مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 00:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سِفْرُ العصيان
أيّها الغريب المارّ، من هنا
أو من هناك،
عبر أدغال الحياة الموحشة،
أترك الوديان والسّهل
وإصعد...
على قمم الجبال حياة جديدة
وصور جديدة
وأنوار لا تحجبها النّباتات...
إصعد...
أترك خوفك خلف ظهرك
وإصعد...
إرم ما تعلّق بك من لقاح الشّجر
وما بلّل أقدامك من حبيبات ماء
كانت تستريح
على ظهر وريقات الشّجر
وإصعد...
أنفض من ذاكرتك غبار الأوّلين
وما وجدت عليه أهلك
من خرافات
وحكايات
وأقوال
وإصعد...
لا شيء يمنعك من أن تكون هناك،
على قمّة جبل شامخ...
لا شيء يمنعك من أن تكون
قريبا من الشّمس...
لطالما أبهجتك
قطرات النّور القليلة التي
تجود بها عليك،
بين حين وآخر،
كثافة الأشجار...
لطالما أدهشك
ما تنتجه من ألوان
حين تداعب قطرات ماء
على ظهر الأوراق
أو حين تتلاعب
على صفحات الأنهار...
لا شيء يمنعك من أن تكون
قريبا من الشّمس...
عليك فقط أن
تعلن عصيانك على التّاريخ
وعلى عواطف الجغرافيا
وعلى ما يسمّونه قدرا
وتصعد...
إصعد
وإصنع زمنك الآتي،
فالآلهة لا وجود لها
لأنّك قادر على أن تكون إلها،
بل أكثر...
قل لا لمن زرع في داخلك الخوف
من القدر...
فالقدَر أكذوبة الجهلة
ورثها الجبناء،
والتّاريخ لا يصنعه
إلا المتمرّدون على التّاريخ،
فإصعد...
إنزع عنك أغلالك،
إنزع عنك أثقالك،
أطلق ما في داخلك من أمنيات
ومن أغنيات،
عصافيرَ نور وشوق،
وإصعد...
على قمّة الجبل
ما يستحقّ التّعب...
على قمّة الجبل
ما يستحقّ المخاطرة
بكلّ ما ملكت من إرث...
على قمّة الجبل
ما يستحقّ الخروج
من كهفك الأخضر...
فأعلن عصيانك
على زيف طمأنينتك،
أعلن عصيانك
على كلّ الحكايا،
وأحرق ما كتبه الآخرون
من فصول الرّواية،
ولتصعد...
أيّها الغريب المارّ، من هنا
أو من هناك،
عبر أدغال الحياة الموحشة،
من السّهل أن
تنحدر إلى السّهل،
ولكن من الصّعب بلوغ القمم...
فإتّخذ قرارك
وإختر النّور
وإخترع لنفسك سبلا جديدة
وإصعد...
لن يلومك إلاّ الجبان من أهلك،
ولكن،
هل يمكن أن ينفعك أهلك؟
ماذا يهمّهم من أمرك
إن كنت ستنجح أو تهلك؟
إن مِتَّ ستموت وحدك،
مثلما وُلدت وحدك،
وإن ماتوا لن تموت معهم،
فما المشكلة؟
وماذا يهمّك في الأمر
إن أنت بلغت القمّة
أو لم تبلغها؟
يكفيك أنّك في كلّ الحالات
كسرت الخوف الذي فيك
وتحرّرت من الخرافات...
يكفيك أنّك أحسست
بقيمتك،
ولو للحظات...
يكفيك أنّك أحسست
بأنّ إرادتك
لا تحصرها حدود
ولا تعترف بممنوعات...
أترك السّهل للقطيع
وإصعد...
حياتك تبدأ حين تدرك
أنّ الأغلبيّة
تهوى الوراثة
وتعيش عليها
ولا يستهويها من الماضي
إلاّ النّفايات...
إصعد
وحلّق بعيدا...
أرسم لنفسك طريقا
يبدأ مثل كلّ السّبل،
عند قدميك،
لكن لا يعترف بالنّهايات...
فأعلن عصيانك
واصعد...
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