سميح قرواني
الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 17:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في المرحلة الاعدادية، دخل علينا الموجّه (ناظر باللهجة المصرية) بوجه عابس مرة وقال امام أستاذ الديانة: " أسمعوا يا ابني ..نريد منكم الانتساب لشبيبة الثورة.. تضمنون مستقبلكم وتمشّون أموركم. وشبيبة البعث هي الرافد للحزب القائد في سوريا، وقبل أن يصبح الانسان بعثي عليه أن يكون في اتحاد الشبيبة، وفي الغد سيأتي أحد الرفاق ويشرح بعضاً من أدبيات حزب البعث لكم" ثم خرج الرجل. وفعلا في اليوم التالي أتى أحد "الرفاق" كان قصيراً وسميناً وذو ملامح داكنة. جلس على كرسي المنبر الذي يجلس عليه الأستاذ، ثم قال بثقة:" أسمعوا ياشباب.. اتحاد الشبيبة عبارة عن منظمة رافدة لحزب البعث العربي الاشتراكي". وبدأ الشاب يتكلم عن الصهوينة والإمبريالية العالمية وكأنه حفظ وذاكّرهذه العبارات عن ظهر قلب قبل أن يأتي. وبعد أن انتهى سأل: هل لديكم أسئلة؟ فرفع ولد في الصف أصبعه وسأل: لم تخبرنا عن مؤسس حزب البعث. فتلعثم الشاب قليلاً وكأنه غير متأكد من الجواب ثم قال: " ليس مهماً من أسس حزبا البعث، ولكن المهم أن الرفيق القائد حافظ الاسد قد قام بالحركة التصحيحة وقاد حزب البعث". وظللنا نحن الطلبة لانعرف من هو مؤسس حزب البعث وكنا نظن دائماً أن المؤسس هو فعلا حافظ الاسد. وباختصار إذا اردت أن تعرف الحقيقية فعليك أن تتحمل الحكم عليك بأنك مثقف. وهذه الكلمة نكرة في سوريا والنظام السوري يتعامل معها كما كان غولبز وزير هتلر يفعل. واستعاد الشعب السوري على عدم تصديق النظام حتى في النشرة الجوية كما قال مرة سعد الله ونوس. لأن الحقيقة ممكن أن تخيب امالك وتجعلك قنبلة موقوتة تنفجر في الوقت المناسب كما حدث في عام 2011 عندما قال الناس كفى استبداد، كفى كذب.. كفى تقديس.
وفي مناسبة اخرى، اجتمعت برجل في خريف عمره يعمل بيطري دون شهادة. قال بأنه بعثي سابق وأخذ يتحدث واستغربت جرأته أيام الانفتاح المؤقت في 2002 : "إذا اردت أن تفهم حزب البعث.. فعليك أن تتصور بأنه بنطال جاهز قد يتسع ويمط على من يلبسه. ومنذ ان أتى حزب البعث والبنطال يتفصل على من يحكم . ومنذ الإنقلاب في آذار والبعث عبارة عن بنطال يتغير حسب القيادة والسلطة. حتى اصبح غير قابل أن يلبسه إلا رجل واحد".
وبعد أن اصبح حزب البعث بنطال على قياس رجل واحد والدولة على قياس رجل واحد واصبح الوطن على قياسه. فاض الكيل بما فيه واندلعت ثورة باحثة عن بدائل. وفي مشوار هذه الثورة، والعنف الممارس ضدها، دخلت عليها أعلام جديدة في الشمال السوري تريد بناء سلطة ببنطال جديد على مقياسها. إلا يكفي أن البعث اتحفنا ببنطال واحد لمدة اربعين سنة.
#سميح_قرواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