داود روفائيل خشبة
الحوار المتمدن-العدد: 4275 - 2013 / 11 / 14 - 12:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التزمت لجنة الخمسين يإعلان الصياغة النهائية لمشروع الدستور فى موعد أقصاه 3 ديسمبر 2013، أى بعد أقل من عشرين يوما. والمفهوم أن المشروع لن يُطرح لمناقشة يمكن أن يترتب عليها تعديل. إنما تقتصر المناقشة على مبرّرات قبوله أو رفضه فى الاستفتاء. إذن ليس من سبق الأمور أن نبدأ التفكير فيما يلى ذلك.
إذا لم يدهمنا المشروع بمفاجأة تقلب كل التوقعات وتفؤض علينا أن نقاتل فى سبيل رفضه مهما تكلف ذلك من تضحيات، وهذا على ما يبدو احتمال بعيد، فالأغلب أننا سنجد المشروع المقترح يقصر كثيرا عن آمالنا وطوحاتنا لكنه ليس سيّئا كل السوء. فهل نرفضه لأنه لا يأتى على المستوى الذى كنا نأمله؟ هذا يكون خطأ لسببين.
السبب الأول أن الرفض يعنى استمرار الوضع الانتقالى القائم لزمن لا يمكننا التكهّن بمداه. ناهيك عن أن رفض المشروع سيتيح للبعض الادعاء بأن ذلك يعنى العودة لدستور 2012 الإخوانى الذى كان أحد دواعى الإطاحة بحكم مرسى. السبب الثانى هو أن علينا الاعتراف بأن أوضاع مجتمعنا والمفاهيم والمعتقدات السائدة لدى غالبية شعبنا تجعل من المستحيل أن نتوصل إلى دستور يُرضِى طموحات العلمانيين والعقلانيين ويَرضَى عنه الشعب فى مجموعه.
إذا لم يكن المشروع بالغ السوء إذن فعلينا أن نقبله ما دام سيفسح المجال للتحرّك ولمواصلة العمل على تحسين أوضاعنا الاجتماعية والفكرية. وعلينا أن نعمل على الفور على توحيد وتنظيم كل القوى التقدمية والتحررية لنؤمّن الوصول إلى برلمان يُسمع فيه الصوت الداعى للتقدّم والتحرّر ورفع الظلم عن الطبقات والجماعات البائسة والمحرومة من العيش الكريم. ولا مانع فى هذه المرحلة، بل إنه من الضرورى فى هذه المرحلة، العمل على تضافر التيارات اليسارية مع الليبرالية الاقتصادية الوطنية لمواجهة خطر الفاشية الدينية.
إذا جاء مشروغ الدستور على المستوى الذى نتوقعه ويمكن أن نقبله ولو فى شىء من الأسى، فمن المنتظر أن ينشط الإخوان وغيرهم من دعاة الإسلام السياسى فى الدعوة لرفضه، وإذا لم يلجأ هؤلاء للأساليب القذرة، وأخطرها تضليل الجماهير بدعاوى دينية كاذبة، إذا اقتصروا فى دعايتهم الرافضة على ما يبيحه القانون فإن ذلك سيأتى بعكس ما يريدون وسيدفع المترددين فى قبول المشروع إلى حسم موقفهم.
هذه خواطر لن يتحمس لها كثيرون. لكن علينا أن نتعوّد النظر للأمور فى عقلانية وموضوعية وأن نتحرّر من النظرة الضيقة والحماس الأهوج، وأن يكون حاضرا فى وعينا على الدوام أن ما نتطلع إليه من تقدم وتحرر واستنارة لن يتحقق دفعة واحدة بل يحتاج جهدا دائبا ونـَفـَسًا طويلا.
#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