|
إطلالة دحلان!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 11:41
المحور:
القضية الفلسطينية
جواد البشيتي فجأةً، ظهر السيِّد محمد دحلان بعد طول اختفاء أو احتجاب؛ ولقد أَطلَّ علينا "إعلامياً" إذْ استضافته فضائية عربية "مليونية"، أيْ يشاهدها ملايين العرب؛ ويُراد لهذا الظهور الإعلامي (على ما أظُن) أنْ يعطي ثماره السياسية؛ والرَّجُل تحدَّث عمَّا يُبْحَث في "الغُرَف المغلقة"، التي فيها يتفاوض الفلسطينيون والإسرائيليون في لهجة الحريص على الحقوق القومية للشعب الفلسطيني، وعلى دَرْء "الخطر (التفاوضي)" عنها. ادَّعى دحلان أنَّ "مَحْضَر اجتماع" سُرِّب إلى بعض وسائل الإعلام، فاطَّلع عليه إذْ أُذيع ونُشِر؛ وهاله أنْ يقول كيري (وزير خارجية الولايات المتحدة، والوسيط في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين) إنَّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "وافق على استئناف التفاوض (مع إسرائيل) مع استمرار النشاط أو البناء الاستيطاني"، وإنَّ ما حَمَل عباس على ذلك (أو على هذا التراجع الكبير) هو استشعاره صعوبة أنْ يُوْقِف نتنياهو النشاط الاستيطاني من غير أنْ يُعرِّض ائتلافه الحاكم لخطر التفكُّك والسقوط. وساء دحلان أنْ يعتصم عباس بحبل الصَّمْت، فلا ينفي، ولا يُكذِّب، ولا يوضِّح، ما قاله كيري كِتابةً في ذاك "المَحْضَر"؛ لكن ما لم يُدْرِكه دحلان أنَّ السلطة الفلسطينية قد "أوضحت" موقفها في طريقة غير مباشِرة إذْ حَمَلَت عليه هو (وأحسب أنَّ كيري فَهِم هذا الموقف جيِّداً). إنَّه ليس بالأمر الذي يَعْدِل "اكتشافاً جديداً" أنْ نقول إنَّ الصِّلة بين ما يسمَّى "مفاوضات السلام" وبين "الاستيطان" قد جَعَلها الضعف التفاوضي الفلسطيني "صلةً سببية"؛ فكلَّما كَثُر التفاوض، كَثُر الاستيطان؛ وكلَّما كَثُر الاستيطان، كَثُر التفاوض؛ ولا نهاية لهذه "المأساة ـ المهزلة" إلاَّ بالتأسيس لـ "مفاوِض فلسطيني قوي" من طريق مقاومة شعبية فلسطينية قوية ومنظَّمة. وإنَّ أوَّل ما اتَّفَق عليه "الطرفان" و"الوسيط (أو الراعي)" هو أنْ يستعينوا على قضاء حوائجهم بالكتمان الإعلامي؛ فدخول الإعلام إلى "القاعة"، أو خروجهم منها إليه، قد يُفْسِد كل شيء، ويذهب بكل تَقَدُّم أُحْرِز، أو أوشكوا أنْ يحرزوه. وهذا إنَّما يعني أنَّ التفاوض يَحْمِل طرفيه على قَوْل وقبول أشياء ليس من "الحكمة السياسية" بثها ونشرها الآن. "الواقع نفسه"، وقبل تسريب "المَحْضَر" إلى الإعلام، أحاطنا عِلْماً بمفاوضات اسْتُؤنِفَت (وما زالت مستمرة) مع استمرار النشاط الاستيطاني؛ فإنَّ الولايات المتحدة (وبمعونة حلفائها وأصدقائها، وبعضهم من العرب) قد نفثت في روع السلطة الفلسطينية (التي لديها من الضعف ما يجعلها في قرارها وخيارها أقل استخذاءً لذكائها) أنَّ مفاوضها نتنياهو يسقط مع حكومته إذا ما أوْقَف النشاط الاستيطاني، وأنَّه خير لها وأجدى أنْ تحل نهائياً مشكلة الاستيطان من طريق الحلِّ التفاوضي لمشكلة الحدود، والذي من مبادئه أنْ يستمر الاستيطان في أراضٍ كانت "فلسطينية محتلة"، فأصبحت "إسرائيلية"، بفضل "تبادل الأراضي". كلا الطرفين المتفاوضين يحتاج إلى "غطاء سياسي شعبي" يتغطَّى به حتى دخوله إلى قاعة المفاوضات، وبعد خروجه منها؛ ولقد كان "وَقْفُ إسرائيل لكل نشاط استيطاني لها في الضفة الغربية، وفي القدس الشرقية على وجه الخصوص" هو "الغطاء" الذي أصرَّ (أو طالما أصرَّ) عليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس؛ لكنَّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو رأى في استمرار هذا النشاط خير غطاء يتغطَّى هو به؛ فتفتَّق ذهن "الوسيط" عن "حلٍّ" لهذا "النزاع"، الذي طالما أعاق وعرقل وأحبط جهود ومساعي استئناف المفاوضات. وكان هذا "الحل" أنْ يتغطَّى نتنياهو بغطاء "الاستمرار في النشاط الاستيطاني"، وكأنْ لا وجود لـ "مفاوضات السلام"، على أنْ يتغطَّى عباس بغطاء آخر، هو "إفراج إسرائيل (على دفعات) عن معتقلين فلسطينيين"؛ وكأنَّ عباس يريد أنْ يقول لشعبه، ولكل مَنْ يَقِف ضد عودة الطرف الفلسطيني إلى مائدة المفاوضات، مع استمرار (وتزايد) النشاط الاستيطاني، وعدم وجود مرجعية للتفاوض مقبولة فلسطينياً، ولو على مضض، إنَّنا نذهب إلى مفاوضات لا نثق كثيراً بجدواها، وكفَّة فشلها ما زالت تَرْجَح على كفَّة نجاحها؛ لكن ما الضَّيْر منها، ومن ذهابنا إليها، إذا ما استطعنا الإفادة منها في الإفراج عن بعضٍ من أسرانا؟! ودحلان نفسه فاوَض الإسرائيليين زمناً طويلاً في أمْر "تبادل الأراضي"؛ فهل كان يجهل أنَّ هذا الأمر لا يمتُّ بصلة سببية إلى النشاط الاستيطاني، لجهة استمراره وتعاظمه وإبطال شرعية الاعتراض الفلسطيني عليه؟! المفاوضات سيئة، وسيئة جداً، من وجهة نظر الحقوق القومية للشعب الفلسطيني؛ لكن سبب سَوْئِها لا يكمن في "الشخص (الفلسطيني) المفاوِض"، والذي لا نُنْكِر سَوْءَه؛ وإنَّما في "الواقع الفلسطيني السيِّئ"، والذي هو جزء من واقع عربي يزداد سَوْءاً؛ ولو جئنا بأعظم مفاوِض في العالم، وفي التاريخ، ليُفاوِض عن الفلسطينيين، أو باسمهم، لَمَا جاءنا بأعظم كثيراً ممَّا جاءنا به "المفاوض الفلسطيني"، بكل شخوصه.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الخَلْق من العدم- في نظرياته الفيزيائية الحديثة!
-
النفط الذي جَعَلَنا -أَمَةً- لا -أُمَّةً-!
-
أين يكمن السبب في تباطؤ الزمن؟
-
-جنيف-.. حَلٌّ على هيئة -الجبنة السويسرية-!
-
لا يكفي أنْ يريد الشعب شيئاً!
-
آيات الخَلْق القرآني للكون في تفسيرها الحقيقي!
-
-الإله- الذي امتدَّ من -الدِّين- إلى -الفيزياء-!
-
-مفاوضات- يتوقَّف فيها الزمن!
-
في هذه الطريقة يُحطِّمون -مادية- المادة!
-
هل في القرآن ما يُشير إلى -كروية- الأرض؟!
-
-المادية-.. هذا هو معناها!
-
-تجاربهم العلمية- لدحض -المادية-!
-
بشار الذي جَعَل من تدمير -ترسانته الكيميائية- سبباً للبقاء!
-
نُذُر أزمة اقتصادية عالمية جديدة!
-
-تَمَدُّد الكون- في تفسير آخر ومضاد أَتَقَدَّم به!
-
الأُمُّ الأصغر من ابْنَتها!
-
إيران التي -ساعَدَت- أوباما في سورية!
-
لنتعلَّم -الديمقراطية- في -مدرسة الطبيعة-!
-
هل يَشْهَد العالَم ولادة -قيادة جماعية-؟
-
هل يَتَّحِد -المعتدلون- من الحكومة- و-المعارضة- في قتال -الم
...
المزيد.....
-
توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
-
مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك
...
-
حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
-
الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري
...
-
بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا
...
-
روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
-
بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
-
إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
-تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي
...
-
الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|