أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زين العابدين الخباز - الثقافة الوطنية في التاريخ الاجتماعي المغربي















المزيد.....

الثقافة الوطنية في التاريخ الاجتماعي المغربي


زين العابدين الخباز

الحوار المتمدن-العدد: 4271 - 2013 / 11 / 10 - 00:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"لا مساواة ولا تشارك ولا مواطنة بدون استقلال الفرد البشري، الذي هو الوحدة الأساسية للوطن، عن الجماعات الأصلية، سواء أكانت تلك الجماعات قبلية أو عرقية أو دينية (...) وإذا كان لا يطلب بالضرورة من الفرد أن ينسلخ كلية عن قبيلته أو عرقه أو دينه فإنه يطلب منه بالمقابل إن يكون ولاؤه للوطن1"
تقديم:
تعتبر ظاهرة الوطنية من إحدى الظواهر الاجتماعية التي حظيت باهتمام علمي ومعرفي متعدد الأبعاد والمضامين. فحول هذه الأخيرة كتب الكثير، كما عقدت حولها ندوات ومناظرات وطنية ودولية، رسمية وغير رسمية...وهذا إن دل عن شيء، إنما يدل عن قيمة وجدة هذه القضية في الحياة الاجتماعية والفكرية الحديثة والمعاصرة خاصة.
لقد بدأ النقاش حول الوطنية منذ القدم وخاصة مع اليونان، إلا أن نضجه وتعمقه لم يتحققا إلا مع ما وصل إليه الفكر البشري من تطور في القرون الأخيرة، حيث ستطرح أسئلة أعمق حول حقيقة الوطنية؟ والغايات منها؟ وكيفية بناءها واستغلالها؟.
ونحن لما نهتم بهذه القضية الاجتماعية إنما نعالجها "كثقافة" داخل المجتمع، لها مرجعياتها التاريخية والأيديولوجية، كما لها أسس وقواعد تؤطرها، وقوانين تتحكم في طبيعتها الاجتماعية. وذلك في محاولة جادة منا لمعرفة مدى انتشار هذه الأخير –أي الثقافة الوطنية- بين أواسط الفئات الاجتماعية، جماهيرية كانت أم نخبوية، فقيرة أو برجوازية، ومعرفة مضمونها الاجتماعي وارتباطاتها بغيرها من المحددات الاجتماعية الأخرى وفهم المنطق التي تتحرك به... ومن تم فإن حديثنا عن "الوطنية" لن ينصب عليها كمقولة سياسية أو قانونية أو أيديولوجية أو كنظرية أو كشيء ينبغي أن يكون، فهذه ليست من اختصاص الباحث الأنتربولوجي أو السوسيولوجي. إن مهمة من بين مهامه هي معرفة ودراسة الظواهر الاجتماعية كما هي في الواقع الاجتماعي لا كما ينبغي أن تكون أو كما هي نظريا.
وجدير بالذكر هنا إلى أن النقاش السوسيوأنثربولوجي الذي فتحه "العقل العربي" حول قضية "الوطنية" لم يعرف تراكما معرفيا يعترف به، وسبب ذلك أن النقاش حول "الوطنية" والبحث الاجتماعي فيها في الساحة العربية لم ينطلق إلا مع مرحلة نهاية الاستعمار المباشر لها، عكس "العقل الأوربي" الذي حقق تراكما وتطورا كبيرا في هذا المستوى. فما المقصود إذن بمفهوم الوطنية؟ هل هناك نوع واحد من الوطنية، أم أنواع؟ إذا كانت فما هي، وما طبيعتها؟ وما واقع الوطنية في التاريخ الاجتماعي المغربي؟.


مفهوم الوطنية:
الوطنية مفهوم مشتق من اسم وطن، الذي يشير في "لسان العرب" إلى المنزل الذي تقيم فيه، وهو موطن الإنسان ومحله(...) جمع أوطان(...)ومواطن(...) وطن بالمكان وأوطن: أقام(...)وأوطنه: إتخده وطنا، والميطان: الموضع الذي يوطن لترسل منه الخيل في السباق2". ويعرف الوطن اصطلاحا مع تعدد واختلاف تحديداته بأنه: تجمع من الناس تربط بين أعضائه عوامل راجعة إلى عناصر مشتركة تكون موضوعية، كالجنس واللغة والدين ونمط العيش، وتكون ذاتية كالذكريات المشتركة والإحساس بالقرابة الروحية...الخ مما يؤدي إلى الشعور بالانتماء إلى كيان متميز3".
