عبد الحسين سلمان
باحث
(Abdul Hussein Salman Ati)
الحوار المتمدن-العدد: 4259 - 2013 / 10 / 29 - 15:44
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مدرسة فرانكفورت، القسم السابع: ما الذي بقي؟…7-8
بيتر تومبسون …...(1).
ترجمة الدكتور هشام عمر النور.....(2)
المراجعة والهوامش و الملاحظات و المصادر: جاسم الزيرجاوي
....................................................................................
هابرماس Habermas, و, هونث, Honneth, (3), يمثلان معاً , قطيعة مع مدرسة فرانكفورت, واستمرارية لها حول موضوعة التشيؤ, reification,(4).
على الرغم من أنني ركزت بطريقة واضحة جداً على الأسماء الكبيرة من التاريخ الكلاسيكي لمدرسة فرانكفورت وعلى علاقتهم بالفاشية والرأسمالية والشروط التي خلقتها جمهورية فيمار إلاّ أن مدرسة فرانكفورت ما زالت توجد حتى اليوم.
وما زالت على درجة كبيرة من التأثير عن طريق هابرماس وهونث. وعلى الرغم من أن هنالك مسافة كبيرة جداً تفصل بين الأيام المبكرة لأدورنو والأيام الأخيرة لهابرماس وصولاً لهونث إلاّ أن هنالك خيوطاً معينة تربط بين أعمالهم.
وكما أشار هونث نفسه فإن أحد هذه الخيوط هو فكرة التشيؤ, , ولقد عاد هونث إلى أعمال جورج لوكاش حول هذا المفهوم في كتابه التاريخ والوعي الطبقي الصادر في عام 1925م, (5), ليشير اليه, وعلى الرغم من أنه لم يعد مفهوماً معاصراً فقد انتهت راهنيته منذ الفترة اللاحقة للحرب العالمية الثانية، وبعيداً عن إعادة اكتشافه لفترة قصيرة أيام حركة الشباب في عام 1968م، فإن هذا المفهوم لم يكن أبداً مفهوماً قديماً وقد بدأ في الظهور مجدداً في هذه الأيام.
مفهوم التشيؤ بشكل أو آخر كان المفهوم المحدد للماركسية الغربية ,(6), منذ الثورة البلشفية.
فهو يحدد المحاولات الأولى لمدرسة فرانكفورت لفهم الفاشية كتمظهر للرغبات المقموعة؛
وهو الدعامة التي تقوم عليها نظريات والتر بنجامين الجمالية والتي يصف فيها الفاشية كـ”تحويل جمالي للسياسة” aestheticisation of politics،
وبالمثل شكّل التشيؤ أساس مفهوم هربرت ماركيوز عن الإنسان ذي البعد الواحد، وهو البعد الذي يمثل محض الرغبات المشيئة للثقافة الاستهلاكية.
وعندما نتكلم، على أية حال، عن الجيل الثاني والثالث من مدرسة فرانكفورت الذين يمثلهما هابرماس وهونث على التوالي فإننا نتكلم على قطيعة مع مدرسة فرانكفورت أكثر من استمرارية.
وهذا بالطبع ليس أمراً مستغرباً. لأن عالم فيمار والفاشية الذي نشأ فيه الجيل الأول من مدرسة فرانكفورت يختلف تمام الاختلاف عن عالم ألمانيا (الغربية) الديمقراطي الليبرالي (اللاطبقي), "classless
ذهب هونث إلى ما وراء لوكاش وماركس, إلى هيجل المبكر وموْضَع أساس التشيؤ ليس في ما هو اجتماعي أو اقتصادي أو أي محددات بنيوية أخرى , وإنما في مشكلة “الاعتراف” recognition أومايسميه أفلاطون ثايموس Thymos الذي يشكل، مع العقل والإيروس، الأجزاء الثلاثة الأساسية للنفس.
وبالطبع فإن هذه الثلاثية الأفلاطونية يمكن أن يقال عنها أنها مساوية للتقسيم الفرويدي إلى الهو (إيروس)، الأنا (العقل)، والأنا العليا (الثايموس)،
وبهذا المعنى فإن التشيؤ يستمر كتقاليد تنتمي إلى التحليل النفسي ضمن مدرسة فرانكفورت.
