محمد أحمد بكور
الحوار المتمدن-العدد: 1219 - 2005 / 6 / 5 - 11:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تتعالى أصوات المعارضة السورية في الداخل و الخارج و تزداد الدعوات و المطالبات و الضغوط الشعبية مطالبة بالتغيير في النظام الأستبدادي ، و أزالة كابوس الخوف و الرعب و الدولة الأمنية ، و أطلاق الحريات و إلغاء كافة الموانع التي تعيقها أو تعطلها ، للتحول إلى نظام ديموقراطي تعددي ، يحترم حقوق المواطن و الأنسان .
و في هذه الظروف الصعبة و المتغيرات الدولية و الأقليمية ، و المشاريع التي تستهدف حاضر و مستقبل الأمة و الشعب و الوطن ، تضعنا أمام مسؤولياتنا الوطنية و القومية ، لعرض وجهة نظرنا في بعض مواد دستور عام 1973 علها تساعد أذا توفرت الأرادة الحقيقية و الجدية لأتخاذ الخطوات و التعديلات كمدخل لمرحلة أنتقالية ، تؤسس لبناء نظام يعتمد على مبدأ المساواة وسيادة القانون و تداول السلطة ، ويحترم حقوق الأنسان ، و تحديث الدولة على كافة الأصعدة .
فالدستور كما هو معروف القانون الأعلى لأي بلد ، ويفترض ان قواعده القانونية تتضمن المصالح الأساسية للشعب والوطن ، ولهذا يتمتع بالحرمة والقدسية للحفاظ على الأستقرار . ومن المتعارف عليه في القانون الدستوري وجوب إعادة النظر به أو ببعض مواده عندما تقضي ذلك مستجدات جوهريه و إلا أصابه الجمود ، و أضاع حقوق الناس .
أذن التعديل و التبديل تمليه ضرورات و مبررات حقيقية تتطلبها المصلحة العامة و ليس مصلحة فرد و إلا أصبح ألعوبه و فقد هيبته و احترامه . و هل يوجد ضرورات أكبر من أطلاق الحريات لحاجات أنسانية و اجتماعية و ضرورات سياسية و أقتصادية و ثقافية ، و إعادة السيادة للشعب للأمساك بحلقات الصراع و أدارتها و يتحمل المسؤولية ، و هذا لا يتم إلا بالتحول الى نظام ديموقراطي يمارس فيه سن التشريعات و القوانين و المشاركه الفعلية و الرقابة ، بواسطة نوابه المنتخبين عبر صناديق الأقتراع .
ونستعرض بعض مواد الدستور التي يجب إلغائها أو تعديلها اذا كان هناك نية حقيقية للأصلاح و الأنتقال من النظام الشمولي الىالنظام الديموقراطي أذ لكل منها مؤسساته و آلياته :
الماده (8) التي تنص على ان حزب البعث هو القائد في المجتمع والدولة .
هذه المادة بالأضافة لكونها تصادر القرار الوطني فأنها تحتكر السلطة وتهيمن على الدولة ، و تفرض الوصايه على المجتمع بأعتباره قاصراً يحتاج الى ولاية الحزب ( القائد ) ، و هي تتناقض مع المادة (25) الفقرة (3) التي تنص على المساواة في الحقوق و الواجبات .
أن واقع الأمر جعلت من هذه المادة الحزب مالكاً للدولة والمجتمع . مما يتطلب إلغاءها و الغاء المادة (84) ذات الصلة بها و التي تحصر أقتراح شخص رئيس الجمهورية بالقيادة القطرية ، و ألغاء كافة القوانين المتعلقة باحتكار السلطة ، لتكون الدولة في خدمة الشعب و تعمل مؤسساتها على حماية الحقوق الأساسية للمواطنين كما تنص المادة (12) و لإعادة الوظيفة الأجتماعية للسلطة و ليس الى أداة هيمنه وتسلط على الدولة بكافة مجالاتها من قبل الحزب ، فأحتكار الوظائف و العمل يتناقض مع المادة (36) الفقرة (1) بأن العمل حق لكل مواطن و واجب عليه و تعمل الدولة على توفيره .
لقد أصبحت الوظائف مقصورة على الحزبيين و لا يمكن الوصول اليها إلا عبر البوابة الحزبية و أصبحت وسيلة للأذلال و لأفساد وشراء الضمائر و التشجيع على الأنتهازية ، فاتحة المجال للعجزة و المتخلفين ليتبؤوا أماكن العاملين و المنتجين و الموهوبين قاضية على مبدأ تكافؤ الفرص ، و مناقضة للأعلان العالمي لحقوق الأنسان ، بحق الجميع بالعمل كما جاء في مادته (23) .
نصت المادة (50) على المساواة في أنتخاب أعضاء المجلس و المادة (57) فقرة (1) على الحرية في أنتقاء الممثلين . ولكن هذه المساواة و الحرية أفرغت من محتواها بفرض نسبة محددة للحزب و أعضاء ما يسمى بالجبهة ، و كذلك ما فرضته المادة (53) بأن نصف أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين فأين المساواة بحقوق الأنسان ؟ و هذا يتطلب التعديل بما يحقق المساواة بين جميع أفراد الشعب دون تمييز لأي سبب كان .
