|
الدعوة الى الحوار لحل الازمة العراقية
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 1220 - 2005 / 6 / 6 - 10:34
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
يجمع اكثر المتحدثين والكتاب عن الازمة التي يمر بها العراق على ضرورة الحوار باعتباره الحل الامثل لها. ولكن الدعوة الى الحوار تختلف بين جماعة واخرى. فالحوار الذي تدعو اليه جماعة او يدعو اليه اتجاه سياسي معين يختلف عن الحوار الذي يدعو اليه اتجاه سياسي اخر. واغراض الحوار هي الاخرى تختلف بين جماعة واخرى. ولذلك علينا لكي نفهم فحوى الحوار واغراضه ان نميز بين انواع الحوار الممكنة والاتجاهات السياسية التي تدعو اليها. النوع الاول والاكثر شيوعا للدعوة الى الحوار يجري من جانب الهيئات الحاكمة العراقية، من الحكومة التي من المفروض انها حكومة منتخبة، حكومة ابراهيم الجعفري. وهذه الدعوة الى الحوار تعلن انها تريد من الجماعات غير المشتركة معها في الحكم او التي قاطعت الانتخابات وليس لها تمثيل في المجلس الوطني والتي يطلق عليها اسم السنة الاشتراك فيما يسمى العملية السياسية. فما هي طبيعة هذا الحوار؟ ما معنى الاشتراك في العملية السياسية؟ من المعروف ان العملية السياسية القائمة هي حقيقة واقعة وضعتها قوى الاحتلال عن طريق مندوبها السامي بريمر الذي وضع قانون ادارة الدولة وعين جماعة ممن جاؤوا على الدبابات الاميركية كمجلس حكم او كحكومة. هي عملية سياسية تخضع لاوامر جيوش الاحتلال التي ابدلوا اسمها فاصبحت فجأة بقدرة قادر قوات متعددة الجنسيات تابعة للامم المتحدة وتأتمر باوامرها. وهذا يعني ان الحوار يدعو الجماعات المعارضة التي لم تستطع الولايات المتحدة اجتذابها الى هذه العملية الى الاشتراك في هذه العملية الاميركية لقاء اغراءات او مكافآت تقدمها لها كالحصول على مناصب وزارية مغرية الارباح او المشاركة في لجنة وضع الدستور اي المشاركة في الفتات الذي تلقيه الولايات المتحدة الى عملائها من ثروات العراق المنهوبة. يجري الحديث في هذا الصدد عن السنة وكأن المعارضين للاحتلال هم السنة العراقيون وحدهم. وهذا غير صحيح فان اطلاق كلمة السنة على كل من يعارض الاحتلال وكل من لم يوافق على الاشتراك في هذه العملية السياسية كذب وبهتان. فكما ليس هناك مرجعية دينية تشمل جميع شيعة الشعب العراقي وليس هناك مرجعية تشمل جميع الشعب الكردي لا توجد هناك مرجعية تشمل جميع سنة الشعب العراقي. فالشيعة والاكراد والسنة وجميع الطوائف الدينية والقومية الاخرى ليست جماعات متشابهة تتماثل مصالحها الاقتصادية واراؤها السياسية. ففي الشيعة عمال وفلاحون وحرفيون ومثقفون وراسماليون ولكل فئة من هذه الفئات مصالحها الاقتصادية واراؤها السياسية التي تختلف عن الجماعات الاخرى. ولذلك لا يمكن ان تكون لجميع هذه الفئات مرجعية واحدة تمثل مصالحها جميعا. وليس تقسيم العراق على اساس طوائفه الدينية سوى لعبة اميركية اتخذتها الولايات المتحدة كوسيلة من وسائل فرق تسد لكي تمزق الشعب العراقي وتحقق سيطرتها وسيادتها على الشعب العراقي وعلى ثرواته. وهذا يصح على الاكراد ايضا. فلا يوجد حزب يمثل جميع فئات الشعب الكردي. فالشعب الكردي ككل شعب آخر يتألف