|
السّلام تراتيل عِشق ٍ أبدي
اسحق حنا قومي
الحوار المتمدن-العدد: 4289 - 2013 / 11 / 28 - 14:53
المحور:
حقوق الانسان
ألمانيا 6/11/2013م مقدمة: نحاول في بحثنا المختصر هذا أن نطرح أفكارنا حول السّلام بكلِّ تجلياته ِ وتحققه وغاياته ومقوماته لكونهِ أكبر وأوسع وأشمل وأرفع وأثمن وأغنى وأعقد المشاريع قاطبة التي تكوّن هماً عالميا. لهذا سنحاول التكثيف مع الشفافية ضمن منهجية في تسلسل الأفكار التي نود طرحها هنا.فنحن لا نريد أن نُسهب في كلِّ مفردات البحث وإنما نقترب من ضفافها لهذا سنكتفي بأفكار نعتقد أنها تنسجم مع روح الهدف الذي نبغيه. ونبدأُ أولاً بالسّلام من الوجهة اللغوية. فالسلام لغوياً :يدلُ على العافية والصحة وخلو المرء من العاهات والأمراض. وللسّلام معانٍ واشتقاقات لغوية عديدة ففي العربية يدل على سلَمتُ سّلاماً وهو مصدر من سلَمت ومنها السلام فهو جمعُ سلامة ، والسلام اسم من أسماء الله تعالى.، ويُقال بأنّ السلام مصدر سَلّمت وكأنه دعاء الإنسان أن يسلم من الآفات والعاهات والأمراض والمصائب وهو دعاءٌ نتمناه لنفسنا ولغيرنا إن كنا بشراً أسوياء نرجوه لجميع العباد وليس مقتصراً على أسرتنا أو ديننا أو وطننا بل للبشرية جمعاء على اختلاف تنوعها العرقي والقومي واللغوي والديني والمذهبي عندها نكون قد حققنا أدميتنا وإلا كل شعاراتنا بدعوتنا للسلام وبالسلام شعارات فارغة جوفاء تدل على عكس ما هو مستقر في تربيتنا وعقولنا وضمائرنا وسلوكيتنا.ومن السهل أن يكتشفنا العالم فيما إذا كنا نعمل على تحقيق السلام أم لا؟ فإنّ دراسة السلوكية والعقلية لبقية الأمم أصبحت سهلة للغاية عبر تقنيات العصر. ولو ذكرنا السلام في اللغات الإبراهيمية ونعني اللغات الشرقية ذات الأصول الواحدة والتي تعود لدوحة كبرى ونعني بها الآرامية التي جاءت لتدحر اللغة الأكادية بكلّ تاريخها ومراحلها وتنوعها ولهجاتها ومواطن قوتها وضعفها وما حملته من ثقافات وتجارب بشرية في منطقة بلاد مابين النهرين وكذلك اللغة الفينيقية التي تعد الأبجدية الأولى والتي تُعتبر هي والآرامية ـ السّريانية حديثا ـ أهم لغات سوريا الداخلية بالرغم من أن السريانية أصبحت ولمدة أحد عشر قرناً لغة عالمية سادت الشرق قاطبة حتى الصين وغرباً حتى مصر وأخذت عنها اليونانية والأرمنية واللغات الاجنبية أيضاً عن طريق اللغة الفينيقية التي شاركت الآرامية ( السريانية حديثا) بالعديد من أحرف أبجديتها لا بل لقد خدم ما قام به الآراميون أبجديتهم وخطهم الذي استطاع أن يقضي على اللغة الأكادية شرقاً والفينيقية على الساحل السوري غرباً. ولهذا فكلمة السلام بالعربية هي شلومو في السريانية( الآرامية الغربية ..وشالاما بالآشورية الشرقية ) وشالوم بالعبرية وكلها لها نفس المعنى والدلالة. في اللغات الأجنبية ومنها الإنكليزية فكلمة السلام تلفظ بيس . ولكن هل هناك شروط لتحقيق السلام وما هي أهم تلك الشروط.؟!!. ونعتقد أنّ الحرية شرط هام وضروري لمفهوم السلام وتحققه في الواقع النفسي للشخصية الإنسانية وخارج حدودها ليشمل الواقع الاجتماعي وعلى مستوى الدولة والعالم . فالحرية التي نعني بها كشرط للسلام تلك الحرية المشروطة المنضبطة ضمن سياقات واقع معين في زمن لا نهائي مادامت عناصره تتفاعل بشكل ايجابي وليس بشكلٍّ تخيلي .