|
قراءة لكتاب - الرؤية والعبارة مدخل لفهم الشعر - للشاعر عبد العزيز موافي
أماني فؤاد
الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 12:00
المحور:
الادب والفن
قراءة لكتاب " الرؤية والعبارة مدخل إلى فهم الشعر"
صدر عن المجلس الأعلى للثقافة كتاب " الرؤية والعبارة مدخل إلى فهم الشعر" للأستاذ / عبد العزيز موافي ، وأتصور أن هذا المؤلف رحلة عمرٍ ومعرفة ، رحلة إبداع ونقد، رحلة بدأت بتساؤل ألح على صاحبه عن كنه الشعر وتميزه عن غيره من الفنون ، واختلاف أنواع الشعرية ، واحتفاظ كل شعرية بطبيعتها ومذاقها الخاص ، وتعايش هذه الشعريات على مر التاريخ البشري في الوجدان الإنساني. هاجس بدأ بالتساؤل الداخلي في ذهن المبدع والناقد ليخرج عبر تطوافه مع الفلاسفة وعلماء النفس والنقاد والمبدعين في عرض بانورامي اتسع وتشعب ليحيط بالشعر في قضاياه وإشكالياته الأساسية ، ليعود ثانية إلى رؤية وإسهام الكاتب الخاص في هذه المحاور الشعرية. - اتسم العرض الذي قدمه الأستاذ/ عبد العزيز موافي بالمنهجية العلمية ، والإحاطة المعرفية المتقصية ، التي تتبع فيها أهم وأبرز ما مر من مجهودات العلماء الفلاسفة ، والنقاد ، ومتخصصي علم النفس البارزين ، الذين شكَّلت إسهاماتهم إضافات نوعية ومغايرة لما هو سائد في تفسير وتحليل الظواهر الشعرية ، التي قسمها المؤلف – اعتماداً على تعريفه للشعر بأنه " تجربة يتم تحويلها – إبداعياً – إلى لغة باستخدام الخيال" ثلاثة محاور رئيسية وهي التي شكلت أبواب هذا الكتاب : 1- تجربة شعرية ، 2- لغة شعرية ، 3- خيال شعري ، مع التأكيد على تضافر هذه المحاور معاً وجدلها الداخلي الخاص الذي يحدد طبيعة الشعر والشعرية، ولقد التزم المؤلف بمنهج واضح في عرضه لأبوابه وفصوله ، فهو يعرف الظاهرة محور البحث ويقدم لها، ثم يعرض للتأسيس الفلسفي من خلال أراء الفلاسفة في بعض الظواهر ، ثم يقدم تفسير علماء النفس وأراء النقاد باختلاف مناهجهم ، ثم يعقب برؤيته الخاصة إن خالفت الأراء المذكورة ، أو إسهامه وإضافته المميزة مثل قوله عن الوظيفة الارتجاعية وتفسيره لمبدأ النقيض الإضافي في تناوله للتناص (ص 348-365) . و للمؤلف قدرته على التصويب نحو أهدافه والتركيز على إبراز المحاور الأساسية لكل فكرة ومعالجتها على حدة ، وتخليصها من الكثير من المعوقات المشوشة ، كالتركيز على الظاهرة محور البحث فقط ، وتعمد إجراء المقارنات ، وإبراز وجهات النظر المختلفة والمتناقضة لوضع الظواهر وزوايا تناولها في حالة مواجهة توضيحية ، مثل حديثه عن طبيعة اللغة والاتجاهات التي تناولتها وميزتها مثل المدرسة اللاهوتية والمدرسة النفسية من خلال أراء سكيز أو حديثه عن الخيال وتقسيمه الأولى والثانوي عند " كوليردج" ، وتحرى الكاتب عرض أحدث التطورات العلمية في دراسة الظواهر الفنية ، وتمثل ذلك في العديد من مناحي الدراسة مثل تقسيمه للصورة الفنية. وتصدى المؤلف للمفاهيم والمصطلحات الغامضة محاولاً سبر أغوارها كما يراها مثل عرضه لمفهوم التجربة والتحليل الذي قدمه لها في عرضه لأراء كل من " ريتشارد" و"هاملتون" والاختلاف بينهما وتقسيمه للتجربة ، تجربة المبدع وتجربة التلقي وتجربة النقد. عرض المؤلف لإشكاليات القصيدة في الشعر الجاهلي ولقد تميز هذا العرض بالإحاطة والتركيز ، واستعرض الكاتب أراء كثير من