أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - المامون حساين - هل المبدع مجنون؟















المزيد.....

هل المبدع مجنون؟


المامون حساين

الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 19:12
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


"لم تكن عبقرية فرويد سببها أن عشرين عملية أجريت له في فمه بسب سرطان الفم"
عباس محمود العقاد

يمكن تعريف الإبداع بأنه أفكار جديدة ومفيدة ومتصلة بحل مشكلات معينة أو تجميع وإعادة تركيب الأنماط المعروفة من المعرفة في أشكال فريدة ،ولا يقتصر الإبداع على الجانب التكنيكي لأنه لايشمل تطوير السلع و العمليات المتعلقة بها وإعداد السوق فحسب بل يتعدى أيضا الألات و المعدات وطرائق التصنيع و التحسينات في التنظيم نفسه ونتائج التدريب و الرضا عن العمل بما يؤدي إلى إزدياد الإنتاجية .

فالإبداع ليس إلا رؤية الفرد لظاهرة ما بطريقة جديدة لذلك يمكن القول إن الإبداع يتطلب القدرة على الإحساس بوجود مشكلة تتطلب المعالجة ومن ثم القدرة على التفكير بشكل مختلف ومبدع ومن ثم إيجاد الحل المناسب. وقد ربط البعض الابداع بحالة الجنون والاضطراب ، فهل حقا أن الابداع (العبقرية ) يدفعان للجنون والاضطراب ؟ أو أن هناك شيئا ما في المرض النفسي و الاضطراب يدفع الى العبقرية ، ويغني القدرة الابداعية ؟ أو أن كليهما (الابداع والمرض) نتاج لعامل اخر مشترك ؟
عندما نتأمل في طائفة من فرسان الكلمة وطائفة من الادباء والمفكرين والفنانين اصيبت بالاضطراب النفسي تطول كثيرا ، ومن أبرزهم "فرجينيا وولف" التي عانت من الاكتئاب الحاد الى ان قررت ان تنهي حياتها وبالانتحار ، وعاناه "كافكا" حتى وفاته. وكتب"كيتس" عن حالة مماثلة ، أما جوته فقد أعلن في اخريات ايامه ، بصورة مأساوية أن حياته"لم تكن إلا الما وعبئا ، وأنني أؤكد انني خلال الخمسة والسبعين سنة من العمر التي عيشتها حتى الان لم اختبر الصحة الطيبة ولو لأربعة اسابيع متصلة،ويسجل لنا في كتاب شائق عن العظمة والعظماء الذين صنعوا التاريخ، نماذج تبين أن بعضهم وصلت بهم حالات الاضطراب لدرجة احتجازهم في مصحات عقلية للاستشفاء وذلك مثل "عزرا باوند" و"فان جوخ" و"هولدرين" (أمير الشعراء الالمان الذي قيل عنه انه عاش ثمانين عاما في مستشفى للإمراض العقلية) وبعضهم أنهى حياته في تلك المصحات مثل"ماركيز دي صاد" و"فيرجيسون" و"شومان" وسيمتانا"و"فيرجينيا وولف" أما قصة نيتشه فيلسوف القوة وأحد كبار المفكرين الالمان فهي معروفة لكل نقاد الادب و المفكرين ، وبسبب نهايته المفجعة وإصابته بالجنون الكامل ، فلم يكن هناك من يتخيل أنه هو الذي كتب ، قبل اصابته بالجنون بسنوات ، تحفته الفكرية "هكذا تكلم زرادشت" . أما "همنجواي" فقصته معروفة ، اد يقال انه انهى حياته بنفسه بطلق ناري ، وقبل انتحاره عانى الاكتئاب والإدمان الكحولي ، الى درجة تطلب ان يتلقى علاجا طبيا منتظما باستخدام الصدمات الكهربائية بعيادة "مايو كلينك" الامريكية المشهورة.أما الموسيقي ألمعروف "رحمانينوف" فقد أهدى احدى مقاطعه المشهورة "كونشيرتو البيانو الثاني" الى معالجه، الذي الهمه هذه المقطوعة، وكل هذا لا يدع مجالا للشك في كل هؤلاء قد عانوا بشدة من الاضطراب الروحي النفسي ، متمثلا في الاكتئاب وغيره من اضطراب النفس والسلوك.
وعلى المستوى العربي نجد عددا من الكتاب والشعراء المرموقين قد عانوا من الاضطراب وعبروا عن ومعاناتهم ، ووصفوا اضطراباتهم وصفا لا يدع مجالا للشك ، في أنهم قد عانوا من انواع حادة من القلق والاكتئاب واضطراب المزاج. فالكاتب المعاصر "أنيس منصور" يصف نفسه في مواقع كتيرة من كتبه بأنه عانى في شبابه الحزن والقلق والخجل الشديد ، يقول "فليست عندي الشجاعة على المواجهة...ولا القدرة على خلق صدقات جديدة...لم أكن اجتماعيا...