|
تداخل النصوص في القصيدة المعاصرة ..ديوان -الشاعر والشيخ - للشاعر حلمي سالم نموذجا
أماني فؤاد
الحوار المتمدن-العدد: 4289 - 2013 / 11 / 28 - 10:28
المحور:
الادب والفن
تداخل النصوص في القصيدة المعاصرة " الشاعر والشيخ" لحلمي سالم" نموذجاً(1) ****** مقدمه د/ أماني فؤاد أفاد الفنان المعاصر دون شك بالمنجز النقدي والفلسفي الجمالي الحديث فيما يتعلق بظاهرة تداخل النصوص ، واتسعت أمامه الرؤية الفنية النفسية لفهم آليات إبداعه ومنشئها التي يؤلف فيما بينها دون وعي محدد بها كمّا تحيطه علماً بدور العلاقات المتفاعلة بداخل السياق النصي لعمله، إن تعميق واتساع هذه الرؤية الجمالية الفلسفية ، والنقدية النفسية من شأنه أن يوقف الفنان على أبعاد نصه وخلفياته الثقافية التي تتراكم بداخله، وكيف يوظفها ليخلَّق نوعاً من الجماليات التي تضيف حيوات متجددة ومتجذرة في نصه الحديث،ومن شأنه أيضاً أن يجعل الفنان متمكناً من توظيف هذه التقنيات والبراعة في نسجها في ثنايا هيكلة بناء قصيدته ذلك إذا تماست الرؤية التي يقدمها واستدعت تلك التقنية التي تتجادل فيها النصوص وتتعدد الأصوات، وهنا تبرز "الوظيفة الاسترجاعية" للغة التي يتحدث عنها النقاد وهي" التي تستعيد نصاً سابقأ ، لتعيد إنتاجه- مرة أخرى- داخل نص لاحق – وتهدف تلك العملية أساساً إلى استثمار الرصيد التاريخي والعاطفي للنص الأول، وهي في الغالب تتم بهدف توظيف النص السابق لتكليفه بدورٍ ما" (1). تطلق جوليا كريستيفا مصطلح " التناص" في محاضرة لها بعنوان " الكلمة والحوارو الرواية " في ندوة بارت 1966م. لتصف عملية التفاعل في النص والتبادل بداخل النص الواحد، متحدثة عن الكيفية التي يقوم بها النص بقراءة التاريخ والاندماج فيه ، قائلة :" كل نص يتشكَّل " يُبْنَى" من فسيفساء من الاستشهادات. هو : امتصاص " تَسَرُّب" أو تحويل لنصوص أخرى ، وهو فسيفساء من نصوص أخرى أدخلت في النص بتقنيات أخرى". ومن تعريف " كريستفيا" أخذ " بارت" مقولته " إن كل نص هو نسيج من الاقتباسات ، والمرجعيات " الإحالات" ، والأصداء" (3). (1) حلمي سالم : الشاعر والشيخ، دار آفاق القاهرة 2008 (2) عبد العزيز موافي : الرؤية والعبارة، والمجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، 2008م ، (ص348). (3) جوليا كريستفيا : علم النص ترجمة فريد الزاهي ، مراجعة عبد الجليل ناظر ، دار توبقال، المغرب ط1، 1991، ص9.8 – نهلة فيصل : التناصية – النظرية والمنهج ، منشورات كتاب الرياض، السعودية 104، 2002م (ص124). ويعد " التناص" رمزاً جديداً يحرك دينامية الكتابة والقراءة ليكشف عن عمل تقوم به النصوص تسميه كريستيفا " إنتاجية" وتعني : إعادة توزيع اللغة عبر التقاء القارئ بالنص، حيث يختفي المؤلف،ويختفي الموضوع ، وينتج النص نفسه ،ويصبح المولد مولداً عن اللغة " النص " فالنص، معرفة وممارسة ، نتاج وسيرورة ، عمل الكاتب لا يكف عن التفاعل ، ويظهر النتاج عندما يبدأ الكاتب ، أو القارئ في مداعبة الدال ، وعمل الكاتب هنا هو نوع وكم الجناسات، أما عمل القارئ فهو نوع من ابتكار المعاني الجديدة ، والبعيدة، حتى عن قصد المؤلف" فالدال ملك مشاع" كما يقول بارت (2). ولنا أن نشير إلى أن مفهوم " النص" الذي تتناوله الدراسات العربية الحاليةـ مأخوذ من الثقافة الغربية بمعنى" القول المكتفي بذاته، المكتمل في دلالته" والذي تم تثبيته بواسطة الكتابة(2)، فالنص في اللغة العربية بمعنى الظهور وأقصى الشيء وغايات (3). النقد العربي المعاصر لايلتفت إلى هذا المعنى اللغوي لكن يستخدم " مصطلح النص" مأخوذاً عن الغرب ولذا يصبح النص الأدبي هو: " نظام له خصوصيته ومقوماته ، ولكنه ليس بمعزل عن غيره من الأنظمة الأخرى" (4). دائماً ما يخرج النص الأدبي ليعترك ويحاور ويعبر عن تفاعله مع هذه الأنظمة الأخرى الخارجة عنه، فليس هناك نظام واحد قادر على تأطير النص، كما لا يمكن أن يعني النص شيئاً إلا بفضل هذه الأنظمة الخارجية التي يحاورها وتتذبذب العلاقة فيما بينها. ولقد التفت النقاد الغربيون إلى تداخل النصوص بداخل النص الأدبي وأعطوا هذه الظاهرة مسميات متعددة مثل " الحوارية" أو تعدد الأصوات" أو " التضافر" و" الاقتباس" أو "تداخل النصوص" أو " التناص " أو " التحول" في مسمياته الأكثر حداثة ومرت هذه الظاهرة بمراحل ترصد لتطورها النقدي الفلسفي ولأعطائها أبعاداً فكرية وجمالية أكثر تشعباً
(1) مارك إنجيتو : مفهوم التناص ضمن كتاب أصول الخطاب النقدي ، ص102 عن د/ منير سلطان. (2) صلاح فصل : بلاغة الخطاب وعلم النص ، عالم المعرفة ، الكويت ، 1644، ص137. 3- لسان العرب: دار المعارف بمصر / ج6 مادة " ن ص ص". 4- سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد " إشراف": أنظمة العلاقات في اللغة والأدب والثقافة ، شركة دار إلياس ، القاهرة ، الدار البيضاء، ط2 1986، ص18 وتوغلاً في المفاهيم الفلسفية والنفسية والاجتماعية والثقافية بمعناها الأوسع ، وأرى أن النتيجة التي يلخصها تصور " جيني" للتناص شاملة وتستوعب دلالته ووظيفته يقول:" إن التناص هو عمل تحويل وتمثيل عدة نصوص يقوم بها نص مركزي،يحتفظ بزيادة المعنى"(1) لقد تمثلت أول الالتفاتات إلى تداخل النصوص في قول سوسير" 1857-1913م" :" إن سطح النص مكوكب تبنيه وتحركه نصوص أخرى، حتى ولو كانت مجرد كلمة" (2)، ثم يضيف " إليوت" و" لورنس داريل" إلى ذلك تأثير وهيمنة الموروث على الفنان أو المؤلف يقول داريل:" كل الكتابة اقتبستها عن الأحياء والأموات، حتى غدوت أنا نفسي حاشية فوق رسالة لم تنته أبداً ، ولم ترسل أبداً" (3). يتحول الأمر إلى نظرية على يد " باختين" وقوله بعلم " عبر اللسان" Trans- Linguistics ويذكر تودوروف من خلال كتابه" باختين: المبدأ الحواري" (4) الحوارية عند " باختين" يقول :" إن كل خطاب عن قصد أوعن غير قصد يقيم حواراً مع الخطابات السابقة له، الخطابات التي ستأتي يتنبأ بها، ويحدس ردود فعلها". ويلخص عبد العزيز موافي شروط عملية التناص بين النصوص في : التقاطع- التتابع الزمني- التفاعل أو الانصهار. ثم ينتقل الدرس في التناص إلى محاولة تعقب كيفية تكوُّن الاقتباس عند إنجاب النص ، واقتراح صور متابينة من التناص ووضعها تحت الملاحظة لمحاولة رصدها(5) . من علماء البلاغة والنقد من يرى أن مصطلح " التضمين" في التراث العربي قد يحمل معنى التفات
