أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهار رضا - ولد الخطيئة















المزيد.....

ولد الخطيئة


بهار رضا
(Bahar Reza)


الحوار المتمدن-العدد: 4279 - 2013 / 11 / 18 - 22:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد هذا العمر. لا اقصد هنا المرحلة العمرية بحد ذاتها , بقدر ما هي مرحلة نضوج نفسي وفكري.. بعد كل التجارب المثمرة والاقل ثمراً حصلت على قناعة ان بعض الاقدار التي تدير شؤن حياتنا وتغير مجراها بأماكنها تنير طرقاتنا بمفاجئات ...تطفي حكايات. تزج بنا الى خطايا لنكون اسفل السافلين, او تجعل منا ملاكاً يحلق سابع سماء...
سألتني أبنتي
ــ هل انت ملحدة ماما؟
ــ دعيني أفكر
ــ هل يعني هذا انك لم تفكري في هذا الامر من قبل ؟
ــ لا بالطبع لا... لكن لم أسأل نفسي بهذه الصورة المباشرة! أتصور اني أحس بقرب الله عند عوزي له, وغير ذلك لا ! لأن ان افترضنا يوجد خالق لهذا الكون فلن يعوزه ذكري له ! بالتأكيد له مشاغل اهم من يراني اتوسل ويتلذذ هو بأذلالي .وأن مقولة ان الله أصلب من ان يتسامح , يؤمن بها فقط ,من هو أتفه من أن يسامح. والله وجداننا الذي مهما ابتعدنا عنه نعود نتصالح معه من جديد.
من باب الايمان بقدري لم ادخل عالم المنافسة مع زملائي في العمل وأصبحت لي علاقات متوازنة مع من ينافسني سوق عملي. لم تكن هذه الصفة الوحيد التي جعلة زميلي ( نصير)ان يتصل بي لأدخل عقر دار عمله مما يعني سأنافسه برزقه, بل الى جانبها كان مؤمن بقدرتي على الاقناع او على الأقل هكذا كنتوا ابدوا له. بانني لدي قدرة لا يستهان بها على العثور على ثقب ابرة في قلب الظلام .
حدثني وكأن نور الشمس قد هجر مجرتنا وكارثة حلت بالبشرية لا قيامة لها
ــ بهار بعد الله التجئ لك. أوعديني بأنك ستساعدينني ..وصل جدي وجدتي بعد عناء طويل عن طريق الأمم المتحدة امس . وأول طلب لجدي من المشرفة الاجتماعية هو إتمام معاملة الطلاق ! فضيحة . بعد كل هذه السنين والأولاد والاحفاد يريد تطليق جدتي . تعرفين انت حجم عائلتنا في هذا البلد ..سيبدد كل ما بنيناه من سمعة. طلبت من المشرفة ان تتصل بك كمترجمة لاعتبارات كثيرة أهمها ان تقنعيه بالعدول عن فكرة الطلاق.
خطر ببالي ان اساله عن سبب طلب الطلاق لكن عدلت في اخر ثانية لان دكره للسبب سيكون وجهة نظره هو, مما يجعل تفاوضي مع الجد سيكون على أساس حكم مسبق وهذا يعني فشل مهمتي
ــ سأحاول ...أوعدك سأحاول .سأكون في زيارته قبل الموعد بساعة . مليني العنوان
وصلت العنوان قبل ساعة من اتفاقي مع المشرفة . تركنا نصير, انا والجد لوحدنا بانتظار المشرفة .
عجوز، اسنانه المتساقطة وشحوب وجهه كانا يتحدثا ببلاغة عن حياة من الحرمان والياس.
انتظرت ان يبدأ هو الحديث حتى لا يرتاب من أسالتي. بدأ يسالني عن المدة التي قضيتها في هذا البلد وعن أمور الحياة العامة وحياتي الاجتماعية. هنا استغليت انا هذه النقطة لصالحي وبصورة غير مباشرة ذكرت له ان والدتي ايضاً وحيدة والوحدة صعبة مخصوصاً في هذه السن ونحن اغراب أجابني بتحدي
ــ من قال اني ارمل او وحيد ؟ الم يخبرك نصير عن المشكلة ؟
لا احب الكذب والكذابين . ان لا أذكر الحقيقة , شيء وان اكذب شيء آخر, ما كنت مستعدة ان اخبره عن المعلومة ومدى معرفتي بها. أجبته
ــ هل بودك ان تخبرني ؟
شعرت به وكان الذكريات الموجعة بدأت تطفوا كجثة غريق. ركب الهم ذهنه كشراع اسود وبدء كأنه ينظر الى هناك..الى الماضي
ــ لقد قررت أن أطلقها منذ لحظات العقد القران الأولى .قبل ان اراها قررت ان أطلقها . كنت قد عاهدت الله أن لا ارحل من هذه الدنيا وهي على ذمتي .
تنفس بعمق وهو ينتظر مني إشارة او تعليق, وجاء تعليقي كأول مراوغة .
ــ وهل طلبت الشيخ لإتمام المراسيم ؟
ــ كلا ..لقد زوجني شيخ وكان يعرف ان قلبي معلقاً بأخرى ..لقد ذهبت اليه يومها وحدثته وتوسلت اليه ان يقنع ابي بعدم إتمام الزيجة .هو شيخ المسجد والجميع يقدر كلامه لا بل يكن له القدسية. انه بمثابة صوت الله بيننا .لكنه رفض وقال لي رضى الله من رضى الوالدين.
ــ المهم لا ينفع ان تطلق قانونياُ على ورقة الكفار دون صيغة ديننا
نظر الي وهو يجر يده على ذقنه وكأنه يحاول اختراقي ليرى مدى جدية كلامي ,بدوري انا جمعت كل ما بداخلي من دهاء لأبدوا خرقاء ونظرة اليه بعين السؤال
ــ أسمعيني جيداً ,عشت ضعف عمرك ومن ذاك الزمن والظلم والدين لهم نفس الوجه ونفس النمط اللذان عليهما اليوم, وعليه يجب ان نغير تعاملنا مع هذه الأوجه هذا اذا افترضنا ان نتعامل معهما. طول فترة زواجي الست والخمسين كنت اتعمد عندما يجمعنا فرش الزوجية الى عدم وجود بصيص نور ، كنت اريد لخيالي ان يسكن أماكن أخرى ..هناك حيث تضحك نفيسة عند النبع. هذا الزواج بهذه الطريقة هو عين الخطيئة. أن الزواج بمهر قدره مادي يفقده ذات المهر ,قدره المعنوي .هنا الجسد مقابل المال وأن اتيت بشيخ المذنب ليقرأ الورد ,كأني أغسل الخطيئة بالنفاق.
بدأت اقتنع بكلامه اكثر من قناعتي السابقة بالنسبة للزواج على يد الشيوخ وقيمة الجسد مقابل المهر المعنوي. لكن كنت قد وعدت زميلي بأقناع الجد وعدولة عن فكرة الطلاق وكانت هذه اخر محاولة مني
ــ لكن عدم قبولك لصيغة الزواج يجعل من اولادك واحفادك أولاد غير شرعيين .تقبلك صيغة الزواج يتبعها صيغة الطلاق واليوم فقدان الصيغة يصادر مصداقية الطلاق.
تردد في الجواب ..نظر الى البعيد.. الى بعيد جداً ..الى سنوات معاناته تعلوها مسحة خفيفة من الوجع ...لذت بصمتي. الذي كان يكفر بكل ما بناه اسلافنا من صروح المقدسات التي يحرم هدمها ..صروح من الحقيقة المطلقة .... ليجيبني
ــ لا صلاح للدنيا الاَ بزوال الكبت واقتلاعه من جذوره ..نحن بحاجة الى الابتراء أكثر من الاتعاظ سواء جاء على شكل موعظة أو نصيحة أو كلمة رقيقة .انت تخيرينني بأن يكون اولادي شرعيين او عزوفي اليوم عن الطلاق ..لا تقاطعيني ..سأجيبك عن كل الذين باعوا أجساد بناتهن بمقابل. ان كان هذا المقابل جاه او مكانة او مال. ماذا تبيع المرأة في المبغى ؟ الجسد مقابل مهر مؤقت وتبيع الزوجة الجسد مقابل مهر دائم وفي تلك الحالتين الأولاد من نفس المصدر...اولاد المقابل ..اولاد خطيئة .. الحب هو القدس وهو صيغة جميع أناشيد الطهارة .كل من ولد في لحظة حب هو قدسي, وكل من يولد وقد دفع المقابل هو ولد الخطيئة.
كانت المشرفة قد وصلت وباشرنا بمليء قسيمة الطلاق.
اعتذرت لاحقاً لزميلي دون اعلان هزيمتي. لان اعلان الهزيمة يكون عندما نؤمن بمبدأ ولا نستطيع اقناع المقابل به .لكني كنت قد اقتنعت بمبدأ الجد وهذا ما وضحته لزميلي .