من طبقات ومراتب مختلفة لكل منها مصالح اقتصادية واراء سياسية مختلفة عن الفئات الاخرى ولا يوجد ولا يمكن ان يوجد حزب يمثل مصالح واراء جميع هذه الفئات الاجتماعية الكردية. ان الدعوة الى مشاركة المعارضة في العملية السياسية وفي وضع الدستور دعوة اميركية بحتة لا علاقة لها بمصالح الشعب العراقي في الاستقلال والخلاص من الاحتلال الاميركي البريطاني. واعتقد ان اي عراقي له احساس وطني معاد للاحتلال ويريد تحرير العراق من الاحتلال الانجلواميركي لا يمكن ان يقبل التدهور الى هذا المنحدر. والنوع الثاني من الدعوة الى الحوار هو دعوة الوطنيين الحريصين على مصلحة العراق والمعادين للاحتلال والراغبين في تحرير العراق منه. وفحوى هذه الدعوة هي جمع كل الوطنيين وتأليف مؤتمر او جمعية تتناول الحكم وتؤلف حكومة وطنية، حكومة القانون والعدل والمساواة بين العراقيين بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية والقومية، حكومة كهذه تطلب من الجيوش الاميركية تحديد جدول زمني للخروج من العراق. ان هذه الدعوة تنطوي على الطيبة والنيات الحسنة. ولكنها تتجاهل وجود الاحتلال وتفكر كأن الشعب العراقي حر في ان يكون منظماته وحكوماته وسلطاته بدون تدخل من قوات الاحتلال. يعتقدون انه بمجرد اجتماع المنظمات او الهيئات او العناصر الوطنية والحوار بينها والاتفاق على تشكيل مؤتمر او منظمة تؤلف حكومة وطنية قادرة على طلب جلاء القوات الاميركية والبريطانية يحقق استقلال العراق ولو تدريجيا. وان طلب مثل هذه الحكومة من الولايات المتحدة لترك العراق او تحديد موعد لمغادرتها يحتم على الجيوش المحتلة الجلاء عن العراق وتحريره من الاحتلال. ولكننا نرى ان اية معارضة تبدو من اية فئة يبدو للمحتلين انها تشكل خطرا عليها كأن يقوم امام جامع بدعوة المصلين الى معارضة الاحتلال تكون نتيجته دهم الجامع من قوات الاحتلال او من القوى المرتزقة العراقية التي تخضع رسميا لاوامر المحتلين كالحرس الوطني والمغاوير والجيش ، وقوات بدر او البيش مرغة لكي يداهموا الجامع ويعتقلوا امامه وغيره من المصلين. واليوم يتحدث رئيس وزراء الحكومة المنتخبة ديمقراطيا والمستقلة الكاملة السيادة عن العمل لدى الجيوش المتعددة الجنسيات لكي تحرر الائمة المعتقلين لديها ويدعي هو او احد وزرائه انه امر جيوش الاحتلال بعدم الدخول الى الجوامع. وان اية صحيفة يبدو للمحتلين انها تشكل تحريضا للناس على مقاومة الاحتلال والمطالبة بتحديد جدول زمني لجلاء الجيوش الاجنبية سرعان ما يجري منع هذه الصحيفة او مداهمتها واعتقال محرريها لاسباب امنية أو لانها تحرض على الارهاب او لتهم اخرى. ان الشعب العراقي ليس حرا في تشكيل منظماته وقواه السياسية طالما وجدت قوات الاحتلال في العراق. وحتى الحكومة المعينة من قبل الاحتلال ليست لها ارادة مستقلة بل هي خاضعة خضوعا تاما لاوامر المحتلين. عند الهجوم الغادر على الفلوجة زعم علاوي انه هو الذي طلب من جيوش المارينز مهاجمة الفلوجة للقضاء على المقاومة والقبض على الزرقاوي بعد ان نفد صبره لان سكان الفلوجة لم ينفذوا اوامره بتسليم الزرقاوي. فهل يستطيع الجعفري ان يدعي انه هو الذي طلب من المارينز ان يشنوا حرب الابادة على مدينة القائم ومدينة الحديثة؟ كانت استجابة الحكومة للمداهمات في القائم والفلوجة ان الحكومة طلبت من الامم المتحدة ومجلس الامن ان تسمح لقوى الاحتلال بالبقاء في العراق وكأن الامم المتحدة هي التي ارسلت القوات الاميركية والبريطانية لشن الحرب على العراق واحتلاله. واخيرا سمعنا امس عن مشروع البرق لتحقيق الامن في بغداد الذي يعدنا بالقضاء على الارهابيين ومن يؤويهم ومن يحرض على الارهاب بنفس القسوة. وقد بدأت حملة البرق بهجوم ٤٠ ألف جندي لكي يداهموا كل بيت بنفس طريقة المارينز المهينة والمدمرة في مناطق معينة من بغداد بحجة القضاء على الارهاب وكمقدمة لكي تشمل حملة البرق جميع المدن والقرى العراقية. (ملاحظة: وانا اراجع قراءة هذا المقال قبل ارساله الى الحوار المتمدن سمعنا عن انتصار عظيم لحملة البرق حين داهمت قوات المارينز دار عائلة الدكتور محسن عبد الحميد الارهابية واعتقاله مع اولاده الثلاثة وضيفه ولا نعلم عن حراسه الذين عينهم له بريمر. فقد داهم جنود المارينز دار محسن عبد الحميد وعاملوه ومن معه نفس معاملة كل عراقي يجري اعتقاله وعبثوا في ممتلكاته ونهبوا امواله وطرحوهم ارضا على حد وصف الدكتور نفسه وعاملوه معاملة مهينة رغم انه عرض عليهم بطاقته ولا ندري ان كانوا قد قيدوا يديه الى الوراء والبسوه الكيس في رأسه كما يفعلون مع كل من يعتقلونه. ومركز الدكتور لا يقل شأنا عن مركز رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لانه كان مثلهما عضوا في مجلس بريمر وكان شأنه شانهما من الاعضاء المتناوبين على رئاسة المجلس. وقد اظهر رئيس الجمهورية المنتخب ديمقراطيا شجاعة نادرة وتجرأ على ان يطلب من جيوش الاحتلال علنا اطلاق سراح زميله فورا. ترى هل نسمع غدا مداهمة قصر الارهابي رئيس الجمهورية واعتقال الرئيس بنفس الطريقة المهينة للتحقيق معه على جرأته النادرة ومحاسبته على جرأته في مطالبة المارينز علنا باخلاء سبيل الدكتور محسن عبد الحميد!؟) ان دعوة الوطنيين الى الاتحاد في مؤتمر او في مؤسسة ايا كان نوعها تقوم بتأليف حكومة وطنية هي دعوة ذات نوايا طيبة ولكنها سرعان ما تصطدم بمداهمة قوى الاحتلال وتدمير اية مؤسسة او منظمة تشعر منها بخطر على وجودها في العراق. فالولايات المتحدة استولت على العراق كما استولت على افغانستان وتستولي على المئات من دول العالم عسكريا واقتصاديا وسياسيا في طريق استيلائها على العالم كله. انها استولت على العراق لكي تحكمه وتستغله وتنهب ثرواته الى الابد. وليس في العراق او اي بلد من هذه البلدان المحتلة اية قوة تستطيع الطلب من الولايات المتحدة الجلاء سلميا. ولا يمكن التخلص من الاحتلال الاميركي في اي بلد في العالم الا بطرده وجعل الاحتلال مستحيلا بالنسبة للولايات المتحدة. ان الولايات المتحدة احتلت العراق لكي تخضعه وتنهب ثرواته الى الابد وليس لتحقيق مهمة مؤقتة تغادر البلاد عند اتمامها كما تدعي. فمهمة الولايات المتحدة في المانيا مثلا لم تنته بعد رغم مرور ستين عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية. والنوع الثالث من الدعوة الى الحوار هي الدعوة الى وحدة القوى اليسارية. فهل بالامكان توحيد القوى اليسارية القائمة اليوم في العراق؟ لكي يمكن الاجابة على هذا السؤال علينا اولا ان نتعرف على القوى اليسارية. فليست في العراق اليوم قوى يسارية متجانسة وانما توجد انواع واشكال من القوى اليسارية. وعلى راس القوى اليسارية من المفروض ان تكون الحركة الشيوعية او الماركسية او الثورية بمختلف الاسماء التي تشيع في يومنا هذا. من المعروف ان الحركات الماركسية او الشيوعية هي اقصى اليسار واوج الحركات الثورية في التاريخ. فماذا نشاهد اليوم في العراق؟ نرى في العراق اليوم عشرات الاحزاب والمنظمات التي تدعي الماركسية والشيوعية. وحتى شعارات هذه الاحزاب تختلف الواحد عن الاخر. نرى ان بعض هذه الاحزاب تضع صورة ماركس وانجلز شعارا لها. وهذا يعني ان الماركسية بالنسبة لها هي ماركسية ماركس وانجلز. بينما نرى احزابا اخرى تضيف صورة لينين الى ماركس وانجلز وهذا يعني ان الماركسية بالنسبة لها تعني ماركسية ماركس انجلز لينين. ونرى احزابا اخرى تضيف صورة ستالين اليها وهذا يعني ان الماركسية بالنسبة لها هي ماركسية ماركس انجلز لينين ستالين. ونرى احزابا اخرى تضيف صورة ماو تسي تونغ اليها وهذا يعني ان الماركسية بالنسبة لها هي ماركسية الخمسة. وشعار اخرين هو المطرقة والمنجل. وبعض الاحزاب تنتمي الى الاممية الرابعة التي تؤمن بان تروتسكي هو الماركسي الاول بعد لينين او ربما قبل لينين. ونرى احزابا اخرى تؤمن بان منصور حكمت هو الماركسي الاول بعد ماركس وانجلز ربما بدون لينين. والحزب الشيوعي العراقي العريق يرفع شعاره بالعبارتين التقليديتين، شعار ماركس "يا عمال العالم اتحدوا" وشعار فهد "وطن حر وشعب سعيد" وفي الوقت ذاته يتحقق شعار يا عمال العالم اتحدوا لدى الحزب الشيوعي بتمزيق العمال العراقيين الى حزب شيوعي عربي يقود العمال العرب وحزب شيوعي كردي يقود العمال الاكراد. ويتحقق شعار فهد في برنامج الحزب في الانتخابات الاميركية فهل نجد غدا حزبا شيوعيا شيعيا وحزبا شيوعيا سنيا تمشيا مع التقسيم الطائفي الرسمي وسياسة المحاصصة في العراق؟ وهل نرى بعد كتابة الدستور حزبا شيوعيا للاقليم الجنوبي وحزبا شيوعيا للاقليم الاوسط ولكل اقليم اخر يقسمه الدستور للعراق؟ ولنترك الان جانبا اشتراك هذا الحزب في العملية السياسية. ولكننا نعلم من التاريخ ان الحركات السياسية اليسارية لا تقتصر على الحركات الشيوعية او الماركسية. فهناك منظمات اخرى تعادي الماركسية والشيوعية ومع ذلك تحمل شعارات يسارية وتسمي نفسها منظمات يسارية. نترك الحديث الان عن ما تسميه الحركات الشيوعية حركات اشتراكية ديمقراطية او احزاب الاممية الثانية او ما تسميه احزابا انتهازية او تحريفية وغيرها. والدعوة الى الحوار بين اليساريين والى توحيد الحركات اليسارية او توحيد اليسار تتوخى توحيد جميع هذه الحركات في منظمة واحدة. فهل من الممكن تحقيق وحدة لهذا الفسيفساء من الحركات اليسارية؟ في الحوارات السياسية تتحقق عادة انواع عديدة من الاتفاقات مثل التعاون والتضامن والتحالف والتآلف والجبهة وغير ذلك وكل هذه الاتفاقات اتفاقات مؤقتة لانها تتحقق على اساس اهداف معينة مشتركة يتفق عليها اطراف الاتفاق مع احتفاظ كل من الاطراف المتفقة بمنهاجها وبمصالحها واهدافها الاخرى المختلفة عن مصالح الاطراف الاخرى. وينتهي الاتفاق فور تحقيق الهدف او الاهداف المشتركة او قبل تحقيقها. هناك نوع اخر من الاتفاقات هو الاتحاد. وهذا الاتفاق هو الوحيد بين جميع الاتفاقات الاخرى بكونه اتفاقا دائما. ولا يتحقق الاتحاد الا اذا كانت اطراف الاتحاد كلها متشابهة المصالح ليس لاي من الاطراف فيها مصالح مختلفة عن الاطراف الاخرى. هل توجد ظروف مناسبة لتحقيق الاتحاد بين جميع هذه المنظمات والهيئات اليسارية؟ بالطبع لا. لان كل من هذه المنظمات تدعي انها هي المنظمة اليسارية الحقيقية وان سائر المنظمات ليست حقيقية. هناك نظرية واحدة تستطيع ان تجمع جميع اليسارييين الحقيقيين وتوحدهم هي الماركسية اللينينية. وفي هذه الحالة يؤدي الاتحاد الى تشكيل حزب واحد او منظمة واحدة. والنظرية الماركسية اللينينية هي نظرية الطبقة العاملة العالمية. والطبقة العاملة العالمية طبقة واحدة ذات مصلحة واحدة هي الاطاحة بالنظام الراسمالي وبناء المجتمع الاشتراكي ثم الشيوعي. والشكل الامثل لمصلحة الطبقة العاملة العالمية هو ان يكون لها حزب عالمي واحد يمثلها ويقود نضالها. ولكن انقسام العالم الى دول واقطار وامم تختلف في انظمتها ولغاتها وتقاليدها وحدودها جعلت من غير الممكن ان يتحقق هدف الطبقة العاملة العالمية بوجود حزب واحد يمثلها ويقودها. ولكن شيئا من هذا الاتحاد تحقق في الامميات الثلاث وخصوصا في الاممية الثالثة بعد ان نشأت اول دولة اشتراكية في التاريخ. فالاممية الثالثة كانت بمثابة حزب واحد يمثل الطبقة العاملة العالمية وكانت الاحزاب الشيوعية فروعا منتمية الى هذه الاممية. وتحقق في تلك الحقبة ما كان يسمى وحدة الحركة الشيوعية العالمية التي كانت تعتبر الاتحاد السوفييتي الاشتراكي وطن الطبقة العاملة العالمية الاول. كان هذا ممكنا لان جميع الاحزاب المنتمية الى الاممية الثالثة كانت تؤمن بنظرية واحدة هي الماركسية اللينينية وتطبقها تطبيقا صحيحا نوعا ما وتشرف الاممية الثالثة على هذا التطبيق وتقوم بالارشاد والنصح والتوجيه والتثقيف لتحقيق ذلك. وميزة هذه النظرية هي كونها نظرية علمية. وكما اننا لو اعطينا معادلة رياضية لعلماء من شتى بلدان العالم لحلها فانهم يتوصلون الى نفس النتيجة فاننا لو اعطينا جميع الماركسيين الحقيقيين في العالم قضية معين لحلها لتوصلوا الى نفس النتيجة. هذا هو السر في امكانية وجود منظمة مثل الاممية الثالثة الشيوعية وفي امكانية وحدة الطبقة العاملة العالمية. ولكن وحدة الحركة الشيوعية العالمية دمرت بتخلي قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي عن النظرية الماركسية واتخاذه سياسة اعادة الراسمالية الى الاتحاد السوفييتي ومقاومة كل حركة ثورية في العالم. ليس في الحركات السياسية التي تسمى يسارية اليوم في العراق اية صفة تجعل بامكانها الاتحاد او الوحدة او تكوين منظمة يسارية واحدة تمثل الطبقة العاملة. لذا اعتقد ان الدعوة الى توحيد الحركات اليسارية العراقية امر مستحيل في الظروف السياسية الراهنة. ولكن العراق يمر اليوم في محنة كبرى، محنة الاحتلال الاميركي. وقد يكون في هذا الوضع مجال لاتفاق الحركات اليسارية او معظمها على هدف او جملة اهداف يتعاونون بصورة ما على تحقيقها مع احتفاظ كل منظمة او كل حزب باهدافه ومصالحه المختلفة عن الاهداف المتفق عليها. فكل حزب يعمل وفقا لبرنامجه او لخطه السياسي مع الالتزام بالعمل المشترك مع الاحزاب او المنظمات الاخرى من اجل تحقيق الهدف المشترك او الاهداف المشتركة. اي هدف يمكن ان يكون مشتركا بين هذا العدد الكبير من الاحزاب والمنظمات اليسارية؟ ان العراق يمر الان في محنة الاحتلال الاجنبي وفقدان الاستقلال. فالعراق اليوم مستعمرة اميركية بكل ما في ذلك من معنى. واذا كان من الممكن ايجاد هدف مشترك لجميع المنظمات اليسارية فلن يكون سوى هدف النضال ضد الاحتلال الاجنبي لان هذا الهدف هو هدف مشترك لكل انسان يمكن ان يسمى يساريا حقا. يبدو لي ان اي حوار بين اليساريين على الاتفاق لا يمكن ان يتناول اي هدف غير هدف النضال ضد الاحتلال الاجنبي والعمل على تحرير العراق منه. ان اتفاق هذه المنظمات او اغلبها على مقاومة الاحتلال والنضال من اجل تحرير العراق منه يمكن ان يشكل قوة كبيرة ذات تأثير كبير على تحقيق هذا الهدف السامي، هدف تحرير العراق من الاحتلال وهو هدف لا يتحقق الا بقيادة الشعب العراقي للنضال في سبيله ولا يمكن قيادة الشعب العراقي في هذا النضال ما دامت الاحزاب والمنظمات اليسارية يعادي بعضها البعض. فقيادة الشعب تحتم قبل ذلك اتفاق المنظمات السياسية التي تقوده. ان اتفاق الاحزاب والمنظمات اليسارية او اغلبها على هذا الهدف يعني انها تضع برنامجا محددا لمعنى مقاومة الاحتلال واشكال المقاومة السلمية وغير السلمية وتعمل على توحيد الجماهير الشعبية في اتجاه العمل وفقا لهذا البرنامج. وتجريد المقاومة الحالية من الطابع الديني والتشرذم الذي تعاني منه وعزل القوى الارهابية المعادية للشعب العراقي والموالية للامبريالية التي تجري بحجة المقاومة. فليكن شعارنا اتفاق جميع الحركات اليسارية المعادية للاحتلال والراغبة في تحرير العراق منه لكي يكون بالامكان قيادة الشعب العراقي وهو القوة الوحيدة القادرة على مقاومة الاحتلال والتحرر منه. حسقيل قوجمان
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماركسية نظرية للطبقة العاملة
-
هل الماركسية تمر في ازمة ام المنظمات التي تبنتها
-
الهجوم على ستالين هجوم على الماركسية
-
البحث عن الطبقة الوسطى
-
هل تستطيع الطبقة العاملة قيادة الحركات الثورية؟
-
عيد العمال العالمي
-
حول مقولة لينين -الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية-.
-
أزمة اليسار- التكوين الطبقي لحزب الطبقة العاملة.
-
أزمة اليسار (من هو الشعب؟) الجزء الثاني
-
أزمة اليسار (من هو الشعب ) في جزأين
-
الاخ العزيز سلامه كيله
-
ازمة اليسار - صنعة ماركسية عربية
-
أزمة اليسار - تعاريف
-
جواب سريع الى الاخ سلامة كيله
-
من كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - القسم الا
...
-
ملاحظات حول رايي في الحزب الشيوعي الاسرائيلي سنة 1962
-
من كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية
-
عودة الى قرار تقسيم فلسطين - 2
-
عودة الى موضوع قرار تقسيم فلسطين 1
-
حول الطبيعة التقدمية لحزب البعث السوري
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|