|
خاطرتان حول الأسد والربيع العربي
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4275 - 2013 / 11 / 14 - 00:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخاطرة الأولى : حول الحركة التصحيحية المشؤومة لحافظ الأسد ، بتاريخ 16.11.1970 ، قام وزير الدفاع السوري ،( سيسي سورية ) حافظ الأسد ، بانقلابه العسكري على رفاقه في الحزب والدولة ( حركة 23.02.1966 ) ، حيث أطلق على هذا الانقلاب العسكري اسم " الحركة التصحيحية " ، وقام بزج معظم أعضاء قيادتي حركة 23 شباط ( التي كان هوأبرزأعضائها والمخططين لها ) بمن فيهم رئيس الدولة (الدكتورنورالدين الأتاسي)، ورئيس الوزراء(الدكتور يوسف زعين) ، والقيادي البارزاللواء (صلاح جديد) ، في سجن المزة العسكري ، لمدة قاربت ربع القرن ، وأدت إلى التصفية الجسدية المتعمدة لكل من نور الدين الأتاسي وصلاح جديد داخل السجن ، وإلى وفاة العديد من أعضاء القيادة الآخرين بعد خروجهم من السجن بمدد قليلة متفاوتة ( محمد رباح الطويل ، اللواء أحمد سويداني ، السيد محمد عيدعشاوي ، محمد سعيد طالب ) وإلى إصابات بدنية مزمنة للدكتور يوسف زعين ، من جهة أخرى . ولعل من المفيد أن نشير هنا ، إلى أن تعتيماً سورياً وعربياً وعالمياً متعمداً قد أحيط بهذا الاعتقال ، بما في ذلك الموت داخل وخارج السجن (!!) . وعلى سبيل المثال ، وكان ذلك في نها ية ثمانينات القرن الماضي .حيث كنت جالساً في قسم علم الاجتماع بجامعة صنعاء ، عندما دخل إلى القسم ، أحد كبار المسؤولين المصريين في مجال حقوق الإنسان ، ودار حديث طويلبيني وبينه حول دور منظمات المجتمع المدني في الوطن العربي ( كان يصدر مجلة بهذا الإسم ) ، وهنا سألته عن سبب سكوت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في مصر( وهو من أبرز قادتها ) عن اعتقال رئيس الدولة السورية الدكتور الأتاسي منذ 1970 وحتى الآن ، وكان جوابه على سؤالي هو : وهل نور الدين الأتاسي مازال في السجن ؟ (!!!) . ولعلم القارئ الكريم فإن هذا الشخص ، إياه ،هو اليوم من جماعة الفريق " السيسي " ، أي حافظ أسد مصر العربية . إن حركة حافظ الأسد "التصحيحية" عام 1970 لم تكن ــ واقعياًــ سوى الدفاع عن هزيمة جيشه أمام " اسرائيل " عام 1967 واحتلالها لهضبة الجولان ، ولجبل الشيخ ( المطل على دمشق ) ، ولمدينة القنيطرة ، التي تقع على أبواب دمشق ، حيث كان هو وزيرا للدفاع آنذاك ، وبالتالي فهو المسؤول المباشر والأول عن هذه الهزيمة . هذا إضافة إلى الإشكالات السياسية والعسكرية والوطنية المعروفة المتعلقة بالبلاغ العسكري رقم 66 المتعلق بمدينة القنيطرة . لقد خاف حافظ الأسد على نفسه من الآخرين في حركة 23.2.66 ، ولا سيما أن بينهم العديد من الوطنيين الشرفاء ، فقرر أن يتغدَّى هو بهم قبل أن يتعشَّوا هم به (!!) . وأرغب أن أشير هنا أيضاً ، إلى أن المرحوم الرئيس هواري بومدين ، قد وصل بعيد أيام من هزيمة حزيران إلى دمشق ، وكانت القيادتان ( القومية والقطرية ) مجتمعتين ، لمناقشة آثار وأبعاد تلك الهزيمة ، وبحضور حافظ الأسد وأحمد سويداني . دخل الرئيس هواري بومدين إلى الاجتماع الذي كان يرأسه الدكتور نور الدين الأتاسي ، وقال للمجتمعين وهو واقف أمامهم ، والذين كنت واحداً منهم ، بكلام مختصر (لاأذكر حرفيته) : إذا لم تحرروا الجولان خلال فترة قصيرة ، فإننا سوف نسقط جميعاً ، ( ومن الواضح أن الرئيس بومدين كان يعني بكلمة جميعاً ، بصورة أساسية ، الأنظمة العربية في مصر والجزائر وسورية ) .