(1) في أصول الخطاب النقدي . تقديم تزفيتان تودوروف،ترجمة المديني ، دار الشئون الثقافية العامة، بغداد 1987م،ص108. (2) لانسون – منهج البحث في تاريخ الأدب ، ضمن كتاب " النقد المنهجي عند العرب" للدكتور محمد مندور ، ط دار نهضة مصر ص402، بدون تاريخ. (3) جابرعصفور : ذاكرة الشعر ، الهيئة العامة للكتاب / مكتبة الأسرة 2002م ، ص 38 وما بعدها. (4) ترجمة فخري صالح ، ط الهيئة العامة لقصور الثقافة ، رقم 14 سنة 1996، سلسلة آفاق الترجمة . (5) دراسة قامت بها الباحثة : آنيك كوزيك بويلاغي بعنوان " الممارسة التناصية" عند مارسيل بروست في روايته بحثاً عن الزمن المفقود ، مجالاً للاقتباس . عن د/ منير سلطان ، التضمين والتناص، ص63 النقد العربي القديم إلى ظاهرة تداخل النصوص في سياقها التاريخي الذي توقف عند حدود معينة. والتضمين في اللغة هو :" المعنى المضمر في اللفظ المذكور " وهو : الجمع بين لفظين متشابهين في الوزن والروىَّ " تضمين الأزدواج"، كما أنه : أن يضمن الفعل معنى فعل آخر فيجري مجراه. والتضمين في العروض : أحد عيوب القوافي الخمسة ، وعند نقاد الشعر يسمى "الاقتضاء" والتضمين يكون في النثر كما هو في الشعر.. والتضمين في الشعر هو : البيت المفتوح، الذي لا يكتمل معناه إلا بالبيت الذي يليه. ويذكر د/ منير سلطان أنه بعد أن رصد بعض النصوص للنقاد العرب القدامى التي تتعلق بوصفهم لظاهرة تداخل النصوص وجد أنهم قصدوا بالتضمين " اقتباس بيت أو أكثر من قصيدة ، وضمه لقصيدة أخرى بغرض الإفادة من شهرته أو براعته أو استيحاء تأثيره النفسي أو الديني أو التاريخي.." (1). لقد التفت النقاد العرب إلى ظاهرة تداخل النصوص في الأدب العربي ورصدوا لهذه الظاهرة رصداً وصفياً وهو " التضمين" أو " الإيداع" أو " الاستعانة" أو" التأسيس" أو "الاقتباس" أو" الرمز" وكلها تدور في فلك التضمين (2). يقول " ابن أبي الإصبع" (654هـ) " التضمين" هو أن يضمن المتكلم كلامه كلمة من بيت، أو من آية، أو من معنى مجرداً من كلام ، أو مثلاً سائراً، أو جملة مفيدة، أو فقرة من حكمة" (3) ويقول القرطاجني (684هـ) : والطريق الثاني إلى اقتباس المعاني منه بسبب زائد على الخيال هو: ما استند منه الفكر إلى كلام جرى في نظم أو نثراً وتاريخ أو حديث أو مثل، فيبحث الخاطر فيما يستند إليه التضمين،فيحيل إلى ذلك أو يضمنه ، أو يدمج الإشارة إليه، أو يورد معناه في عبارة أخرى على جهة القلب، أو نقل إلى مكان
(1) منير سلطان : التضمين والتناص، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2003م ، ص31:21. (2) السابق : ص29. (3) ابن أبي الإصبع : تحريرالتحبير – تحقيق حفني شرف ، ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، 1183هـ ، ص140. أحق به من المكان الذي هو فيه، أو ليزيد فائدة فيتممه، أو يتمم به ، أو يحسن العبارة خاصة أو يصير المنثور منظوماً أو المنظوم منثوراً خاصة ، فأما من لا في يقصد ذلك إلا الارتفاق بالمعنى خاصة من غير تأثير من هذه التأثيرات فإنه البكى الطبع في هذه الصناعة الحقيقة بالإقلاع عنها. وإراحة خاطره مما لايجدى عليه غير المذمة والتعب" (1) يرى د/ منير سلطان أن إسهام النقاد العرب قد توقف عند حدود الجزئيات في النص الأدبي" الكلمة ، الجملة ، الجمل" وكان رصد العرب لظاهرة التضمين وصفياً بينما نظر الغرب إلى ذات الظاهرة نظراً لغوياً تحليليا، كما أن التضمين العربي لا يتعدى النص الأدبي، بينما انطلق التناص الغربي إلى مختلف العلوم والفنون يتكىء على ما يساعده منها على بلوغ الغاية، ومارس العرب مع التضمين تطوراً أفقياً ، بينما كان التناص الغربي أفقياً ورأسياً ، في المصطلح وفي المضمون ، وانتقل إلى الأعماق ، أعماق النص والفنان والقارئ من خلال مفاهيم ثقافية متعددة (2). ويرى أن ما بين التضمين العربي والتناص الغربي فروق، لكنها ليست تضاداً. والتناص في النقد الأدبي الحديث يقفز من وجود نصٍ ما، أو ظلال له بداخل نص آخر إلى التفاعل بين النصوص في حالة من الانصهار بين النصوص المتغايرة، والمحاورات القائمة، فيما بينها بغرض التعضيد أو الاختلاف ، ثم الانتقال من دائرة النص المكوّن بعد تفاعلاته إلى دوائر النصوص الأدبية الأخرى ، ثم التفاعل مع نصوص غير أدبية كالتاريخ والمجتمع والأخلاق والحضارة. وهكذا إلى وصف حالة التفاعل بين دوائر الوجود بمعناها الأشمل. من هذا المنطلق اخترت ديوان " الشاعر والشيخ" للشاعر حلمي سالم ليكون نموذجاً لتقنية تداخل النصوص في القصيدة المعاصرة لعدة أسباب:- (1) ثبت أن هناك إرادة نصية واعية من منتج النص ، فعملية " التناص" معلنة وهي ملمح واضح ومميز للديوان خاصة مع القرآن والنصوص المقـــدسة الأولى ، كـــما أن (1) حازم القرطاجني : منهاج البلغاء وسراج الأدباء ، تحقيق محمد الحبيب / إبن خوجة ، تونس ، 1966م ، (ص39 ). (2) منير سلطان : التضمين والتناص ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2003م (ص69).
