التواصل الأجتماعى الألكترونى ومن خلال التظاهرات المتكررة داخل الميادين العامة فقط,ودون أدراك أن الجماهير قد تصاعدت وعيها بسبب العنف والأضطهاد وسياسات الأفقار على واقع
المجتمعات,فالتزييف والخداع والكذب وأنعدام الرؤى الثورية الحقيقية أصبحت واقع مرير يمارس على شباب اليسار,وأن كرههم للتنظيم وأطار الديمقراطية الحزبية جاءت نتيجة تحالفهم مع القوى الليبرالية
والمراكز الممولة من الأتحاد الأوروبى والولايات المتحدة,فالديمقراطية فى الأحزاب من خلال أتخاذ قرارات حزبية داخل الأجتماعات الدورية هى جزء هام من اطار التنظيم الناجح ,ولكن الذى يحدث الأن
هو العكس فالقرارات تتأخذ من خلال المقاهى والمنتديات الأليكترونية والفيس بوك والدعوات التى تشملها دون الرجوع الى الحزب وأقامة ديمقراطية حزبية والألتزام بها.
ومن المعروف سياسيا أن العمل الجماهيرى هو عنصر أساسى من عناصر العمل الثورى التراكمى داخل الأماكن الطبيعية التى يتواجد فيها المجتمع الذى نريد التواصل معه وخاصا من الطبقة العاملة
والمناطق والأحياء الشعبية,فالنقطة الجوهرية أن التنظيم السياسى يتتضح رؤيته من خلال الكيف داخل المجتمع وليس من خلال الكم ووجود التظاهرات العديدة ولكن الأساس هو أبرام حوارات نقاشية
وجدل موسع داخل الدوائر الشعبية وتصعيد الوعى الى أن نصل الى نتيجة مفادها هى الثورة الشعبية على جميع القيود الليبرالية وأتجائها الرأسمالى وليست الديمقراطية هى مجرد صناديق أنتخاب
والأقتراع المباشر وأنما توجه الجماهير بحكم نفسها بنفسها وتحقيق المطالب الجوهرية الأقتصادية والأجتماعية.
ولكن الذى يحدث الأن هو كمية التجاهل والأنفصال المجتمعى عن ثقافته ومعاييره الأجتماعية ,فالتغيير الثقافى لن يتحقق ألا بوجود رؤية أقتصادية شاملة تخاطب هموم المجتمع وتناقش طموحاته الذاتية
والموضوعية,فأى سلطة لربما تترك للقوى الليبرالية التعبير عن أرائها السياسية دون قمع لتفريغ شحن تلك القوى ومعارضتها للقوانين السياسية حتى تتضيع منهم مهمة التواجد مع الجماهير من أجل
خطاب أقتصادى وأجتماعى ,فاليسار هم الوحيدون الذين يرتكزون على قاعدة فكرية مفاداها (الوعى يتشكل من خلال نضال الجماهير من أجل مطالبهم الأقتصادية والأجتماعية)"..
#وليد_فتحى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