المستشرقين والباحثين ، لكنني تمنيت أن يتصدى الأستاذ / عبد العزيز موافي بما له من معرفة موسوعية ودأب بحثي على التركيز على معرفة لماذا لم تتطور الملحمة والدراما في الشعر الجاهلي والمعلقات؟. تقطيع العنوانات الرئيسية للفصول إلى عنوانات فرعية كثيرة ، كان له ميزة الرسائل المحددة المكثفة للظاهرة الفنية والأدبية ، لكنها في بعض الأحيان فرضت بعض التكرار ، مثل ماحدث في عرض الكاتب لمفهوم " الشعر الغنائي" . وكنت اتصور فيما يختص بعنوان الكتاب ذاته في بحث مدخل إلى فهم الشعر عدم اتساق معنى ومفهوم " فهم" مع الشعر ، ظني أن مفردات مثل " معايشة" أو "إدراك" أو "عالم" الشعر قد تصبح أكثر مناسبة للشعر وطبيعته التي تراوغ معنى الفهم إلى حد بعيد، الفهم يوحي بالتحديد والمنطق والإحاطة بكل الجوانب وهو ما يتنافى مع طبيعة الشعر. ولقد اتسم كتاب " الرؤية والعبارة مدخل إلى فهم الشعر" بهذه المعرفة الموسوعية التي يجب أن يلم بها كل مهتم ودراسي ومبدع للشعر، فهو مؤلف تعليمي لكل متخصص في هذا الشأن ، يحيط بكل الأراء والاتجاهات التي تعرضت لهذه المباحث الفنية والنقدية ، كما يتضمن بعض أراء وتعليقات الأستاذ/ عبد العزيز موافي ، لكنها لم تكن أساس بناء ومنهج الكتاب ، عكس ما قدمه لنا في كتابه السابق " قصيدة النثر من التأسيس إلى المرجعية " الذي كان يحمل رؤية خاصة ومعالجة شديدة التحري والجدة لهذا النوع الأدبي كما يراه المؤلف. يستشف القارئ للكتاب انحيازات الكاتب لبعض الاتجاهات النقدية مثل تجميعه وعرضه لأراء " إليوت" في نظرية الشعر اللاشخصي ، وللمؤلف قدرته المبهرة في فصله بين كونه شاعراً ، وفي ذات الوقت ناقداً ، فلقد اتسم الكتاب بالمنهجية الدقيقة المحددة ، والتي قد تحمل بعض سمات الصرامة ، في التقسيم ، والتصنيف ، والتعريفات التي تتحرى الموضوعية وشمولية العرض ، كما اتسمت اللغة بالعلمية والانضباط والوضوح دون جنوح إلى أساليب الشعراء من غموض شفيف أوعدم تحديد ، وفتح الخطاب على عدد من التأويلات. بدا العرض الذي قدمه الكاتب في الفصول الأولى لرؤية الاتجاه الرمزي والشعر السريالي لوجود النص ، والأنا الواعية ، والأثر الصافي للشعر والتجربة والانفصال عن الواقع وكأنه قد وافق ضمناً على ادعاءاتهم ثم يعود الكاتب عندما تتقدم صفحات الكتاب ليناقش رؤيتهم ويدحض بعض توجهاتهم عندما يتعرض لها بالتحليل وهو ما يعارض الأحكام القطعية الأولى التي تعبر عن توجاتهم . في حديث الكاتب عن استدعاء التجربة الذاتية في الشعر الرومانسي كانت الشواهد التي تخيرها الناقد لتدلل على مبحثه لشعراء التفعيلة ، أو ما قد يصنفهم بعض النقاد في المذهب الواقعي مثل حجازي وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل ، ولم تأت الشواهد من شعراء مدرسة الديوان أو أبولو أو حتى شعراء المهاجر. - تميز هذا المؤلف باختياره لبعض الشواهد الشعرية التي مثلت الجانب التطبيقي في هذا الكتاب ، كما تميزت المصادر التي اعتمد عليها الكاتب بكونها أعمدة رئيسية في هذا المجال البحثي ، وتعد هذه المصادر مراكز إشعاع محورية تضئ وتثري هذه الدراسة وكل دراسة تبحث عن الموضوعية. وأخيراً لا يسع النقد والإبداع والمكتبة العربية إلا التوجه بالشكر والتقدير إلى الناقد المبدع الأستاذ/ عبد العزيز موافي على هذا الإنجاز العلمي الجاد.
