عصام عبد الامير
الحوار المتمدن-العدد: 4263 - 2013 / 11 / 2 - 13:42
المحور:
سيرة ذاتية
توالت ألأحداث وأستمرت عملية تبادل ألأسرى بالطريقة التي فرضوها ألأيرانيون وذلك حسب ألأعداد يأتون بألف أسير أو ألفان الى الحدود وبألمقابل يأتي العراق بنفس العدد وعندها يتم التبادل وكأنما هي عملية تبادل (خراف ) دون ألألتزام بأبسط قواعد وشروط تبادل ألأسرى والتي جاء بها قانون جنيف حيث كان من المفترض تبادل ألأسرى المعوقيين والمرضى في جميع المعسكرات أولا ثم يتم التبادل حسب أرقام هوية الصليب ألأحمر وحسب ألأولوية وتاريخ ألأسرولكن كان صدام حينها مشغول بألأعداد لمعركته المقبلة ولا يهمه مصير حتى رفاقه والمخلصين له حيث تركهم فريسة سهلة لأنتقام ألأيرانين حيث في احد ألأيام والتي كانت أيام فرح وسرور لدى الأسرى بسماعهم يوميا أستمرار تبادل ألأسرى وأنتظار دورهم بألعودة جاءت ألأخبار المفاجئة والغير متوقعة وأذا بأول خبريقول بوقف تبادل ألأسرى فالعراق يدعي أنه لم يبقى أسرى لديه وأيران تقول أنها تريد أسرى مقابل ألأعداد التي تقوم بأطلاق سراحها أستمرت أيران بألمماطلة وتسويف الوقت ذهبت وفود وعادت وفود ولم تكن هنالك أي نتيجة كأنما كان ألنظام ألأيراني ينتظر الحرب وضربة العراق وهذا ما حصل كانوا ألأسرى يتابعون ألأخبار الحرب على العراق وأنتفاضة الشعب بعد نهايتها وتدخل أيران ثم أنسحاب صدام من الكويت ووقف الحرب وسحق التمرد الذي حصل في محافظات الجنوب وأنهيار العلاقة الجديدة بين العراق وأيران وبذلك بقى ألأسرى في مكانهم يواجهون مصيرهم المحتوم في هذا المعسكر نعود الى صاحبنا ألأسير الضائع بين متاهات الأحداث السياسية المتسارعة والجنونية وألمصاب بدوارالامعقول في التاريخ ( حرب ثمان سنوات, نهاية لا غالب ولا مغلوب ,الخميني تجرعة السم ,الخميني يموت , صدام باقي ,النظام ألايراني باقي ,أحتلال صدام للكويت ,الكويت حليف صدام ,أيران حليف صدام ,أمريكا عدو صدام ,صدام عدو الشعب العراقي ,أنهيار ألأشتراكية ,أنتصار الراسمالية ,حل حلف وارشو,حلف الناتو يهاجم العراق ,بوش ألأب مع ثورة الشعب العراقي ,ما كو ولي ألا علي ,سحق التمرد ,فوضى وغضب يعم ألأسرى ,عضوشعبة يصرخ ويهدد ويتوعد كل شيء بخير ما دام القائد بخير ) يبكي صاحبنا ألأسير في فراشه وتحت الغطاء لكي لا يشعر به أحد ويخاطب نفسه ويقول ( هل هذه محصلة تضحيات شعبين لمدة ثمان سنوات من الحرب مئات ألألاف من القتلى والمعوقيين العوائل المفجوعة تدمير أمكانات وثروات أهم بلدين في الشرق ألأوسط تصفية القوى الوطنية في أيران وعلى رأسها حزب تودة وقبلها الحزب الشيوعي العراقي أين ألأمال الوطنية بالحرية والسلام ماهذه الفوضى الامعقولة مالذي جاء بي الى هنا هل سأواجه مصيري وألقى حتفي وأنا في معسكر عقوبات أسمه معسكر البعثيين ماذا سيقول الناس عني ,أهلي أصدقائي ,ماذا سيقولون ان فلان مات بعثيا ,ياترى هل أن أصدقائي ورفاقي الذين كانوا معي في المعسكرات السابقة ويعرفون جيدا موقفي وحقيقة أمري سيذهبون الى أهلي ليخبروهم حقيقة ألأمر,جئت الى الحرب رغم عني وهل سأرغم على أن أكون في مكان ومع أناس أصحاب موقف ليس لي علاقة به لا من قريب ولا من بعيد رغم عني أين حريتي أنا كأنسان) كل هذه الأحاسيس والأفكار المزدحمة في ذهنه والتي كانت تحرق روحه وتمزق قلبه كان يدوسها تحت قدميه ويحاول ان يبقى قويا ولا يضعف أمام الأحداث على الرغم أنه كان يختنق كل لحظة ويضيق صدره يوما بعد يوم ليس بسبب السجن الذي أعتاد عليه ولكن بسبب ما يحيط به من كائنات ليس لديهم أي شعور بالمسؤلية أتجاه الناس كل همهم مصالحهم الخاصة والتي أرتبطت بصدام حسين وبقائه في السلطة نأتي الى الحادثة