أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف خوري لطيف - القبطي كائن ساقط قيد دائماً !















المزيد.....

القبطي كائن ساقط قيد دائماً !


شريف خوري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4288 - 2013 / 11 / 27 - 21:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بلاها كوتة كفاية علينا طفَّحتونا الكوتة ! سموها تفعيل الوحدة الوطنية أو تفعيل نسيج الأمة الواحد أو تفعيل المواطنة، فيأتينا ردهم: {لا دسترة لكوتة الأقباط لأن مبدأ الكوتة مرفوض ولأنها طائفية ومنافية لمبدأ المواطنة}! إنما كوتة المرأة وكوتة الشباب وكوتة العمال والفلاحين محفوظة بالدستور لأنها كوتة غير طائفية و غير منافية لمبدأ المواطنة!، أما القبطي ياولداه فهو الحيطة المايلة والورقة المحترقة دائما في كل المواقف السياسية والثورات والأحداث. هكذا ببساطة تضيع دائما أبسط حقوق الأقباط في كل المواقف لا لشيء سوى أن القبطي في نظر الدولة مازال كائناً ذمياً من الدرجة الثانية، لا مواطناً سوياً ومتساوياً في كافة الحقوق والواجبات !

يدعون الآن نفس كذبة دستور 1923 بأن الأقباط يرفضون الكوتة أو التمثيل النسبي ، فقد زاد الإستئصال القبطي من الحياة السياسية وزادت معه أكاذيبهم بعد ثورة 1952،خصوصاً في عهد السادات و مبارك، والآن يروجون لنفس الكذبة وأن هناك مؤيدين ومعارضين من الأقباط ومجلسهم الملِّي ومن يمثلونهم بلجنة التعديل الدستورية يرفضون الكوتة أو التمثيل الإيجابي النسبي لهمّ! وهكذا يبدو المشهد دائماً لتضيع الحقيقة في النهاية ما بين مؤيد ومعارض. فرغم أن قداسة البابا تواضروس صرح بأن الكنيسة لم ترفض دسترة الكوتة وأنه متمسك بالتمييز النسبى فى القوائم أو الدوائر المغلقة حتى نستطيع من خلالها أن يتم التمثيل الحقيقى للأقباط فى المجتمع السياسى، إلا أن السيدة المستشارة تهاني الجبالي خرجت بعد تصريحه بيومين لتصرح بأن كوتة الأقباط ضد الأمن القومى وفتنة طائفية تخدم أمريكا، وأن هذا التمييز الدستوري سيجعل كل فئة أخرى من فئات المجتمع تطالب بكوتة مماثلة لكوتة الأقباط، في حين أنها لم تجد أي غضاضة في رفضها إلغاء كوتة الـ 50% للعمال والفلاحين بالدستور التي كان قد خصصها الزعيم عبد الناصر وكوتة المرأة والشباب !

خارطة الطريق ودستورها هما ثمار ثورة 30 يونيو التي كان الأقباط في مقدمة صفوفها وكان لهم النصيب الأكبر من الخسارات لكل غالٍ و ثمين وأكثر من تحملوا ممارسات الإسلاميين من قتل وتنكيل وحرق كنائس ونهب بيوت وتهجير أسر مسيحية كاملة، اليوم دولة خارطة الطريق التي من المفترض أنها قاومت الدولة الدينية، تمارس نفس التمييز الطائفي بنفس الإدعاءات، فالإسلوب واحد والفكر الطائفي المتعصب واحد!، وستظل دولة المواطنة مجرد حلماً تحلم به الشعوب التي عانت تحت سطوة الفكر الديني ونظرته المتعالية للأخر.

