أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - رسالة إلى شاب متديّن














المزيد.....

رسالة إلى شاب متديّن


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4280 - 2013 / 11 / 19 - 13:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رسالة إلى شاب متدين

صدقنى يا عزيزى، إننى أحيانا أغبطك، أقول لنفسى ما أسعده حظا، ينعم براحة نفسية ويطمئن إلى أن كل ما يصادفه من متاعب وآلام يضاف لحسابه الذى يضمن له مكانا فى النعيم. لكنى حين أسأل نفسى: هل أرضى أن أكون مكانه؟ تكون إجابتى واضحة قاطعة: كلا!
عزيزى، أنا لا أريدك أن تترك دينك الذى وُلِدت عليه. لكنْ انظر هذه العبارة: دينك الذى وُلِدت عليه. لكن لك جارا، ربما يكون صديقا صدوقا لك، كل منكما مستعد لأن يتحمل الكثير ويضحى بالكثير فى سبيل صاحبه. لكن دين كل منكما ينقض دين الآخر، لكنكما فى صداقتكما لا تـُدخلان ذلك فى حسابكما ولا تسمحان لاختلافكما فى الدين أن يؤثر فى صداقتكما وودّكما المنبادل، وهذا عين الحكمة وهو أجمل ما فى الأمر. ولكنْ أليس هذا شيئا يبعث على التفكير؟
أنت تعلم أن صديقك ليس أقل منك ذكاء وعلما، وليس أقل منك تمسّكا بمبادئ الأخلاق وبالقيم التى يعتبرها كل منكما أثمن ما فى الحياة الإنسانية. لكن العقائد التى يعتبرها صديقك أساس دينه وجوهر عقيدته يعتبرها دينك خطأ وسخفا وضلالا. ودين صديقك بدوره يعتبر أساس وجوهر عقيدنك سخفا وضلالا. فكيف تفسّر تمسّك صديقك الذكى الطيّب الصادق بعقيدة يقول لك دينك أنها كلها ضلال وبهتان لا يقبله عقل؟ وكيف يفسّر صديقك تمسّكك أنت بعقيدة يقول له دينه إنها كلها زيف وبهتان لا يقبله عقل؟
التفسير بسيط يا عزيزى. كل منكما إذ كان طفلا صغيرا لقـّنه والداه وأهله ورجال الدين الذى ينتمى إليه الوالدان أن عليه أن يؤمن بهذا، وأن هذه العقيدة حق جاء من أعلى، وأن أى شك فى هذه المعتقدات وأى مساءلة لآسسها وتفاصيلها هو زيغ خطير يبثـّه الشيطان الذى يريد أن يقوده إلى العذاب الأبدى فى الجحيم.
أنت تدرك يا عزيوى، إذا فكرت فى الأمر قليلا، أن العقل يقضى بأنه لا مفر من الاعتراف بأن أحدكما مخطئ حتما. وأنت تحسّ أنك أنت على صواب ولا يمكن أن تكون أنت مخطئا. لكن عقلك يبيّن لك أن صديقك بدوره يحسّ أنه هو دون شك على صواب وأنك أنت مخطئ.
قلنا إنك وصديقك على درجة طيّبة من الذكاء والإدراك والأمانة الفكرية. ألا يدعوك هذا يا عزيزى أن تقول لنفسك، ولو على سبيل التجربة الفكرية المجرّدة: ألا يمكن أن يكون صديقى على صواب وأنا المخطئ؟
لكنى أعلم أنه ليس من السهل على أىّ منكما أن يقول لنفسه هذا ولو على سبيل التجربة الفكرية. العقبة الكأداء التى تقف أمام هذا أن كلا منكما قد لـُقـِّن وهو صغير أن العقيدة التى نشأ عليها ليست من صنع البشر بل جاءت بوحى من السماء، وأن الكتاب الذى يتضمّن هذه العقيدة هو كلام الله ولا يمكن أن يكون فيه خطأ.
لماذا لا يمكن؟ هكذا، لا يمكن، إنه كلام الله. من قال إنه كلام الله؟ الكتاب يقول هذا. لماذا نصدّق الكتاب؟ لأنه كلام الله؟ من قال إنه كلام الله؟ الكتاب.
عزيزى، إنك ترى أن هذه دائرة مفرغة، ما كنت لتقبل مثلها فى أى مجال آخر. إن أردت يا عزيزى أن تخرج من هذه الدائرة التى تحبس عقلك وفكرك وتمنعه من أن يفكر فى حرية فلتدرس نشأة الأديان فى مسيرة التاريخ البشرى. وأنا فى فترة سابقة نشرت فى هذا الموقع سلسلة مقالات فى هذا الاتجاه، وربما أعود فى وقت آخر لأحدثك عن الأديان وتاريخ الأديان، إن كان عندك استعداد لأن تقرأ وإن كانت عند الرغبة فى أن تفكر.
مدينة 6 أكتوبر، مصر، 19 نوفمبر 2013
http://khashaba.blogspot.com



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد 3 ديسمبر
- هل نحن على طريق الديمقراطية؟
- تعفيبا على حديث د. جابر نصار
- ألعوبة مواد الهوية
- ما هى الثقافة؟
- الدستور والأخلاق
- إلى أصدقائى الماركسيين
- ما هى الفلسفة؟
- الأحزاب الدينية والمرجعية الدينية
- أفلاطون الذى ظلموه
- لماذا نحن أحاديّو الفكر؟
- عبارة -الرأى والرأى الآخر-
- ضرورة أن نتفلسف
- ثلاث ملاحظات عابرة: المادة 219 والإقصاء ومذابح الأرمن
- إلى أعضاء لجنة الخمسين
- السلفيون، ماذا يريدون؟
- لماذا علماؤنا يفشلون؟
- أفلاطون: قراءة جديدة
- هوامش على مواد تعديل الدستور
- نحن والغرب


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - رسالة إلى شاب متديّن