والقول بالحرية تلك التي يمكن تطبيقها بشكل سهل في كل المجتمعات وليست تلك الحالة التي لا يمكن أن تكون صادقة مع الواقع وملبية لهمومه..فالحرية التي نعنيها ليست عبارات ولا جمل ولا شعارات بل تلك القادرة على أن تتجسد في واقع عقليٍّ ونفسي في الشخصانية الإنسانية كيما تبدع ضمن حقول تلك الحرية. . إنَّ انفلات المفاهيم يجعلنا أكثر غلواً في تصوراتنا ،بتعبير ٍ آخر المفاهيم غير الواقعية هي إعاقة للإبداع البشري فالحرية بمعناها العام التي ننشدها ليس كما في سياقات صديقنا جان بول سارتر الذي تتلمذت على يديه دهراً وغادرته لأنني لم أجد ما يرضي تلك الحالة من التواجد وجوداً ولا الكمون فعلاً واقعاً بل رحتُ ابحث كيف سأكون وأنا الكائن أصلاً قادراً فعلاً متماشياً مع واقع يحيط بي والحواجز تكبلني فكيف أحاول أن أتمرد على الواقع؟!! والواقع هو محكوم أصلاً بثقافة ذكورية ٍ وتسلطية ٍ واستغلالية وعبودية للنصوص التراثية دون فهم جوهرها أو روحها ..فما كان عليّ إلا أن أهجر كلّ الفلسفات التي تحدثت عن الحرية بصفتها مفهوما يُمكن إسقاطه على الواقع لأجد نفسي في مروج الوظيفة الإبداعية التي اعتقد أنها الأسمى والأكثر دينامية من الإيمان بالشيء دون إبداع عناصره ففي الكتابة أستطيع أن أحقق حلمي وأحطم بها الواقع وحواجزه لأصل إلى ما أريد لكن ليس عن طريق الحرية الفوضى ولا العبثية. إن تحقيق الحرية الواقعية البراغماتية في الشخصانية البشرية ـ وظهور نتائجها العملية تعني أنها تتماهى مع الفعل الحر الذي يُعتبر الحاضنة لتحقيق السلام... من هنا نجد أنَّ السلام لا يُكتمل بفعل خارجي قسري بل ينبع من الذات الإنسانية العارفة والقادرة والتي تميز مراتب الأمور بأهميتها وفعلها وفاعليتها وتأثيرها.إن الذات الإنسانية التي تعيش الحرية فعلاً مستمراً والفاعلة والمنضبطة ضمن شروط وجودها هي التي تستطيع أن تبدع علاقة السلام مع الآخر وكل فعل قسري لا يؤدي بنا إلى السلام حتى لو عقدت له معاهدات فالسّلام استجابة واقعية وطبيعية لواقع بعينه. ومن أهم العناوين التي يجب أن نتناولها هو السلام الروحي في الشخصية الإنسانية: السلام الروحي حاجة ضرورية للإنسان العاقل والعامل والمبدع والمحب لنفسه وللآخر مهما كان وعلى أية شاكلة كان على أساس قبوله بكلّ ما يحمله من ثقافة ، ويتجلى السلام الروحي في قدرة الإنسان على ضبط انفعالاته وتسييرها ضمن قنوات واقعية لتلبية حاجياته الضرورية ، الإنسان المتصالح مع ذاته وواقعه دون إكراه وهنا نجد أهمية الحرية في تحقق السّلام الروحي. وللسلام الروحي مصادر فقد تكون مرتبطة بالمثل والقيم العليا على أن تؤمن الشخصية الإنسانية بمثل عليا تعتقد بأنها تحقق لها الشخصية الماورائية وتتوزع تلك في شكل عبادات مختلفة ومتنوعة بعضها نسميه بالديانات غير السماوية وسبقتها القيم الفطرية والديانات السماوية ولهذا نجد تأثير التطور الزمني والصناعي والتقني في زعزعت تلك القيم