احمد مصارع
الحوار المتمدن-العدد: 1215 - 2005 / 6 / 1 - 12:46
المحور:
ملف - الماركسية وافق البديل الاشتراكي
تظل الصخور الكبيرة في الأودية , بينما يجرف التيار , وهو تيار الحياة , الهشة منها , ليصنع النهر مجراه , ومن هنا يتبادر للذهن أسئلة الحقيقة , وقد وقع التغير والتطور , وما تطحنه الآلية الفكرية أو العلومية , لما يسمى الديالكتيك الطبيعي أو الاجتماعي , في قبول مبدأ , التحول , عبر التغيرات الكمية الى نوعية , فانه لا يعمل باتجاه واحد , فالحياة لا تعرف الاستقامة , فكل شيء يجري و وكل شيء يتغير , في العقل الخاص والعام و ولمختلف الظواهر , وهناك روح واحدة تسمح بتفاعل العقل الكوني الطبيعي مع الاجتماعي , وذلك عبر التآلف و وامكان الاندماج , وما الفصل الاالموقف المصطنع , والآني , وغالبا لضرورة البحث بالتجزئة , ومثلما يكون الاشتقاق والتفاضل , يكون كذلك التكامل , ولايمكن القبض على الحقيقة بعينها.
يقبض الحكام الواهمون على الأنبياء , هل هو المكر , والله خير الماكرين , بل هو خالقه مطلقا , والإنسان مخترع الأشباه , ولكنه أمام الله , فكله شبه ,
فمن أين تتسرب الأخطاء ؟
اغلب الظن , فان الظاهرة التي أطلق عليها اسم ( الجمود العقائدي ) , وهو مرض يفتك بالعقل أولا , ومن ثم يقع التقصير , وبخاصة في توقف الإبداع , يحدث مرض العجز عن المتابعة , ولذلك يحدث ما يمكن تسميته بتخلف المنظومة الفكرية , ومثل هذه الظاهرة ,لم تحدث بالصدفة , وهي نتاج تهاون وتراخ كبيرين , بل ومن اللامبالاة وضعف اليقظة , ومن التعسف والغرور أحيانا أخرى .
ربما كانت دوافع بعض الثوار و وبخاصة ممن ينتسبون الى الفعل الثوري الأهوج , وهم من يتسبب في اختلال التوازن الوجداني خاصة و بين ماهو مفروض , وما هو مطلوب , لردم الهوة بين الواقع والمستحيل , بين ماهو معقول وأخلاقي , ومن وقاحة النزوات العبثية , وهو الأمر الذي سيؤدي لاحقا , نحو تضاؤل معنوياتهم , لأنها محمولة على الحامل الشخصي السطحي , والتبسيطي , وتتقلص الحوافز لحظة الوصول الى نقطة حرجة من الآلام الكثيفة , وتكون بالنسبة لهم بمثابة الوصول الى الجدار , وهو سيمثل بالنسبة لهم بمثابة نهاية العالم ,وقد لا يقر البعض ضرورة الاستراحة , والحاجة لاصطناع فواصل للتوقف , إلا من اجل التصالح مع النفس , وفي سبيل تصحيح المسار , وللخلاص من ( المونوتونية ) التي هي من الناحية النفسية رتابة تنذر بالتخلف عن الركب الحضاري , ومن ناحية وصفية وتحليلية , هي أحادية طور , تستسهل الانبساط , والتكرار , ولا تعير التحولات النوعية , أدنى الانتباه , وبذا تبدأ المظاهر الخريفية , وتشرع الأوراق الصفر بالتساقط , مع أهون الرياح , وانه حين تكون الاستراحات ضرورية , ولكنها غالبا ما تقود الى الفشل , بل وعدم الاستمرار , ومع حدوث التراكمات التطورية أثناء ذلك , وهي مشكلة حقيقية , لأن المستراح الحقيقي , هو في متابعة التقدم للأمام , وليس العكس , ولكن التقدم للأمام لايمكن أن يتم , وفي جميع الأحوال بدون , اكتشاف مشاكل للسرعات النوعية المكتشفة في العلم الطبيعي , وبقصد الانتقال الى مدارات أبعد .
من غير الحكمة ألا ينظر للقضية ( ليس المطلوب تفسير العالم فحسب , بل وتغييره ) ولكنهما عمليتان , ليستا محمولتان على حامل واحد , والفجوة بينهما تخالفية , أي هما في مستويين فضائيين في تبولوجية تخيلية , وهما بوضوح التباعد بين النظرية والتطبيق , فالتطبيق غالق للنظرية , والنظرية لايمكن أن تتقبل الانغلاق , ومن هنا يبدأ الفكر والممارسة بقضم أطرا فهما , على المبدأ الأسطوري الميت يمسك بالحي , أو الشيوعية تحفر قبرها بيديها إذا جاز التعبير , وهذه النظرة من الداخل , لأنه من المعروف حجم العوائق والجبهة المعادية لها .
الحياة لا تعود الى الوراء , وهو مفهوم نسبي , ففي العقد الخير من الألفية الثالثة , كنا قد شهدنا انهيار أكبر نظام شيوعي في العالم , وهو الاتحاد السوفيتي السابق , في هزة جيو سياسية وجيو اقتصادية , في مرحلة كانت تدعى بالتعايش السلمي , أو بالحرب الباردة , وما نتج عنها , يشير الى عكس المسميات السابقة , والبقاء للأصلح , والحياة هي التي خلقت تناسباتها الملائمة للمعطيات السائدة.
