|
على هامش حالة الاستقطاب في الساحة الفلسطينية لتتشكل لجنة تحكيم محلية مستقلة لفض اية نزاعات
عدنان الكاشف
الحوار المتمدن-العدد: 1221 - 2005 / 6 / 7 - 10:09
المحور:
القضية الفلسطينية
مرة أخرى يقف الشعب الفلسطيني في حيرة من أمره بعد اعلان نتائج الانتخابات البلدية والمحلية في مرحلتها الثانية، ولللاسف الشديد فإن ما وقع بعد اعلان نتائج المرحلة الاولى، تكرر بشكل صارخ وأكثر حدة في المرحلة الثانية، ليتم التسابق في الاعلان عن الفائز في هذه الانتخابات بين حركتي فتح وحماس، مما أعاد الى الاذهان حالة الاستقطاب الحاد التي تجري في المجتمع الفلسطيني، ومحاولة كل قطب استغلال وتسخيرذلك لصالحه بغض النظر عن الاسلوب المتبع. ان حالة الاستقطاب هذه ربما كان يدركها البعض، منذ ان بدأ الحديث يدور عن توسيع الاطار التحالفي عبر انضمام حركتي حماس والجهاد الاسلامي الى منظمة التحرير الفلسطينية وانخراطهما في مؤسسات هذه المنظمة، واشتراطات حركة حماس للمشاركة بنسبتها المعينة والمعروفة 40%. وازدادت حدة الاستقطاب بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات، وفي محاولة منها لجس نبض الشارع الفلسطيني، بقيت حركة حماس خارج لعبة انتخابات رئاسة السلطة الوطنية، وان كانت ترقب الاحداث والتطورات عن كثب، ودعمها بشكل او بآخر لهذا المرشح أو ذاك في الانتخابات الرئاسية. ومنذ اعلان السلطة الوطنية اعتزامها- وبعد ضغوط شعبية وجماهيرية، وبعد الانتخابات الرئاسية- عن تحديد مواعيد الانتخابات البلدية والمحلية، قررت حركة حماس المشاركة في هذه الانتخابات، وجاء فوزها لاحقا في أغلبية مواقع المرحلة الاولى من هذه الانتخابات، لتفاجىْ اوساط عديدة داخل فتح بما في ذلك على مستوى القيادة، ما جعل هذه الاوساط تعيد حساباتها في تعامل الحركة مع الجماهير، واستدعى الى لملمة اطرها واعادة تنظيم صفوفها عبر اجتماعات المجلس الثوري تمهيدا لعقد المؤتمر السادس للحركة، وبمعنى آخر اجراء حساب عسير مع النفس، خاصة وان الحديث يدور عن امكانية فقد فتح على الاقل زعامتها ووحدانيتها للسلطة. ولاعادة ترتيب البيت الفلسطيني واعادة اللحمة الى الوحدة الوطنية ومواجهة التحديات الجديدة على ضوء التغيرات الاخيرة، وللخروج من مثل هكذا مآزق مستقبلية وخاصة بين قطبي التجاذب تمت في اواسط أذار الماضي ضمن جلسات الحوار الوطني في القاهرة وبرعاية مصرية، مناقشة موضوع الانتخابات سواء البلدية او التشريعية، وتم الاتفاق الوطني على ان تكون الانتخابات في البلديات وفق التمثيل النسبي، ولكن ما جرت عليه الانتخابات في مرحلتها الثانيةهوالنظام القديم وهو النظام الأغلبي، مع ما يجره ذلك من سلبيات عديدة بدءا بخضوع السياسي للعشائري ومرورا بحالات اقصاء وعدم مشاركة الجميع في ادارة هذه المجالس، وانتهاء بحالات التزوير المتعددة. لا نريد العودة الى طبيعة القوائم التي تم تشكيلها للانتخابات المحلية، ولكن مهزلة التهاني بالصحف للفائزين وسرعة تبني بعضهم من قبل هذا التنظيم او ذاك، ومن ثم استنكار هؤلاء للذين يتبنونهم زورا وبهتانا، أثار حالة من الاشمئزاز والغضب بين المواطنين وكافة المعنيين بديمقراطية العمل الاهلي والشعبي الجماهيري، حيث علق أحد هم قائلا:" وكأننا امام حالة اعلان نتائج الثانوية العامة "التوجيهي". ودون الدخول في الكثير من التفاصيل في تشكيل القوائم وغيرها، يطرح السؤال التالي: اذا كانت الفصائل المختلفة في حوار القاهرة، وتحديدا حركتي حماس وفتح، قد اتفقت على الانتخابات البلدية وفق قانون التمثيل النسبي، فمن الذي أجبرها على اجراء الانتخابات وفق القانون القديم، رغم ادراك الجميع لحجم المخاطر والمشاكل التي يمكن ان يسببها ذلك، وها نحن نقع في المحظور من جديد!!. انني أعتقد ان لا تواريخ مقدسة ويجب ألا تكون، أمام أي هدف آخر، غير المحافظة على تماسك الجبهة الداخلية، وبتوافق مختلف القوى السياسية، ومن هذا المنطلق فإن جميع القوى وكذلك السلطة الوطنية تتحمل المسؤولية الكاملة عما آل اليه الوضع الان، واذا كانت هناك صعوبة ما، في اعادة الانتخابات كما قررت المحاكم المختصة في بعض المناطق، فإن وضع الحلول لها فقط بين