أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل عوض - صحافيون عرب يحترقون بنار شرف مهنتهم















المزيد.....

صحافيون عرب يحترقون بنار شرف مهنتهم


عادل عوض

الحوار المتمدن-العدد: 305 - 2002 / 11 / 12 - 03:59
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



ساحة العراق و اختبار شرف مهنة  الصحفي العربي
 

تفاخرت صحافية تكتب في إحدى الصحف العربية مبتهجةً انها زارت العراق ثلاثة عشر مرة. و هي تقول انها التقت بعراقيين نقلوا لها ان شعب العراق سيدافع عن رئيسه (صدام حسين) ولن يقبل ان يحدد أحد قائدا له، فهو شعب يعرف كيف يختار قائده (على حد قولهم)!ّ!.
و بدهشة و امتعاض ارتأيت ان أرسل المقالة أعلاه إلكترونيا الى اكبر عدد ممكن من العراقيين في المنفى و شجعتهم على ان يتصلوا بمحرر الجريدة ليخبروه بعدم صحة الادعاء و بُعده الكبير عن الواقع. لا أخفيكم سراً، فان أكثر ردود الأفعال كانت غاضبة لما اعتبروه تحريفا و تزييفا للواقع العراقي.
 وكنت قبل ذلك قد أرسلت مقالة أخرى الى العراقيين في المنفى كتبها كاتب عربي آخر يقول فيها ان هناك تفاعلا صادقا بين شعب العراق و (قائده)، و أن هناك استتبابا للأمن و العدل الاجتماعي و ان المساواة بين طوائف الشعب العرقية والدينية موجودة بشكل لم يسبق له مثيل فى تاريخ العراق الطويل!!
في الحالة الأولى قامت الصحافية بتذكير القراء العرب انها عندما تصف حالة معينة تخص العراق فلأنها كانت فيه لثلاثة عشر مرة. و هي بذلك تحاول ان تضفي على مقالتها مصداقية الشاهد الخبير و العارف المستنير. بالطبع لن اسمح لنفسي بان اتهم الصحافية بالكذب فهي قد تكون التقت فعلا بشباب عراقيين و بسبب قربهم من حلقة النظام الحاكم قالوا لها ما ذكرته في مقالتها. و لكني اتهمها بالاستخفاف بعقول القراء العرب و المشاركة في عملية غسل دماغ طال أمدها و بان أثرها. فمن من العرب لا يعرف ان صدام حسين لم يصل الى الحكم عن طريق الانتخابات؟ فالكل يعلم انه جاء الى الحكم على أثر انقلاب عسكري لم يكن للشعب العراقي فيه أي دور. و تاليا فهو ليس بحاكم شرعي للعراق. و بغض النظر عن وداعة أو إجرام ذلك (القائد) فكونه شخصية غير منتخبة منحت نفسها حق حكم شعب الى آخر يوم بعمره هو لوحده سبب كاف لأي شعب على الارض ليعمل على قلع عرشه من جذوره، لا ان يدافع عن وجوده الغير شرعي (كما تدّعي الصحافية)!!
و لكن الصحافية العربية قررت ان لا تناقش مسألة شرعية وجود (القائد) أساسا و اعتبرتها من  المسلمات. و استرسلت بتصوير شعب العراق و كأنه في حالة هيام مع (قائده - صدام) و لعلها تظن ان هذا القائد قد رش الكرد في كردستان العراق و الشيعة بالجنوب بعطور (روكاس) Rochas الفرنسية، بالعكس مما يعتقده بعض المتخصصين بالأسلحة الكيماوية و اختصاصي الطب العدلي. و هي ربما تظن ان شعب العراق قد استطاب عطور (القائد) و غدا غير قادر عن ان يفطم نفسه من استنشاق (عبيرها) في حالة زوال مصدرها (صدام)، لذا فهي تقول ان شعب العراق سيقاتل من اجل بقاء (القائد)!!
أما الصحافي الآخر فهو يصور العراق تحت حكم صدام و كأنه جنة الله على الارض، من دون ان يعلل لماذا هرب منها أربعة ملايين عراقي و كيف أصبحت هذه (الجنة) مقبرة لمئات الآلاف منهم. مئات من العراقيين ابتلعتهم وحوش البحار و المحيطات قرب استراليا. و الآلاف منهم افترشوا رمل المعسكرات الصحراوية و أصبحوا يدعون الله بان يخفف عنهم حر الصحراء الحارقة من بعد ما يئسوا من ان تمتد إليهم يد إخوانهم من العرب لكي يشاركوهم ديارهم و عمرانهم الى ان تتغير الحال في العراق.
 هذا الصحافي العربي  يدعي بان هناك مساواة بين طوائف الشعب العرقية و الدينية بشكل لم يسبق له مثيل، و لا ادري ان كان سيصر على رأيه إذا ما عرف ان صحيفة بابل التي يمتلكها و يرأس تحريرها ابن صدام حسين شخصيا قد نشرت مقالات عديدة مؤخرا تصف فيها الشيعة على انهم (أبناء زنى لأنهم يبيحون العلاقات الجنسية المحرمة) و (أن الشيعة حين يبكون خلال طقوس عاشوراء فهم لا يبكون علي الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وإنما يبكون مصيرهم ومصير أجدادهم الخونة الذين خانوا الله ورسوله والصحابة..). و اكثر من ذلك فان قناة العراق الفضائية قامت بترديد هذه الهجمات في يوم العاشر من سبتمبر. فهل يعتقد السيد الصحفي ان هذا الفعل يصب في تدعيم المساواة بين طوائف الشعب الدينية و العرقية؟!
العلة هي ان عدد غير قليل من الصحفيين و الكُتّاب العرب يكتبون و تنشر لهم جرائد و مواقع في الإنترنت من دون ان يحتكموا الى مقومات الخلُق الصحفي الذي يجبر صاحبه على اعتماد الدقة و المصداقية في سرده للخبر و ملاحقته للقضايا التي تهم الناس. لقد أبدع و يا للأسف كثير من الكتاب العرب في تصوير صدام حسين كضحية للمؤامرات العالمية ضده، لا بل يذهب آخرون الى تصوير صدام حسين بمثابة الضحية الذي جنى عليه شعب العراق، و تجلى ذلك بترديد بعضهم مقولات نظام صدام من قبيل ان انتفاضة شعب العراق في 1991  هي صفحة غدر و خيانة، و كأن شعب العراق قد عاهد سجّانه بالسمع و الطاعة و بغض النظر عما يُرتكب بحقه من جرائم.