وإذا كان مفهوم الوطن يحيل في أدق دلالته على مجال فيزيائي-ثقافي يعمره عدد من الأفراد يعطونه خصوصية وهوية من خلال إعلانهم ولائهم الكلي والمبدئي له، فإن "الوطنية" كمفهوم مشتق منه، يدل على معنى أشمل وأعم يرتبط أساسا بما هو ثقافي رمزي، فهي تعني في المعجم الدبلوماسي:
1- عقيدة ومجموعة من المواقف تحيل على الوطن بصفته قيمة مطلقة.
2- عقيدة الأفراد وأفعالهم السياسية التي يسعون من خلالها إلى الحصول على استقلال وطنهم عبر تحريره من السيطرة الأجنبية4". بما يعني؛ أن الوطنية في إحدى معانيها، وبالنظر إلى الشروط الموضوعية، تعني "العمل بجد وحزم لتصفية مخلفات "الاستعمار" تصفية كلية دون الأخذ بأي اعتبارات أخرى، ودون المساومة في بعضها أو كلها. والوطنية في هذه الحالة هي ضد الخيانة5".
إن "الوطنية" تعني بحسب لفظها نزوعا انتسابيا إلى المكان الذي يستوطنه الإنسان مثلما هو جار بالنسبة للأديان (يهودي،بوذي...)أو لجماعة بشرية(قبيلة،عشيرة، دولة...)6.وينبغي عدم خلط مفهوم "الوطنية" بمفهوم "المواطنة" الذي يحيل على معنيين: فهي تحدد بالسلب بوصفها وضعا قانونيا، سياسيا يتضمن مجموعة من الحمايات والإيجابيات التي يتم اكتسابها بفعل الانتماء إلى دولة ما، والذي تنتج عنه مقابل ذلك وبوجه خاص "واجبات" التضامن والتعاون، وذلك عن طريق إعادة توزيع الضرائب أو عن طريق تأدية واجب الخدمة العسكرية. وتحدد المواطنة بالإيجاب من خلال "حقوق" تتميز عن حقوق الإنسان وتتضمن أساسا الحقوق المدنية(حقوق=حريات) والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية (حقوق=التزامات) التي تمكن من مشاركة فعالة في الشؤون العامة وفي القرارات المشتركة.
وللمواطنة ثانيا معنى أعم، معنى سوسيولوجي يتحدد من خلال"هوية" توافق انتماءا اجتماعيا وتماهيا مع جماعة أو عشيرة أو تقليد. فالمواطنة وحتى في حالة الأمة "المواطنية" تعيد خلق "عشيرة متخيلة" لا تقوم على علاقة الدم [وفقط] بل على التاريخ والأسطورة كذلك7". وإذن، هناك فرق بين مفهومي "المواطنة" و"الوطنية" من ناحية الدلالة، إلا أن هذا الاختلاف النسبي لا يعني التباعد أو التنافر، إذ لا يمكن أن نتحدث عن مواطنة في غياب الوطنية، فهذه الأخيرة هي "الرحم الذي أنجب المواطنة8".
أنواع الوطنية
إن السوسيولوجية لا تنظر إلى :الوطنية" نظرة نمطية، ولا تعترف بوجود "وطنية" واحدة. على العكس من ذلك، فنحن نعثر على أنواع من الوطنيات يذكر عبد الكبير الخطيبي منها:
1- وطنية وهمية: يعتبر الوطني وطنه الخاص أو جماعته مركزا للعالم.
2- وطنية أيديولوجية: وهي حالة وعي تدافع عن مصالح طبقة ضد طبقة اخرى أو عن جماعة ضد جماعة أخرى.
3- وطنية بيداغوجية: تخلقها الدولة والمجتمع المدني أيضا.
4- وطنية إستراتيجية: منفتحة على تنوع البلدان والأوطان المجاورة أو البعيدة؛ أي المتقبلة للعولمة ولعالم متحول بتعقيداته9".
