أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - خالد بشير تيلجي - الدستور والذاكرة و دور المثقف














المزيد.....

الدستور والذاكرة و دور المثقف


خالد بشير تيلجي

الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 06:37
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


يتم الفصل في المجتمعات الحديثة ما بين الذاكرة و علم التاريخ، الذي أصبح هو الذي يحدد و يفسر أحداث الماضي. وينتقد الفيلسوف نيتشه، المؤرخين الذين ينتهجون ذاكرة انتقائية في ٳ-;---;--ختيارهم، فقط لما يعتبرونه مفيداً للمجتمع وللانسان. فقد شهد القرن العشرين اهتماماً ملحوظاً بمسألة الذاكرة. فبحسب أبحاث سيجموند فرويد، فإن (الذاكرة الواعية) لا تمثل أبداً ماضي الانسان، حيث يمكننا الوصول ٳ-;---;--لى الحقائق فقط عن طريق ٳ-;---;--عادة ترتيب بعض التجارب المكبوتة. ومن ناحية أخرى أدت الأحداث العالمية في القرن العشرين وبالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية ومحرقة اليهود واﻹ-;---;--بادات الجماعية ٳ-;---;--لى اﻹ-;---;--هتمام المتزايد من قبل العلوم الانسانية والعلوم المقارنة، والمتعددة التخصصات بمسألة الذاكرة الجماعية، وتداعياتها على علم التاريخ والأدب والفن من ناحية، و المؤسسات السياسية والقانونية من ناحية أخرى، مما جعل من مسألة الذاكرة الجماعية أمراً معقداً في أواخر القرن العشرين، مع نهاية الحروب والدكتاتوريات. ليس هناك ذاكرة (أصيلة) ولكن هناك فقط (قصص) مختلفة بين الذاكرة الخاصة، والذاكرة الجماعية. كل هذا جعل للخطاب الرسمي، وللمساحة العامة أهمية خاصة لعدم امكانية فهم الذاكرة كأرشيف، بل مساحة ﻹ-;---;--عادة (البناء السردي) وفق تعبير فرويد.
بحسب رينير شمدت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ساوباولو وفي مقالة له بعنوان (الدستور والذاكرة)، ذكر أن "الدساتير هي تعبير عن رغبة وقدرة الإنسان على تنظيم حياته بشكل عقلاني"، مما يجعلها قادرة على منع حدوث تغيرات حادة في النظام السياسي، و ٳ-;---;--بقاء مشاعر المواطنين ضمن ٳ-;---;--طارمعتدل. طرح شمدت ثلاث حالات فيما يخص التاريخ والذاكرة عند كتابة دستور معين. الحالة الأولى هي الموقف السلبي حيال كل ما حدث في الماضي. في هذه الحالة تتم محاولة فصل الدستور تماماً عن كل الأحداث الماضية في البلد، بٳ-;---;--عتبارها غير ذات قيمة لبداية ثورية لعصر جديد، وكما حدث بعد الثورة الفرنسية، وكتابة الدستورعام 1791م. استند الثوار المدافعون عن هذه قطيعة مع الماضي عن العقل والمنطق، بٳ-;---;--عتباره الأساس لنظام سياسي جديد، مع رفض الأفكار التي لاتستند ٳ-;---;--لى أساس علمي.
الحالة الثانية هي تمجيد الماضي بٳ-;---;--عتباره فترة بطولية أدت الى الحاضر. في هذه الحالة يتم ربط التاريخ الوطني، ووئد كل الفجوات وفق ما يسميه المؤرخ ٳ-;---;--ريك هوبزباوم بـ (اختراع التقاليد). هنا يتم ٳ-;---;--ختيار أحداث معينة من الماضي تخدم هذا الطرح الجديد، وٳ-;---;--قصاء أحداث أخرى بشكل أحادي الجانب. يمكننا ٳ-;---;--عتبار الدستور التركي مثالاً واضحاً على ذلك، حيث تحولت فيه المفاهيم الرسمية للدولة ٳ-;---;--لى ٳ-;---;--يديولوجية سياسية مرتبطة بتاريخ من الأمجاد ومحو اﻹ-;---;--خفاقات بعيداً عن أي وجهة نظر نقدية. هكذا يتحول الدستور ٳ-;---;--لى "عقد اجتماعي" يتوجب ٳ-;---;--تباعه.
