|
إنتصر الوطن و ليس منطقة ابيي ( 1 - 2 )
كور متيوك انيار
الحوار المتمدن-العدد: 4264 - 2013 / 11 / 3 - 23:03
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
إنتصر الوطن و ليس منطقة ابيي ( 1-2 ) كور متيوك
1- كان من المؤسف جداً إن يدخل البلاد بكافة مكوناته الشعبية و الرسمية في جدل غير مسبوق حول مدى احقية و صحة إجراء مواطني دينكا نقوك لاستفتاء من جانب واحد ، على الرغم من إنني تيقنت إن مثل هذا اليوم سياتي إلا إن الكثيرين صدمهم الموقف الرسمي الغير مسبوق الرافض لإرادة إنسان ابيي و لو كان الامر إقتصر على رفض الحكومة المشاركة في تلك العملية كانت ستكون مفهومة و مقبولة لكن الامر تحول الى استفزازات غير مسبوقة من قبل بعض وزراء الحكومة التي يمكن تشبيهها بالاضطهاد ، و في الحقيقة تلك المواقف ستظل محفورة على ظهر قلب كل شخص يفيق ليلاً من كوابيسه و هو يصرخ ( لا .. لا .. لا يا رفيق كلماتك توقظ ذكرياتي المؤلمة لا .. لا فالجرح القديم كاد يندمل ........ !! . 2- لكن تلك التجربة كانت امتحان حقيقي لمدى مقدرتنا على مواجهة صعوباتنا و المتاريس التي تواجهنا من مكان لاخر و هو امر طبيعي في التكوين السياسي للدول في سعيها للوصول الى القومية و تحقيق الرفاهية لمواطنيها فتباين اوجه النظر التي تظل محصورة في اطار الاختلاف الفكري لا يضر باي حال من الاحوال بل ستضاف الى قائمة التجارب و التاريخ التي مرت بها دولتنا مع الاحتفاظ بمواقف الجميع السلبية و الايجابية ففي النهاية المواقف الايجابية و السلبية خاضعة للقناعات الشخصية للافراد لكن المجتمع يضفي لها الشرعية لتكون الموقف الذي ينبغي لها إن تتخذه الجميع ، لكن هذا لن يعطينا حق باي شكل كان من الاشكال لنزع تاج الوطنية من شركاء لنا بسبب مواقفهم مهما بلغت حدتها ، مهما حملت من إساءات ، لكن ينبغي لهم إن يتساءلوا و يخضعوا انفسهم للتحقيق الذاتي حول هل كان الموقف الذي اتخذوه يخدم الجميع آم إن تلك المواقف خضعت للمفاضلة بين ماهو خير للجميع و المصالح الشخصية . 3- عندما اصدر الرئيس السوداني قراره بإيقاف تصدير نفط جنوب السودان عبر الاراضي السودانية كتبت مقالاً من سبعة حلقات بعنوان ( المابعدية بين دولتي السودان – ما بعد الانفصال ) تناولت فيها الاساسيات التي تحكم شكل العلاقات بين جنوب السودان و الشمال من حيث التاريخ و الحاضر و النظرة الاستعلائية المترسخة في اذهان الكثير من الشماليين عندما يتعاملون مع شعب جنوب السودان و اقترحت في الحلقة السابعة منها للحكومة إن تنشئ وزارة لإدارة الازمات على ان يتم تحويله الى مركز لادارة الازمات فيما بعد و ان يعول كافة الاصول الثابتة و المتحركة و الارصدة للمركز في خاتمة المطاف و هو ما سيساعد الدولة في المستقبل في ترقية اليات صنع القرار ، مازلت اعتقد إن البلاد تحتاج لوزارة مماثلة لانه وضح بما لا يدعوا مجالاً للشك إن الحكومة بمنهجية تفكيرها الحالية و الاليات المستخدمة في إتخاذ القرار سيؤدي إلى تشظي الوطن دون إن تعلم بذلك ، هناك ضعف كبير في اجهزة اتخاذ القرار لذلك اصبح المواطن يجد نفسه من وقت لاخر في مواجهة مع الحكومة ، من المعروف إنه ليس كل ما يفكر فيه الشعب او يرغب فيه يتم تنفيذه لان بعض المطالب الشعبية قد تتسم ببعض الحماس الغير مبرر او التعجيزي ، لكن هناك اساسيات ينبغي للحكومة إن لا تخرج منها مهما كان الظروف تلك الاساسيات هي اس الدولة ، تلك الاساسيات هو السبب الذي جعل شعب جنوب السودان يلتف حول الحركة الشعبية و الجيش الشعبي لتحرير السودان و يتحمل القتل و الاغتصاب و الاستعباد و التنكيل و الابادة لانه كان يريد إن يرى تلك الاساسيات و تلك المبادئ تنزل على ارض الواقع ، لقد كان رغبته في العيش بحرية اقوى من العذاب الذي تحمله لاكثر من نصف قرن من الزمان ، لذلك لم يهمه إن يقتل هو او إن يقتل زوجته ، لم يهم النساء إن تقتلن او يقتل اطفالهن كان الرغبة في رؤية جنوب السودان دولة مستقلة اكبر من رغبتنا الحالية في الجلوس على كراسي السلطة ، حتى لا يموت ضمائرنا ينبغي لنا إن نعيد شريط الذكريات المؤلمة فليتذكر كل شخص قريباً له او صديقاً له في تلك الحرب اللعينة التي حصدتنا حصداً ، إن ذاكرة الشعوب هي واحد من