التناص في هذا الديوان يتجادل مع كل الموروث الثقافي حتى اللحظة الراهنة بكافة جوانبه. (2) اتخذ الشاعر من تقنية التناص هيكلة بنائية لنصه على مستويات متعددة ، ولقد لجأ لهذه التقنية واعتمد عليها في شعرية الديوان انطلاقاً من استخدام نفس لغة الطرف الآخر "الشيخ " وعدته ومرجعياته لفهم وتفسير هذه الحياة، فهو من خلال اللغة التي يجيدها الشيوخ ، ولا يتطلعون لسواها تتشكل أداته متفاعلاً معها على مستويات ومحاور متعددة، ولقد صدر هذا الديوان بعد أن واجه الشاعر موقفاً عصيباً حين أُتهم في دينه وعقيدته من قبل أحد الشيوخ الذي يمثل طائفة كبيرة من هؤلاء الشيوخ وطريقتهم في معاملة الفن من منظور ضيق قاهر لا يلتفت إلى طبيعة الفن وما يتيحه من انطلاق إلى عالم الخيال والتعبيرات كما يشي موقفهم بعدم إدراكهم للعلاقات المجازية والرمزية وماعاداها من تقنيات تتيح براحاً تأويلياً يتحرك فيه الشاعر، كما يشي بعدم إلمامهم بطبيعة الشعر وكونه مجاوزة ومغامرة دوماً تجاه المستحيل، وحملة لدور تنويري تحديثي يفر من كل قيد أو نص مغلق . تعرض الشاعر للمساءلة والتكفير وسحبت جائزته بعد أن منحت له. في المقابل كان للشاعر موقف مشرف فهو لم يلجأ إلى التقية، ولم ينسحب من المعركة بل أصدر هذا الديوان ليواجه الفكر الانغلاقي الأصولي الجامد بالفن مرة ثانية، و لذا صدر ديوان " الشاعر والشيخ" معتمداً على الحوار ، مستنداً إلي النصوص الدينية والتراثية واللغة التي يجيدها هؤلاء الشيوخ ، كان صدور الديوان بناءً يحاور فهمهم للآيات القرآنية ، ويطرح لنفس ذات الآيات تأويلات أخرى أكثر استنارة بمنطق الفن والشعر. في هذا الديوان يحارب الشاعر حلمي سالم عودة أنماط التفكير التي تنتمي للعصور الوسطى على يد تيار الإسلام السياسي وبمساعدة غير مباشرة من المثقفين المنعزلين عن القضايا الجوهرية لشعوبهم والمسكونين بهاجس الخوف من الكهانة الجديدة هروباً من مواجهات فكرية حقيقية. (3) تداخل النصوص في هذا الديوان يتم بين النص الشعري والنصوص المقدسة والتراثية على المستوى الظاهري ، لكنها في حقيقة الأمر حوارية بين النص وفهم الشيوخ الجامد البعيد عن الاستنارة لهذه الآيات، وحجرهم على تأويلاتها المتعددة الأكثر إنسانية وحرية، يقول الشاعر" لكن القصيدة أعلى من انكشارية الوحي المقدس " (ص28). يتعامل الشاعر مع الآيات القرآنية المقدسة بحسبانها نصاً يجنح إلى الانفجار كما يقول "بارت" (1) فالشاعر يرى النصوص المقدسة بلا إطار، تتميز بالفاعلية والحركة، مفتوحة على عدد لا نهائي من الدلالات والمضامين، من هذا المنطلق يتعامل الشاعر مع تداخل النصوص بداخل قصيدته من مفهوم الجدلية الفكرية، حوار فكرة مع أخرى باستيحاء مردودها النفسي أو الفكري وبالسخرية من تجميد الآخرين لها وفتح مجالات دلالية بالمخالفة مع فهم بعضهم لها، ويذكر تيري إيجلتون:" كل النصوص الأدبية محكية من نصوص أدبية أخرى، ليس بالمعنى العرفي الذي مفاده أنها تحمل آثاراً منها وإنما بالمعنى الأشد جذرية ، والذي يعني أن كل كلمة أو عبارة أو مقطع ، وهو إعادة تشغيل لكتابات أخرى ، سبقت العمل الفردي أو أحاطت به"(2) . (4) يتشكل مستوى التناص في هذا الديوان مركباً وعلى محاور متعددة ، يوظف الشاعر أكثر من نص في تفاعل وحوار ومجادلة في معنى أو سطر شعري واحد ، وتتراكب عنده التناصات في الجملة الشعرية الواحدة ، كما أن التناص يتم على محاور متعددة بدءاً من اللفظة الواحدة إلى التعبيرات والجمل إلى الصور والمجاز إلى الموسيقى وهكذا. ويفرق النقاد بين التناص في الشعر والنثر يقول عبد العزيز موافي:" ونحن نتصور أنه إذا كانت إرادة التناص المؤسسة على وعي منتج النص النثري تحاول الإستدعاء من رصيده التاريخي والعاطفي داخل ذاكرة التلقي ، فإن نفس الإرادة لدى منتج النص الشعري تحاول إعادة إنتاج الطاقة الدلالية للنص " الحال" ، بهدف إحداث نوع من الانعكاس الدلالي له، وهذه الإرادة التناصية تسير في اتجاهين،قد يفترقان ظاهرياً، لكنها يلتقيان سرا عند حدودٍ المفاجأة" (3) . وهنا يذكر الأستاذ عبد العزيز موافي حالتين في تعامل الشاعر مع النصوص التي يحاورها. 1- استدعاء النص بعد تفريغه من رصيده الدلالي والتاريخي، كي يعيد شحنه بطاقة دلالية جديدة، وهي عادة ما تكون نقيضة لهذا الرصد. (1) صبري حافظ : مجلة ألف ، صيف 1981 (2) عن عبد الرحمن القعود : الإبهام في شعر الحداثة ، عالم المعرفة ، الكويت 2002، ص25. (3) عبد العزيز موافي : الرؤية والعبارة ، (ص355،354).
