|
رسالة غاضبة من الرئيس مبارك للمصريين .. كرامتكم تحت حذائي
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1217 - 2005 / 6 / 3 - 12:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أيها المواطنون، في نفسي شحنة من القرف والاشمئزاز والتقزز تكفي لأن أحرق لكم بلدكم، وأجعل كنانة الله في أرضه مقبرة جامعة، وأدفن تحت ترابها كل أفراد هذا الشعب الذي لا يزال مترددا وخائفا ومفزوعا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن كرامته ووطنه ومستقبل أولاده! سبعون مليونا أو أكثر من النفوس البشرية التي استخلفها الله على الأرض، ونفخ فيها الروح، وكَرّمها على كثير ممن خلق تكريما تقف عاجزةً أمامي وأنا شاحبُ الوجه، مريضُ الجسد، مُهتاجُ النفس، لامساً أطراف عزرائيل وهو يقترب مني لينقلني لعالم السكون قبل أن يُخرج لي ربُ العزة كتاباً ألقاه منشوراً يوم الحشر العظيم.
ماذا دهاكم أيها المصريون؟ هل صحيح أنني أملك سحرا يجعل المصريين يستعذبون الهوان، ويبتهجون بالذُل، ويبررون جرائم ربع قرن كدت أُفرّغ وطنكم من خيراته، ومصارفَه من أموالكم، ويومياتكم من كل ذرة كرامة تقاتل دونها معظم شعوب العالم وأنتم لا تتحركون. يبدو أنني سمعت صوتا ساخرا يقول بأننا نعارض، ونتظاهر، ونتحدى بصدورنا أجهزة أمنك وحمايتك! هل تعتبرون خروج ألف أو ألفين أو خمسة آلاف من المحتجين يتظاهرون لساعتين أو أكثر عملا يؤدي إلى الاطاحة بي وبأسرتي وبرجالي وبأعواني؟ أشعر بقشعريرة ما قبل هدم المعبد على رؤوس القائمين فيه، وتنتابني نفس مشاعر الأسياد وهم يديرون وجوههم ترفعا أن تلتقي أعينهم بأعين عبيدهم. سألتكم في رسالة مفتوحة سابقة إن كان المطلوب مني أن آمر باغتصابكم واحدا تلو الآخر لعلكم تثورون وتغضبون لكرامتكم ولو مرة يتيمة، وها هي أوامري يتم تنفيذها بانتهاك كرامة بناتكم وزوجاتكم في مظاهرات واحتجاجات متواضعة وبسيطة لا تحرك ساكنا، تماما كما أمرت بانزال كل أنواع المذلة والاهانة والضرب والركل والتعذيب في السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة حتى وصل الأمر لأن يسكب ضابط شرطة كيروسينا على جسد مواطن مصري ثم يشعل فيه النار، وكانت تلك الفاجعة ترمز إلى قيمتكم كحشرات في عهدي، ومع ذلك ظللتم على عهدي بكم، تلتمسون في الثقافة الفئرانية السلامة والأمن.
أنا أعلم أنكم تحملون لي كراهية شديدة، لكنني لا أبكي أنا أو ابني على الحب، ولا نكترث لسخرياتكم ونكاتكم وعشرات المواقع على الانترنيت واجتماعات المعارضة المصرية وأقلام حادة تغرز أسنانها في نظامي المهتريء. إلى متى سأظل هاربا في شرم الشيخ ولا أستطيع التجول في العاصمة أو المكوث يوما أو بعضَ يومٍ في قصر العروبة أو قصر عابدين؟ أغلب الظن أن عودتي ستكون عنوانا جديدا لفترة يضطر فيها مَلَكُ الموت أن يعمل أوفرتايم في أم الدنيا، وحتى لو أعلن متزلفو السلطة التشريعية ومنافقوها تحت قبة البرلمان أنهم يرشحون ابني جمال ليذيقكم بعض ما لم تقم به أجهزة حمايتي، وقطعا لن تكون هناك منافسة في ظل تغيير المادة 76 التي بصقت من خلالها على كل نضالاتكم منذ عصر النهضة إلى الآن، إلا أن غضبي على جبنكم لا يزال يثير في نفسي مشاعر البغضاء والكراهية والحقد عليكم، وسترون في السنوات الست القادمة ما لم يدر بذهن أكثركم تشاؤما. الكلمة المقدسة التي تحرك الضمائر، وتنتفض لها النخوة الأصيلة، والتي كانت تعبيرا عن النبل والفروسية والايمان لم تعد تجد لها طريقا لضمائركم أو تحرك الرغبة في الدفاع عن الكرامة.
