الذكاء هل هو صفة ذكورية ؟.

مصطفى الصوفي

الحوار المتمدن-العدد: 4288 - 2013 / 11 / 27 - 16:42
المحور: الطب , والعلوم
    

كل عام نفاجئ بعدد الفتيات المتفوقات دراسيا في اختبارات الثانوية العامة مقارنة بعدد الذكور , قد يضن البعض ان هذا مؤشر على ذكاء عالي للإناث , ومن ثم يستدرك مستغربا عن هذا النقص في المبدعات الاناث مقارنه بالذكور في العالم ! . هذه المشكلة واجهتني شخصيا حينما كنت في الجامعة وسط ثلاث طلاب من الذين يجيدون حفظ النصوص العلمية بصورة تفوقني مئات المرات , انا المسكين الذي لا يجيد الحفظ الا بصعوبة , بالمقابل يجدون انفسهم محرجين امام تفوقي عليهم في صاله العمليات والدروس العملية بصورة عامة .

يعرف الذكاء على انه القدرات العقلية على التحليل وسرعته، والتخطيط، وحل المشكلات، كما يشمل القدرة على التفكير ، وجمع وتنسيق الأفكار، والتقاط اللغات، وسرعة التعلم. كما يتضمن أيضا حسب بعض العلماء؛ القدرة على الإحساس وإبداء المشاعر و فهم مشاعر الآخرين . او القدرة التي يمتلكها الإنسان ويستطيع ان يعبر عنها عن طريق التفكير والنشاط الحركي وان يبتدع شيئاً اخر في شتى مجالات الحياة يخلط الناس أحيانا بين الذكاء و التفوق ، ولكن الصحيح أن الذكاء لا يقتضي التفوق بالضرورة لأنه أمر نسبي يصعب قياسه ، كما أنه تحكمه ظروف الإنسان البيئية والاجتماعية والصحية ، أما التفوق فهو أمر يمكن قياسه بشكل دقيق عن طريق عمل اختبارات قياسية كما يحدث في التعليم ، ولكنه يشترك مع الذكاء في أنه تحكمه ظروف ، والدليل على أن الذكاء لا يقتضي بالضرورة التفوق ، والعكس بالعكس ، هو وجود أناس أذكياء من خلال نجاح أفكارهم واختياراتهم وسرعة بديهتم وتفاعلهم الاجتماعي او عبقريتهم في أي مجال من المجالات ولكنهم غير متفوقين دراسيا أو علميا ، وكذلك وجود أناس متفوقين دراسيا أو علميا ولكنهم غير عباقرة ، من حيث اعتمادهم على حفظ المناهج دون فهم أحيانا ومن ثم الحصول على درجات عالية في الاختبار القياسي لهذا المنهج ، فقوة الذاكرة ليست دليلا على العبقرية .