2- استخدام النص بكل رصيده الدلالي والتاريخي بعد أن يجرده من الرمز التاريخي المدلول،كي يربطه برمز آخر قد يكون نقيضاً له. ويتكون ديوان " الشاعر والشيخ" من ثلاث وعشرين قصيدة يجمعها – على تنوعاتها- خيط درامي وفكري واحد حتى يمكننا أن نعد الديوان نصاً واحداً تتشكل محاوره من ثلاثة أضلاع :- (3) الشاعر الشيخ (2) مصر(3) (1) الشاعر وما يمثله من قيم الحرية والإبداع ومن هم على طريقه. (2) التزاوج غير الشرعي بين الممارسات الدينية القمعية والرجعية ، وبين السلطات السياسية والاقتصادية الفاسدة والآلة الأمنية الغاشمة التي تحميهم ومعهم فئات من المثقفين الصامتين المتخاذلين عن قيم الحرية والإبداع. (3) مصر هذا البلد العريق ، صاحبة الحضارات المتتابعة ، التي يحلم لها الشاعر بالكثير، لذا يوظف الشاعر في هذا الديوان كل الموروث الثقافي بكافة أشكاله ونصوصه ليعرض صور التعدي والتعتيم و القهر والفساد على هذا المجتمع المصري العريق ، كما يعرض للتحالفات غير الشرعية وغير الجائزة التي تمت بين الأطراف المنوط بهم دفع الحياة بمصر ، يقول الشاعر :" لماذا تقدم سيدة القطارات كردانها لمنشد زنديق؟/ لأن الطبيعة أذكى من بني آدم./ عندئذ ، تنقسم الموجودات والمواجيد/ الأفراس الجامحة في ضفة وأهل " ها هنا قاعدون" في ضفة/ وبين الضفتين الرجم والبلاغات والسيوف/ وَشُّي جلد زرياب سبعين شية.(ص16). سيدة القطارات بالطبع هي الحياة التي تتجدد كل لحظة ، والتي هي دوماً دفعاً للمستقبل، تهدي الحياة حليها وسرها للشاعر في مواجهة الراكدين :" أهل ها هنا قاعدون" اللذين تكلسوا وصاروا أصناماً. يقول :" جثم على القبة محتسبون/يكتسبون الدينار من القهر، ومن حب الناس لخالقهم يكتسبون / وليس يؤرقهم جوع الجوعان،/ وليس يؤرقهم محتكر الصلب ومحتكر العمران،/ وليس يؤرقهم موت الشبان على شطآن البلدان،/ ولكن في وجه النبض الحر يهبون./ في أيديهم طاسات القطران الأسود،/ فيجولون يرشون القطران الأسود في وجه المارة ويصبون / إن سرق السفاحون الشعب فلا جرم،/ ولكن إن قبّل محبوب محبوبته ينتفضون وينتصبون / وينتسب السلطان الجائر لعمامتهم ، وهمو للسلطان الجائر ينتسبون/ مكتب توكيلات لله على الأرض،/ وربُ الدنيا ليس له في الدنيا سمسار/ أو بيع وشراء وعمولات وزبون جثم على القبة محتسبون"(ص 48،47). يعد هذا الديوان كتابة شعرية تكتب بالمجتمع المصري وصراعاته بجوانبه الثقافية المتنوعة لترصد حال المصريين في لحظتهم الراهنة ، ولذا أطلق الشاعر على ديوانه اسم " الشاعر والشيخ" النقضين في مواجهة فكرية مجتمعية. لقد مثَّل ديوان الشاعر والشيخ شعرية " التعالي النصي" وهو كما يعرفه جيرار جينيت " كل ما يجعل النص في علاقة ظاهرة أو خفية مع نصوص أخرى" (1) أو هو تجاوز نصي للنص . لقد أقام " حلمي سالم" علاقات نصية نقدية بين النصوص التي تداخلت في عمله وأقام لها معمارية لغوية وموسيقية وتصويرية مجازية تجعلها في خطوط متقاطعة مع أطراف الصراع لهذا الديوان، لقد استخدم نفس أدواتهم ونفس لغتهم، وطرق تعبيرهم ، ومجازاتهم ، وموسيقى أدائهم الكهنوتية، التي تميل إلى أساليب السحر والشعوذة ، وتغييب الفكر المنطقي المنفتح، ليعبر عن أفكارهم ومعتقداتهم وقراءتهم الحرفية للخطاب الديني، في مواجهة ساخرة مع رؤيته وطريقته في فهم هذا العالم بكل قيمه المتعالية السمحة الحرة التي ينتصر لها الشاعر ، وفي إصرار على المواصلة ، وتأكيد على أنه ليس باستطاعة أحد أن يثنيه عن دوره ، والإسهام والتعبير عن رؤيته لهذه الحياة يقول :" سأكتب النص بأسناني على لوح الكتف./ سأكتب النص بأسناني على عصعوصه ./ لماذا يظل الجمر حياً طوال طوفان ؟/. لأن الأشجار موهوبة" (ص16). (1) جيرار جينت : مدخل لجامع النص – ترجمة عبد الرحمن أيوب ، دار توبقال، المغرب/ ط2، 1986، (ص90). ويسائل الشاعر مصر أو بنت الأكرمين أو الست هانم :" ألم ترى أن الحراس تواطاؤا مع لصوص مجوهرات / الكتابيين ؟/ ألم تلاحظي أن اللحى جزءٌ من بورصة البيزنس؟/ الكل يشهر آية أو سورة / فيجيؤنا رعبُ الليالي زاحفاً،/ بجواره القتلُ المقدّسُ زاحفُ / لا يعرف المطعونُ مصدر زخة الطعنات: / هل من " فاطر"، أم من " تبارك" أم تُرى من سورة "الحجرات"؟ والسيفُ الظمئُ هو الوحيدُ: العارفُ" (ص68) ويضن الشاعر بمصر معشوقته ،صاحبة الحضارات بهذا المصير وما يتعاقب عليها من أزمات ويستحثها " فأهدمي كلَّ آيل لكي يشرق البناءُ" (ص66). يستنهض الشاعر مصر يناديها، بعرض عشقه وولهه يقول :" أريد أن أركز على طريقتك في العزف/ أريد أن أستحم في الذهب المصهور الذي بين فرعيك/ يسيل / أريد أن أدقق في درجة أحمر الشفتين ،/ لكي أرفع يدي ضارعاً: اسم النبي حارس" (ص92،91). كأنه يريد فرصة إبداع حقيقية ، حرية أن يتغنى وأن تميز إضافته أن يعشق بطريقته ، أن يعطي وطنه وأرضه ما يجعله يتألق له وبه دون قمع أو محاكمات أو ترهيب وإهدار دماء، أن لا تستهلك حياته في حروب تشغله عن إبداعه الحقيقي الذي به تصبح الحياة أجمل وأكثر أحتمالاً. ولطبيعة ديوان " الشاعر والشيخ " الخاصة ، ولكونه حواراً بين التوجهات المختلفة التي تتصارع المجتمع المصري في اللحظة الراهنة، كما أنه- كما ذكرت سابقاً- صراع درامي بين قوى الحرية والإبداع والفن بكل مجاوزاته وتطلاعاته إلى الآقاق المفتوحة، وبين قوى الرجعية والانغلاق والفهم المحدود غير المعاصر للنصوص الدينية ، في حالة تحالفاتها مع قوى السلطة ، ومخالبها الأمنية شديدة الدموية، مع قوى رأس المال التي تجنح إلى الفساد والأطماع غير المحدودة ، مع فئات واسعة من المثقفين المدجنين الذين غلبوا أمنهم ومصالحهم المادية ، وكانوا أبواقاً لهذه التحالفات، يصمتون تجاهها، أو يحسنون ويسوغون ويبررون أفعالها ، من هذا المنطلق الدرامي الواسع كانت التفاعلات النصية في أوسع صورها ، حتى إنه شملت كل الكيانات المجتمعية كما أحاطت بكل المجالات الثقافية التي تشكَّل هيكلة وتكوين المجتمع المصري في لحظته التاريخية الآنية، وما مر عليه من تعاقبات تاريخية سابقة. إن استخدام هذا الفعل الحواري خلَّق رؤية الشاعر الشخصية وسمته الفنية الخاصة ، وأوجد علاقات دلالية شديدة العمق والثراء فهو تارة ساخر من الفكر الانغلاقي ، وتارة يتوسل ويعضد نصه بأفكار ونصوص الآخرين اللذين يتفقون معه في الرؤية والسعي إلى الحرية. فنص " الشاعر والشيخ" لحلمي سالم له خصيصة علائقية ، فهو عبارة عن شبكة من العلاقات التي تنمو بين مكونات ثقافية موروثة ومعايشة سمتها الأساسية أن كلاً منها يمكن أن يقع في سياق آخر دون أن يكون شعرياً،لكنه في السياق الذي صنعه حلمي سالم وفي شبكة العلاقات التي نسج خيوطها ، وفي حركته المتجاذبة المتواشجة مع المكونات المجتمعية الثقافية الدينية والسياسية والاجتماعية ، يخلق شاعرية هذا الديوان. ولقد تنوع تعامل الشاعر " حلمي سالم" مع نصوصه المستدعاة إلى نصه الأم ، فكان هناك تناصات حرفية واضحة، واقتباسات بالإيحاء، وما بينهما من درجات صنفتها بالتناص بالاستشهاد، والتناص بالانتحال، والتناص بالإحالة، والتناص بالإيحاء(*) مع ملاحظة أن هذا التقسيم متداخل بعضه في الآخر لكنها ضرورة الدراسة ورغبة في مزيد من الإيضاح. ** التناص بالاستشهاد: وهو اقتباس حرفي واضح ، يلجاً إليه الفنان لأسباب متعددة ومتغايرة، ويتحدد ذلك بموضعة،ومكان تداخله في النص، وهو عادة ما يأتي من أجل الاتفاق أو الانعكاس الدلالي. يقول الشاعر مستدعياً أحد أهم أفلام السينما المصرية :" وعندما استراح الكفُ في الكفِّ،/ كان حمدي غيث يتمتم :/ كل حلفائك خانوك ياريتشارد ؟ تساءلت : مالذي يطير فوق هامتي؟ / أجاب : مصحف عثمان والبحارة المجرحون." (ص8). قام " حمدي غيث" بدور ريتشارد في فيلم صلاح الدين الأيوبي ليوسف شاهين وقال هذه المقولة حين اكتشف خيانة كل حلفائه الأوربيين ووجد نفسه وحيداً يصارع عالم تهاوى من حوله فيه، وقد كان يطلب منهم تعضداً وتأييداً ، يستدعي الشاعر هذا المشهد حين تعرض لموقف محاكمته والأدعاء عليه من أحد الشيوخ ، ووجد بعض من حوله وقد تخلوا عنه. ما يدعو إلى الالتفات هنا أن بين النصوص المتداخلة مع النص الأصلي أو"النص الأم" عادة ما تتضح فجوات ، وهنا يحتاج النص إلى متلق مثقف ، ملم بالأحداث والقضايا والفنون على أنواعها ، على المتلقي هنا دور إبداعي يتضح في تخيله الخاص لملء هذه الفجوات.
