أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل فاضل - نظيف، نحن، وسيكولوجية الديموقراطية















المزيد.....

نظيف، نحن، وسيكولوجية الديموقراطية


خليل فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 1220 - 2005 / 6 / 6 - 06:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


صرح د. أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري مؤخراً لقناة الــCNBC ما معناه أننا لم ننضج بعد لممارسة الديمقراطية ، ولم يوضح د. نظيف من الذي لم ينضج الشعب أم الحكومة أم كل منهما ، و لماذا لم ننضج ، و متى سننضج أن شاء الله ، ومن المسئول عن كل ذلك ؟! أسئلة مهمة تطرح نفسها . على الجميع في تلك الظروف الساخنة التي يمر بها الوطن، لكن مادام د. نظيف و هو على رأس الحكومة و تساءل فى هذا الموضوع الخطير، فلنطرقه معه سوياً و نعتمد في حوارنا معه على أعمدة الديمقراطية : سقراط ، توماس جيفرسون ، فرانك لويد رايت ، أبراهام ماسلو،، و الفريد أدلر .
الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة مشروع نشر الإصلاح و الديمقراطية في العالم وفي الشرق الأوسط تحديداً، لا نعتقد ابدآ أنها مخلصة أو صادقة في توجهها، لأننا موقنون أنها لا تريد إلا مصلحتها، و هي ترى أن في الديمقراطية الحقيقية فى الشرق الأوسط تجفيف لينابيع الإرهاب الذي هددها في 11 سبتمبر؟ و لا نظن أن التدخل الأمريكي المفاجئ سيمنع العنف السياسي أن لم يكن قد زاده بالفعل، عموماً هناك حسنات لهذا الضغط الأمريكي على دول منطقة الشرق الأوسط من أجل التغير و الإصلاح و الديمقراطية (مع تحفظنا الكامل و الشديد على هذا الأمر).
تبدو صورة الولايات المتحدة صاحبة هذا المشروع و راعيته و صاحبة العصا الغليظة التى تهدد المارقين و غير الجادين ـ صورة سياسية متفردة فى ديمقراطية بناء سياسي مستمر منذ حوالي قرنين من الزمان، لكنه ـ فى نفس الوقت ـ تآكل وتحوَل هو نفسه إلى نظام منزوع اللجام لا يهتم إلاَ بنفسه . فبدلاً من وجود أسر و مدارس و مؤسسات ديمقراطية متعاونة، و جد المجتمع الأمريكي نفسه في خضم دوائر استبدادية (أوتوقراطية) أو فوضوية ملأى بالصراع، و من هنا كان النظام السياسي الجمهوري الانتخابي الأمريكي (المثالي)، متناقضاً بشكل صارخ مع الحياة الأمريكية اليومية.
عودة إلى تصريحات الدكتور نظيف في أمريكا ... علينا أن نخاف و نحن مازلنا أجنة في مسألة الديمقراطية، وعلينا أن نأخذ حذرنا الشديد و نحن نشرع في هذا الطريق الديمقراطي خشية الغواية الديمقراطية في حال تحولها إلى "هيصة ديموقراطية" . (و لأن السياسة هي بالتعريف فن صيانة الوجود و حفظ الحق ـ طرابيشي ـ فى ثقافة الديمقراطية ـ 1998)، فإن المرجعية الأساسية و الوحيدة للديمقراطية هي الناس، والناس عموماً و في مصر خصوصاً قد أصبحوا يعيشون، لا يحيون ، بمعنى اختفاء المعنى و مخاصمة الدنيا، وان المسالة لم تعد مهمة :(و يا عم ، قول يا باسط) ، لنا أن نتأمل حال مدارسنا و بيوتنا و مصانعنا و شركاتنا و فنادقنا و مرورنا وشوارعنا و إحياءنا و مؤسساتنا الكبيرة و الصغيرة، لنجد كماً بشعا من الاستبداد و القهر اللحظي، ومن ثم اختفت الفرحة من وجوه الناس و لم تعد لديهم أناقة لا في الحديث ولا في الشكل، و يظهر ذلك تحديداً في التليفزيون المصري و الصحف القومية ، برامج و مقالات و إخراج متدني الذوق، فاقد المعنى، معدوم التوجه، مائع و متفكك. لماذا إذن كما يقول الكثيرين و على رأسهم د. نظيف، أننا غير ناضجين؟ ... لأننا ظللنا و مازلنا في الخمسين سنة الماضية تحديداً مختزلون إلى حاجتنا، و مادمنا نأكل ونشرب نقضى حاجتنا فـ (عايزين إيه؟!) كالسجين الذي يتحول إلى (رقم)، والمريض الذي يتحول إلى (حالة)، أو كجندي الأمن المركزي الذي يُختزل كيانه وتكوينه العنيف إلى أداة قمع قوية و ضخمة، يُختزل إلى خوذة و زي أسود مرعب، درع جبار و عصا غليظة و نفس متوترة للغاية، ومتحفزة 24 ساعة حتى في منامها تحقيقاً لحلم المجموعة المنتفعة أو تحقيقا لمزاجهم و كيفهم و تمريراً لرغباتهم و سياساتهم، زاد على هؤلاء الجنود الآن هؤلاء المؤجرون في مظاهرات الحزب الوطني، (الذين يذكرونني بدروع صدام حسين البشرية) ، يُختزلون إلى عشرين جنيها (يأخذ منهم المقاول أربعة) و سندوتش و لافتات لا يؤمنون بها، وربما لا يعرفون ما كتب عليها!!! .