مما يستوجب باعتقادنا زمناً دينياً أو نقداً دينيا أوافق وأقترح على تسميته (حداثة الأديان). لأنني أعتقد أن الأديان ومذاهبها كقيم سلوكية وحياتية هي في امتحان لإثبات صحة ما تقوله ومدى ما يتطابق مع الواقع فليس من المعقول أن تكون في رحاب فكر ديني ما ويسمح ذاك الدين بقتل الإنسان لأخيه الإنسان تحت أية ذريعة كانت أو كأن يُنادي ذلك الدين بالطوباوية غير المعقولة ، إنَّ الحداثة الدينية كأسلوب نقدي للفكر الديني يتجلى في ما تخلفه تلك الأفكار الدينية على الروح الإنسانية والسلوكية غير المتوازنة ويزداد الأمر سوءاً فيما يُعانيه الإنسان من قضايا حياتية كالقوة الشرائية والسلعة والقيمة السلعية ومصادر الرزق أو الاقتصاد في المفهوم المادي للسلعة والأزمة العالمية والأخلاق مما يؤثر في حالة السلام الروحي للفرد ، كما أنّ تصادم مابين طموح الشخصية والواقع وعدم تلبية ما تريده تلك الشخصية يؤدي إلى فقدان السلام الروحي وقد يغدو مرضاً عقلياً أو نفسياً.. إنَّ السلام الروحي يكوّن مرتكزاً أساسيا وسلاحاً ضد الأمراض العقلية والروحية والنفسية والجسدية وبه تزدهر الشخصية الإنسانية لقد جئنا بعجالة على الديانات لنمهد في دعوتها للسلام وأيّ سلام تدعو إليه؟!!. السلام في الديانات السماوية والتعاليم الأخرى: منذ زمن ٍأردتُ أن أوغل في بدء الفكر الروحي والديني فوجدتني قد كتبتُ منذ التسعينات بحثاً مطولاً عن (تطور المفاهيم الروحية والدينية والدعوات المضللة).، وهنا أجد علي تكثيف الفكرة لدرجة أنني أستطيع تقسيم التطور الروحي والديني للإنسان إلى المراحل التالية: الحالة ما قبل الشعور وإدراك الذات من قبل الكائن المخلوق ( الإنسان). أي ما قبل الفكر. ثم مرحلة البوهيمية وتشمل مرحلة ما قبل الأسطورة وتاريخ الأسطورة وظهور الأفكار الدينية ومنها الديانات الشمسية والقمرية وديانة الإله الواحد في أريدو ( أبو شهرين في العراق) وديانة ما يُسمى اليازيدية والزردشتيه والمانوية والكونفوشية وديانات الشرق القديم ثم الديانات السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام) وجميع هذه التعاليم والمدارس والديانات تنادي بالسّلام لكن هناك فرقاً جوهرياً بين من ينادي وبين من جُبلتْ تعاليمه بالوداعة والسماحة والسلام وهو رب السلام وصانعه الوحيد...وهنا لا نقول بأن المسيحية والسيد المسيح هو ملك السلام لمجرد أننا نؤمن برسالته وبأنه هو الفادي وهو الأول والأخير ولا تقوم الساعة إلا بعيسى بن مريم وهو وجيه في الدنيا والآخرة وهو روح الله ألقاها إلى مريم في سورة آل عمران الآية 16 ولا لأنه حي في السماء وسيأتي ليدين الأحياء والأموات بل لأنه فعلا إله السلام هو... والديانات السماوية وجميع المذاهب والتعاليم أمام امتحان هل تدعو فعلاً للسلام؟؟؟ أين نجد السلام ؟!!! السلام العالمي:أما عن فالسلام العالمي يتمثل بالتوقف عن الحروب والاقتتال مابين الدول وقيام حالة من الهدوء والتعاون والتبادل فيما بينها وأن تتمثل في سلوكية شراكة حقيقية واضحة المعالم ولا نقول بأنه ستنتهي جميع التناقضات فيما بين الدول فهذا من المستحيل فالشراكة الحقيقية بين الشعوب نعتقد أنها تقوم على عدم استغلال مقدرات الدول الضعيفة والفقيرة واحترام الثقافات المختلفة سواء ما كان منها الثقافي والتربوي والديني والمذهبي فالتنوع معضلة حيث يمثل إشكالاً لوضع تصور عام للعالم قاطبة وهو أول المشاريع التي تشكل حجر أساس لبناء سلم عالمي يرتكز على حقيقية معاشة وليست تلك التي تقوم على اتفاقيات ورقية بين الدول وأن تعتقد تلك الدول بأنها تعيش في قرية صغيرة وعليهم أن ينسجموا في ذاك المحيط ومعه يتقاسمون خيراته ويتوزعونها ويتبادلونا بما يحقق الرفاهية والسعادة للجميع وأن يتدبروا أمورهم على أنهم جميعاً بشراً وشركاء وليس هناك من هو أفضل أو منزل ... وأن تحترم الشعوب المعتقدات الدينية والمذهبية لبعضها خاصة تلك التي تنادي بالسلام والسلم وليست تلك التي تنادي بالقتل والدماء والإقصاء والشوفينية والعنصرية . إنّ السّلام في العالم قاطبة ً يشكلّ أحد أهم المشاريع التنموية والحضارية والإنسانية والإبداعية على الإطلاق وإذا أراد الغرب والشرق أن يتكاتفا في صنع سلام ٍ واقعي ولم نقل بسلام طوباوي أن تقوم الدول الكبرى بالتوقف الفوري عن إنجاز مشاريعها التدميرية والاستغلالية لمقدرات شعوبها ذاتها وللشعوب والدول الفقيرة والتي تعيش تحت سيطرتها وهيمنتها وهي بهذا تُنجز أهم منجزاتها حين تعمل على وجود آمن واستقرار عالمي يضمن عدم نشوب القتال والتدمير للقوى البشرية والاقتصادية في العالم وسيوفر ذاك السلام المنشود رؤية حقيقية تتمثل في ازدهار الحق والخير والجمال. إنّ تحقيق السلام العالمي سيؤدي لتوقف الدول الكبرى والدول الدينية الراديكالية لحقن دماء أعداد لا تحصى من المجتمعات الإنسانية وتوفير الدمار والخراب وقتل روح الحق والخير والجمال لدى البشرية . أجل السّلام الواقعي بين الدول هو حاجة وضرورة واستراتيجية بشرية ويناهض ويغاير تلك القيم التي هي قيم الوحوش البشرية، التي لا تعرف الرحمة وهمها الوحيد هو بناء إمبراطوريات رأسمالية وفي الجانب الآخر تلك الإمبراطورية الراديكالية التي تسعى في أدبياتها وسلوكيتها كي تسود على العالم باستغلاله وغزوه ثقافياً وبشرياً من خلال الفائض السكاني لديها فهي الأخرى لا تقل خطراً على الإمبراطوريات الاستغلالية والمافيات العالمية . إنّ السلام ليس شعارات تُرفع بل هو نتاج وعي جماعي يهدف للاستقرار والشعور بالأمان والطمأنينة لتبدع الشخصية الإنسانية في محيطها الواقعي وتتفاعل بشكل تتناسق فيها الألوان الإبداعية والعمل المنتج المفيد القادر على تحقيق شروط الحرية ذاتها ومن هنا نجد أهمية السلام والسلم كي نحقق أهم وأحد شروط الحرية ألا وهو أن تكون فعالية الإنسان تعود بفائدة وهي مصدر لسد حاجياته الروحية والنفسية والجسدية والعقلية ومن هنا تنبع أهمية اتساع رقعة العمل على إيجاد واقع يتمتع بالسلام الحقيقي.. لهذا نعتقد بضرورة تضافر الجهود والنوايا الحقيقية بين المثقفين قاطبة ليصار إلى تسجيل مرحلة متقدمة من مساحات السلام العالمي ونعتقد أنه لا يتحقق بالأماني وإنما بعقد حوارات جادة تقوم على تغيير سلوكية أصحاب القرارات الشريرة