(*) استعنت بتصرف بتقسيم الباحثة " آتيك كوزيك بويلاغي" لأنواع التناص التي سبق أن أشرت إليها.
يسخر الشاعر في قصيدته البقع الزرقاء من فوضى الفتوى وعدم معقوليتها ، وانتفائها مع العقل البشري، ويعجب من الأحكام التي يطلقها طائفة من شيوخ لا يتواءمون مع التحديث، ويفتون بأحكام تعطل الأذهان وتثير بلبلة في المجتمع المصري، بل تأخذه إلى مهاترات وتعود به إلى الوراء، يقول في تناص مع قضايا المجتمع التي تثار بين الحين والآخر " رد الحكيم : ضعي بول النبيين في ماعون من فضة وارشفي إلى درجة السكر ، ثم طوفي بالماعون على الظامئين كي / يرشفوا إلى درجة السكر، ثم رشي من الماعون على أعواد القمح حتى تتطوح الأعواد، فإذا انتشيت وانتشى الظامئون/ وانتشى القمح، حلت البركات على السيدة التي تغسل / الكلية مرتين/ وغدت كالمهرة الحرون" (ص72). يلعب الشاعر على الجانب النفسي لمتلقيه، يقدم له نصه منخرطاً مجدولاً بوقائع ما يثار في مجتمعه، والقضايا الخلافية التي يثيرها بعض الشيوخ، وتتنافى مع كل منطق لتطور الحياة، فيقدم له الصورة المؤسفة التي يواجها المجتمع ليسيثير عقله ومواقفه تجاهها.(*) في قصيدته أسماء مستعارة ينتصر الشاعر لكل الجماعات التي ينتمي إليها في تناص استشهادي واضح الدلالة ، كل المجموعات التي لم تركن لمنجز قبلي ، واجتهدت أن تجد إضافة تفسر بها الوجود ، وتعلى من شأن قدرتها على التفكير ، فإخوان الصفا عند شاعرنا: حديقة الأندلس ، والمعتزلة : الشهاب المؤرق ، والسيرياليون : علم الرياضيات . يغازل الشاعر بهذه التداخلات النصية الفهم المجاور التعضيدي الذي يسطع بعقل قارئه. ثم يدير الشاعر فيلماً لتاريخ مصر ، يعرض فيه كل حالات القمع وقهر المجددين والمختلفين مع السلطات دينية ، أو سياسية ، لقطات سريعة يعرض على " أخت مصر" لسان الخطيئة مقطوعاً بسيف الفاروق ، الحلاج مصلوباً/ بينما يقطر الورد من أطرافه ، رءوس المماليك طائرة من القلعة للمقطم كالنورس الحّر / اليساريون في الواحات يبنون مسرحاً ويزرعون الفجل ، سكينة ورقية ومحفوظ، أبو زيد يحاضر الطلاب في هولندا" (ص91).
* أنظر أيضاً مقال للدكتور : كمال مغيث بعنوان الشيخ والاستاد" في جريدة المصري اليوم تاريخ 27/1/2009، ص13. يقدم الشاعر تناصاً استشهادياً واضحاً تتخلله فجوات كبيرة ومتنوعة على المتلقى بقناعاته وخلفياته الثقافية أن يحشدها بالأحداث التي تترابط في ذهن الشاعر والقارئ المثقف الواعي الذي يدرك أن شاعره يؤثث القصيدة بالموجود ، بما مر من تاريخ ، لا بالوهمي أو بالغامض أو المتخيل أو الغريب ، ثم صهر هذه المداخلات النصية في النص الحالي. استخدم الشاعر حلمي سالم التداخل النصي مع آيات القرآن الكريم لأغراض متعددة ومتباينة ، لكنه دوماً يسعى لاستثمارها على وجهين أو أكثر فهو من جهة يقفز بجرأة إلى عالم هؤلاء الشيوخ ، ومن جهة أخرى يعيد شحن هذه الآيات بطاقة دلالية جديدة ومغايرة ومتمردة ، يقول الشاعر في قصيدته المسرح الروماني مخاطباً مصر :" أنت التي رأيت على أصابعها رفرفات سورة مريم :/ فعلى الخنصر : لم أكلم اليوم َ إنسَّياً ./ وعلى البنصر : لم أكُ بغياً ./ وعلى الوسطى : يسّاقط رُطباً جنياً . وعلى السبابة : ليتني متُّ قبل هذا وكنتُ نسياً منسياً. وعلى الإبهام : سلامٌ علىَّ يومَ أُولدُ ويومَ أموتُ ويومَ أُبعثُ حيا."(ص66). كأن مصر هي مريم ، وكأن تاريخها وما مر بهامن أحداث مزلزلة متعاقبة، يجعلها تصرخ قائلة - أو هكذا يسمعها الشاعر – ليتني مت قبل أن أرى هذه الردة الحضارية . يقدم الشاعر هنا مزجاً وغزلاً مضفوراً توافقياً مع سيرة السيدة مريم ،كما يغازل هذه الشحنات العاطفية المختزنة لدى المتلقي الخاصة بمريم البتول، ثم يأخذ هذه السردية المقدسة ، ويصنع لها صياغة فلكلورية " تقسيمها على الأصابع" لينسحب بها إلى ما آل إليه حال مصر الجميلة. ويشير" ديلنباخ" في مجلة" الشعرية" إلى التميز بين التفاعل الخارجي والتفاعل النصي الداخلي ، أو ماسماه بالتفاعل النصي العام، والتفاعل النصي المقيد، ويقصد بالعام علاقة نص الكاتب بنصوص غيره من المبدعين ، وبالمقيد علاقة نص الكاتب بنصوصه الخاصـة بعضها وبعض (1) في أكثر من موضوع يحاور حلمي سالم أعماله الشعرية السابقة في هذا الديوان ، وأركز هنا على العمل الذي تسبب في الأزمة التي مرت به مع هذا الفكر الانغلاقي، ففي قصيدته " شرح شرفة ليلى مراد" يصنع تناصاً مع قصيدته السابقة ويقدم خطة أسماء بديلة ، شفرات حتى لايعرفها جواسيس الحاكمية، كما يقدم في هذه القصيدة معاني مفردات القصيدة السابقة، وتحليل المضمون ، ونشيد توضيحي ، وفي هذا النص الشعري يبــدو (1) نهلة فيصل : التناصية ، النظرية و المنهج ، (ص142، 144). ساخراً من الفهم القاصر الظلامي الذي يسيطر على عقول البعض ، كما يبدو متمرداً، صارخاً في وجه من يدعون التدين والرحمة وهم غلاظ القلوب يقول :" ما النذير؟ / سيَّافون يذبحون الأطفال باسم الله الرحمن الرحيم .. اقتلوهم حيثُ ثقفتموهم " (ص79،80). في حركة ثبات فني يواجه الشاعر منتقدية ، متخذاً الفن أداةً ومنطلقاً، موضحاً لانطلاق رؤاه لهذه الحياة فيقول عن الفتى أو عن نفسه:" بينما الفتاة التي عاينت تدحرج الطبقات،/لم تخمن أن الفتى الذي رأى الله اشتقاقاً من خُضرة الزرع / سيفُضُّ عنها ثوبها الأسود" (ص57). يقول الشاعر في قصيدة الدراويش :" أتت فتاة من " سراب التريكو" تحمل الأقداح من حفلة الرقص ، مكسورة بفعل لعاب شلة الأنس. أتت فتاة من "الغرام المسلح" معلقة في ذراع المنورين، ومدهوسة/ تحت خيول الحملة الفرنسية. وأتت فتاة من "مدائح جلطة المخ" تصنع العناب المثلج حتى يتبخر الشلل النصفي من جسد الشعراء" (ص94). أتصور أن الشاعرقد استحضر هذا التناص المقيد في قصيدته ليعرض تاريخه الفني الذي من خلاله عَرف كيف يعشق إبداعه، وقضاياه ، ووطنه، وكيف انتصر لقيم الحب والفرحة والحرية ، ويشير الشاعر إلى جذوره الفنية فهو ليس ظاهرة سطحية عابرة، يمكن لصراع ظلامي أن يشكك فيها أو ينال منها. ** التناص بالإحالة: هو اقتباس حرفي يحيل إلى اسم علم أو رموز معاملات بين البشر ، أو رموز ثقافية لكثير من أسماء الأعلام التي يأتي وراءها مدلولات خاصة، تاريخ وإنجازات ، أحداث وإضافات نبوغ وأعمال فنية تمثل علاقات في الحضارات العالمية ، تذكر تلك الأسماء ليستدعي النص أثرها وتاريخها وما أضافته الثقافة العالمية، كل اسم يستحضر دوره وصنيعه وقصته ، ولذا يحمَّل النص بظلاله وإسقاطاته وأثر وجوده على نفس القارئ ، كما أنه لون من الاستدعاء . في إيجاز. يقول حلمي سالم :" طافت سنوسات على الدور / فقال حي بن يقظان:/الصباح مُشتق من خطاك فوق الأرض والضلوع" (ص5)، يستدعي اسم حي بن يقظان معنى المعرفة الإنسانية للكون بالفطرة والعقل، بالاستبصار الإنساني الجميل، الذي يتعرف على الكون بالملاحظة وإعمال العقل والحدس ولذا فهو يقترب من روح الشعر دون قيد أو مرجعية. في قصيدته لجنة السياسات يقول :" فتح المعممون المزاد/ ألا أونا : مكتب الشاعر الذي يخط عليه مكائد الدهريين، ألا دُووّي : مقعد الشاعر الذي يستريح عليه وهو يقرأ "اللزوميات" / ألا ترى: سرير الشاعر الذي تجيؤه عليه أحلامُ ثورة الفقراء."(ص24،23). يضفر الشاعر هنا مجموعة من التفاعلات والحوارات النصية المركبة فهو يستخدم مفردات المزادات والبيع مع المجردات والأشياء التي ليست للبيع ، والتي تزعج تلك الطائفة ضيقة الأفق ، كما أنه يحيل إلى نوع من الممارسة المرفوضة التي تتنافى مع طبيعة الشاعر والفن، وفي تناص بالاستشهاد يتقاطع مع نصه الشعري " الدهريين" " اللزوميات " "أحلام ثورة الفقراء." في قصيدته وزارة العدل يصنع تناصاً يبرز فيه نظرته إلى مفهوم الربوبية ، كما يبرز أجمل ما في السور القرآنية يقول:" وإذا مضينا إلى المحلفين هاتي معكِ اسكتش الفردوس،/ كبرهان على أن الله ملكية على المشاع، وأن الحب سورة مكية" (ص21). لا يكتفي الشاعر في تشكيل معمار هذا الديوان باللغة التراثية غير المتداولة، ذات الموسيقى الكهنوتية التي تصنع ما يشبه سحابة محذر تنويمي يعطل العقل الإنساني ، بل يتعرض أيضاً لمفردات اعتقادات وإيمان وقناعة هذه الطائفة من الشيوخ غير المستنيرة ولذا تتقاطع قصيدته مع السحر والتعاويذ وممارسات وأقوال ولغة السحرة والرجم بالغيب ، والودع وما إلى ذلك ، يقول في قصيدته قائد الأوركسترا": " سر التعاويذ باتع/ صدقي الودع/ ستهرب الشياطين من غرفة الطعام،/ ستهرب الشياطين من سرير الأم،/ ستهرب الشياطين من دورة المياه./ صدقي الودع / والبسي الثوب المزركش الذي اشتراه الأقربون./ ليس ثَمَّ من عقدة/ سوى الطحالب التي في قعر الأدباء/ وقطاع الطريق،" (ص50،49).، لم يبالغ الشاعر وهو يعرض لأسلوب تناولهم لمفردات الحياة وكيف يواجهونها لذا يكتظ نصه بهذه التداخلات لنعرف عالمهم الرجعي. يقول الشاعر" هاتي كتاب " النبيّ" كدليل على عذوبة المسيح" (ص59) كما يحيل المبدع إلى الكتب المقدسة في قوله :" ثمة شفتان:/ على الشفة العليا تمتمة من إنجيل ،/ وعلى الشفة السفلى تمتمة من قرآن" (ص58). في قصيدته صندوق الدنيا يقول :" تستيقظ المدائن من سباتها: تجىء الإسماعلية تجر خلفها محمد عيسى القيري يدحرج المانجو على بقايا الدبابات. وتجئ بور سعيد تجر خلفها قاسم مسعد عليوه يشوي سمكاً عند أقدام ديليسبس. وتجئ السويس تجر وراءها أمينة زيدان وهي تبحث عن الفتى اليوناني "(ص38،37). في هذه النصوص المتداخلة ، والأصوات المتعددة ، نوع من العرض البانورامي لواقع المجتمع الذي نعيشه ، هذا التنوع القادر على كسر الرتابة عند المتلقي خاصة وأن موضوع قصائد الديوان قضية واحدة غير متغيرة ، هذا التعدد يجدد النشاط العقلي عند المتلقي ويدفع الملل، فالتناصات هنا متغايرة ، كتب وأسماء وأماكن ورحلات بحث متابينة، فالشاعر يقدم حياة كاملة لمجتمع واسع بكل ما يتتابع عليه من متغيرات. ** التناص بالإيحاء: وهو اقتباس غير حرفي وغير واضح. يقول حلمي سالم واصفاً تأثير وهيمنة الشيوخ على الإنسان المصري :" زحفت على الروح العمائم / أشباحها بَخُّوا على الورد السُّخام،/ وعند باب بيوتنا بخُّوا السخائم / يتألفون على الخراب ويزهرون مع الهزائم/ يدهم ترش البؤس هطالاً/ فيغدو البؤس فوق رءوس أهل الدار حوّاماً، وحائم .. حيث انكسار الروح ديموم ، ودوام ، ودائم/ متمرنون على اصطياد الأغنيات، مدربون على الجرائم / زحفت على الروح العمائم".