|
تجربة المفاوضات الايرانية والدرس الفلسطيني
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4289 - 2013 / 11 / 28 - 16:11
المحور:
القضية الفلسطينية
لعل واحدة من الدروس التي يمكن استنتاجها والاستفادة منها بعد الاتفاق الأولي الذي تم بين ايران وبلدان " 1+5 " في جنيف ان الاتفاقات تأتي كنتاج لتوازنات القوى، وذلك بغض النظر عن التحليلات من هذا الطرف أو ذاك والتي تتحدث عن ترجيح انتصار طرف على حساب الآخر وبأن إيران تريد ان تكتفي بتخصيب المفاعل النووي للأهداف السلمية، حيث سمح لها بالتخصيب تحت درجة5 وبأن هذا الاتفاق يشكل مدخل لاعادة ترتيب العلاقات بين إيران والغرب على قاعدة تبعية الأولى وإجراء تقاسم وظيفي في بعض بلدان الاقليم العربي ، حسب بعض التحليلات . إن تصاعد القدرات العسكرية و " النووية " الإيرانية إلى جانب نفوذها بالعراق ودورها الرئيسي في اسناد النظام السوري ودعمها لحزب الله في لبنان ولكل من حركتي حماس والجهاد في فلسطين هذا عدا نفوذها في كل من البحرين واليمن ساهم في استنهاض وتقوية المشروع الإيراني الذي اصبح " يزعج ويعرقل " المخططات الامريكية والغربية بالمنطقة تلك المخططات التي تريد الابقاء على الهيمنة على موارد النفط والعمل على تفتيت واضعاف الدول المركزية " العراق ، سوريا، مصر " وزيادة حدة الاضطرابات الداخلية على اسس طائفية وجهوية وجغرافية وذلك بدلاً من قيم المواطنة المتساوية والمتكافئة ، والتي تشكل الارضية والقاعدة لاية نظام ديمقراطي موحد مبني على المؤسساتية وسيادة القانون. وعليه فليس من الخطأ مبدئياً اجراء المفاوضات ولكن بعد ان يتم اجراء تعديلات جدية على موازين القوى بحيث تسمح تلك الموازين بتحقيق نتائج للطرف المستضعف والمستهدف، الأمر الذي يتطلب الاستفادة من هذه التجربة، بالدفع باتجاه مراجعة مسار المفاوضات الفلسطينية الخاطئ التي أقدمت عليه قيادة المنظمة عبر توقيعها على اتفاق اوسلو إلى الآن، حيث لم تؤد تلك المفاوضات إلى نتائج مرجوة بل استغلتها اسرائيل كما اصبح واضح للجميع كغطاء باتجاه فرض الوقائع على الأرض عبر تكثيف الاستيطان وبناء جدار الفصل والعنصري وتعزيز عملية تجزئة وتفتيت الوطن الفلسطيني عبر عزل وحصار قطاع غزة وتحويل الضفة الغربية إلى معازل وبانتوستانات . لقد تجردت القيادة الفلسطينة من عناصر القوة اللازمة و الضرورية من اجل استثمارها في المفاوضات فقد تم توقيع اتفاق اوسلو بالرغم من أنه كان هناك انتفاضة شعبية كبرى انطلقت في نهاية عام 87 والتي شهد لها العالم بمدى عمق المشاركة الشعبية بها وبطابعها الديمقراطي وبأهدافها الوطنية والتحررية ، وبعد تشكيل السلطة الفلسطينية جرى تجريب خيار المفاوضات دون غيره من أشكال الكفاح وذلك في محطات مختلفة أبرزها واي ريفر وكامبد ديفيد وأنابولس، علماً بأن اشكال الكفاح الأخرى عديدة وكان يمكن استخدامها لتعديل موازين القوى ويذكر أن اسرائيل حاولت فرض شروطها في اطار مفاوضات كامب ديفيد وعندما رفض الرئيس الراحل ياسر عرفات المقترحات التي تنتقص من حقوق شعبنا جرى حصاره وعزله واخيراً قتله بالسم كما أثبتت التحقيقات السويسرية . إن ما تقدم يشير بأن اسرائيل تريد سلطة مطياعة وفق مقاسها وليس سلطة من الممكن ان تتحول إلى دولة، حيث وصل هذا الخيار إلى طريق مسدود في 4/5/1999 وهو تاريخ نهاية المرحلة الانتقالية ، كما تعززت معضلة ذلك عبر الاجراءات التي قامت بها دولة الاحتلال بعد فشل محادثات كامبد ديفيد حيث قامت باحتلال الضفة الغربية وكثفت من نشاطاتها الاستيطانية ورسخت حلاً على الارض عبر زج التجمعات السكانية في معازل على مساحة صغيرة من الارض في اطار مخططاتها الرامية إلى ضم ومصادرة المساحة الأكبر والمحددة " بالكتل الاستيطانية الضخمة والمناطق المجاورة لها والتي تعتبر مناطق أمنية ، والتي تقدر بمساحة 8% من الضفة منطقة خلف الجدار المحدود ب 14% من مساحة الضفة ، ومنطقة الأغوار والمحددة ب 23% من مساحة الضفة " إلى جانب إصرارها على تهويد القدس وبسط السيادة الاسرائيلية الكاملة عليها هذا بالإضافة إلى قيامها بفرض حصاراً وحشياً مشدداً على قطاع غزة منذ منتصف 2007، عدا عن إصدارها على عدم حق اللاجئين بالعودة وعلى شرطية الاعتراف " بيهودية دولة إسرائيل " لتحقيق التسوية. إن السلطة التي تريدها إسرائيل هي سلطة حكم إداري ذاتي للسكان فقد وعلى مساحة مجزؤة ومحدودة من الارض تقوم بوظائف ترفع عن كاهل الاحتلال وتريح وتتجسد في تقدم الخدمات باموال المانحين وبالتنسيق الامني الضار . حتى نستطيع مقاومة المخططات الاسرائيلية التي أصبحت واضحة للعيان ، فنحن بحاجة إلى خطوات عملية نستطيع بموجبها الخروج من دائرة ردود الافعال والعمل على انتزاع المبادرة من جديد ، وبهذا الاطار فنحن بحاجة للخروج من دائرة الانقسام والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية على طريق الوحدة الوطنية التي يجب ان تعيد بناء التمثيل الفلسطيني الموحد عبر م. ت.