الخاطرة الثانية : الدول الغربية والربيع العربي ، لقد كانت هبَّة الربيع العربي ، التي افتتحها الشعب التونسي نهاية عام 2010 ( 17.12.2010 حرق البوعزيزي نفسه، وهو مامثل شرارة ربيع تونس العربي ) ، انفجاراً شعبياً كاملاً ،ضد أنظمة الحكم المستبدة والفاسدة التي نصبها ورعاها وحماها الغرب، منذ الحرب العالمية الأولى ، وذلك لكي تنوب عنه في حماية مصالحه الاستراتيجية في " الشرق الأوسط "، ولاسيما النفط ( عصب الصناعة الغربية ) و إسرائيل ( الثكنة العسكرية الغربية في فلسطين ) . لقد كانت الإشكالية التي واجهت الغرب ، في هذه الهبَّة الشعبية ، وشكَّلت له مأزقاً سياسياً وأخلاقياً على المستويين الداخلي والخارجي ، هي رفع الجماهيرالشعبية المنتفضة في كل دول الربيع العربي ، لشعارات الديموقراطية والتعددية والتداولية وحقوق الإنسان ، و التي من المفروض أنها نفس الشعارات التي تمثل بنظر المنتفضين صلب وجوهر القيم والمبادئ السياسية الأورو ـ أمريكية ، بل والدول الرأسمالية تحديداً . إن هذه الإشكالية انعكست بصورة جلية على الخطاب السياسي والدبلوماسي الغربي ( أمريكا ،أوروبا ،روسيا ) ، وجعلته خطاباً بائساً ، لايعرف ( بضم الياء ) رأسه من ذنبه ، ولا صحيحه من كذبه ، وأصبح البحث عن مخارج تحفظ ماء الوجه ، وتوقف مد الربيع العربي ، وتعيد المياه إلى مرحلة ماقبل الربيع ( مع بعض التعديلات ) ، هو الشغل الشاغل لوزارات الخارجية وخبرائها في هذه الدول . هذا ولم تكن تلك الاجتماعات الدورية لما بات معروفاً بـمجموعة " أصدقاء سورية " ، وتقديم دعم رفع العتب ( وخاصة الكلامي منه ) إلى المعارضة السورية من بعض الدول العربية والأجنبية ( مقابل الدعم العسكري والمادي الحقيقين ، اللذين كانا يقدما إلى نظام بشار الأسد ، من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني )، والضغط المتواصل عليها ( المعارضة ) لسوقها إلى جنيف ، والاتفاق الكيماوي الروسي الأمريكي في موسكو ( بعد تجاوز بشار الأسد لخطوط أوباما الحمراء يوم 21.08.2013 ) ، وزيارات أشتون المتكررة إلى القاهرة ، وتقاسم الأدوار بين روسيا وأوربا وأمريكا ( وبعض الدول العربية والإقليمية ) في عملية احتواء ثورات الربيع العربي، وعلى رأسها ثورتا مصر وسورية (جارتا إسرائيل) ، وزيارة وزيرخارجية أمريكا لمصر في (3.11.13 ) ، و وزيري خارجية ودفاع روسيا هذا اليوم ( 14.11.2013 ) أقول لم يكن كل هذا ، سوى بعضاً من هذه المحاولات التي تسعى إلى احتواء ثورات الربيع العربي ، بأقل الخسائر الممكنة . إنها ، من وجهة نظرنا ، محاولات عبثية فاشلة ، سوف ترجح فيها الخسائرعلى الأرباح ، و يزيد ماتفضحه على ما تستره ، فلقد كسر الشعب حاجز الخوف ، ولم يعد لديه مايخسره ، سوى قيود أ نظمة سايكس ـ بيكو ، وأكاذيب الدول الكبرى ! .
إن زيارة وزيري خارجية ودفاع روسيا ( اليوم ) لاتخرج ــ حسب رؤيتنا ــ عما أشرنا إليه أعلاه ، من سياسة تقسيم الأدوار بين الدول الحامية لإسرائيل، وحواشيها من العرب والعجم ، والتي تعتبر، في جانب منها ، استنساخاً لصفقة الحل الكيماوي السوري، الذي كان العنوان الأبرزفيها " بقاء النظام ( بشار الأسد أو مايعادله ) مقابل إنهاء الصراع مع إسرائيل والتطبيع معها ". إن ماتريده روسيا من السيسي ، هوليس أكثر من احترام اتفاقية كامبديفيد ، وعدم المساس بها ، وقطع لسان و/ أو يد و/ أو رقبة كل من تخول له نفسه اللعب بها . وإذن ، فإن العنوان الأبرزلهذه الصفقة الروسية ـ السيسية هو أيضاً ، وكما تشير معطياتها السياسية الطافية على السطح ، " بقاء النظام ( السيسي أو مايعادله ) مقابل استمرارالتطبيع مع إسرائيل " ، وهو مايعني عملياً،العودة إلى سياسة حسني مبارك ، ماقبل 25.يناير 2011 ، ولا سيما مايتعلق بـ " إغلاق معبررفح "، واحتضان سلطة أبي مازن الفلسطينية .
( انتهى )
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جنيف 2 وإشكالية الحوار بين المعارضة والنظام السوري
-
مرة أخرى دفاعاً عن نظرية المؤامرة
-
الأزمة الراهنة في أمريكا من منظور يساري أمريكي
-
دير شبيجل تسأل وبشار الأسد يجيب
-
سوريا والألوان الثلاثة
-
قراءة محايدة لبعض أدبيات المعارضة السورية
-
عمّو أنا عايشة؟ ، عمّو أنت عايشة
-
الضربة الأمريكية المتوقعة بين القبول والرفض
-
أسمع كلامك يعجبني
-
دمشق أم الربيعين
-
الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها
-
خواطر حول الربيع العربي ( 4 )
-
خواطر حول الثورة السورية (3) مؤتمر التناقضات في الدوحة
-
خواطر حول الثورة السورية (2) / G8
-
خواطر قابلة للنقاش حول الثورة السورية
-
ماوراء جنيف وما وراء الوراء
-
ثورة آذار 2011 ومؤتمر جنيف2
-
علم الإجتماع في الوطن العربي
-
خواطر حول الإخوان المسلمين والثورة السورية
-
عامان والثورة مستمرة
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|