(ص17). يستحضر الشاعر الجمل الموزونة المقسمة والمسجوعة ، في موسيقى خاصة توحي بطريقة تعامل واستخدام الشيوخ للغة، كما يتخير لغة جزلة وحشية الألفاظ تراثية غير متداولة سوى على ألسنة الشيوخ وأساليبهم المتقعرة. وينتقي الشاعر مفردات لها صيغ لغوية وصرفية غير معهودة، فهناك صيغ المبالغة بأشكالها " ديموم ودوام ودائم ، هطالاً ، حواماً وحائم". كما تبدو طريقة تقطيع الجمل الشعرية قريبة الشبه بتقطيع الجمل في الكتابة القديمة، إبان خضوع الأساليب البلاغية للتكلف، وحشدها بالجناس والسجع والازدواج وغيرها من لعب ومسائل بلاغية مقصودة لذاتها. إن الإيحاء بهذه الطريقة في الصياغة يخلق معزوفة موسيقية وفكرية تحيل القارئ إلى هذه العوالم التي يحيا بها هذه الطائفة من الشيوخ ، كما أن شكل الصياغات وطريقة بناء الجملة والفقرة وطبيعة الأسلوب توحي بقدر اهتمام أصحابها بالعميق أو السطحي من الأفكار ، لقد أنصب أهتمام هؤلاء الشيوخ على المظهر دون عمق الأشياء ، وهذا ما يريد الشاعر أن يلفت الانتباه إليه عن طريق هذه الصياغة اللغوية. يصنع الشاعر تناصاًمع الآيات القرآنية لكنه تناص بالإيحاء فهو يعمد إلى الهيكلة البنائية ويقتبسها ليس بنفس مفرداتها بل بمفردة مغايرة لكنها على وزنها وطريقة تشكيل الآية القرآنية كمفتتح ، يتلوها مقطع بعيد تماماً عن السورة وفيه ينزع الشاعر محتوى النص القرآني السابق ليحشوه معنى آخر ، معنى فيه الكشف وإزاحة الأغطية القامعة فيهل التمرد ونوع من الجمال ومعاني الولادة والإشراق. ثم يكمل التناقضات التي تضج بهذا المجتمع ، فحين تحسس الشاعر جسد هذا الوطن يجد لدى الشيوخ ما يضيف ، يتجلى على يد الشيوخ ملائكة يفقدون صفاتهم الأساسية ، أصبحوا على يد قوى الانغلاق والقمع مدربين على حشو الذخيرة ، كما بدا الأئمة شديدي السطحية لا تعنيهم سوى المظهرية دون أدنى وعي عميق بالأشياء وأهميتها يقول:" الفارعات ما الفارعات،/ نضوتُ شدادة الصدر طابت برتقالتان،/ نضوت الملاءات أشرقت أهلة خصيبة/ وملائكة مدربون على حشو الذخيرة./ مسحت صفحة الظهر بالمرهم الموصوف / تجلى الأئمة الذين غطوا مؤخرات المعيز بالكتان/درءاً لافتتان المؤمنين وسداً للذرائع./ الفارعات ما الفارعات.." (ص62،61). نعود لجملة المفتتح ثانية لتستدعي إيحاءً سورة " القارعة" التي تتحدث عن يوم القيامة ، إن هذا التناص الانعكاسي يلقي ضوءاً على رؤية أخرى خاصة بالشاعر. يقول الشاعر في قصيدته " التحية العسكرية" :" أين سنحفظ النصَّ المؤثَّم ؟ / في المغارة التي باضت على بابها يمامتان.." (ص53). يقدم الشاعر تناصاً مع مشهد من سيرة الرسول الكريم (ص) ليصنع موازاة رمزية بين هذه الطائفة من الشيوخ غير المستنيرين وكفار قريش مع بيان لدعوة الرسول إلى العدل والحرية والمساواة. وفي ذات القصيدة يقول الشاعر:" أما الفتي الذي قال قبل الثلوج:/ " تقبل الأنثى على بدني وتمضي"، / فقد انتحى ركناً شرقياً / ليحكي حكاية عن حذاء الثانية عشرة./ والصحيح أنه كان مشتاقاً،/ والصحيح أنه كان عنده لوعة،/ والصحيح أن مثله يذاع له سرٌّ،" (ص54). يشكَّل الشاعر لوحة شعرية عمادها " كولاج" من النصوص المتابينة ، سطر شعري سابق للشاعر ، حكاية شعبية ، أبيات شعرية لأبي فراس الحمداني ، مقابل حالة من الكره والعنف والتزييف التي يحياها الشيوخ والخطباء الذين أدوا التحية العسكرية للذقون،(ص54). يتحدث الشاعر بلسان هؤلاء الشيوخ ، يتحدث عن منطقهم وتواكلهم ، وانصرافهم إلى كفِّ وتخدير عقولهم إلى الدرجة التي يتحولون فيها إلى ممثلي لاهوت وكهنوت يفسدون في الأرض يقول في تناص انتحالي مع كل ما يقولونه ويتوافر على ألسنتهم على مر تاريخهم وعيشهم على هذه الأرض في تناص مع كل معتقداتهم لوضعها في بؤر ضوء كاشفة تفصح ما فيها من ثغرات وتواكل، كما تكشف أيضاً تواكل العامة ، عامة الناس والمؤمنين الذين تأخذهم وتغيب أذهانهم هذه الممارسات الكهنوتية يقول :" هلَّ أباطرة اللاهوت / علي سمانتهم وشم التفويض الرباني ، وتتقدمهم صلصلة الجنزير وعصف النبوت ، وفي عبسة أوجههم رعشات الملكوت فقلنا:" نحن تقاة ورعون ، إذا ضاق بنا العيش نقول :" الدنيا فانية والآخرة هي الباقية . وإن طفح الطغيان على الأرض نقول:"بلاء من عند الرحمن لكي يمتحن الصبر ويختبر التقوى في الأفئدة المعمورة بالإيمان، ولكنا سنلاقي في الجنة فاكهة وعناقيد ونهرأ من عسل تسبح فيه الحور العين عرايا : هنَّ فروج لا تبلي فيما نحن أيورٌ لا تُرْخي" (ص86،85). يعري الشاعر بأسلوب فني هذا المنطق الذي يفتقد إلى فلسفة حياة الإنسان على الأرض والذي تؤمن به هذه الطائفة من الشيوخ ، وفي صياغة لغوية تشعر من يقرؤها أنه أمام طقس تجسيدي مرواغ اتكالي ، يفتقد الصدق والهدف ، خواء لا ينتهي.