سلطات الرئيس :
لقد أعطى دستور عام 1973 رئيس الجمهورية السلطات الثلاث : التنفيذية و التشريعية والقضائية مما جعل النظام ديكتاتورياً فردياً أستبدادياً مطلقاً .
السلطة التنفيذية :
فالمادة (117) جعلت رئيس مجلس الوزارة و الوزراء مسؤولون أمام الرئيس وليس أمام مجلس الشعب ، و هو حسب المادة (91) ليس مسؤولاً عن الأعمال التي يقوم بها لمباشرة أعماله ، مما يلغي سيادة الشعب و رقابته عبر ممثليه .
السلطة التشريعية :
• نصت المادة (99) على حق الرئيس أصدار المراسيم التشريعية و القرارات و الأوامر .
• المادة (101) إعلان و إلغاء حالة الطوارئ و كذلك المادة (113) على أتخاذ أجراءات سريعه ... دون عرضها على السلطة التشريعية .
• المادة (111) أعطت الرئيس سلطة التشريع حال أنعقاد مجلس الشعب أو عدم أنعقاده و أصداره مراسيم تشريعيه لها قوة القوانين .
أن عملية أحصاء بسيطة للمراسيم التشريعية التي تصدر عن الرئيس مقارنة بما يصدر عن مجلس الشعب نرى أن أكثر من 90% صادرة عن الرئيس مما يعني أن السلطة التشريعية بيده و هو في نفس الوقت غير مسؤول عن أعمالة كما تقدم .
السلطة القضائية :
فقدت أستقلالها و أصبحت أحد أدوات السلطة التنفيذية .
فالرئيس هو الذي يرأس مجلس القضاء الأعلى وفق المادة (131) و يعين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وفق المادة (139) .
يضاف إلى ذلك ما نتج عن تطبيق قانون الطوارئ من إزدواج القضاء و أولوية القضاء الأستثنائي بمحاكم أمن الدولة و المحاكم العسكرية و الذي لا يخضع للضمانات القانونية و تحقيق العدالة و إنما للاعتبارات الأمنية و السياسية, مما يعد إنتهاكا لحقوق الأنسان و كما حدث في الإعتقالات الأخيرة لنشطاء حقوق الأنسان و منتديات المجتمع المدني .
لقد نصت المادة 153 على بقاء التشريعات النافذة و الصادرة قبل إعلان الدستور سارية المفعول الى أن تعدل بما يوافق أحكامه .
لقد أقرت هذه المادة دستوريا إستمرار قانون الطوارئ الصادر في 8/8/1963. و عطلت الحريات و الحقوق و الواجبات العامة من المادة/ 25 – 49.
بعد إستعراض لبعض مواد الدستور نرى أنه يجب إعادة النظر و صياغة قواعد دستورية و قانونية تكرس سلطة الشعب و تعيد للسلطة وظيفتها الأجتماعية لخدمته بعد أن تم إقصائه و حصرها بالحزب ثم بشخص, فسورية أكبر من حزب البعث بل أكبر من جميع الأحزاب الموجودة و التي ستوجد إنها الشعب و الأرض و التاريخ . فالمطلوب إنتزاع هذه السيادة فهي حق الشعب و ليست حقا للحزب .
لهذا نطالب الجميع حكاما و محكومين للعمل على تأسيس نظام ديمقراطي تعددي يعتمد تدوال السلطة و إحترام الرأي و الرأي الآخر و حقوق الأنسان, و يقوم على مبدأ فصل السلطات و توازنها ، و أن ينص الدستور على تحريم العودة الى الحزب الواحد أو القائد تحت إي ذريعة, و تجريم كل من يدعو الى أفكار فردية أو إستبدادية و تحديد عدد دورات فترة الرئيس على أن لا تزيد عن دورتين .
لقد أضافت طبيعة النظام القائم في سوريا مصطلحاً جديداً في علم السياسة و هو الجمهورية الوراثية المطلقة ، مدشناً هذا المفهوم في المنطقة العربية .
إن الزمن قد تجاوز الإصلاحات الجزئية و التجميلية و لا بد من أجراء عملية جراحية كبرى, تبدأ بإلغاء قانون الطوارئ و المادة 8 من الدستور فبدون ذلك لانكون قد سلكنا طريق التغيير الحقيقي .
و من موقع المسؤولية الوطنية و الأخلاقية نتمنى على النظام أن لا يخطئ التقدير و يستمر بالإنغلاق على ذاته و تحجره ، و الإدعاء بالإنفتاح و الحرية مع ممارسة مزيدا من المركزية. فماذا يعني ما ورد في صحيفة تشرين – ثقافة و فنون بتاريخ 16/5/2005 في مقابلة مع الفنان رفيق سبيعي و تحدث فيها مفصلا عن أغنية يزمع تقديمها للجمهور و إستمراره في مقابلات مسؤولين حكوميين و عضو قيادة قطرية حتى وصل الى رئيس الجمهورية و لم تتم الموافقة حتى الآن! هل هذا إنفتاحا و هل هذه حرية؟
نأمل أن تكون المرحلة الحالية محطة إنطلاق للمستقبل و ليس المحطة النهائية و أن يجري تحولاً تاريخيا يحرر المواطن من كابوس الأجهزة الأمنية و تصفية تراكمات أربعة عقود بطريقة سليمة .
اللجنة السورية للعمل الديموقراطي
المحامي محمد احمد بكور
#محمد_أحمد_بكور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