انواع الذكاء
هنالك أنواع عده لامتحانات قياس درجه الذكاء او ما تسمى ب(IQ) ،لكن هناك الكثيرون ممن يتهمون امتحانات بعدم القدرة على تحديد الأذكياء والأقل ذكاءً , فالنظريات العلمية تؤكد وجود أنواع متعددة من الذكاء وأن هذه الامتحانات لن تتمكن من تحديد عبقريتك في أي مجال.
وتشمل انواع الذكاء :-
الذكاء اللفظي (اللغوي):
هو الحساسية للغة المنطوقة والمكتوبة ،والقدرة على تعلم اللغات ،واستخدامها في التعبير عن النفس وعن الأشياء الأخرى .
يتسم بهذا الذكاء : الكتاب والشعراء ،والمحامون والخطباء .
الذكاء المنطقي (الرياضي) :
هو القدرة على تحليل المشكلات منطقيلا ،وإتمام العمليات الحسابية المعقدة ،والقدرة على التقصي والبحث العلمي ،والتعليل والاستنتاج والتفكير الناقد .
الذكاء الحسي (الحركي ) :
هو القدرة على التنسيق والمواءمة بين حركات الجسم من أجل تحقيق أهداف معينة .
الذكاء التفاعلي (الاجتماعي) :
هو القدرة على فهم دوافع ورغبات الآخرين ،والقدرة على العمل معهم والتأثير فيهم .
عادة ما يتصف بهذا الذكاء :القادة ،والمعلمون ،والمرشدون ،ومندوبوا المبيعات .
الذكاء الذاتي (الفردي) :
هو قدرة الفرد على فهم نفسه ،والتعرف على أحاسيسه ومخاوفه ودوافعه ،ورسم نموذج فعال لشخصيته ،والقدرة على الاستفادة من إمكاناته ومعلوماته في تطوير ذاته .
الذكاء النغمي (الموسيقي) :
هو القدرة على أداء وتأليف وتقدير النغمات والنبرات والتمييز بينها وتقليدها .
الذكاء المكاني (التصوري) :
هو القدرة على تقدير واستخدام المساحات والفراغات المكانية .
الذكاء الحيوي (البيئي) :
هو القدرة على التعايش مع البيئة الطبيعية ،والقدرة على التعرف على الأصناف الطبيعية المختلفة فيها .) اذا اخذنا لاعبين الشطرنج كمثال , فهم أذكياء في نوعين محددين من أنواع الذكاء، المنطقي الرياضي، والذكاء الفراغي.


فلاعب الشطرنج يجد , صعوبة في العزف على آلة موسيقية مثلا , ولن تكون من صفاته الرئيسية هي التواصل مع الآخرين و التعاون معهم بشكل متميز وذكي .
ولأننا لا نستخدم كل أجزاء الدماغ للوصول إلى حل مشكلة ما، وإنما نستخدم الجزء المتخصص في حقل المشكلة بذاتها ، كذلك الذكاء ليس واحدا وإنما متخصص في حقل بعينه لذلك يكون أداء الشخص في الحقول الأخرى ليس على نفس المستوى .
مع أن المفهوم العام السائد عند الناس للذكاء يشمل جميع هذه الأمور وربما يجعلها الناس مرتبطة بقوة الذاكرة، إلا أن علم النفس يدرس الذكاء كميزة سلوكية مستقلة عن الإبداع، والشخصية، والحكمة وحتى قوة الحافظة المتعلقة بالذاكرة .


الفروق بين الجنسين
درَس العلماء المختصين بجراحة المخ والأعصاب الكثير من حالات تشريح وحالات تخطيط المخ عند البشر ذكورا وإناثا ، فوجدوا أن جميع أجزاء المخ متقاربة في الحجم عند كلا الجنسين ، ما عدا جزئين ، وهما الجزء الخاص بالعمليات والحسابات و الجزء الخاص بالمشاعر والأحاسيس ، فالجزء الخاص بالعمليات والحسابات عند الذكور أكبر منه عند الإناث ، أما الجزء الخاص بالمشاعر والأحاسيس فهو عند الإناث أكبر منه عند الذكور ، وبين هذين الجزئين صمّام ينقل الإشارات العصبية حسب الحاجة ، وحجم هذا الصمام عند الإناث أكبر منه عند الذكور ، وقد عزا العلماء هذه الفروقات إلى أن الحاجة التطورية رجل للعمليات والحسابات أكبر من حاجته للمشاعر والأحاسيس ، والعكس صحيح في الغالب عند الأنثى ، وهذا عائد إلى طبيعة تركيب كل منهما ودوره في الحياة ، ولكن هذا الإختلاف أيضا لا يحدد نسبة الذكاء او العبقرية فلا يوجد فارق يذكر بين الذكور والإناث في الذكاء, ولكن الفوارق الفردية بين الذكور أبعد مدى منها بين الإناث فعدد العباقرة أكثر بين الذكور وكذلك عدد ضعاف العقل.