هل الإنسان المصري ـ الآن ـ قادر على أن يحيا حياة حرة مستقلة يستمتع فيها بلقمة العيش، وجوده، زواجه، وقت فراغه (إن وجد) ، أم أنه قد أصبح بجانب أميته التي تصل إلى 40% حسب بعض المصادر، مجرد ترس في ماكينة و عدد في الإحصاء الرسمي للسكان.
في إطار هذا الإصلاح السياسي و في ظل هذا التوجه الديمقراطي، هل تسمح حكومة د. نظيف بأن تواكب عملية النضج السياسي عملية رفع معنويات: إزالة أكاذيب، شفافية، ووضوح، أم أن د. نظيف و وزرائه يصرون على التمادي بنفس المنهج المفتقد إلى روح النص؟؟.
إذن لابد لكي أكون ناخباً حقيقياُ أن أكون إنسانا و مواطناً فعالاُ، ولابد أن نسعى إلى ذلك التغير من خلال كل أطر حياتنا اليومية في كل بيت و كل مصنع و كل مكان، ومن الواضح في الفترة الأخيرة أن حكومة الدكتور نظيف و الحزب الوطني (الذي أشكك في أن أعضائه بحق ينتمون إليه إيمانا بمعتقداته و برنامجه ؟!) في غفلة وعلى الرغم من الضغط الشديد عليها من قبل الإدارة الأمريكية ، إلا أنها مازالت تتعامل مع الناس ككتل بشرية و من منطق العدد في الليمون. البني آدم المصري بدءاً من الزبال الذي يفرز الزبالة قبل أن تأتى عربيات عبد الرحيم شحاتة المجهزة المزمجرة و الشبيهة بعربات الأمن المركزي، إلى ذوي الياقات البيضاء على مكاتبهم الفخمة المكيفة، له حق و صلاحية تتعدَى ـ هنا والآن ـ (مثلاً ـ يعنى من حقي أفرز الزبالة و أسيب شوية ع الأرض قبل ما ييجي البيه الزبال الأنيق، وخلاص بكره نكرر نفس المشهد و نفس الحكاية، يبقى انتخاب ليه ؟ و تغيير ليه وإصلاح ليه ؟) ... نحتاج إلى تغيير المفهوم الأساسي، بتغير النمط السلطوي القاهر، المستبد و المستمر، لذلك فلنبدأ ـ دون خوف ـ بأن ننهر بوكس البوليس الذي يدخل مسرعاً عكس الاتجاه، وأن نكشف الكذب دون هوادة في حياتنا اليومية ـ و بأدب ـ مع المدرس و الناظر و الجارة التي تنشر الغسيل و ينقط على الماشيين ثم تغرقهم بمياه المسح المتسخة.
علينا من الآن أن نبدأ ثقافة جديدة، و حوار جديد، لا يقتصر على مساحة الحرية فى جرائد المعارضة، ولا يختصر إلى تنابز الألقاب ، لكن يتعدَى كل ذلك إلى السلوك اليومي. لا نكتفي بالهتاف، لكن لا بد وأن نتحرر من التلذذ بقهر الآخر أو التلذذ بحالة القهر اللحظي و نستسلم لها، و ليكن ذلك داخل الأحزاب نفسها و فى اجتماعاتها واختياراتها، أن تبدأ هي ـ فعلاً ـ بممارسة الديمقراطية بعيدا عن الديماجوجية و لغط القول و الخوف من كبير القوم. و لنتخيل أن (الحزب الوطني) بهيمنته و هيلمانه و سيطرته على أجهزة الإعلام سينتهج النهج الديمقراطي الحق و سيشكل عدداً أكبر يؤلف الحكومة. لكن هل هذا العدد الأكبر من الناس الغلبانة والمحتارة و التعبانة مطلق ؟! أم أنه دائم و متغير، وكان الدكتور المسيرى قد أشار إلى أن الرقص الحديث فى الفيديو كليب قد أصبح أفقيا، وهكذا ستكون الغالبية فى الديمقراطية الحديثة فى مصر.. أفقية، و علميأً فإن نسبة الأفقى إلى العمودي كنسبة المتحول إلى الثابت. حسب قول طرابيشى فما هو عمودي في المجتمع هو كل ما له صلة بالهوية (وهويتنا السياسية و الاجتماعية و النقابية) تحتاج إلى مراجعة (وتحديداً فيما يتعلق بنقابات العمال و مواقفها الأخيرة). و الأفقى مرة أخرى هو العدد الأكثر. لكن السؤال الصعب جداً كيف ستتحول حكومات ديكتاتورية تنحدر من مؤسسات عسكرية تسيطر على كل شيء (حسب قول سائق تاكسى محاصر فى شوارع القاهرة: هو لية يا بك كل حاجة ريسها راجل عسكري؟، الحي ، والأوبرا،وفى المحافظة ، ... أنا مش فاهم.. ) الدكتاتورية فى مصر عمودية ترتكز على أشخاص، و على حزب السلطة و لا قيمة له بدون السلطة، على استغلال النفوذ و على تلك الشهوة فى محو الآخر، الخطر هنا أن تتحول المعارضة الضعيفة فى مصر إلى نمط آخر من أنماط الديكتاتورية داخلها، وبينها و بين غيرها، لكن عليها أن تدرك جيداً أن النضج السياسي المؤهل للديمقراطية سيحدث رغم تصورات د.نظيف و غيره، لأن ديكتاتورية حزبه قد تحولت فى الفترة الأخيرة إلى ديكتاتورية أفقية، ثقافتها مثل ثقافة الفيديو كليب الذي تحول فيه الرقص العمودي إلى رقص أفقى على يدي روبي وبطنها، تلك الثقافة من السهل الإطاحة بها لأنها كفقاقيع الصابون، و كالزبد الذي يذهب جفاءاً.
د. خليل فاضل
21 /5/2005



#خليل_فاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الشخصية العربية


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل فاضل - نظيف، نحن، وسيكولوجية الديموقراطية