قطبي التجاذب هو خطأ كبير، لأن ذلك يعني اهمال كبير ومقصود لقوى ومؤسسات أهلية يجب عليها أخذ دورها في هذا المجال، وللخروج من المأزق الراهن، فلتؤجل هذه الانتخابات الى المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية المقبلة وفق قانون التمثيل النسبي، لان عدم اعتماده نكون ممعنين في ممارسة الخطأ، مع ما يحمله من تهديد حقيقي على مستقبل العملية الديمقراطية الجارية الان، وكما أنه سيفاقم حالة الاستقطاب لدرجة لا يمكن ضبط الامور فيها، خاصة وأننا أمام انتخابات مجالس بلديات كبيرة وذات وزن سياسي. ان النظام المعمول به حاليا هو النظام الأغلبي الذي يقوم على حصول قائمة معينة فائزة بجميع المقاعد، دون السماح لمشاركة قوائم أخرى في ادارة هذه المجالس، الامر الذي يبقي حالات الاحتقان متواصلة باستمرار وخاصة في القرى، وبدلا من تعزيز الديمقراطية وتعميقها، فإن هذا القانون يعزز العشائرية والقبلية بأشكالها المختلفة، بالاضافة الى تعامله مع الافراد، وهناك أمثلة واضحة على الانقسامات التي حصلت في بعض العائلات وعدم تمثيلها في المجالس نتيجة تشتت اعضائها بين هذا التنظيم او ذاك، مما حرمها من النجاح والفوز، وهذا بدوره سيؤثر على مجرى تطور البلد او القرية المعينة. وطوال مدة البحث عن حلول للوضع الراهن، لم يعد مفهوما مواقف حركة حماس وخاصة فيما يتعلق الامر، بقضايا تم التوافق عليها، وأبرزها التهديد المستمر من قبلها بالانسحاب وعدم التزامها بالتفاهمات التي جرت في القاهرة بين القوى الفلسطينية المختلفة، وكأن الامر يتعلق بفائدة ومصلحة هذه القوى دون مصلحة حماس، ثم اذا كانت هذه التفاهمات نبعت من المصلحة العليا لشعبنا، كما تقول حماس وغيرها، فلماذا يتم ضرب عرض الحائط بها والتهديد بعدم الالتزام بها. والسؤال الآخرالذي تتطلب الاجابة عليه، هو لماذا هذا التباكي على نتائج وضع صنعناه نحن بأيدينا على أعتاب المسؤولين المصريين- مع كل التقدير والعرفان على الجهد الذي بذلوه في انجاح جلسات الحوار الوطني مؤخرا- أليس معاناتنا المستمرة والطويلة كانت جزءا من الهيمنة باسم القومية!! ألم ندخل في معارك جانبية وخضنا نضالا صعبا ودؤوبا لاستقلالية القرار الوطني!. كيف يمكن ان نقول للاخرين ونتوسل اليهم وندخلهم في تفاصيل حياة مجتمعنا الداخلية!. ان هذا الوضع يتطلب من كافة القوى الاخرى والشخصيات الاعتبارية وكذلك مؤسسات العمل الاهلي والاطر المختلفة للتدخل الفوري، بين الطرفين المتصارعين ان جاز التعبير، ولتتشكل لجنة تحكيم محلية مستقلة من ذوي الكفاءات والاختصاصات لفض أية نزاعات مستقبلية، يسبقها توقيع ميثاق شرف وطني لصون وحدة هذا الشعب وعدم الانجرار الى أي اقتتال مهما كانت الاسباب، والعمل على ترسيخ مبدأ الاحترام والاحترام المتبادل، وتعزيز بنية النظام السياسي، ليصبح أكثر انفتاحا وتعدديا وديمقراطيا، وكذلك تعزيز اتجاهه نحو توسيع القاعدة الاجتماعية – للسلطة بغض النظر، والاهتمام بمصالح الجماهير وسلطة القضاء والقانون، ومحاربة الفوضى والفساد، وتحقيق الاصلاحات الجدية الضرورية لتعزيز صمود شعبنا. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * صحفي وكاتب من رام الله- فلسطين
#عدنان_الكاشف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعم لانتخابات مؤجلة وفق قانوني الاحزاب والتمثيل النسبي الكام
...
-
هل فتحت قمة شرم الشيخ آفاق السلام الحقيقي؟!
المزيد.....
-
-كان بمقدوري وضع سلاح نووي عليه ولكن اخترت عدم ذلك-.. لسان ح
...
-
زيلينسكي يثور غضبا على البرلمان بعد إلغاء اجتماعه إثر ضربة -
...
-
قتلى وجرحى في قصف ببيروت وعمليات الإنقاذ مستمرة
-
مودي سيستقبل بوتين بغضّ النظر عن امتعاض واشنطن
-
كمسومولسكايا برافدا: روسيا حذّرت كييف والغرب.. ماذا يعني تصر
...
-
ألمانيا تكشف عن دورها في الخطة العملياتية لحرب -الناتو- مع ر
...
-
ترامب يعتزم إقالة مكتب المدعي الخاص جاك سميث بأكمله انتقاما
...
-
كوريا الشمالية تتهم واشنطن بمفاقمة الوضع في المنطقة
-
إسرائيل تفكر بتزويد أوكرانيا بالسلاح
-
هل تعاني من الأرق؟.. طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|