الطبيبة روميزا حسين اليافعي استشاري مُساعد في طب المخ والأعصاب قالت في مقابلةٍ لها في برنامج صباح العربية أنه لا يُوجد مفهومٌ محدد مُتَّفق عليه للذكاء بل يتحدد الذكاء بمعيارين، أحدهما بيولوجي خاص بتكوين قشرة خلايا الدماغ والتجمعات الشبكية العصبية والمعيار الآخر تطبيقي يَعني تجمع مجموعة من القدرات مثل القدرة على الإستيعاب والإستنتاج والحفظ والتذكر والتفكير الإيجابي التي تُعطينا ما يُسمى بالذكاء، كما أنه لا يُشترط أن يَجمع الذكاء جميع جوانب الإبداع الكلي فقد يتميز الشخص بنوعٍ واحد من الذكاء فقط ويكون بمستوى عادي في مجالاتٍ أُخرى.

وتًضيف الطبيبة روميزا أن للعامل الوراثي دورٌ في ظهور الذكاء بحسب الدراسات العلمية التي طُبِّقت على التوائم، ولكن الذكاء الفعلي يبدأ من تغذية الأم الصحيحة أثناء فترة الحمل وعما إذا كانت راضيةً وسعيدةً عن طعم الوجبات التي تتناولها بالإضافةِ إلى أهمية تناول الأم الحامل لحمض الفوليك الذي يُساعد على نمو الجهاز العصبي المركزي للجنين بشكلٍ جيد، وتُعتبر هذه المرحلة هي الأساس الذي يزداد الذكاء فيها حتى سن المراهقة أو إلى عُمر 16 عاماً، ويَتطور الذكاء بالعوامل المحيطة للأطفال من تحقيق الإستقرار الإجتماعي والعاطفي في المنزل، إلى نوعية النشاطات والألعاب التي تُقوِّي أداء الطفل الذهني والإجتماعي.

أما فيما يخص التساؤل المطروح "هل يوجد إختلاف بين ذكاء المرأة والرجل؟!"، فتقول الطبيبة روميزا " أن دماغ الرجل والمرأة متطابقين تشريحياً وتكوينياً، لكن الوصلات البسيطة بين فصيّ الدماغ عند المرأة أسرع من الموجودة في دماغ الرجل، الأمر الذي يجعلها أسرع في الإنفعلات العصبية مثل الفرح والحُزن، وتتميز المرأة بقدرتها على تحليل الأمور واهتمامها بالتفاصيل بينما يلجأ الرجل للتحليل المنطقي الواضح للأمور ويبتعد عن الإنفعلات، ولا يعني ذلك أن أحد الجنسين أذكى من الآخر بل هي مجرد فوارق بسيطة"
لفترة طويلة في التاريخ لم يتم إعطاء المرأة الفرصة في إثبات قدراتها الذهنية وذكاءها في العديد من المجالات أما اليوم، فالبراهين العلمية تؤكد على أن الذكاء لا يعتمد على جنس الإنسان فالفرص متشابهة في الإبداع العقلي والفكري بين الجنسين، ومن أحدث الأخبار في هذا الحقل نذكر ما أعلنه رئيس جامعة هارفارد لورنس سمرز Lawrence Summers في عام 2005 عندما أعلن أن هناك مواصفات جسدية ودماغية تمنع المرأة من الإبداع في العلوم بعكس الرجال.

مما أدى إلى ثورة كبيرة من قبل النساء العاملات في قطاع العلوم ومن قبل مختصين أمثال جو هاندلسمان من جامعة ويسكونسون، الذين أكدوا عدم وجود أية فروق على مستو الجينات أو أية فروق أخرى تدعم أقوال سمرز، مما اضطر رئيس هارفارد للاعتذار عن أقواله.