أما عن نوعية "الوطنية" التي نود من خلال هذا البحث معرفة مدى تجدرها فهي "الوطنية البيداغوجية"؛ أي تلك التي ترسخها السلطة المركزية. فأي الوطنيات إذن طبعت الوجود الاجتماعي المغربي؟
الوطنية في التاريخ الاجتماعي المغربي:
تجاوزا لطرح سؤال هل للمغرب "دولة وطنية" لنتحدث عن مدى انتشار "الثقافة الوطنية" بين فئاته الاجتماعية ومدى تجدرها في الوعي والذاكرة الجماعيتين المغربيتين؟. تجاوزا كذلك لطرح سؤال هل لازال في "عصر العولمة" ما يمكن أن نصطلح عليه "وطني"، والحالة هذه يقول فيها محمد عابد الجابري أن "العولمة تقفز على الدولة والأمة والوطن10 و تعمل على تفتيت هذه البنيات الاجتماعية؟. بعيدا كذلك عن طرح استفهام حول ماهية هذه الوطنية أصلا؛ لأن هناك من النظريات من تعتبر هذه الأخير أيديولوجية للصراع الطبقي؟...؟ في بعد عن هذه الأسئلة، يمكن إنتاج أطروحة حول واقع "الوطنية" في التاريخ الاجتماعي المغربي، انطلاقا من العودة إلى ما أنجز حول هذا المجتمع من دراسات سوسيولوجية وأنثربولوجية متعددة تفيد في فهم صيرورة طبيعة حياته الاجتماعية والثقافية ، كما تعطي مؤشرات حول مألها على صعيد المستقبل.
ليس هناك من شك أن "الوطنية الوهمية" كما سماها عبد الكبير الخطيبي هي نوع "الثقافة الوطنية" التي كانت تطبع الذاكرة الجماعية المغربية قبل الاستعمار، إذ لم يكن هناك من سبيل للسلطة المركزية (المخزن) أن تجعل من نفسها الممثل الوحيد للسلطة السياسية والإدارية من داخل التراب المغربي، كما لم يكن لها إمكانيات لتفرض ذاتها "كرمز ثقافي" يجد فيه كل المنتمين لنفس التراب هويتهم وكينونتهم الاجتماعية؛ نظرا لطبيعة الثقافة التي كانت تؤطر ذهنية مختلف الفئات الاجتماعية من جهة، ونظرا كذلك لشروط موضوعية ارتبطت أساسا بضعف البنية السياسية المركزية إذ أن المخزن لم يكن يشمل في منتصف القرن 19 سوى 15% من مجموع سكان المغرب11. في ظل غياب هذه "القوة" والسلطة، فإن العكس هو الذي كان حاصلا؛ بحيث أن كل قبيلة كانت بالنسبة لأهلها هي الوطن الخاص والمتميز الذي يقبل الولاء و الاعتراف، واحترام قوانينه ومؤسساته، وما توافق عليه "الجماعة". وبالتالي وجب تقديسه والاستعداد لدفاع عنه من كل الغرباء الذين قد تكون لهم نية اختراقه ومحاولة مس قداسته؛ أي تدنيسه.
إن القبيلة في هذه الحالة ليست مجرد كيان اجتماعي خاص ومتميز داخل مجتمع أكبر، بل هي في اعتقاد أهلها المجتمع الأكبر ذاته. وهكذا تشكل القبيلة "وطنا متميزا" بالنسبة لسكانها، فتكون تبعا لذلك وطنيتهم أو "ثقافتهم الوطنية" على نفس الحال. لكن هذا "الاعتقاد الأيديولوجي" سرعان ما يتم "تعليقه" في الحالات التي يظهر فيها طرف خارجي يهدد باختراق التراب العام وبالتقدم نحو المس بالخصوصية الثقافية والجغرافية للجماعة، هنا تأتي نسبيا أهمية "النظرية الانقسامية" التي جربت في دراسة المجتمعات العربية من قبل الأنجلوكساكسونيين خاصة، ومضمونها حسب التفسير الغلنري أن: "كل قبيلة تنقسم إلى فروع بدورها تنقسم إلى أجزاء إلى أن تصل إلى مستوى الوحدات القبلية"، هذا ما يحدث حينما يدب السلم الاجتماعي، أما في حالة العكس؛ أي في الحالة التي يوجد فيها مهدد أو خطر خارجي يقع "الانصهار" الذي قد تتشكل عن إثره كونفدرليات قبلية، وهو ما حدث فعلا في زمن دخول المستعمر إلى المغرب.
في حالة الاستعمار هذه مثلا، وتبعا للعوامل الاجتماعية والثقافية والتاريخية والجغرافية خاصة المشتركة بين القبائل، يكون لزاما على "المواطن القبلي" أو "الوطني القبلي" أن يوسع من "انتماءه الوطني" وتكسير ارتباطه الدوغمائي بمجاله الجغرافي والثقافي الأصلي، والانخراط في مجال اجتماعي أوسع لمنع الغريب من التقدم نحو مجاله الخاص. فالقبلي في الواقع لم يتوجه لمحاربة الغريب إيمانا منه بأن هناك "وطن" كلي مفروض عليه الدفاع والدود عنه؛ لأنه لا يعرف عن الشيء الكثير، ولا يعتقد في ذلك، ولكنه إتخد "خطوة المواجهة المبكرة" لكيلا يصل الغريب بكل قوته إلى وطنه الأصلي الذي هو قبيلته. وهنا يبرز المنطق البراغماتي في صفوف القبائل التي اعتبرها البعض منزهة عنه.