الحالة الثالثة تشهدها عادةً البلدان التي تكتب دساتيرها بعد الحروب، فتتبنى موقفا نقدياً من التاريخ، ٳ-;---;--حياءاً لذكرى الضحايا. مثال على هذا هو الدستور الألماني. فمسألة ٳ-;---;--نضمام تركيا ٳ-;---;--لى اﻹ-;---;--تحاد الأوربي، وفقاً للفيلسوف الالماني هاينريش اوجست وينكلر متعلقة بنظرة تركيا النقدية تجاه تاريخها خاصةً بما يتعلق بمذبحة الأرمن، ليمكنها اﻹ-;---;--لتحاق باﻹ-;---;--تحاد الأوروبي. وفقاً لهذا المنطق، أصبح أساس الاتحاد الاوربي غير قائم على المسائل الجغرافية أو السياسية أو اﻹ-;---;--قتصادية، ولكن على الذاكرة الجماعية، وثقافة الذاكرة النقدية. هذا النوع من الذاكرة النقدية نجده في الدستور الياباني، الذي ينص على رفض زج البلاد في أتون الحروب، نتيجة ﻹ-;---;--جراءات حكومية أتخذت في الماضي.
وهكذا، فإن الذاكرة تُطمَس في الحالة الأولى، أما في الحالة الثانية فتَنصَب على ٳ-;---;--كتساب الشرعية. وفي الحالة الثالثة تسعى ﻹ-;---;--بقاء على مسافة ما مع الآخرين. لذا فإن كيفية التعامل مع مسألة الذاكرة، ضمن دستور البلدان التي تجاوزت الدكتاتورية والشمولية ٳ-;---;--لى النظام الجمهوري الديموقراطي تحدد، وبحسب شمدت، جودة تلك الديموقراطية. كما هو الحال في العديد من البلدان كالأرجنتين والبرازيل وأفريقيا الجنوبية. في أغلب الأحيان يبدو أن الإنكار القاطع للتاريخ يؤدي بشكل أو بآخر إلى العنف. بالنسبة لشمدت الذاكرة الجيدة هي نتيجة لثقافة تحافظ على الماضي بدون عنف.
وهنا يأتي دور المثقف في المشاركة في صياغة الدستور. وفقاً لشمدت فالذاكرة هي بداية كل نظام ٳ-;---;--نساني، لذا فإن كيفية التعامل معها في الدستور، لا تحدد نوع الديمقراطية في ذلك البلد فقط، بل ٳ-;---;--نها أيضا عامل هام في تركيبة البلد اﻹ-;---;--جتماعية والثقافية ودوره السياسي. ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الذاكرة النقدية ودور المثقف كي لا يصبح الدستور وسيلة للتعظيم والتبجيل، أو للإنغلاق على الذات، بل وسيلة تواصل تعبّر عن كافة أطياف الشعب من جهة، وأن تكون ذات نظرة نقدية من جهة اخرى، فتصبح مساحة لذاكرة الشعب الجماعية، وهويته المتواصلة مع الآخر. دور المثقف هنا هو أن يكون مع الذاكرة النقدية، ﻹ-;---;--يجاد دستور لايتم فيه ٳ-;---;--ستغلال الذاكرة لأغراض الهيمنة الداخلية أو الخارجية. ولهذا تقع عليه مسئولية ٳ-;---;--بعاد الدستور عن ٳ-;---;--حتواء الذاكرة التي تسعى لتمجيد الماضي وتقديسه، أو إلى طمسه تماماً، وألا يسمح لولاءه الوطني أواﻹ-;---;--يديولوجي المبني على أفكار محصنة ضد النقد البنّاء بأن تطمس دوره كمثقف، فيقع تحت ما يسميه ادوارد سعيد بـ (خيانة المثقفين).



#خالد_بشير_تيلجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنف الفكر الاصولي


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - خالد بشير تيلجي - الدستور والذاكرة و دور المثقف