* * التناص بالانتحال: وهو اقتباس حرفي غير واضح في مقطوعة شعرية تضم عدداً من التقنيات الشعرية المتنوعة، يشكل الشاعر مجموعة من التناصات المركبة ، التي تتحاور وتنصهر فيما بينها ؛ لتعطي لهذا النص سمته ومذاقه الفكري والفني الفريد والذي يوحي بتعقد أطراف هذه الدراما الفكرية المجتمعية والثقافية يقول الشاعر:" تبخر المزاد وفرّ المشترون/ حينما رفعت بنت الأكابر كفها مفرودة الأصابع،/ وفوق الأصابع رفرفت سورة يوسف:/ فعلى الخنصر : أخاف أن يأكله الذئب./ وعلى البنصر : غلقت الأبواب ./ وعلى الوسطى : إن هذا إلا ملك كريم./ وعلى السبابة : قميصه قُدَّ من دُبُر./ وعلى الإبهام: فابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم ." (ص25). استخدم الشاعر اقتباس حرفي حينما ذكر اسم سورة " يوسف" لكنه لوَّن هذا التناص بتناص آخر يستدعى الموروث الشعبي السحري في قوله على الخنصر ، وعلى البنصر وعلى الوسطى وهكذا، محاور هذه القصة القرآنية يستوحيها الشاعر في حركات تجسيدية فلكلورية وتتوازى جميع هذه التناصات فيما اعتقد مع طبيعة الاتهام الذي اتهم به الشاعر، فهو تناص بالانتحال من أجل التوافق والاتفاق مع القصة القرآنية التي أتهم فيها سيدنا يوسف، كما أنها تستدعى قدر الظلم والهوان الذي يمكن أن يتعرض له الإنسان من قبل ظالميه. في قصيدته التين والزيتون يقول الشاعر:" الناهضان: التين والزيتون ، وراءهما يطير الخضر عن كاهل الفتاة في غبشة الفجر، / بينما الوحيدة التي اشتق الإله جلدها من الخمر،/ تضم القطة إلى شجرة العائلة،/ وتضم إرث الأب إلى صحون المساجد، من غير أن تدري بأن المثقف الثوري صاهر المحتسب،/ ...حين كانت خرقة البسطامي مغـروزة في الوحــل،" (ص13) " التين والزيتون أسم السورة القرآنية وهو اقتباس حرفي لكن يجوفه الشاعر من هذا القسم الشهير ويقدم له تعريفاً آخر " الناهضان" التين والزيتون" ، الفتاة وبنت الأكرمين والست هانم هي مصر هذا البلد الأمين الذي يضن عليها الشاعر بما تعانيه، هذا الكيان الذي تراكم وحطّ عليه كابوس مظلم ، إذن هناك تأويل آخر ، وهناك رؤية أخري يقدمها الشاعر لهذا البلد، يطلق ذات الأسماء الموروثة التي نعرفها ،لكنه يهبها معاني فنية وكنائية ذات دلالات تحمل قدراً من التمرد الذي هو سمة الفن دائماً. يقول الشاعر في قصيدته الخياطون:" ماذا ترى على عظْمِة الرُّسغ؟/ - أحدَ عشرَ كَوْكباً./ لم يتحدث ْ أحدٌ عن الكوميونة / عسى أن يُشفى فتيانُ زريابَ،" (ص41). تتلاقى في الفقرة الشعرية الواحدة إشارة من حلم تعامل معه سيدنا يوسف مع مسمى شيوعي للمجتمعات العقدية التي اصطنعها العمال في ثورتهم بباريس عام 1870م مع أشهر مغن عند العرب في العصر العباسي، ولا غضاضة فللشعر حرية القفز بين النصوص لاسترجاع كل مقدرة إنسانية باستطاعتها تغيير الواقع وتجميله والذهاب به إلى العدل أو الحب أو الفرح ، هذه الأصوات المتعددة و المتباينة ليس بمقدورها أن تجتمع إلا لتتكاتف من أجل مواجهة هذا الطوفان الظالم الظلامي كما يراه الشاعر. تناسبت التقنية الفنية التي تأسس عليها ديوان الشاعر والشيخ مع الرؤية التي أراد أن يقدمها الشاعر في هذا العمل. عرض حلمي سالم في هذا الديوان بانوراما للواقع المصري المعاصر والقوى التي تتصارعه، كما عرض لتاريخ المجتمع المصري وما يكتنز به من ثقافات وتوجهات دينية أو علمانية يسارية أو ليبرالية أو أصولية. لقد اعتمد الشاعر برغم التنوع والكثرة في تداخلات النصوص على جماليات التجانس والتجارب ، حتى أن هذه القطع من الفسيفساء اللامعة كل على حدة قد تلاحمت وتجمعت أنوارها لتصنع وهجاً فنياً مشعاً لهذا العمل مجتمعاً ، هذا العمل الذي ينصهر بالمجتمع وقضاياه الشائكة التي لا يتورع الكثيرون على الخوض فيها وغمس أيديهم باعتراك حقيقي معها دون تردد أو نزع إلى الصمت. أيضاً لم يُضَحِّ حلمى سالم بحرية الشاعر وغموضه الشفيف وهو يصوغ حادثة حقيقية وقعت له بالفعل ، فانطلق إلى عالم المجازات والمشاهد البصرية الحقيقية والمتخيلة ، وانتفى قاموس مفرداته بعناية فائقة ليعبر عن حالتين ورؤيتين متناقضتين رؤية الشاعر ورؤية الشيخ المتزمت.
* الرؤية والعبارة : عبد العزيز موافي. * حلمي سالم : الشاعر والشيخ. * التناصية – النظرية والمنهج : نهلة فيصل. * التضمين والتناص : د/ منير سلطان. * الشيخ والأستاذ : مقال للدكتور / كمال مغيث. * إشراف : سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد. * أصول الخطاب النقدي : تزفيتنان تودورف . * الإبهام في شعر الحداثة : عن عبد الرحمن القعود. * الممارسة التناصية / آنيك كوزيك بويلاغي . * تحرير التحبير : ابن أبي الإصبع. * ذاكرة الشعر : جابر عصفور . * علم النص ترجمة فريد الزاهي : جوليا كريسفيا. * مفهوم التناص : مارك إنجيتو. * منهاج البلغاء وسراج الأدباء : حازم القرطاجني. * مجلة ألف : صبري حافظ. * مدخل لجامع النص : جيرار جنيت. * لسان العرب : دار المعارف بمصر.
و
#أماني_فؤاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعرية الأشياء في ديوان -الفجوة في شكلها الأخير- للشاعر عاطف
...
-
ثورة مصر .. رؤية يسارية لثورة 25 يناير يقدمها - سمير أمين -
-
-المنطقة العمياء- سرد نسوي متحرر -مجموعة قصصية- للقصاصة أسما
...
-
التوازي والتداخل في سردية -ترابها زعفران- للروائي إدوار الخر
...
-
أنا ..أنت ..وهو ..مناورة الضمائر في سردية -الأنثي في مناورة
...
-
التقنيات السردية المتجاورة في رواية -حرمتان ومحرم- للروائي -
...
-
تكسر الدلالات اليقينية في ديوان - هو تقريبا متأكد - للشاعر أ
...
-
الرؤية والتشكيل في رواية -سلام - للروائي هاني النقشبندي
-
هل النقد الأدبي علم ؟
-
- بلاد أضيق من الحب - عرض مسرحي مأخوذ عن نص - سعد الله ونوس
...
-
دعوة من اللا تاريخ ..- قصة قصيرة -
-
تقاطعات قصيدة النثر في ديوان -الكتابة فوق الجدران- للشاعر -ع
...
-
الشعرية والألعاب السردية في ديوان -تفكيك السعادة- للشاعر -مؤ
...
-
جدلية الانفصال والاتصال في المجموعة القصصية -سوق الجمعة - لل
...
-
ومضات ثقافية ..2013 م
-
كفى ..شهر زاد!؟
-
أن تخط اسمه كاملا..- قصة قصيرة-
-
- أدهم يحي - قصة قصيرة
-
بعد وقت ..
-
مصر وقانون التظاهر
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|