#بهار_رضا (هاشتاغ)       Bahar_Reza#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبال الوهم
- حب من طرف واحد (أغنية الملحن عمر هادي ,ما لحگنة )
- جمعة مباركة
- دهشة الله وصفين
- الرجل ذو الكرش الكبيرة
- مفردة الحب والمنطق
- بين قرابين الاديان الابراهيمية والنرجسية .
- غائيهم حتى يعود (بغداد ابنتي الغائبة)
- نحتاج بين الحين والآخر أن نبوح بأوجاعنا لشخص غريب. كي يحملها ...
- يوم وأربع رجال.
- بهشته وروح الله (قصة قصيرة)
- 31 اب لم يعد وجود لهزائم أقبح لصنعها.
- نقول للدودة الوحيدة طوبى لك يا أشرف خلق الله
- لا تحرگوهم بالنفط ، لأن النفط بسرعة يشتعل حرگوهم بالزيت
- دونية الاكراد وذوي العاهات والمحارفين.
- والدتي ،زوجي وضرتي
- حملة جمع تواقيع لهدم الوثن القاطن في ساحة الشكر (التحرير ساب ...
- الى برواز حسين
- To be´-or-not to be human
- كان زقاق الحلواني (قصة قصيرة)


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهار رضا - ولد الخطيئة