عبد الحسين سلمان
باحث
(Abdul Hussein Salman Ati)
الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 08:19
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مدرسة فرانكفورت، القسم الثامن: إلى أين نمضي ؟....8-8
… بيتر تومبسون …...(1)
ترجمة الدكتور هشام عمر النور.....(2).
المراجعة والهوامش و الملاحظات و المصادر: جاسم الزيرجاوي
...............................................................................................................
إن حالتنا الراهنة المتمثلة في الاظطراب الاقتصادي, وصعود تيارات أقصى اليمين, تعكس مرحلتي مدرسة فرانكفورت؛ وهي حالة يجب أن نتغلب عليها بالعقل.
السؤال الأخير في هذه السلسلة من المقالات هو:
إذا ما كان لأي من القضايا التي أثارتها مدرسة فرانكفورت أية راهنية أو أهمية الآن.
هنالك فترتان مميزتان في أعمال مدرسة فرانكفورت.
فمن جهة هنالك محاولة فهم وتفسير الفاشية أثناء فترة صعودها في جمهورية فيمار. وهذه كانت فترة تزعزع اجتماعي وسياسي واقتصادي أبرزت الاهتمامات المادية الواقعية من جانب العمال والتي يمكن تمريرها بسهولة إلى قنوات البحث التقليدي عن الضحايا والتفسيرات التبسيطية. وفي هذه المرحلة، على أية حال، استمرت حركة الطبقة العاملة القوية في الوجود في أشكال الاشتراكية الديمقراطية والشيوعية والتي كان من الممكن أن تعمل كحائط صد ضد صعود اليمين المتطرف, لو أن الأولى تغلبت على ضعفها, والثانية على عدم كفاءتها الاستراتيجي.
الفترة الثانية هي سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، والتي توفر فيها اجماع اجتماعي ,تشكل تحت مظلة الحرب الباردة ,وتنامي الازدهار (ما يسميه الفرنسيون الثلاثينيات المزدهرة), (3): والتي تم الإعلان فيها عن نهاية الطبقة والصراع الطبقي.
وأحيت حركة 1968م, نظريات مدرسة فرانكفورت , عن التسليع, والاغتراب, والتشيؤ والوعي الزائف ,كطريقة لتفسير السلبية الظاهرة للطبقة العاملة.
في الواقع، بدأ في هذه الفترة, ان الطبقة العاملة ينظر إليها كجزء من المشكلة أكثر من كونها الحل.
فقد توقف زحف الطبقة العاملة, وتم استيعاب الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية, والشيوعية, في اجماع الرأي الجديد، وكما قال الفيلسوف أندريه جورز,(4), و كان ذلك:
وداعاً للطبقة العاملة..... Farewell to the working class
ومنذ منتصف السبعينات، على أية حال، أصبحنا مرة أخرى نعيش في عالم مختلف ,اختفى منه ذلك الازدهار والنمو التلقائيان اللذان ميزا عقود ما بعد الحرب.
انخفضت الأجور الفعلية ,وفي نفس الوقت زادت الانتاجية ,ومن ثم انتقلت ثروة لا يمكن تخيلها إلى الأغنياء في المجتمع.
وقدرت الأموال التي تم حجبها في حسابات خارج اوروبا, بمبالغ تتراوح بين 12 إلى 32 تريليون دولار أمريكي – وهي ثروة كافية لإزالة كل المشاكل الاجتماعية للفقر في ضربة واحدة إذا ما تم تأميمها واستثمرت وتم توزيعها اجتماعياً.
المشكلة الآن أن هاتين الفترتين اللتين هيئتا الميدان لمدرسة فرانكفورت عند ظهورها, هما الآن توجدان معاً وفي نفس الوقت.
فنحن الآن نعاني من البطالة التي ميزت فترة فيمار من قبل (وصلت نسبة البطالة في أسبانيا، مثلاً، إلى أكثر من 50% من الشباب)،(5), وهو ما يغذي صعود أحزاب الفاشية الجديدة وأجنحة اليمين المتطرف مثل , حزب الفجر الذهبي , و, حزب استقلال المملكة المتحدّة, (المعروف باسم «يوكيب» UKIP), (6-7).
وفي نفس الوقت فشلت أحزاب يسار الوسط ,المقيدة بأجندة الليبرالية الجديدة .والحركة الشيوعية المنقسمة والمجزءة (إذا أردنا وصفاً أقل حدة) في أن تضعا بديلاً مقنعاً.
لقد عرى الركود الاقتصادي العالمي الكبير, Global recession منذ عام 2008م ,(8), الكثير من أوهام الناس حول المجتمع الذين يعيشون فيه.
وعندما تريد حكومة ما أن تعلن “أننا جميعاً معاً في هذا الأمر” فإننا ندرك وبوضوح ما هي حقيقة النص الخفي.
ولكن ربما الأكثر جدية, هو أن كوكب الأرض, نفسه لم يعد يحتمل التوسع الدائم الذي تطلبه الرأسمالية.
ونحن لدينا الوسائل المالية والتكنولوجية لحل كل مشاكل الإنسانية الأساسية بطريقة جيدة وجذابة. والذي نفتقده هو الإرادة السياسية. ولكن هذه نفتقدها فقط بسبب أن آمالنا للمستقبل قد تم تسليعها, commodified , وخصخصتها, privatised.
لقد تم شراء أحلامنا وبيعها مجدداً لنا كلحظات متوهجة واحتفالات زواج ملكية.