خطورة ما يقوم به هؤلاء الصحفيين لا تكمن فقط في انهم يشوهون الحقائق، بل هم أيضا يقلبون الموازين بشكل يجعل من الصعب على الشارع العربي ان يقلب الصورة الى وضعها الطبيعي. و يعملون على إيهامه ان الطريق الى السعادة و النصر في الحياة الدنيا هو في الالتفاف حول هذا (القائد) و الذوبان في كينونته ما دام حيا و الى ان يموت بغض النظر عن طريقة وصوله الى الحكم أو مدة أو طريقة حكمه للشعب. لا بل هم يجهدون في إعداد الشعوب الى تقبل استمرار حالة الذوبان هذه حتى بعد موت هذا (القائد) حيث تكررت حالات أصبحت هي (النورم)  Norm يكون الخليفة هو ابن (القائد) نفسه.
 فبدلا من كشف حقيقة ان مجرد كون الرئيس غير منتخب و غير محدد بمدة رئاسية لا تتجاوز الثماني سنوات مثلا فهو سبب كاف لإسقاط شرعية و (قدسية) هذا (القائد) و تاليا انعدام سبب محبته و الالتفاف من حوله بغض النظر عن مدى إجرامه بحق شعبه، فانك ترى هؤلاء الصحفيين، يصورون للقارئ ان الشعب غير مهتم بالتطلعات التحررية و الديمقراطية و هو منشغل بحماية (قائده) من كل شر!!
يسأل كثيرون ما الذي حدا بالعرب و المسلمين ان يترجلوا من قطار التقدم الحضاري في العصر الحديث؟
ربما لن يكون من القسوة ان نقول ان بعض المسؤولية تقع على عاتق هؤلاء الصحفيين و أمثالهم الذين يقلبون الموازين من دون مراعاة لشرف المهنة الصحفية، و يظهر ذلك جليا في احتراقهم بنار فشلهم بالاختبار الذي وضعتهم فيه الشعوب العربية و أولها الشعب العراقي المظلوم.

 



#عادل_عوض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سينسف اجتماع المعارضة العراقية الموسع قرار أميركا بإسقاط ...
- ليس من الإنصاف ان نرفض اليد المقدمة لمساعدتنا على إسقاط ال ...
- لا توجد خطة لتقسيم العراق بل لتوسعته
- إعلان شيعة العراق ليس شعوبيا
- واجبات الوطنيين الأردنيين كما يراها شعب العراق
- تشيني يستفهم عن الشرق الأوسط من فؤاد عجمي وبرنارد لويس: امري ...
- سقوط نظام صدام سيكون أسرع من سقوط سفارته في برلين
- محنة الطبيب العراقي وجريمة قطع آذان ضباط وجنود


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل عوض - صحافيون عرب يحترقون بنار شرف مهنتهم