[email protected]
صدر عن المجلس الأعلى للثقافة كتاب " الرؤية والعبارة مدخل إلى فهم الشعر" للأستاذ / عبد العزيز موافي ، وأتصور أن هذا المؤلف رحلة عمرٍ ومعرفة ، رحلة إبداع ونقد، رحلة بدأت بتساؤل ألح على صاحبه عن كنه الشعر وتميزه عن غيره من الفنون ، واختلاف أنواع الشعرية ، واحتفاظ كل شعرية بطبيعتها ومذاقها الخاص ، وتعايش هذه الشعريات على مر التاريخ البشري في الوجدان الإنساني. هاجس بدأ بالتساؤل الداخلي في ذهن المبدع والناقد ليخرج عبر تطوافه مع الفلاسفة وعلماء النفس والنقاد والمبدعين في عرض بانورامي اتسع وتشعب ليحيط بالشعر في قضاياه وإشكالياته الأساسية ، ليعود ثانية إلى رؤية وإسهام الكاتب الخاص في هذه المحاور الشعرية. - اتسم العرض الذي قدمه الأستاذ/ عبد العزيز موافي بالمنهجية العلمية ، والإحاطة المعرفية المتقصية ، التي تتبع فيها أهم وأبرز ما مر من مجهودات العلماء الفلاسفة ، والنقاد ، ومتخصصي علم النفس البارزين ، الذين شكَّلت إسهاماتهم إضافات نوعية ومغايرة لما هو سائد في تفسير وتحليل الظواهر الشعرية ، التي قسمها المؤلف – اعتماداً على تعريفه للشعر بأنه " تجربة يتم تحويلها – إبداعياً – إلى لغة باستخدام الخيال" ثلاثة محاور رئيسية وهي التي شكلت أبواب هذا الكتاب : 1- تجربة شعرية ، 2- لغة شعرية ، 3- خيال شعري ، مع التأكيد على تضافر هذه المحاور معاً وجدلها الداخلي الخاص الذي يحدد طبيعة الشعر والشعرية، ولقد التزم المؤلف بمنهج واضح في عرضه لأبوابه وفصوله ، فهو يعرف الظاهرة محور البحث ويقدم لها، ثم يعرض للتأسيس الفلسفي من خلال أراء الفلاسفة في بعض الظواهر ، ثم يقدم تفسير علماء النفس وأراء النقاد باختلاف مناهجهم ، ثم يعقب برؤيته الخاصة إن خالفت الأراء المذكورة ، أو إسهامه وإضافته المميزة مثل قوله عن الوظيفة الارتجاعية وتفسيره لمبدأ النقيض الإضافي في تناوله للتناص (ص 348-365)
#أماني_فؤاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المريد المتصوف ينشد قصصه .. دراسة لمجموعة -عبد الحكيم قاسم-
...
-
منطق التاريخ وسردية - تلك الأيام - للروائي فتحي غانم
-
سرد دائري وصرخة ضد القهر وغياب العدالة في رواية -وحيد الطويل
...
-
-في العائدون إلي الأرض -الموت حياة قراءة نقدية لخواطر د. سام
...
-
قراءة لكتاب - النقد الأدبي بين القديم والحديث -
-
في أقل من دقيقة.. -قصة قصيرة -
-
بنية الانفصالات في سردية -قسمة الغرماء -للروائي يوسف القعيد
-
تداخل النصوص في القصيدة المعاصرة ..ديوان -الشاعر والشيخ - لل
...
-
شعرية الأشياء في ديوان -الفجوة في شكلها الأخير- للشاعر عاطف
...
-
ثورة مصر .. رؤية يسارية لثورة 25 يناير يقدمها - سمير أمين -
-
-المنطقة العمياء- سرد نسوي متحرر -مجموعة قصصية- للقصاصة أسما
...
-
التوازي والتداخل في سردية -ترابها زعفران- للروائي إدوار الخر
...
-
أنا ..أنت ..وهو ..مناورة الضمائر في سردية -الأنثي في مناورة
...
-
التقنيات السردية المتجاورة في رواية -حرمتان ومحرم- للروائي -
...
-
تكسر الدلالات اليقينية في ديوان - هو تقريبا متأكد - للشاعر أ
...
-
الرؤية والتشكيل في رواية -سلام - للروائي هاني النقشبندي
-
هل النقد الأدبي علم ؟
-
- بلاد أضيق من الحب - عرض مسرحي مأخوذ عن نص - سعد الله ونوس
...
-
دعوة من اللا تاريخ ..- قصة قصيرة -
-
تقاطعات قصيدة النثر في ديوان -الكتابة فوق الجدران- للشاعر -ع
...
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|