فمن يرتدون رداء العلمانية لا يعلمون أن التمييز النسبي الإيجابي هو الطريق لإقرار مبدأ الديمقراطية التي لا أساس لها إلا بمبدأ التكافؤ، فبدون تكافؤ لا وجود للديمقراطية المنشودة، والتمييز النسبي الإيجابي معمول به دولياً على مستوى العالم لإعطاء كل ذي حقٍ حقه وليس مطلب فئوي ولا طائفي بل حق أصيل لأنه الطريق السليم لتكريس دولة المواطنة وتثبيتها، حيث سيعتاد المواطن المسلم على إنتخاب المواطن القبطي بعيداً عن أي فكر ديني لتثبيت مفهوم المواطنة في مجتمع عانى الأمرِّين من التمييز الديني والطائفي، فضعف التمثيل البرلماني والسياسي للأقباط سيصب دائماً في مصلحة الفكر الديني المتطرف ويغذيه بإستمرار!
علينا أن ننقي أنفسنا من الداخل من أي كراهية للأخر مهما كان إنتمائه الديني، وأن نعالج الفكر المتعصب والمتعالي الناتج عن ثقافة متطرفة دخيلة على بلدنا، ثقافة إثارة وترديد مصطلحات عنصرية وطائفية لمجرد إرهاب الأخر فكرياً لإسكاته عن المطالبة بأبسط حقوقه في هذا الوطن، من هذه المصطلحات المتعصبة مصطلح «الأقليات»! فالأقباط لا يمكن تصنيفهم تحت هذا المصطلح العنصري لأنهم أصحاب تاريخ و وطن و أرض، ولا يمكن وضعهم في سلة " جيتو" أو في شريحة فئوية منعزلة عن الوطن فهم منتشرين في ربوع الوطن بطوله وعرضه، ولكن النظرة الطائفية للأقباط هي نفس نظرتهم الدونية للمرأة فمازالت المرأة في نظرهم مخلوق درجة ثانية، رغم أنها عددياً تمثل أكثر من نصف المجتمع! إذاً الموضوع ليس له علاقة بأعدادٍ، بل هي نظرة التعالي وثقافية الطائفية المتغلغلة في الفكر المجتمعي، وهي ثقافة معمول بها بطريقة مباشرة وتلقائية ولكنها غير معلنة، رسخها المتطرفون الدينيون في المجتمع على مدار عقود وعقود. ومع هذه الثقافة الدينية وتصاعد الفكر الديني المتنامي للتيارات الإسلامية تضائلت بل إنعدمت فرصة تمثيل القبطي في الحياة السياسية والنيابية والمناصب السيادية كالمحافظين ورؤساء الجامعات وغيرهم، لأن التشريع الديني ينص صراحة أنه لا ولاية لذمي علي مسلم، فهو فكر مُسلَّم به ومتأصل في المجتمع وإن كان يخجل البعض من المجاهرة به على إستحياءٍ، ولكنها الحقيقة التي تؤكدها كل المواقف والأحداث التي يصير القبطي طرف فيها، فمن يتتبع أعداد الأقباط الممثلين في البرلمانات قبل ثورة 1952 يجدهم أكثر بكثير من أعدادهم بعدها، ففي عام 1942 كان البرلمان به أكبر عدد للأقباط وهو 27 قبطياُ من أصل 264 نائباً منتخباً
فثورة 1952 للضباط الأحرار الذين كانوا ينتمي كثيرين منهم لفكر الإخوان المسلمين، كانت بمثابة الفجوة التي عمقت إقصاء الأقباط عن الحياة السياسية والنيابية، مع تنامي الفكر الديني والنزعة الإضطهادية لكل من لا ينتمي إليهم، فالزعيم جمال عبد الناصر رغم أنه أضاف المادة 87 بدستور 1953م والتي تتيح له تعين 10 نواب من بين 360 نائباً فى مجلس الأمة، إلا أنه في برلمان 1957 لم يتم تعيين قبطي واحد مقابل 350 نائباً مسلماً، رغم أن فكرة التعيين الإستثنائي للأقباط بالمجلس من قبل رئيس الجمهورية بها إهانة كبيرة للأقباط ولكرامتهم ولا تحمل أي تمثيل عادل لهم لأنها تحمل ضمنياً شكل من أشكال الجيتو و الإنزواء الطائفي والتخندق الديني في الحياة السياسية، ففي مجلس1995 ترشح 75 قبطيا ولم ينجح منهم قبطي واحد، فعين حسني مبارك 6 أقباط، هكذا لا يحيا القبطي في وطنه خارج القوانين الإستثنائية فقط لمجرد أن يصبح ديكوراً لتجميل وجه النظام القبيح، وهو أسلوب يثير تساؤلات من الدهشة والغرابة أين نحن من الديمقراطية و من العدالة الإجتماعية لكي يمارس القبطي وطنيته وحياته اليومية على الهامش دائماً ؟! فماذا إذاً نتوقع إلا مزيداً من الحقوق المسلوبة ما بين قوانين إستثنائية تستخدمها الدولة بحسب حالتها المزاجية وما بين مجتمع تشبع بفكرٍ جمعي مُصاب بفيروس التعصب ونبذ الأخر؟!

