|
عاشوراء الدوق فليت الأبدية
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 4275 - 2013 / 11 / 14 - 20:02
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الأضحية والقرابين هي محور ما أود مناقشته هنا في هذه المقالة ، لفت نظري مشاهد مروعة هذا الصباح لبشر ملطخين بالدماء وفي حالات خطرة في شعبة الطوارئ ، ضربوا رؤوسهم بالسيوف في طقوس مميزة في العاشر من المحرم ، اليوم الذي فيه قتل الحسين بن علي ، سنناقش هذه الثيمة المشتركة بعد قليل .. سنستخدم بعض أفكار الانثربولوجيا وعلم النفس اليونغي في فهم هذا الطقس ، نفهم الآخرين بحثا عن الأمان وبحثا عن سبل العيش مع كائنات لا نفهمها ولا تفهمنا ، طقس الأضاحي أو القرابين يعود للعصور الحجرية القديمة فقد تراوحت تلك الثقافات القديمة بين البشر وبين الحيوانات وبين النباتات ، فكلما تعقدت الحضارة زاد تكلفة القربان ، تخبرنا الكتب المقدسة الإبراهيمية عن حادثة القربان الأول بين هابيل وقابيل ، قابيل قدم ثمار ما زرع ، وهابيل قدم ما صاده من البرية ، الإله يتقبل الذبيحة ولم يتقبل النباتات !! تعطينا هذه الأسطورة رتبة هذا الإله بوصفه جنرالا لا بصفته مهندسا كما أفهمه أنا ، الجنرالات في استراحتهم يعذبون أسراهم وأن لم يجدوا حروب يخلقونها ، تقفز لنا تلك الكتب لحادثة أخرى وهي التضحية بالنبي يونس حين حاصرت عاصفة السفينة التي كان يركبها ، ضحى البحارة وبالقرعة بهذا المسكين الهارب حتى يهدأ مزاج إله العواصف ، وقصة أخرى تتضمن التفكير جديا من قبل ابراهيم بابنه حسب طلب الرب ، يسوع يسلم نفسه للصلب كأي مخبول ( هربا من القرف ربما ) حين تحدى كهنة أورشليم بشكل علني ، طبعا لاحقا تمت تحويل القصة على كونها تضحية بشرية من اجل خلاص العالم ، قصة تنفع كهنة الكنائس في قيادة القطعان كآلية تضمن الولاء المقدس ابديا ، خارج ثقافة ابراهيم وذريته كان مفهوم القربان هو نفسه فمن حضارات أميركا الوسطى والجنوبية ( المايا وألانكا ) وصولا للصين وجزر اليابان تنوعت طقوس الأضاحي رغم احتفاظها بنفس الجوهر ، في اليابان القديمة كانت القصور والمباني عامة تُدفن تحت أسسها النساء العوانس طلبا من أرواح الأسلاف حتى يحفظوا تلك المباني ، سور الصين كان يدفن تحته جثث العمال حتى يبقى ابديا ، وفي المايا كان يضحون بالأسرى طلبا لرضى الآلهة ، ولدينا الطقوس البابلية في البكاء على تموز القتيل وحزن العروسه ( عشتار ) علي حبيبها .. نأتي الأن لمناقشة ثيمة طقوس عاشوراء ، ثيمة حديثة نسبيا على التاريخ الشيعي ، تخبرنا المصادر بغيابها كليا في العصر البويهي والعصر الفاطمي وحتى في أشد الأفكار الإسماعيلية غموضا لم نجد مثل تلك الأفكار ، الطقوس مطبوخة ببراعة في الفرن الصفوي ، وكلنا يعلم جيدا هنا تشيع صفوي يختلف كليا عن التشيع الجعفري بنسخته العتيقة ، لماذا وكيف ولدت تلك الطقوس في العوالم الذهنية للسيد إسماعيل الصفوي ، الموضوع يتعلق بخلق التوكيدات العاطفية لهذا المذهب في مقابل عظمة الدولة العثمانية السنية ، يخبرنا علي شريعتي بأن تلك الطقوس مستوردة من اوربا الوسطى ، كان المسيحيين في تلك المناطق يعيدون تمثيل صلب السيد يسوع بالدم .. شيء ما يجلس في خلف اللاشعور الجمعي ، شيء يتعلق بخلق سندات مصرفية ( نفسية ) بين المجتمع البشري من جهة وبين تلك الرموز المقدسة ( يسوع والحسين ) ، تلك السندات توحد البشر في كرنفالات مشتركة بحثا هوية موحدة ، يشبه الأمر تماما ما يحدث في احتفالات اعياد الميلاد والهالوين ، خلق نقاط مقعرة تجذب البشر لبعضهم البعض على طوال الخط الاجتماعي التطوري .. نلاحظ هنا : كلما زاد التطور الاجتماعي تحول الطقس للفرح وبالعكس .. كهنة مدينة النجف حريصون جدا على أبقاء تلك الطقوس أبدية ، تصرف المليارات من الدولارات كل عام في الذبائح والأكل الذي ينتهي إلى سلال القمامة وبقاء الشعب العراقي تحت مستوى خط الفقر ، الخرافة وحدها تجعل من الفقر أبديا ، وبهذا يكون الصراع الطبقي ( حسب الماركسية ) مشتعلا لبقاء مفهوم مناطق الجوع الكافر والشبع الكافر بعيدين عن بعض ، وفي المساحة الفاصلة بينهما يوجد فراغ وظلام وفناء تسكن في رفوفه مقدسات مثل يسوع والحسين وإبراهيم وتموز ويوسف وغيره ، تلك المقدسات والثيم تجعل من سكان الأعلى لا يلتقون مع سكان الأسفل ... أنتهي الأن من الكتابة وأحتفل سرا بعيدا عن القبيلة بعيد ميلاد هيكارو ، هيكارو الجميلة بطلة قصة الدوق فليت ، الذي اعلن من نفسه مخلص هذا العالم ومعزيه ، قوات فيكا المتحالفة تريد الفتك بالبشر ، لكن المنقذ يتدخل ويخلص العالم ، الدوق يرحل نحو عالمه الأصلي ، ويبقى البشر يحتفلون بذكراه الأبدية ، يمثلون الأن في مجالس عزاء ضخمة جدا شخوص متحاربة مثل كوجي وهيكارو والدوق وهناك القائد دندال وبلاكي ، ينجح دايسكي بالقضاء عليهم ويرحل وتبقى هيكارو وحيدة ، وهنا وفي هذه اللحظة الحاسمة تبدأ النساء بالعويل واللطم ... شكرا لكم
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنصاف بشر .. تحليل أنثرو - نفسي و بارا سيكولوجي
-
بارا سيكولوجيا قدح الشاي
-
تأملات سوداء في أمعاء بشرية
-
الرسالة الشيوعية الأخيرة
-
بشر يأكل بشر في صحن الفقه الشافعي
-
سأهبك طبشورا يابشار
-
النانو - بارا سيكلوجي .. محاولة فلسفية لشرح أحجية ما
-
تحليل سوسيولوجي بنكهة العرب
-
أزمنة وثورات .. ونساء !!
-
أنصاف عرب وأرباع عرب .. واقل !!
-
إلى .. كارمن
-
من وحي إله المتاهة
-
شعب ياكل ربه إذا جاع
-
الكاربون المصاب بالضجر
-
عالم علاء الدين المضطرب .. أغتصاب الأطفال من الناحية النفسية
-
أصل المتاعب كانت مهارة قرد .. كتابة برائحة العفن
-
فانوس نيتشه السحري .. ومضات شعرية
-
ثمة بقرة مجنحة مرسومة هنا .. تحليل نفسي
-
نحو تفكيك ناجح لشهر رمضان
-
لوط في المصيدة
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|