واضح إذن، أن "الوطنية الوهمية" أو لنسميها "الوطنية القبلية" في مغرب ما قبل الاستعمار هي التي كانت متجدرة في "اللاشعور السياسي" المغربي، ونوع "الثقافة الوطنية" التي طبعت الحياة الاجتماعية المغربية في هذه المرحلة. إلا أنه مع دخول المستعمر، الذي سيعمل أساسا على تفتيت البنيات الإجتماعية التقليدية ومنها بنية القبيلة بعد أن اخترقها وسيطر عليها لكي لا تقف عائقا أما أطماعه ومصالحه المرحلية والمستقبلية في المجتمع المستعمَر، واستبدالها بمؤسسات حديثة، وزرع حياة اجتماعية جديدة من داخلها يطغي عليها المادي والاقتصادي، في محاولة منه لرأسملة القبيلة، ستتغير تبعا لهذه المتغيرات الجديدة طبيعة الثقافة الوطنية بشكل كبير وستصبح مزدوجة، فهناك من جهة "وطنية قبلية" مسيطرة، لكن هناك من جهة ثانية "ثقافة وطنية" ناشئة وهي "الوطنية البيداغوجية" التي عجز "المخزن" على امتداد تاريخه أن يعممها داخل التراب المغربي لأسباب تم ذكر بعضها أنفا. وفي هذا الصدد؛ أي في سياق إبراز دور الاستعمار في خلق نوع جديد من الوطنية بالمجتمع المغربي يقول بيير فرين موريين أن " المرحلة الاستعمارية على المدى الطويل خلفت دولة وطنية مغربية. و بالنسبة إلى الأفارقة في القرن الواحد والعشرين وكما هو شان المشرقيين والأسيويين كان الوطن فكرة غير معروفة فنظام الإمبراطوريات العثمانية والشريفة والإفريقية والصينية كان غريبا عن فكرة الوطن او دولة وطنية لقد كان الوفاء الى الوطن أو على الأقل إلى مبادئه ثمرة ولاء سياسي –ديني وخضوع عسكري- ضريبي وادخل الاستعمار واقع الدولة الإدارية البيروقراطية ونبتت وطنية الشعوب الخاضعة لقبضة الاستعمار ضد هذه القوة التي فرضت نفسها على الأراضي الترابية وعلى ساكنات كانت هي التي حددتها بعد علاقات قوة عديدة12". وادن فمتغيرة الاستعمار إلى جانب رغبة السلطة المركزية سامت في تفكيك منابع "الوطنية الوهمية" بل كان لها الأثر الأكبر في ذلك.
هكذا إذن عرفت "الثقافة الوطنية" التي طبعت الحياة الاجتماعية المغربية في زمن ما قبل الاستعمار تغيرا في طبيعتها مع دخوله إليها وفرضه لنمط جديد من الحياة الاجتماعية. هذا التغير المضطرد سيزداد عمقا في مرحلة ما بعد الاستعمار، حيث سيصبح الشعار المؤطر للمرحلة هو بناء "الدولة الوطنية"، مما يعني رغبة إدارة "الدولة" في خلق ثقافة وطنية بيداغوجية رسمية عوض الوطنية الوهمية. ولأجل ذلك استمرت السلطة المركزية في تفكيك بنية القبيلة و احتواء كل أشكال الحركة الاجتماعية، كما عملت على توطين البدو الرحل وضبطهم في المجال ببناء مدن مبرمجة لصالحهم لكيلا يشكلون عائقا اجتماعيا في وجه المنشود، هذا وقوة من مركزيتها في النسق الاجتماعي عن طريق ربط مصالح كل الفئات الاجتماعية سواء أكانوا أفراد أو جماعات بإداراتها ومؤسساتها القانونية بعدما كانت مرتبطة بمؤسسة القبيلة وأعرافها.