ولكن كان هذا نفس الواقع, عندما بدأت مدرسة فرانكفورت. كتب أدورنو:
“يميل الفاشي إلى تحطيم نفسه ,ليس أقل مما يميل إلى تحطيم خصومه، لأن التحطيم هو التعويض لرغباته العميقة والمكبوتة… هو يدرك أن حله ,هو اللا حل ,وهذا يعني أن الحل على المدى الطويل هو التحطيم.
وأي ملاحظ دقيق يستطيع أن يلاحظ هذا الشعور في ألمانيا النازية قبل أندلاع الحرب.
فقدان الأمل يجعلنا نبحث عن طريق يائس للخروج.
الإبادة, Annihilation , (9), هي البديل النفسي لهذا العصر –هو اليوم الذي تغرق فيه الفروق بين الأنا والآخرين، بين الفقير والغني، بين القوي والضعيف، في وحدة واحدة كبرى غير متسقة. عندما لا تجد الجموع الأمل في تضامن حقيقي, فإنها قد تتمسك بيأس بخيارها السلبي”.
فقدان الأمل ,والتفاؤل بعالم أفضل, هو النتيجة الأكثر إحباطاً للأزمة الحالية ,ولذلك ليس في الأمر العجب, أن العديدين يبحثون عن ملجأ في نوستالجيا (حنين إلى الماضي) مزيفة عن عالم طاهر, قبل أن تدنسه آثار الرأسمالية المدمرة, ويقول ماركس : All that is solid melts into air, ,(10).
ولكن ليس هنالك من عودة إلى الوراء، على الأقل بسبب ان هذا العصر الذهبي لم يوجد مطلقاً وأن الفجر الذهبي لن يأتي مطلقاً.
الطريق الوحيد هو أن ندفع للإمام باستخدام العلم والعقل والذكاء والأمل. قد تكون القوة الضعيفة أمراً جيداً بدرجة كافية الآن ,ولكن في لحظة ما فإن على أحدهم أن يشد عضلاته.
دعونا نتأكد من أنهم سيكونوا الفاضلين هذه المرة وليس الفاشيست مرة أخرى.
المصادر و الملاحظات
1. http://www.theguardian.com/commentisfree/2013/may/13/frankfurt-school-where-from-here
2. http://www.hurriyatsudan.com/?p=110854
3. الثلاثينيات المزدهرة: Trente Glorieuses: هذا المصطلح ,يشير الى الفترة من 1945 الى 1975 في فرنسا, و تم صياغته , من قبل, الاقتصادي الفرنسي Jean Fourastié, حيث شهدت فرنسا خلال هذه الفترة, أزدهار اقتصادي وارتفاع في الاجور, وارتفاع في مستوى المعيشة في فرنسا, وانتهت في عام 1975. http://en.wikipedia.org/wiki/Trente_Glorieuses
4. أندريه جورز: 1923-2007, فيلسوف فرنسي من أصل نمساوي, ساهم في تأسيس لو نوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية. يعتبر المنظر الرئيسي لحركة اليسار الجديد, وتتركز أبحاثة عن العمل المأجور, والاغتراب الاجتماعي.... http://en.wikipedia.org/wiki/Andr%C3%A9_Gorz
5. http://www.theguardian.com/world/2013/may/07/youth-unemployment-europe-your-experiences?guni=Article:in%20body%20link
6. الفجر الذهبي: Golden Dawn : حزب يوناني , يمني متطرف, ذات ميول نازية, تأسس في العام 1985...... http://www.theguardian.com/world/2013/apr/01/greece-golden-dawn-global-ambitions?guni=Article:in%20body%20link
7. UKIP: حزب الاستقلال في المملكة المتحدة, حزب سياسي, تأسس في عام 1993. في العام 2013، يضم في عضويته 30000 http://www.theguardian.com/politics/2013/may/03/ukip-changes-local-government-england?guni=Article:in%20body%20link
8. Global recession , 2008:
في أيلول 2008 بدأت أزمة مالية عالمية والتي اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929م، ابتدئت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت إلى دول العالم ليشمل الدول الأوروبية والدول الآسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي ترتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008م إلى 19 بنكاً، كما توقع آنذاك المزيد من الانهيارات الجديدة بين البنوك الأمريكية البالغ عددها 8400 بنكاً.............. http://www.theguardian.com/business/globalrecession?guni=Article:in%20body%20link
9. Annihilation : لغوياً: تعني: إبطال, إلغاء, مَحْق, إبادة,
10. All that is solid melts into air, وردت هذه العبارة في البيان الشيوعي, في القسم 1, فقرة 18,
http://www.marxists.org/archive/marx/works/1848/communist-manifesto/ch01.htm
1) ترجمها: آلياس شاهين, كالاتي:
وكل ما كان تقليدياً ثابتاً يطير و يتبدد كالدخان......دار التقدم-ماركس-إنجلز , المختارات-1
2) إما: د. عصام أمين: فقد حذف هذه العبارة , ولم يترجمها
http://marxists.anu.edu.au/arabic/archive/marx/1848-cm/01.htm
وكذلك في كتاب Hermann Duncker, هيرمان دونكر: البيان الشيوعي, دار الفارابي , وترجمة د. عصام أمين.
ولا اعلم من حذف هذه العبارة, هل هيرمان دونكر أمْ د. عصام أمين
3) وترجمها الراحل الكبير , العفيف الاخضر:
وكل ما كان مكينا ومستقرا يتطاير هباء منثورا،
http://www.almounadil-a.info/article130.html?artsuite=1&recalcul=oui
#عبد_الحسين_سلمان (هاشتاغ)
Abdul_Hussein_Salman_Ati#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