التي هي جوهر الموظوع الذي قدمنا له في عام 1992وبعد مضي عاميين على حرب الكويت وتبادل الأسرى بين العراق وأيران وفي أحد ألأيام أرسل آمر المعسكر ألأيراني المعروف بقساوته والخالي من أي شعور أنساني والذي رافقهم من المعسكر السابق أي (سنك بست) ولحد ألأن أرسل هذا بطلب ألمسؤلين أو المراقبين وتسميتهم بالفارسي ( ألأرشدية ) وهم من ألأسرى يقومون بأدارة شؤون ألأسرى في الداخل كما أنهم الواسطة ما بين ألأسرى وألأدارة ألأيرانية ويقومون بتبليغ ألأسرى بكافة التعليمات الصادرة عن ألأدارة ألأيرانية وحينما عاد الأرشدية كل الى (كمبه ) قاعته كان لا بد في أول ألأمر يجتمع بألمسؤول الحزبي وبعدها يقوم بتبليغ الأسرى بألتعليمات ألأيرانية جاء ألأرشد ووقف منتصف القاعة ومعه المسؤول الحزبي الذي كان بدرجة عضو شعبة على غير المعتاد وهذا يدل على أهمية الموظوع سبقها عملية أتصال مع( الكمبات )ألقاعات ألأخرى وخصوصا مع المسؤول الحزبي الرئيسي وهو عضو فرع وبدأ ألأرشد بألحديث وبان عليه ألأرتباك وقال ( أن آمر المعسكر طالب قوائم بأسماء البعثيين وبأسماء المستقلين عندها تدخل المسؤول عضو الشعبة وكان الى جانبه يقف عدد من المسؤولين الاخرين وقال (لا يوجد هنا في هذا المعسكر أناس غير بعثيين الكل بعثي حتى الأخوة من غير المنتمين للحزب لذلك قرر الحزب أن يكون الجواب والرد على طلب آمر المعسكر بأن لا يوجد مستقل ) ما لهذا الحظ النحس أي قدرية حمقاء جمعتني بهؤلاء وأي مصير سيواجه العراق بقيادة هؤلاء الحمقى كان هذا ألأسير يكلم نفسه ويندب حظه وكان يعلم أن أي مواجهة مع هؤلاء في تلك اللحظة معناها الموت المحتم عندها أستسلم صاحبنا لذلك الموقف وهو يعيش لحظة غليان وقلبه يحترق من شدة ألم القهر والأكراه وفرض المواقف وألأراء عليه وهولا سبيل لديه ليحقق شيء من حريته وفي اليوم التالي حدث شيء لم يكن في الحسبان جاء آمر المعسكر وجمع ألأسرى خارج القاعات وقال أني سألتقي بكل أسير على أنفراد وأسئله أن كان بعثي أو مستقل حتى أتأكد أن ليس هنالك أكراه أو تهديد ) وفعلا وفي اليوم التالي بدأ الجنود ألأيرانين بأخراج مجاميع وأعداد تباعا ومن القاعات على التوالي وأصطحابهم ألى ألأدارة ألأيرانية والتي تقع أمام معسكر ألأسرى أي فرحة غامرة وأي لحظة بهجة شعر بها هذا ألاسير صاحبنا وقال (أنا خسرت كل شيء حريتي أهلي وطني حقوقي الطبيعي في الحياة ولكن وأنا في هذا السجن لا يحق للأحد أن يسلب كينونتي وحريتي في التفكير والمعتقد وأتخاذ القرار حينما أمنح فرصة الأختيار لا أحد يستطيع مصادرة عقلي وخاصتي كأنسان حر وأحب الحرية للأخرين ومثلما لم يستطع أحد من أتباع النظام ألأيراني الرجعي المتحجر أن يسلب حقوقي هذه عندما كنت في المعسكر التابع لهم فلا أحد يستطيع هنا كذلك ) وحين جاء دور قاعته (كمبه ) والتي كان مسؤولها عضو شعبة ومعه عدد من أعضاء الفرق وغيرهم وقف هذا ألأسير وسط القاعة وبدا بالكلام عندها عم القاعة صمت مطبق وأنصات ووجوه تنظر اليه وهي مصابة بالغضب وبالفزع في نفس الوقت وقال ( أنا لاأعلم مالذي يهدف أليه ألأيرانيون من هذا السؤال (بعثي أو مستقل )كما لا أعلم ماهي النتائج لذلك ولكني وطوال وجودي في ألأسر وقبل ذلك في العراق كنت على الدوام مستقل وسأبقى كذلك وأن وجه لي السؤال فسأجيب بأني مستقل أرجوا أن تتفهموا موقفي ولا أحد يلومني على ذلك ) وفعلا خرج مع المجموعة من قاعته وحين سأله آمر المعسكر أجاب أنا مستقل بعدها أعيد مع المجموعة الى قاعته كان شعوره بالتحقق والحرية وألأنجاز قد بدد كل المخاوف وطرد الخوف من قلبه فالحرية لا يمكن تحقيقها بدون ثمن
#عصام_عبد_الامير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