إن طبيعة الثقافة الوطنية في مغرب ما بعد الاستعمار ستعرف تغيرا كبيرا نظرا لخلخلة بنيات المجتمع التقليدي، وإفناءها ماديا، نتيجة لذلك سيصبح "الولاء" لدولة عبر أجهزتها العصرية من إدارات ومنظمات وأحزاب13. إلا أن هذا التغير الذي حصل في نوعية "الثقافة الوطنية" بالمغرب ما بعد الاستعمار لا يعني أن "الوطنية البيداغوجية" أصبحت هي المعبر الثقافي الوحيد عن الشعور الوطني، إذ على الرغم من أن مؤسسة القبيلة قد إنفنت ماديا فإنها ظلت راسخة على المستوى الذهني كما بين ذلك المختار الهراس والدكتورة رحمة بورقية14، وهو الأمر الذي عبر عنه نجيب أبو طالب بقوله " لقد تحولت القبيلة في المغرب المعاصر من إطار بنيوي إلى إطار ثقافي، لكنها ظلت تمتلك القدرة على الحركة والحضور والاستمرار كلما خضعت إلى موضوع المساومة15. وقد وضح الدكتور محمد دحمان في هذا الصدد بعض عوامل "انبعاث القبيلة" ومنها التدابير العصرية في ظل العولمة ومناخ العولمة الذي ساهم في إعادة إيقاظ الوازع القبل16"، مع أنه قد أشار إلى مسألة مهمة وهي أن هذا الانبعاث القبلي بقي في حدود العلاقات الاجتماعية و"الحنين" إلى الماضي ويضمر ويظهر تبعا للظرفية الاجتماعية والسياسية(مناسبات اجتماعية تضامنية،انتخابات محلية،مبادرة الإدارة....)17 هذا "الحضور القبلي" على المستوى الذهني سيجعل المرء يعتز دائما بانتمائه القبلي، ويدافع عنه بكل ما أوتي من قوة وجهد. وإذن يمكن القول أن الثقافة الوطنية التي تحرك الذهنية القروية المغربية فيما بعد الاستعمار هي ثقافة مزيحة بين الوطنية البيداغوجية و الوطنية القبلية. أما عن الوطنية الإستراتيجية فحضورها يبقى ضئيلا وقد ينحصر في حدود النخبة على قلتها.
المراجع:
1 احمد حرزيتي, المواطنة: الأبعاد التاريخية وواقعها الراهن, مقال في كتاب.الوطن والمواطنة وآفاق التنمية البشرية,مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية سلسلة ندوات الرباط 2006,ص.107
2 ابن منظور الإفريقي المصري،لسان العرب،المجلد الثالث عشر،دار الصادر بيروت،ص.451
3 المسعوي ليلى -هوبير جولي، قاموس الدبلوماسية،ط.الأولى 2001.ص.215
4 نفس المرجع،215
5 محمد عابد الجابري البيان المطرب لنظام حكومة المغرب:المفهوم القديم للسلطة وصراع الإختيارات،مواقف،ع. ص.93
6 عبد الرحمان بن زيد الزيندي،فلسفة المواطنة،ص.5 http://www.mediafire.com/?l3pxq71d18854j1 Pdf
7 كاترين اودار،النزعة التعددية الثقافية والنزعة الجمهورية،صيغة معدلة لمحاضرة ألقيت في جمعية فلسفة الحق بباريس 2000،ترجمة.فؤاد الصفا،عبد الرحيم ازرويل،ضمن كتاب القانون والمشاركة السياسية،ص.56
8عبد الرحمان بن زيد الزنيدي،المرجع السابق، ص.6
9 عبد الكبير الخطيبي الوطنية الإستراتيجية, مقال في كتاب. الوطن والمواطنة وافاق التنمية البشرية,مطبوعات اكاديمية المملكة المغربية سلسلة ندوات الرباط 2006,ص.134
10 محمد عابد الجابري،قضايا الفكر العربي المعاصر،مركز دراسات الوحدة العربية،ط.الاولى1998،ص.147
11 محمد جسوس،المرجع السابق،ص.180
12 - بير فير مورين،مغرب المرحلة الانتقالية،ت.علي ايت أحماد،منشورات طارق،ط.الأولى 2002.ص.224.
13 محمد دحمان، الترحال والاستقرار بمنطقتي الساقية الحمراء و وادي الذهب، المرجع السابق،ص.230
14 رحمة بورقية،الدولة والسلطة والمجتمع،دراسة في الثابت والمتحول في علاقة الدولة بالقبائل بالمغرب،ص.11
15 نجيب ابو طالب،سوسيولوجيا القبيلة في المغرب العربي،المركز دراسات الوحدة العربية،ط.الاولى1991،ص.94
16 محمد دحمان،دينامية القبيلة الصحراوية في المغارب بين الترحال والإقامة،دراسة سوسيوأنثربولوجية حول أولاد بالسباع،طبع طوب بريس الرباط ط.الأولى 2012،ص.258
17 نفس المرجع،ص260




#زين_العابدين_الخباز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رصد لبعض التحولات الاجتماعية بالمغرب من خلال تقديم قراءة في ...
- القادم المغربي
- عالم الاجتماع


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زين العابدين الخباز - الثقافة الوطنية في التاريخ الاجتماعي المغربي