ولكن هونث أيضاً فكك التشيؤ أيديولوجياً بتخليصه من العوامل الاقتصادية البنيوية ومن تأسيسه على علم النفس الفردي.
والثايموس هو أيضاً جذر نظرية فوكوياما عن نهاية التاريخ لأنه يعتقد أنه ليس هنالك من مرحلة أخرى بعد الديمقراطية الليبرالية لأن الأخيرة وعلى نحو دقيق تضمن أكبر مستوى ممكن للإعتراف بالفرد. وهذا يعني أنه بدلاً من التفكير في التخلص من التشيؤ , بالتخلص من بنيات النظام الرأسمالي التي تتسبب في الاغتراب والاستغلال، فإن علينا أن نركز على تحسين وإغناء شروط الرأسمالية والديمقراطية الليبرالية, للحد الذي نستطيع معه اكتساب الاعتراف الفردي الكامل كذوات إنسانية.
وبذلك قلبت نظرية فوكوياما مقولة أدورنو رأس على عقب التي كانت تقول أنه لا يمكن أن يكون هنالك شيئاً حقيقياً في نظام خاطئ ليقول ليس كل شئ في الديمقراطية الرأسمالية الحديثة يمكن أن يقال أن له أثر التشيؤ والاغتراب ولكن النظام نفسه مفتوح من حيث الإمكان على الإصلاح والتحسين الدائمين.
مع انتصار الرأسمالية الاستهلاكية , consumer capitalism, في الغرب أثناء الخمسينات والستينات ,من القرن الماضي, وغياب أية أزمة خطيرة للرأسمالية, أو من جراء انتفاضات العمال، تم إعادة التفكير جدياً في الأسئلة المتعلقة بالهوية والسياسة والأيديولوجيا.
وكان على مدرسة فرانكفورت أن تطور قوة تفسيرية للتعامل مع هذا الغياب وللتعامل مع حقيقة :
أن الاستهلاكية قد حلت محل الدين، ولكن في هذه المرة كتنهيدة للكائن غير المقموع في عالم غير معادي.
في البداية اعتمد هابرماس أسس المنهج الماركسي الهيجلي,(7),
ولكن بنهاية الستينات ابتعد عن اهتمامات الجيل الأول. وفي عام 1979م قال هابرماس أنه لم يعد يقاسم الجيل الأول “المقدمة القائلة بأن العقل الأداتي,(8), قد اكتسب تلك السيطرة التي لا مفر منها في نظام كلي من الوهم لا يتحقق فيه أي استبصار إلاّ كومضات عند أفراد منعزلين”.
وبدلاً من أن يقر هابرماس مع الجيل الأول بأن ليس هنالك ما يمكن فعله لتحسين شروط الرأسمالية, حتى يتم استبدالها وازاحتها بالنظام الاشتراكي , اهتم هابرماس أكثر بإيجاد طرق يمكن أن يتحول بها المجال العام تدريجياً إلى فضاء يمكن أن نستبدل فيه سيطرة وسائل الإعلام والأجهزة الأيديولوجية الكبرى للنظام بحوار وتفاعل بين الذوات يتم من أسفل.
“نظرية الخطاب”(9), هذه قادت عمل هابرماس الرئيسي “نظرية الفعل التواصلي” , (10), (1981م) وفيه تساءل هابرماس عن الكيفية التي استطاع بها الجيل الأول أن يخطو خارج كلية علاقات القمع لكي يستطيع نقد هذه العلاقات.
إذ أن هذه العلاقات لو كانت كلية على نحو مطلق لكان بالتأكيد تطبيق النظرية النقدية عليها أيضاً جزءاً من كلية علاقات القمع هذه.
وهذه مسافة بعيدة تفصل هابرماس من الأيام المجيدة للنقد الفرويدي الماركسي,
إلاّ أن اهتمام هابرماس الرئيسي هو الحفاظ على الدفاع عن العقل والعلم والحداثة والقيم الإنسانية الكلية بالضد مما يراه كتهديد دائم من الانزلاق مجدداً إلى المخاوف غير العقلانية العنيفة.
المصادر و الملاحظات:
1. http://www.theguardian.com/commentisfree/2013/may/06/frankfurt-school-part-7-whats-left
2. http://www.hurriyatsudan.com/?p=110710
3. هابرماس: فيلسوف وعالم اجتماع ألماني معاصر, ولد في 18-06-1929, يعتبر من أهم علماء الاجتماع والسياسة في عالمنا المعاصر.
في الرابط ادناه , بعض من كتبه المترجمة للعربية:
http://www.4shared.com/folder/sxyw5VF9/__online.html
وفي الراط التالي: كتاب , هابرماس والسوسولوجيا - ستيفان هابر
http://www.4shared.com/office/s7ptQUG1/__-__.html
أكسل هونث: Axel Honneth :
ولد اكسل هنث سنة 1949 في ألمانيا، درس في معهد «ماكس بلانك» حيث تعلم على يد الفيلسوف الألماني المشهور «يورغن هابرماس Jurgen Habermas ويعمل حالياً أستاذاً للفلسفة الاجتماعية في جامعة «غوته» في فرانكفورت، وفي سنة 2001 عين مديراً لمعهد البحث الاجتماعي: مدرسة فرانكفورت، وبذلك يعد الممثل المعاصر لهذه المدرسة الفلسفية المهمة في تاريخ الفلسفة المعاصرة.
يتميز هذا الفيلسوف بتحليلاته الاجتماعية والسياسية، وبتطويره لمقولة الاعتراف التي حددها في كتابه المهم «النضال من أجل الاعتراف» الصادر سنة 1992، حيث بين الجوانب الإجرائية والتجريبية والسياسية.
لمزيد من الاطلاع :
http://almothaqaf.com/index.php/araaa/48894.html
http://www.hurriyatsudan.com/?p=56115
http://www.mominoun.com/arabic/ar-sa/articles/
4. التشيؤ: reification :يوضّح التشيؤ : مسار استبدال العلاقات بين الاشخاص , بالعلاقات بين الاشياء, وهذا يجري بفضل تحويل منتوج العمل و قوة العمل الى بضائع.
The Critique of Power: Reflective Stages in a Critical Social Theory (MIT Press, 1991 [1985]).
http://www.marx2mao.com/Other/FM65ii.html#s7
Burris, Val: "Reification: A marxist perspective", California Sociologist, Vol. 10, No. 1, 1988, pp. 22–43
http://www.marxists.org/archive/dunayevskaya/works/1943/reification.htm
http://www.marxists.org/archive/lukacs/works/history/hcc05.htm
http://www.marxists.org/archive/petrovic/1965/reification.htm
5. التاريخ والوعي الطبقي
http://www.marxists.org/archive/lukacs/index.htm
الترجمة العربية لكتاب جورج لوكاش, التاريخ و الوعي الطبقي:
http://www.4shared.com/office/pgW6ttvK/___-__.html
6. الماركسية الغربية: تستخدم هذه العبارة للدلالة على تيارات فلسفية, تطورت في اوروبا بعد الحرب العالمية الاولى, ويمثلها كل من لوكاش و كروش و غرامشي و بلوخ و مدرسة فرانكفورت...الخ
7. http://www.marxists.org/reference/archive/habermas/1968/theory-knowledge.htm
8. http://habermas-rawls.blogspot.com/2012/02/critical-essays-on-axel-honneths-theory.html
9. http://habermas-rawls.blogspot.com/2013/07/interview-with-habermas-discourse.html
10. https://www.google.com/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=8&ved=0CIABEBYwBw&url=http%3A%2F%2Fblogs.unpad.ac.id%2Fteddykw%2Ffiles%2F2012%2F07%2FJurgen-Habermas-Theory-of-Communicative-Action-Volume-1.pdf&ei=mIJvUsuWNoiRkgWXpYGACQ&usg=AFQjCNGVG9_ypSzoaXeIJPuJpGRdeGeLfA&sig2=UKCMsUv7UkvBAmUnsr9dLw
#عبد_الحسين_سلمان (هاشتاغ)
Abdul_Hussein_Salman_Ati#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