حقيقة صغيرة معروفة، أن الفتيات في المتوسط ينضجن بمعدل أسرع من الأولاد، والتفوق في ذكاء الذكور لا يظهر حتى يتجاوزون سن البلوغ، لكن عندما يكمل الفتيان والفتيات نضجهم ونموهم. حتى ذلك الوقت، الفتيات هن في المعدل دائماً أكثر نضجاً من الفتيان.

لذلك المقارنة بين الفتيان والفتيات، لنقل، في عمر العاشرة، هو كالمقارنة بين الأولاد في عمر 10 والفتيات في عمر 12 سنة. الأطفال الأكبر عمرا والأكثر نضجا لديهم بالطبع قدرة معرفية أكبر من نظرائهم الأصغر عمرا والأقل نضجا. لذلك إذا ما قارنا بين الفتيان والفتيات في نفس العمر الزمني، فالفتيات في المتوسط هن أذكى من الفتيان. وبعبارة أخرى، الاختلاف الجنسي في درجة النضج يخفي ويغرق الاختلاف الجنسي في الذكاء العام.

اليكم هذا التمثيل الكامل، وباستخدام الأرقام من الدراسة الوطنية لتنمية الطفل في المملكة المتحدة. الدراسة شملت قطاع من السكان [لا عينة] لجميع الأطفال المولودين في بريطانيا [انكلترا، ويلز واسكتلندا] في اسبوع واحد من شهر آذار مارس عام 1958 وكان حجم العينة هو 17.419. ومن ثم تتبعتهم خلال حياتهم لأكثر من نصف قرن. هذه الدراسة تمتلك واحدا من أفضل المقاييس للذكاء العام في جميع بيانات المسح الأرضي. لقد قاموا بقياس الذكاء في عمر السابعة [باستخدام أربعة اختبارات إدراكية مختلفة] وفي عمر الحادية عشرة [باستخدام خمسة اختبارات إدراكية] وفي عمر السادسة عشرة [باستخدام اختبارين ادراكيين مختلفين]. لاحظ أن شريحة الدراسة كانت تحت سن البلوغ بكثير في حالة عمر الـ 7 و 11، ولكن كانوا فوق عمر البلوغ بكثير في حالة عمر السادسة عشرة.

يمكن ملاحظة أن الفتيات وبشكل طفيف [نظراً لحجم العينة الكبير] أكثر ذكاءً من الفتيان في كلا العمرين، في عمر السابعة، متوسط الذكاء للفتيات هو 100.6 بينما متوسط الذكاء للأولاد هو 99.4. في عمر الحادية عشر كان متوسط ذكاء الفتيات هو 100.4 بينما كان المتوسط للفتيان 99.6.

مع ذلك، ينقلب الفرق في الذكاء بين الجنسين في عمر الـ 16 سنة. بعد البلوغ، كان متوسط الذكاء لدى الفتيات 99.2 بينما كان المتوسط لدى الفتيان 100.8. تذكر أن هذه الأرقام تعود إلى نفس الأفراد خلال ثلاث فترات عمرية من حياتهم. [وهذا لا يعني أن الفتيات أصبحن أقل ذكاء بعد البلوغ مطلقا. الذكاء يتم قياسه في كل عمر على حدة. كل ما يعنيه هذا هو أن الفتيات يصبحن أقل ذكاء بالنسبة للفتيان بعد البلوغ].

بسبب معدل النضج السريع لديهن، الفتيات اكثر ذكاء من الأولاد حتى سن البلوغ. ولكن التفوق في الذكاء لدى الفتيان يظهر عندما يصبحون ناضجين بالكامل وأطول من الفتيات.

وفي الختام اقول : ابداع وتفوق اي شخص يعتمد على الكثير من العوامل المختلفة , بعضها وراثي , بيئي .


ملاحظة : المقال عبارة عن تقرير علمي مستند على مقالات علمية منشورة في عدة مواقع عربية وانكليزية من قبل متخصصين في هذا المجال

#مصطفى_الصوفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات