|
فتحية الليبرالية !
اسحاق الشيخ يعقوب
الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 23:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جّدة جدتي ليست كجدتها ... و امي ليست كجدتي وانا لست كأمي .. تقول فتحية ... فيقول ابراهيم : جدُّ جَدي ليس كجده .. و أبي ليس كجدي .. و أنا لست كأبي ... نأكل خلاف ما يأكلون .. و نشرب خلاف ما يشربون و نلبس خلاف ما يلبسون و نركب خلاف ما يركبون .. و نفكر خلاف ما يفكرون قالت و قال : قالا ذلك سوية كأنهما نطقا سوية من فم واحد فم شاب و فم شابه !! يبتسم ابراهيم ممسكاً بيد شقيقته فتحية .. تأخذهما السيارة الى المدرسة ... تقول فتحية لا مدرسة عندهم ... فيقول ابراهيم ولا ( كومار ) ولا سيارة تنقلهم إليها ... يقضم ابراهيم رغيفاً ملفوفاً بالبيض و العسل .. فتقول فتحية أيعرفون السندويش ؟! يهز ابراهيم رأسه و يقول سندويشاً من التمر ان وجد !! السائق كومار ينهب الشوارع بسيارته يقف عند مدرسة البنات ... تحوم نظرات ابراهيم دون ان تحط على واحدة ... فقد اختلط عليه السواد الذي يغطي الجميع !! تلملم فتحية عباءتها على جسدها تساوي من غطاء رأسها .. تدفع بتأفف اطراف اصابعها خصلات شعرها التي تطل على جبهتها من اطراف حجاب رأسها .. تنزل من السيارة تدخل المدرسة .. يُدير كومار عجلات سيارته الى مدرسة الأولاد يقف عندها يقفز ابراهيم من باب السيارة و يختفي في هرج و مرج طلاب مرحلة المتوسط !! قال معلم التاريخ شفيق من الاردن .. ابراهيم من سلالة اسرة محافظة كسائر الاسر ... ولكن ليست كل سلالات اسر الوطن متساوية في مراحل النمو و التطور ... وكذا فتحية قالت مدرسة التاريخ المصرية بهية : ان من اهم جوهر العلم في التعليم .. الاختلاط في التعليم انه ينمي المواهب و يصقلها و يهذب نفوس الطلاب .. قرفص مدير المدرسة عايض اطراف لحيته بقبضة يده متشنجاً و اقسم بينه و بين نفسه ان لا يُجدد احداً عقدها : لا لشفيق الاردني ولا لبهية المصرية .. صحيح ليست كل سلالات الوطن متساوية في مراحل النمو في المجتمع ... الا انه اذا تفاعلت التقاليد و الاعراف لدى الناس و تماهت في الدين تقول فتحية بعد ان انتظمت في الجامعة : فإنه من الصعب التمييز بين الدين كعبادة و التقليد كمكسب ثقافي اجتماعي .. وكانت تقول الاديان ثابتة راسخة في معتقدات الناس خلاف العادات و ثقافة التقاليد و الاعراف فإنها متحركة تغير الناس و يغيرونها ضمن ايقاع تطور التاريخ ... كل النصوص متحركة متغيرة الا النصوص الدينية و ليست كلها فإن تعارضت مع مصالح الناس يفضّل عليها مصلحة الناس ... يبتسم ابراهيم مناكفاً و يقول : اذا تعارضت مصلحة الرجل بمصلحة المرأة ... تقول فتحية هما في المصلحة واحدة لا فرق بين مصلحة رجل و مصلحة امرأة ... مصلحة الوطن مصلحة في المساواة و العدل في المواطنة بين ابناء و بنات الوطن الواحد فحق المرأة مثل حق الرجل ولا فرق بينهما في الحقوق و الواجبات .. فالله لم يفرق لا في الدين ولا بين حقوق الناس فالله في عدله و الدين في عدله في المساواة بين الناس رجالاً و نساء ... والذين يفرقون تحت اي شرط من الشروط يفترون على الله و يكذبون على الدين .. ولكن اللحيدان يقول : و العريفي يقول : و الفوزان يقول : و القائمة تطول يقول ابراهيم مناكفاً شقيقته فتقول فتحية : انهم رهينة التماهي الديني الفج في عادات و تقاليد ازمنة اجداد الاجداد و اسلاف الاسلاف كأنهم خُشبٌ مسنّدة ... كل شيء في التاريخ يتغير الا الدين فالأجداد و اجداد الاجداد لم يزيدوا ولم ينقصوا من صلواتهم الخمس ولا من الصيام في رمضان ولا من حج بيت الله الحرام لمن استطاع