ربع قرن تحولت فيه مصر إلى ذيل ركب الحضارة، ومر على سجوني نصف مليون مواطن، وأحتفظ في أحط الظروف المهينة في معتقلاتي بخمسة وعشرين ألفا، وجعلت مليونين منكم سكانا للمقابر ومثلهم لعشش الصفيح وأمرت أعواني أن ينهبوا ما أمكنهم من قوت أولادكم، ورفضتُ أيَّ مشروعات قومية للقضاء على الفقر والمرض والبطالة والبلهارسيا والغلاء والفساد، وأحسنتُ اختيار النصابين والمحتالين والفاشلين ليظلوا بجانبي في الاقتصاد والزراعة والري والمصارف والعقارات والادارة. جيشكم الوطني ينتظر منكم انتفاضة أو عصيانا مدنيا حتى يقف بجانبكم دفاعا عنكم وعن كرامته. أجهزة الأمن وكبار رجال المخابرات يتعاطفون سرا، وأحيانا باشارات جهرية، مع المتظاهرين لكي تصل الرسالة إليكم واضحة بأنهم سينضمون لانتفاضة الشعب، ومع ذلك لم تحركوا ساكنا. سعيت لخلق فتنة بين مسلميكم وأقباطكم في قوانين وممارسات ظالمة، ورفضت المواطنة الكاملة لأقباط الوطن حتى تشتعل شرارة الغضب وتكون حجة لي بأن الغرب يتربص بنا، ولكنكم لم تنتبهوا. أراكم بدأتم تستخدمون كلمة العصيان المدني تهديدا ووعيدا، فيؤيده حمدين صباحي ومجدي أحمد حسين والدكتور محمد عباس والدكتور محمد مهدي عاكف وعبد الحليم قنديل وضياء الدين داود والمستشار طارق البشري، كما فشلت الدعوة التي أعد لها رئيس تحرير طائر الشمال لخمسة أشهر ورفضتها كل قوى المعارضة والفضائيات، وها أنا أنتظر غضبة واحدة منكم، جماعة أو جماعات متحدة، لكنكم تبحثون في الفواجع عن أمل، وبين لصوص زمني عن الشرف، وفي أدنى الوسائل غير الأخلاقية التي مارسها رجالي عن ذرة أمل في التصحيح والتغيير.
حتى هذه الرسالة التي تنطق بالحقيقة وتصدم ضمائركم بواقعكم وتُخْجِل شرفكم المختبيء خوفا ورعبا، سترفض معظمُ المواقع على الانترنيت نشرها، وسيتلقى صاحبها كعادتكم حزمة من السخرية والتهكم والتهديدات والاستخفاف لأنكم أقل شأنا من أن تكونوا تحت حذائي. ربما تدافعون عن كرامتكم ضد كاتب الرسالة، لكنكم ستلتزمون صمت القبور الأبدي عندما يتعلق الأمر بصفعي إياكم على أقفيتكم، والغريب أن مصريين كثرا سيقرأون تلك الرسالة ولا ينثرون بعدها كلمة غضب واحدة، وربما ينتفضون دفاعا عن كفي الغليظة أو حذائي أو سوطي أو لذة الهوان التي يستعذب ويبتهج ويغتبط ويفرح ويسعد بها ولها أكثر من سبعين مليونا من الصامتين . أيها المصريون، هل تناهت إلى أسماعكم تهديدات بعض من بلطجية نظامي الذين يقولون بأن عدم استمرار الرئيس مبارك سيؤدي إلى أنهار من الدماء؟ ألم تشعروا لبرهة واحدة بخوف على بلدكم؟ ألا تعرفون ماذا أستطيع أن أفعل لأظل أنا أو ابني سيدا عليكم لعدة عقود قادمة؟ هل سأترككم تزيحونني ، وتحاكمونني، وينكشف المستور في كارثة وطنكم؟ سأجعل مصركم مقبرة تكون عبرة لكل المترددين في الدفاع عن كرامتهم. وإن غدا لناظره لقريب.
محمد عبد المجيد رئيس تحرير طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين http://www.tearalshmal1984.com [email protected] [email protected] Fax: 0047+ 22492563 أوسلو النرويج
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خوفي على مصر من الإخوان المسلمين .. رسالة إلى المرشد العام
-
قراءة في أسباب فشل العصيان المدني
-
رسالة عاجلة من الرئيس مبارك.. سأبصق في وجه كل من يعطيني صوته
-
الواحدة ظهرا تحت تمثال رمسيس في يوم شم النسيم يبدأ العصيان ا
...
-
هذه الكلاب المدللة وأصحابها المرفهون والعصيان المدني!
-
البيان الختامي للعصيان المدني .. من هنا نبدأ
-
معذرة لكل المتحمسين للعصيان المدني
-
هل سينجح العصيان المدني بدون قيادة؟
-
من الذي يفرط في كرامة السوريين؟
-
هل يصبح 2 مايو 2005 يوم التحرير من نظام مبارك؟
-
المأزق المغربي .. ملك في مهب الريح!
-
معذرة أيها الأحمق، دع لنا الرئيس مبارك وخذ عصيانكم المدني
-
الإعلام السعودي .. ثورة من الداخل أم النوم في العسل؟
-
المخاض الكويتي .. قراءة في المستقبل أم رجم بالغيب؟
-
الوصف الإيجابي في صناعة الإرهابي
-
الحركة المصرية من أجل التغيير والعصيان المدني وانتقام الرئيس
...
-
رسالة من الرئيس حسني مبارك إلى المصريين .. سأجعلكم تلعقون تر
...
-
أيها المصريون ماذا تنتظرون .. لقد هرب الرئيس ؟
-
البحث عن زعيم لمصر
-
العصيان المدني بين حمدين صباحي وعبد الحليم قنديل
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|