|
سعدي يوسف بين حرية الابداع وحرية الشطط في الابداع
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 07:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سعدي يوسف بين حرية الابداع ، والشطط في الابداع ************************************** دعونا من خرافة الحرية ، ومن اسطورة الشعرية ، ومن انفتاح أضيق من الانغلاق ، الشعر انتفاضة ضد الكائن والممكن ، وليس ضد الرموز العليا ، والمقدسات . كيف ننتفض او ندعي الانتفاض حين يمس كياننا الروحي غربي في سينماه أو كاريكاتوراه ، ونأتي لندافع أو نصوغ لمعتوه محسوب علينا مسه برجل اعترف به سيده الذي يعبده سعدي يوسف نفسه ، وهو الفيلسوف "كارل ماركس "، واعترف به كبار مفكري الغرب . وقبل هذا وذاك ، ما الذي صنعه الرسول الكريم لسعدي يوسف أو السيدة عائشة ، كيف يتجرأ عليهما ؟ ، فماذا لو كتب شخص ما عن بنات سعدي ؟ . هل كان سيقبل ؟ أن ا نفسي لن اقبل ، وكل ذي نفس سوية وعقل راجح لن يقبل ، بل اننا حين نحلل ونناقش سياسات بعض القادة العرب يلومنا البعض ، ويعاتبنا الاخوة ، مع العلم أننا لا نناقش الا أفعالهم ونتائجها التي تدخل في صميم النقد السياسي والفكري ، والتي تنعكس علينا شئنا أم أبينا . هل نعود الى أدبيات الحرية وسقوفها ؟ ، أم أن هناك من يعتبر الحرية شأنا لا حدود له ولا سقوف ؟ . جيد ، فلم لا تكون هذه الحرية اللامحدودة في اللغة ، في الفكر ، في قدرات الشاعر التعبيرية ؟ ، كما صنع كبار شعرائنا وشعراء العالم . لماذا لا نمزق حجب حرياتنا هنا ، ومع بعضنا ؟ ، أم أن جبن بعضنا يدفعه الى تفجير مكبوتاته في المقدس والرمز ؟، بما يطرب له من يحسن توظيف هذه البذاءات . هل العبقرية أن نهجو أنبل وأرفع ما فينا وفي تاريخنا ؟ فما الذي تركناه لأعدائنا ؟ ، أم أن الشهرة تستلزم أن نخالف وان فيما لا ينبغي لنا أن نخالف فيه ؟ . الجميع أجمع أن الرجل صار مريضا بداء التقدم في السن ، وأبح عرضة للخرف المتقدم . لكن هذا ليس شأننا ، فنحن لسنا علماء نفس أو اختصاصيين في داء الزهايمر . نعم هناك جرائم فظيعة ترتكب باسم الدين ، لكن يجب أن نوجه سهامنا لمن يوظف الدين في هذه الجرائم ، وليس في من أحدث ثورة انسانية خالدة شهد بها العدو قبل الصديق . الشعر تفجير للطاقات الذاتية ؛ تعبيريا وتخييليا وصوريا ولغويا ، وليس تفجيرا لمكبوتات ايديولوجية فجة وذميمة . فماذا سنقول عن الأمراء والملوك والأغنياء ؟ ، هل هم أطهر من النبي محمد ؟ لماذا نعجز عن نقد ممارسات المتدينين الذين يؤثرون بآرائهم المنحرفة في شبابنا ؟ ، لماذا لا نقوم بخلخلة المفاهيم المغلوطة عن الدين ؟ ، بل حتى وان كنتَ لا أدريا أو ملحدا ، فهذا لا يمنحك الحق في تشويه صورة المؤمن ، ما لم ينحرف بايمانه ويؤذيك . فهل العلمانية أو الالحاد مع الفارق بينهما أن نرمي من لم يوافقنا آراءنا بالتقليدية والاستبداد في الرأي ؟ ، أم ان العلمانية والالحاد موقف شخصي او جماعي من الكون والحياة والمجتمع والسلوكات ومختلف العلاقات ؟ . لن يغير أمر سعدي يوسف شيئا ، بقدر ما أساء الى نفسه شخصيا . والأهم من ذلك أن هناك شعراء ونقاد يؤسسون لماهية الشعر والنقد من داخل النسقية الشعرية والنقدية ، دون ان ينحرفوا لاثارة غبار قضايا هامشية أو متجاوزة ؛ بحكم نضج الرؤية وانفتاحها على الأسئلة والقضايا الحقيقية للأمة العربية ، من بطالة وتهميش وتخلف وظلم واحتكار وتشويه للقيمة الانسانية ....الخ. ما الفرق اذن بين التكفيريين ، وبين التدميريين ، بين من يفجر ذاته في الآلامنين والمسالمين ، وبين من يفجر مكبوتاته النفسية والذهنية في عقول وخيالات القراء الناشئين الغلف والسذج . بين متطرف يلوي عنق الآيات والأحاديث ويحكم رأيه الخارج عن سياق التأويل تاريخيا ولغويا ودلاليا ، ومتطرف يقصف موضوعا أو اشخاصا وقع عليهم اجماع من قبل فئة عريضة من الناس ، كي لا نصفه بالمقدس او الرمز العالي ؟ . بل السؤال الأهم هل ينفع في شيئ سب الله ورسوله وصحابته ؟ ، منذ أكثر من نصف قرن حاول الكثير تشويه صورة الاسلام من بني جلدتنا ، لكن النتيجة كانت كارثية ، وكثيرون حاولوا نقد تجربتهم اليسارية أو الالحادية ، وجميعنا يعرفهم بالاسم والصفة ، فهل استطاعوا تغيير شيئ في نسقية المعرفة العربية الاسلامية ؟ . هل هذا هو منتهى ما توصلت اليه عبقرية الشاعر سعدي يوسف ؟ ، وهل ذاك هو الآلة أو الوسيلة التي يمكن أن نحارب بها أعداءنا ؟ . فاذا كانت الأخلاق الانسانية الراقية تمنعنا من شتم الآخر ، أي آخر ، أو الانتقاص من شأنه أو اهانته ، كيف يبيح بعضنا لنفسه أمر رمي موضوع الاجماع الروحي دون سبب أو لتعلة شعرية ؟ . هل يخدم قذف المقدسات شعريا الكون الشعري في شيئ ؟ ، هل هناك اضافة ابداعية في قذف السيدة عائشة ؟ . ان سؤال الشعر لا بد وأن يعانق موضوعه ، وهذا الموضوع من المفروض أن ينقل الى القارئ قيمة فنية مضافة . ويمنح القارئ رؤية تضيف وتزيد من تجربته وذائقته الفنية متعة ولذة . فهل قارئ سقطة سعدي يمكن أن يستفيد شيئا غير رائحة بارود الطائفية ، بما أن الموضوع يلبي حاجات بعضهم مذهبيا ، مما يلقي بشبهة ما عبر عنها بعضهم بفراغ جيوب سعدي يوسف ، وخدمته لأجندات خبيثة تنفخ في النار المؤججة بين المسلمين خاصة . فنحن حتى وان عدنا القهقرى الى انتفاضة نيتشه ضد الاله ، أو الغاء هذا الاله من قبل الملاحدة ومن قبلهم من قبل اللاأدريين ومن قبله من قبل الطبيعيين اليونانيين والعرب ، فانهم كانوا يعبرون عن مواقفهم خارج منهجية السب والقذب وتشويه صور في أصلها طاهرة وعصية على التشويه . ان تحريف وظيفة الشعر ، وكل النتاجات الرمزية الداخلة في محورية الفن ،باعتباره ارتقاء وتطويرا ، وتطهيرا ، هو أمر مرفوض فنيا وابداعيا وضد وظيفة الفن التحريرية والتطهيرية كما أسس لها منذ أرسطو في نظريته المشهورة . وحين اغتال نيتشه الاله فقد استعان بآلهة الاغريق وخاصة اله المتعة ديونيسيس واله الطهر أبوللو . المثقف العربي محاصر ومسجون ، سواء في بلاد المنفى كما هو حال سعدي يوسف أو في الوطن كما هو حالنا . لكن يجب تفكيك وتحليل شكل الحصار وبنية السجن ، وليس الامعان في تضييقهما والزيادة من تحصينهما . فكثيرا ما نتوهم أننا محاصرون ومسجونون رمزيا ، وعلائقيا وتواصليا ، وهنا لابد من الوقوف عند أسباب هذا الوهم الذاتي ، ومحاولة الغوص في البناء النفسي للشاعر أو المبدع نفسه . وهذا موضوع آخر قريب أوان البحث فيه . لكن السؤال المرجع الذي يأبى أمثال سعدي يوسف ، وما أكثرهم ، أن يطرقوه بجرأة ، هو سؤال اادة قراءة المقدس ، وتنقية السير والتاريخ العربي والاسلامي . ويبقى لسعدي فضل شجاعة التعبير المباشر عن عقيدته وميولاته الايديولوجية ، وخاصة وهو المزهو بلقب " الشيوعي الأخير " ، وما يثيره في النفس من مشاعر التنفج والعظمة ، خاصة وأن آخر شيوعي ينتمي لفصيلة العرب . مما يمنحه لاشعوريا ارادة تحطيم جميع الطابوهات والممنوعات والحواجز . بيد هل يمكن أن نعتبر الدين في جوهره حاجزا ؟ ، ان بليتم فاستتروا . ان القضية لاتكمن هنا في مسألة تكفير التفكير ، بل في التحذير من التنفير ، فهل نعود الى ما كتبه جان غيتون عن الله والعلم ، بمشاركة العالمان غريشكا وايغور بوكدانوف ؟ ، أم نتوسل برأس قائمة كتيب " مائة أعظم شخصية مؤثرة في التاريخ ، ل" مايكل هارت " ، وهو ما أقر به قبل ذلك بمائة عام كارل ماركس نفسه . أم نعود الى تولستوي وفولتير وغاندي وغيرهم كثير ؟ . الابداع يمنحنا الحق في الاختلاف والقطع مع الاتباع ، لكن يجب تحديد ماهية الاختلاف والماينبغي الاختلاف فيه ، فهل يمكن أن أختلف مع سعدي يوسف في انسانيته وفي شاعريته ؟ . طبعا سيكون هذا ضربا من الانحراف الفكري والتشخيصي والقيمي . كنت ضد من اتهموا نصر حامد أبو زيد ، وضد من اغتالوا فرج فودة ، وضد من حاولوا اغتيال نجيب محفوظ ، وضد تكفير الأستاذ أحمد البغدادي ، لا لشيئ الا لأنهم عملوا على الاشتغال بتفكيك محتوى الأساطير التي ينزعها بعض المتدينين على النصوص المقدسة السامية . وليس في تشويه الرمز والمقدس . فسب الله أو قذف الرسول والصحابة وزوجاته ، لا تخدم قضايانا الراهنة في شيئ ، بل تأتي بنتائج عكسية . وحتى وان حاولنا مجاراة المسيحيين في نقدهم الديني وفي علم اللاهوت ، فديننا غير الدين المسيحي ، كما ان لاهوتنا غير اللاهوت المسيحي . فهل نفصل في الأمر ؟ . فأين سعدي يوسف من أبي العلاء المعري الذي بنى فلسفسته الشعرية من شكه الوجودي ؟ . نعم لست مؤمنا بحقيقة واحدة ، لكنني مؤمن بحقيقة تنحل اليها جميع الحقائق ، وجدانيا وعقليا وعلميا . سمها ما شئت الاها ، ربا ، قوة مطلقة هيولي ، عقلا خالصا ، فهناك شيئ ما يهمين على الوجود في نسقية وهرمونية مدهشة ، لاعبث في الوجود ، انما العبث في كيفية فهم الوجود ، وفي كيفية وجودنا نحن العرب في هذا الوجود .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذهني فكرة
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-24-
-
ايران حصار بصيغة الانفتاح
-
فرار الى قمة الحلم
-
عودة المثقف ومثقف العودة . أي مثقف وأي عودة ؟
-
قمم صارت سفوحا
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-23-
-
في مفهوم السيادة وأشياء أخرى
-
مثقفو أحوال الطقس
-
حروب الظلام
-
غربة الشعر ،منظور جديد
-
رحيل أقسى من الخنجر
-
مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -3-
-
الأنبياء لا يندهشون
-
مسرحية بعنوان : من كسر الكمنجة ؟ -2-
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-22-
-
حصن اللغة
-
الياس العماري وقضية علي أنوزلا
-
ضد مركزية الثقافة وتركيزها
-
يوم خارج التقويم
المزيد.....
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
-
ماما جابت بيبي..فرحي أطفالك تردد قناة طيور الجنة بيبي على نا
...
-
عائلات مشتتة ومبيت في المساجد.. من قصص النزوح بشمال الضفة
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|