فقد اعتدت على عدد قليل من الأصدقاء ، لا أزيد عليهم ولا أخرج عنهم " ويحكي أنه عندما كان تلميذا صغيرا قرر الانتحار ، بل انه كان كاد ان ينفد ذلك بإلقاء نفسه في النيل، كما يقص هو ذلك في فقرة شديدة الدلالة بسب ما قدمه من وصف دقيق لمشاعر اليأس والتشويش الفكري التي تصيب الناس في الحالات الشديدة في الاكتئاب "ّ أعرف كم من الوقت مضى حتى بلغت الكوبري، ولا كم من الوقت مضى حتى انتظرت ان يخلو الكوبري من المارة، حتى لا يراني احد فاشعر امامه بالخجل، أو حتى يعرفني فينقدني، هل كان الكوبري خاليا حقا؟ ولكن صوتا مألوفا ويدا امتدت الى ذراعي ، ووجها بدأت أعرف ملامحه بوضوح..كأنني أصحو درجة درجة ، أو كأن الوجه يقترب خطوة خطوة : ماذا تعمل هنا ياحبيبي...وكيف حالها الان ؟ انها السيدة التي تعطي لوالدتي الحقن ، وكانت في الطريق اليها.وكذبت عليها كثيرا في عدد الزوار والأدوية وفي تحسن صحتها ، ووجدتني في البيت امام والدتي...وأمامها أدركت جريمتي : انني قررت أن القي همومي في النيل ، ونفسي معها ...هل أقول ان أمي هي قد أنقدتني هذه المرة ؟ لا أقول ذلك ، انما هي أجلت القرار ، فلم تنتهي صعوباتي النفسية ، وكلها صعوبات فوق كتفي ، في رأسي....فلا الطعام ولا الشراب هما مشكلتي ...وان كنت لا اعرف بالضبط ما هي المشكلة ...انني مثل انسان القي في الماء، وهو لا يعرف السباحة ...أو انسان القوه من الطائرة بدون مظلة...أ كانت عنده مظلة فنزل ارضا لا يعرفها بلا خريطة في يده....أو كانت في ده خريطة أكبر من أن يستوعبها عقله...فقد كانت حروفها غير واضحة ".
ويمنحنا الادب العربي متالا اخر موتقا في الاظطراب تمثله شخصية "ماري زيادة" أو الانسة "مي"كما كانوا يسمونها في الاوساط الادبية، عرف عن "مي" حب الادب واتقان اللغات الأجنبية ، لكن انتهت حياتها في مستشفى الامراض العقلية بلبنان لتقضي فيه عاما كاملا تصف حالتها قائلة :" اني أتعذب يا جوزيف ولا أدري السبب ، فان أكثر من مريضة ، وينبغي خلق تعبير جديد لتفسير ما أحس به ، اني لم أتألم في حياتي كما أتألم الان. لم أقرأ من الكتب أن في طاقة الانسان أن يتحمل ما أتحمل ...وددت لو علمت السبب على الأقل".
توحي الأمثلة السابقة عن الفنانين والمبدعين وما عانوه من اضطراب ويأس ، بأن الابداع والعبقرية مجالان تشيع فيهما حالات المرض النفسي والجنون.وهكذا أعلن "بيرتون" أن" كل الشعراء مجانين" واعتبر "لامارتين" العبقرية نوعا من المرض، أما "لمبرزو" الايطالي فقد استمر في دفاعه عن هذا الرأي ففي كتابه "العبقرية والجنون" كتب صراحة عن العبقرية أنها دهان ومرض عقلي. ويرى أن الشخص العبقري مثل العفريت قادر على أن يفعل الاشياء الخارقة ، وقد أشار افلاطون قبله الى ذلك صراحة في محاورة "فيدون" حيت يقول سقراط للشاعر"ان هناك شيطان يحركك...انك لست بالصنعة الفنية تشدو أيها الشاعر بل بقوة شيطان الشعر".
يتضح ادن أنه منذ قديم الأزمان كان الناس يعتقدون بأن هناك علاقة بين الابداع والجنون أو الاضطراب النفسي. وكانوا دائماً يتحدثون عن المبدع بشيء من التهيب والوجل. فهو شخص غريب الأطوار، معقد الشخصية يختلف عن جميع البشر. والواقع أننا عندما استعرضنا الاسماء السابقة وجدنا أن معظمهم، ان لم يكن كلهم، كانوا يتميزون بتركيبة نفسية خاصة وغير طبيعية فهل هذا جنون؟



#المامون_حساين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشوراء بين-الشعالة-و-الكديدة-
- خبث السياسة
- هل هناك فعلا ارادة في اصلاح التعليم ؟
- التمثلات والفلسفة : اتصال أم انفصال
- تأملات
- أوهام الربيع العربي تتهاوى
- حكم الردة سياسي وليس ديني
- هرسوا هرسوا الحكومة تخلصوا
- الدورة الثانية للأيام الربيعية للثانوية التأهيلية بئر أنزران
- عملية تشجير بثانوية بئر أنزران بالجديدة
- عميد كلية الحقوق بمراكش يحاضر حول الجريمة الاخلاقية
- لماذا لا يفرض الحجاب على الرجال؟
- من يوقف المهزلة؟
- مأساة المغرب العميق في فاجعة -تيشكا-
- يوميات مصحح مادة الفلسفة
- برامج التلفزة بين اغناء التفاهة وتفقير التقافة
- الأستاذ كائن إضرابي
- أوهام الانتقال الديمقراطي بالمغرب


المزيد.....




- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - المامون حساين - هل المبدع مجنون؟