وتدمير تلك المراكز وبناء جسوراً للوصول إلى السلام العالمي فالإمبريالية والراديكالية الدينية هما أساس جميع الشرور والموانع الحقيقية لتحقيق السلام العالمي ... ومن أهم مرتكزات السلم العالمي. إن ّ السلام العالمي ينطلق في تحققه من القناعة لدى جميع دول العالم بعقد مؤتمر سلام تُطرح فيه جميع الأفكار على اختلاف تنوعها وأهدافها بدءاً من الأفكار الدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية والتعليمية وبعدها تُخصص لجان تتدارس تلك الأفكار وتقرب بينها عن طريق صياغة أفكار وسطية لمجموعة الأفكار السابقة على أساس عدم المساس بكلّ فكر إبداعي يهدف لسعادة البشرية عن طريق الحرية وتعلن نتائج الدراسات المقارنة والتحليلية ولاستنتاجية والعلمية والواقعية لتقر في اجتماع عام للأمم . ولكن السلام العالمي أو السلام الذي ننشده بين دول العالم يقوم على أن تبدأ الدول القطرية بتحقيق السلام الوطني وفي هذا السياق نجد السلام القطري يتبع عدة أمور يتحقق في سلوكية عامة منضبطة من خلال دستور وطني جامع مانع شامل لا يعتريه النقصان أو الإسهاب في تحقيق حق مكوّن دون المكونات ولا يتم تغييره إلا في الحالات القصوى والجوهرية التي تفترض تغييره والسلام الوطني لا يقبل القسمة إلا على واحد بمعنى أن يكون الدستور والقوانين والأنظمة الضابطة لا تعنى بجماعة دون أخرى بل يكون لصالح جميع المكوّنات الوطنية ليس من خلال عددها وقدرتها البشرية أو الاقتصادية بل لمجرد وجودها وأن يخلو من التمييز والتنكر لجهود أية أقلية كانت فالسلام القطري بحد ذاته هو بناء شامخ يؤدي بالتالي إلى قدرة هذه الدولة على تفهم واستيعاب أهمية عقد شراكة ضمن معاهدات للسلام مع دول الجوار والعالم.وننطلق من ذلك إن الوطن لو كان مريضاً ويعاني من فقر الدم لا يمكن أن يكون مبدعاً أو قادراً على تحيق ذاته وأما الأسلوب الدبلوماسي فنعتقد لا يحقق السلام لأن للسلام مرتكزات وعلينا أن نُخضع جميع سلوكية الدولة لنقد موضوعي علمي يقوم على وضع جميع القوانين والأنظمة والدساتير تحت مجهر التطبيق والنقد والنقد المقارن ثم علينا أن نأخذ بنتائج الدراسات الاستبيانية التي تقوم بها المعاهد القطرية على أن تكون تلك النتائج الشاملة والمتكاملة بوصلة لتحقيق الواقعية في الحياة السياسية مفرزاتها على جميع المكونات وحقوقها الدستورية والوجودية والسياسية والاقتصادية والدينية والمذهبية وحق الرأي والرأي الآخر . من هنا نجد أن مقومات السّلام الوطني أو القطري واضحة جلية. تتمثل في عدالة شاملة كاملة دون نقصان ، عدالة تقوم على الحق لكلِّ المكونات وأفرادها ومؤسساتها ، لجميع الجماعات وعدم وقوع أيٍّ من تلك المكونات أو أفرادها لأيِّ ضغط أو تعنيف أو إجحاف يُجرم عليها القانون الجزائي القطري وحقوق الإنسان من خلال المبادىء العامة لحقوق الإنسان. إنَّ السلام القطري يفترض أن تكون الدولة قد حققت خططها التنموية ضمن الفترات المعقولة لتحقيقها، تلك الخطط التي نتناولها بالدراسة والنقد ونضع الحلول لصعوباتها ونقترح دعماً لأفكار جديدة تساعد على التنمية الاقتصادية والبشرية والفكرية والإبداعية لتحقيق سعادة الفرد الذي هو بالأساس أساس وجوهر العملية برمتها . إنّ السلام القطري في تحققه يهدف إلى التنمية والأمن والاستقرار في دائر الحرية المنضبطة وشروطها التطبيقية والمفيدة. السّلام الوطني كمطلب وضرورة بين المكونات العرقية والمذهبية والدينية والنظام الفدرالي السبيل الوحيد للسلام .