إن كانت دسترة «كوتة الأقباط» بتثير حفيظة أعضاء لجنة الخمسين فلن يختلف الأقباط معهم كثيراً، خلينا نسميها بالتمثيل النسبي الإيجابي و هو أمر «ضروري وحتمي» في هذه المرحلة الإنتقالية، للتوافق الوطني ولتخفيف حِدة نبذ الأخر ولإحداث تغيير جذري لفكر وثقافة المجتمع، فالمجتمع بحاجة لناخب وطني لا لناخب ديني، ليتعلم كيف أن إنتخاب القبطي على أساس المواطنة لا لإقصائه لأنه مسيحي، فبدون التمثيل النسبي لن يصل قبطي واحد للبرلمان وهذا ما يصب مستقبلياً في مصلحة التيارات الإسلامية.
ورغم أن الحلول والبدائل كثيرة لمشاركة الأقباط مشاركة حقيقية بحسب كفاءاتهم في المناصب القيادية و الحياة السياسية والتمثيل النيابي ولكن دائم حُسن النوايا لدى الدولة غير متوفر، وإثارة الشائعات والترويج لأكاذيب هو الحل البديل والأسهل لتشتيت مطالب الأقباط وإخمادها، فنحن كأقباط لن نوافق على دستور طائفي خصوصاً لوضعه المادة 219 التي تكرس لدولة دينية مستقبلية، كذلك عمل على إقصاء الأقباط وتجريدهم من أبسط حقوقهم، خصوصاً لو أقرت فيه لجنة الخمسين «نظام المقاعد الفردية» في الإنتخابات البرلمانية القادمة والتي يكتسحها الإخوان والسلفيين بجدارة لقدرتهم على الحشد على أساس ديني مما يقضي على أي فرصة لخوض الأقباط للترشح على المقاعد الفردية، لأنه في ظل هذا المناخ المشبَّع بالطائفية حتى الثُمالة ويستحيل فيه أن ينجح قبطي واحد كما حدث في غزوة الصناديق لإستفتاء مارس 2011على التعديلات الدستورية، وعلى لجنة الخمسين أن تقر نظام «القوائم الحزبية» و وضع الأقباط على رأس القائمة، أو تقرِّ غلق بعض الدوائر الإنتخابية بالمحافظات على الأقباط فقط لإحداث حالة من التوازن تحت قبة البرلمان. وإلا فعليهم أن يحتاطوا في حالة فشل الدستور بأن يضعوا مادة تضمن عدم الرجوع للعمل بدستور الإخوان السابق، بأن تقر لجنة الخمسين مثلاً الرجوع لدستور1971 وتعديلاته الدستورية، فإن فشل الدستور القادم يكون بهذا قد حققت التيارات الإسلامية هدفها لتصبح ثورة 30 يونيو كأنها لم تكن.



#شريف_خوري_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يقولون أن المرأة نجسة !
- باسم يوسف، انتقد ولا تبتذل
- هل أنزل الله ديانات سماوية بشرائع متفرِّقة ؟
- مِحنة الإسلاميين مع الهوية المصرية ‘‘ أولاً: معضلة القومية ا ...
- لماذا تدعم أمريكا والغرب الإسلام السياسي ؟
- سد النهضة، و سياسة تجويع المصريين
- هل أعلن السيد المسيح عن عقيدة لاهوته ؟
- هل كانت ثورات بريئة.. وماذا بعد السقوط ؟!
- الإسلام وعلاقته بالنُصرانية والمسيحية {1}
- حمادة يقلع .. حكاية تعرية وإغتصاب شعب
- الحاكم بأمره، وشعب البلاك بلوك
- أخي المسلم، أنت لستُ كافراً


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف خوري لطيف - القبطي كائن ساقط قيد دائماً !