اليه سبيلاً فالدين و طقوسه الدينية ثابته ... و الناس كانوا يركبون الخيول و البغال و الجمال و الحمير ... و الدين امرنا ان نحافظ على الصلاة ولم يأمرنا ان نحافظ نساء و رجالاً على ركوب الخيول و الجمال و الحمير !! هؤلاء الدعاة الذين يتصدرون المجتمع في فتاويهم : هذا حلال و هذا حرام و سياقة السيارة حرام على المرأة و حلال عليهم وهم : يتبخترون في كدالكها و بنزاتها و لكزستاتها و جمساتها راحلات لم يعرفها الاجداد من السلف الصالح .. لماذا لا يمتثلون بهم و يرتحلوا الحمير و البغال و الجمال اسوة حسنة بالسلف الصالح !! يفتح ابراهيم " غرشة " الكولا فرحاً و يقدمها الى فتحية قائلاً اني منك و فيك ومعك فيما تقولين و سوف اكون بجانبك و انت تسوقين السيارة ... ان مطالبتكن بحق قيادة السيارة : تصحيح ما افسدوه جهلاً في حق الدين فحق المرأة في العدل و الحرية و المساواة فضيلة من فضائل ديننا الحنيف ... و ان التلاعب بحقوق الآخرين أفتراء على شرع رب العالمين .. و يوم ان شرّعت الدولة بعمل ميمون بفتح مدارس للبنات اقاموا الدنيا ولم يقعدوها : فقال لهم يومها الملك فيصل حازماً عازماً لا احد استشاركم في ذلك ان مدارس البنات سوف نفتحها فمن شاء منكم فلينسب بناته لها ومن شاء فليحجم ... وما ان فتحت في اشهرها الاولى .. الا و تهافتوا عليها ببناتهم صاغرين كتهافت الذباب على الطعام ... و يوم ان اشيدت المستشفيات تجافلوا الى الخلف عنها و افتى احدهم قائلاً : " و اذا مرضت فهو يُشفين " وهم اليوم لا يخدش احدهم خادش من وعكة ألم الا و تراه ياخذ دوره في قسم الطوارئ من مستشفيات المملكة !! و يوم ان اقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز صرح التعليم المختلط هاجوا و ماجوا الا انهم بلعوا السنة فتاويهم و لزموا الصمت ظلاماً في ظلامهم !! اليس هناك خزي أبشع من هذا الخزي لؤلئك الأكاديميات و المدرسات و المعلمات و مديرات الجامعات و المعاهد تقول فتحية لشقيقها ابراهيم اللواتي افترين على شهاداتهن الاكاديمية و العلمية في الوقوف في بيانهم ضد حملة المطالبة بالسماح للمرأة لقيادة السيارة .. اني اتوجس ذلهم و خضوعهن – تقول فتحية – لأعداء المرأة و اساطين فمعها و اضطهادها في المجتمع .. أتدري تقول : لأخيها ابراهيم لو أن ارادة ملكية سامية في السماح للمرأة بسياقة السيارة .. لصمتوا نعيقاً و تهافتوا زرافات ووحدانا على قيادة السيارة !! و رغم أنف عنف و ارهاب اعداء المرأة من التكفيريين : سيأتي اليوم السعيد و في القريب من اجل انتزاع المرأة حقها في العدالة و المساواة و في سياقة السيارة هذا ما قالته فتحية الليبرالية و كانوا في الجامعة يسمونها فتحية الليبرالية لإغضابها وهي تتبسم و تقول شرف لا أدعيه و تهمة لا أنفيها !!
#اسحاق_الشيخ_يعقوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة في عين حرية المملكة !
-
صاحب السنديانة الحمراء يرحل
-
معروفهم و منكرهم ليس من الاسلام بشيء !!
-
علي الدويغر ذاكرة حرية وطن
-
الاسلام السياسي المتطرف أهو فاشي ؟! ما هي الفاشية ؟!
-
الكاتب التنويري الكبير عفيف الأخضر .. سلاما
-
أ روسيا إمبريالية ؟! ما هي الإمبريالية ؟!
-
رنَّ هاتفها!
-
تركيا المثال!
-
عطر الأرض
-
في فقه النصح و التتويب !
-
شكري بلعيد سلاماً
-
ضجيج الصّمت!!
-
ينادون بالحوار ويتجافلون أمام طولة الحوار..
-
بيضون يمد عقله الى تركي الحمد
-
ما هي الرومانسية؟!
-
عبدالرحمن البهيجان ونبش الذاكرة
-
عبدالرحمن البهيجان
-
من هو قحطان راشد؟!
-
الطريق إلى الشيوعية عبر النفط...
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|