اهم الكنوز التي يملكها اي شعب في كل دول العالم ، الشعب البريطاني يفتخر ببلده بشدة باعتباره واحداً من الامبراطوريات ( الامبراطورية التي لا تغيب عنها شمس ) التي حكمت العالم بغض النظر عن الدور السلبي لتلك الامبراطورية ، كذلك يفعل الشعب الامريكي باعتبار إن بلدهم اقوى دولة في العالم من حيث نظام الحكم و الاقتصاد و من الناحية العسكرية ، شعب جنوب افريقيا يفتخرون بتجربتهم النضالية التي ارست لهم دولة يتمتع فيها كافة المواطنين بالمساواة و المواطنة ، الاسرائيليين يستمرون في تذكير العالم بمحرقة هولوكست و بكل الفظاعة التي ارتبطت بها ، الفلسطينيين و بكل المعاناة التي يعيشون فيها تحت الاحتلال إلا إنهم يفتخرون بتجاربهم النضالية حتى تتحقق لهم مرادهم في خاتمة المطاف ؛ لكن من الواضح إننا سننسى كل الماضي اردنا او لم نرد ، سيتم مسح ذاكرة الشعب لكي لا يتذكر اي شي قبل يوم 9 يوليو 2011م اي إن ذكريات كل جنوبي سيكون مدتها سنتين او ثلاثة سنوات لكن تلك الماضي الذي يريد الحكومة إن ينساه الشعب هو كل ما يملك ، إنه كنزه الوحيد ، إن تلك الذكريات ما هي إلا الجائزة التي حصل عليها شعب جنوب السودان بعد الإنتصار في معركة النضال و معركة الكرامة و الحرية ، ربما تتساءل ماذا اقصد بمسح ذاكرة الشعب فعندما يرفض الحكومة للشعب الخروج تنديداً بزيارة الرئيس السوداني فهو يريده إن ينسى الماضي ، عندما يتم حشد الشعب لاستقبال الرئيس البشير فهو يريد إن ينسى الماضي . 4- بالعودة الى موضوع وزارة لادارة الازمات ، لقد اخطآ الحكومة خطآ قاتل عندما تعامل مع قضية ابيي باعتبارها قضية مرحلية و ثانوية و ذلك برفض الوقوف مع مواطني ابيي و شعب جنوب السودان ، قضية ابيي ليس قضية ثانوية بل هو من الثوابت الوطنية و الخط الاحمر التي لا ينبغي تجاوزها باي حال من الاحوال مهما كان حجم التحدي ، لكن الحكومة تعاملت مع القضية بتبسيطها حتى إنها اعادت الامل للسودان حول إمكانية إحتفاظها بقضية ابيي ، إنه المرة الاولى التي يتطابق فيها رؤية قيادة الحركة الشعبية و الحكومة مع السودان في قضية جوهرية كتلك القضية إنها سابقة تاريخية ، اعتقد إن الكثيرين من شعب جنوب السودان واجهوا صعوبة كبيرة للفرز بين تصريحات وزارتي الخارجية و الاعلام و نظيرتيها في السودان حتى إن البعض إقترح دمج وزارتي الخارجية و الاعلام في البلدين في وزارة واحدة لاستخدام موارد تلك الوزارت في اشياء اكثر اهمية بالنسبة للمواطن الجنوبي ، كنت اشعر احياناً إن وزارتي خارجية و الاعلام السودانيين كانوا يمتنعون عن الحديث في قضية ابيي لانهم كانوا على قناعة إن نظيرتيها في الضفة الاخرى يقومون بالعمل على اكمل وجه ؛ تلك الغموض و الوضوح يقودني الى القول " عندما تجد نفسك مع عدوك في خندق واحد فلا بد من إن احداً منكم مجنوناً " لكن اعتقد إن الحكومة السودانية لم تفقد صوابها فقط هي مذهولة و محتارة حول السلاسة التي تسير بها خططها تجاه جنوب السودان و تتساءل كيف حدث هذا ؟ .
نواصل
#كور_متيوك_انيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فشل الوساطة الافريقية في قضية ابيي
-
ابيي ما بين التطلعات القومية والمصالح الانية ( 2-2 )
-
ابرز مخرجات قمة كير و البشير
-
قمة كير و البشير .. النفط و مواضيع اخرى و قضية ابيي
-
جدل الانقلاب و الثورة في مصر
-
رفع سقف الدين او ازمة مالية عالمية
-
ازمة الموازنة الامريكية
المزيد.....
-
ترامب: لا ناجين في حادث اصطدام الطائرة بالمروحية فوق نهر بوت
...
-
مغنية راب سودانية.. صوت يصدح أملا في زمن الحرب
-
غزة تشهد إطلاق سراح رهائن إسرائيليين جدد من أمام منزل يحيى ا
...
-
سلوان موميكا.. مقتل حارق القرآن في بث مباشر على تيك توك في ا
...
-
هل تمكّنت إسرائيل من إضعاف حماس عسكرياً؟
-
كيف استطاع أحمد الشرع أن يصل إلى رئاسة سوريا؟
-
من دمشق.. أمير قطر يدعو لحكومة -تمثل جميع الأطياف- في سوريا
...
-
ترامب: ليس هناك ناجون في حادثة تحطم الطائرتين فوق مطار ريغان
...
-
بن غفير: إطلاق سراح الرشق والزبيدي شهادة على الاستسلام ويجب
...
-
حافلات تقل سجناء فلسطينيين أفرج عنهم تغادر سجن عوفر الإسرائي
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|