ف وهيئاتها واتحاداتها المؤسساتية والشعبية المختلفة، على قاعدة برنامج سياسي متوافق عليه يستفيد من التجربة الفلسطينية ويحدد أشكال النضال المناسبة القادرة على تحقيق الأهداف ، وهي اشكال متعددة ومختلفة على أن يحدد شكل النضال المناسب بالمكان المناسب فربما أن المقاومة المسلحة اثبتت نجاعة بالصمود في غزة ولكن الحالة بالضفة بحاجة إلى المقاومة الشعبية وفي مناطق 48 النضال ضد التمييز العنصري ومن أجل المواطنة المتساوية وبالشتات من أجل ضمان حق العودة وحمايته من التبديد إلى جانب اشكال كفاحية اخرى منها توسيع حملة التضامن الشعبي الدولي مع شعبنا وتصعيد حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على دولة الاحتلال " BDS " إضافة إلى العمل على تعزيز صمود المواطنين عبر سياسات السلطة لضمان مصالح الفقراء والمهمشين وخاصة من الشباب والعاطلين عن العمل في اطار اعادة صياغة السلطة نفسها بحيث تصبح مقدمة للخدمات بهدف تعزيز صمود المواطنين وتكون مرجعيتها م.ت.ف التي يجب ان تقود النضال الوطني بمشاركة كافة القوى والفاعليات سواءً عبر الانتخابات أو بدونها أي بوصفها الجبهة الوطنية التي تحدد المسارات وصولاً لتحقيق أهداف شعبنا بالتحرر والعودة . إن إعتماد أشكال النضال الميدانية يجب ان يترافق مع أشكال النضال السياسية والدبلوماسية والحقوقية والتي تتجسد باستثمار تقرير غولدستون 2009 والقرار الاستشاري الخاص بالجدار والذي صدر عن محكمة لاهاي في منتصف عام 2004 إلى جانب استكمال عضوية دولة فلسطين بالمنظمات الدولية تأسيساً للاعتراف الذي حصلت عليه في 29/11/2012 كدولة غير عضو من خلال الجمعة العامة للأمم المتحدة. نحن بحاجة وبناءً على تجربة الاتفاق الأولي الإيراني – الغربي لأن نستفيد من هذه التجربة ، فمن غير المعقول الدخول في أية معركة ونحن مجردين من أسلحتنا .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في اسباب تعثر المصالحة الوطنية من جديد
-
اتفاق أوسلو وأهمية تغيير المسار
-
انعكاسات الاحداث المصرية على حالة الحريات في فلسطين
-
في تأصيل مفهوم الحصار على قطاع غزة
-
المجتمع الدولي يعزز الانقسام بالمجتمع المصري
-
ماذا بعد قرار العودة للمفاوضات؟
-
بعد فشل الرهانات الكبرى هل من فرصة حقيقية للمصالحة ؟؟
-
التوافق الوطني هو المخرج الوحيد للازمة المصرية
-
30 يونيو - فشل سياسة الاقصاء هو الدرس الأهم
-
ستة سنوات على الانقسام المخاطر والتحديات
-
حملة المقاطعة بالمنظور الحقوقي والتنموي
-
مخاطر وانعكاسات مبادرة كسر الجمود
-
حماس التي نريد
-
من اجل استعادة البنية التشريعية الموحدة
-
دور منظمات المجتمع المدني في محاربة الفساد
-
المجتمع المدني الفلسطيني ودوره في تعزيز حركة التضامن الشعبي
...
-
نظرة تقيمية للمنتدى الاجتماعي العالمي
-
اسبوع مقاومة الابارتهايد فرصة لفضح ممارسات الاحتلال
-
حول الدور الرقابي المتبادل بين المنظمات الأهلية والحكومة
-
المنظمات الأهلية وتحديات التمويل
المزيد.....
-
ضربات -تركية- على نفق أسلحة لقوات سوريا الديمقراطية.. ما حقي
...
-
مصدر مصري لـCNN: السلطة الفلسطينية تستعيد إدارة معبر رفح.. و
...
-
12 سؤالا للحفاظ على صحة دماغك طوال الحياة
-
سوريا: مقتل 15 في انفجار سيارة مفخخة في منبج
-
مقتل مؤسس كتيبة المتطوعين في جمهورية دونيتسك بانفجار في مبنى
...
-
البحرين.. عبد العاطي يؤكد التزام مصر بأمن الخليج
-
طريقة رصد المناطق المحمومة في العالم
-
سقوط سيارات من فوق جسر في تركيا
-
صحة غزة تنشر حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
-
إيران ترسل 4 سفن حربية إلى الإمارات لمناورات مشتركة
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|