يمكن لنا اعتبار الشيوعية , بمثابة الحرب التي فقدت مبرارتها , ولم يعد بالامكان حدوثها في المستقبل المنظور , ويحدث ذلك على الأقل , من خلال مرض الشلل الذي أصاب مختلف أعضائها , وهو مرض أصابها مقتلا , ومن الداخل , ففقدت بريقها , والأهم تفاؤلية وجودها , مع تآلفية السلم الإنساني الدولي , وكل روما عسكرية أو تكنولوجية , بدون الفلسفة الإغريقية سيكون مآلها السقوط .
ومن التراث العربي أو الإسلامي يقال : لولا عليا لهلك عمر , وكل قارئ أصيل لهذه الحكمة , سيدرك حتما قوة عمر في التعامل مع الواقع , ولكن ذلك لايمكن أن يكون بدون تشريع فقهي داعم للتطبيق , ضرورة العقل للقلب , وهو أمر تقره طبيعة الأشياء .
التأميم تاريخيا , كان بمثابة نهب باسم المجتمع , وكان من أورامه مصادرات لا يقرها العقل , وأقل أضرارها مصادرة الفرد والمجتمع في النهاية , وهزال معان الحياة الراقية , ونحول مفهوم كرامة الإنسان بحياة حرة وكريمة , والدخول الاختياري بداية , والإجباري نهاية في شرنقة , وفي حين كانت الحرية هي الغاية المرجوة , فقد تحولت الى نقيضها العبودي , وهذا ليس تغيرا نوعيا نتيجة التراكم , بل طفرة عكسية , تستحق العودة للمبادئ الأولى الداروينية الطبيعية , وما تحت اجتماعية ,وفي هذا تناف لضرورة الموت الأكيد للمركزة الرأسمالية , كتغيير نوعي , وحيد الاتجاه , بحسب العبقرية الماركسية أو اللينينية , بينما لا يجري البحث الجاد عن المعان التي يفصح عنها التمركز الاشتراكي من أصول ناهبة باسم المجتمع , وما الفساد حين يبدأ , وصولا الى النهب للمال العام , سوى التعبير الطبيعي , لغياب التصور المابعدي , للتراكمات الاشتراكية , وطفراتها المعاكسة للتاريخ , والتي تقود نفسها هي الأخرى , الى الغابة المتحجرة , وفقا للتصور البر يختي .
فأين يكمن الخلل , بمعنى : أنه جاء صيادا فوجد نفسه مصطادا ؟ وكيف حدث هذا ؟ ومن لا يتساءل بعمق , ويتأمل حتى التجلي , فانه لن يكون متساميا في التأمل العلمي , ولن يكون واقعيا عند تطبيق النظرية , بل سيكون ممسوخا ( ميتا مورفوزيا ) , فالواقع القريب يبعث التوهم أمام التأمل , في حين ينبغي عليه أن يذهب بعيدا , من أجل لحظة اقتراب ضئيلة .
الحياة تقبل تعايش الأضداد , بمعنى , أن من حق الاستغلال أن يوجد , ومن حق المستغل ( بفتح الغين ) أن يوجد , والحكم فيما بينهما سيكون للعدالة , والتي هي من النوع الدار ويني ( البقاء للأكمل أو الأصلح أو الأجمل ..) , وهذا ما يمكن دعوته بالبيئة المتكاملة , وبالبنية التبولوجية ذات الفضاء الزاخر بالمعان , ومن الضروري الحفاظ على الحياة , ولكن الأهم في الوصول الى الغاية الفلسفية في اشتقاق التقارب الأفضل نحو مفهوم كرامة الإنسان , بدون تعال شعبوي يخضع الحقيقة لاستفتاء مخادع بكل المقاييس .
الفضاء الشيوعي أو الاشتراكي هو فضاء خصيب طوبا ويا , ولكنه فضاء منفصل , بينما الفضاء الرأسمالي الإمبريالي في أعلى صوره هو فضاء متصل , ومترابط , وتشهد تقطعا ته على عمليات التحام , تخفي جروح عملياته , بفضل توافقا ته مع الأصولية الداروينية والحديثة , وما النظرية السلوكية سوى حصان دون كيخوته , ذلك الحصان الذي لم يكن أبد فرسا عربيا أصيلا , من نوع ( ولوكان قد علم الكلام مكلمي ) , وعمل يحمل صرامة الطبيب في عملية جراحية على من يحب .
الإمبريالية اليوم , وفقا للعصر , تما هت مع الاستعمار والرغبة في التوسع , وضمان المصالح البعيدة , وذلك عبر الدبلوماسية وعبر الحرب ( العادلة ؟ ), وهي موقف غير عقلاني , مدمر للحياة , وللأنسنة الدولية , ولكن الطهورية والثبات على ما يسمى ( المبادئ ) , يحيل الأفعال الى أوهام , فتعود القدرية الصوفية لاعبا كسولا , يرجو من الله العناية والتوفيق , وهي نهاية حميدة , لمن لديه الاستعداد في قبول نتائج مباراة , ويخسر فيها الفريق الذي يحبه , وبالقول حتى في الرياضة يوجد علم وفن وقبل كل شئ أخلاق .
احمد مصارع
الرقه -2005
#احمد_مصارع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