لكون الدولة القطرية في الشرق الأوسط تعاني الكثير من تداخل الأعراق والأقوام والديانات والمذاهب مما يشكل عائقاً لا يُستهان به في تحقيق موضوع السلام القطري. السّلام الوطني الذي ننشده جميعاً لتحقيق العدالة والحرية والمساواة وتحقيق الشخصية القومية لجميع المكونات الوطنية لا يمكن أن يتحقق بعد الآن عن طريق المناهج القديمة والرؤية الأحادية والمتسلطة بل عن طريق نظام فدرالي يُصاغ ويُحاك بنوع محكم ليحافظ على وحدة البلاد مع تحقيق حلم المكونات العرقية المختلفة. إنَّ أهم مستلزمات السلام وتحققه أن تأتي ثورة حقيقية تكون نتاج استقراء للواقع والمستقبل تقوم على تغيير جميع الأنظمة والقوانين والدساتير والتربيات في العالم التي ترهلت وعجزت وشاخت وبدأت تكوّن عبئاً على المجتمعات . لهذا إن الوعي لمسألة تغيير في المناهج التربوية والدينية والثقافية في الدول القطرية سيساعد على بناء مفاهيم استثمار الحوار الفاعل والمفيد والسريع في نتائجه. إن الحوار بين جميع الثقافات هو السبيل الوحيد لتحقيق ما يشبه السلام بين الدول والمجتمعات وضمن الحوار تتوضح الأفكار المفيدة وغيرها وعلى الأجيال أن تعتمد أسلوب الحوار كسبيل وحيد لحل مشاكلها .لا للقتل ولا للفوضى ولا للتدمير والإقصاء وجميع الحالات غير الإنسانية. إنّ أهم مرتكزات السلم العلمي أو السلام العالمي يقوم على تحقيق سلام عادل وموضوعي وواقعي في منطقة الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية والثانية إعادة هيكلة الثقافات الدينية الراديكالية التي لم تعد تصلح لمستقبل البشرية جمعاء. فالسلام في منطقة الشرق الأوسط ضرورة وحاجة عالمية فإذا استطاعة البشرية ومجتمعاتها المختلفة أن تعي دور السلام في الشرق الأوسط تستطيع أن تتجاوز جميع ماتعانيه من حالة مادية ومعاشية وأمنية وتحقيق شخصيتها ضمن بوتقة الروح العامة والشاملة للبشرية. وفي الختام نعتقد بأن هذا الموضوع يتطلب لكتابة مجلدات كبرى ولكننا نتوقف عند هذا القدر ونتمنى أن نكون قد حققنا إضاءة شمعة في دروب السلام . السلام لجميع من هم أبناء السلام ولمن يصنع ويبني برجاً له في كلّ مكان من خلال السلوكية السوية والمنضبطة التي تعيشها المجتمعات رغم اختلافها وتنوعها وتميزها عن بعضها ، إن السلام لا يتحقق بالشعارات والدبلوماسية وأسلوب المراوغة بل يتحقق حين تُدرك البشرية جمعاء أهميته المطلقة اسحق قومي ألمانيا 6/11/2013 اسحق قومي شاعر وأديب وباحث سوري مقيم في ألمانيا مدير ورئيس تحرير موقع اللوتس المهاجر. مدير المعهد الاستراتيجي للدراسات السريانية الآشورية الكلدانية المارونية. [email protected] www.ishakalkomi.com
#اسحق_حنا_قومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|