|
الماركسية نظرية للطبقة العاملة
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 1215 - 2005 / 6 / 1 - 13:24
المحور:
ملف - الماركسية وافق البديل الاشتراكي
هذا سؤال اخر اقترحه الحوار المتمدن للمناقشة في العدد الخاص لليوم الاول من حزيران. ان قوانين حركة المجتمع التي نسميها اليوم "ماركسية" كانت دائما في مصلحة الطبقة الناشئة المتطورة التي القى عليها التاريخ مهمة تطوير المجتمع وتحقيق قانون مطابقة علاقات الانتاج مع مستوى قوى الانتاج. فقد كانت هذه القوانين لمصلحة تطور المجتمع الشيوعي البدائي الى مجتمع العبيد. وكانت هذه القوانين لمصلحة العبيد والاقطاعيين في تحويل المجتمع العبودي الى مجتمع الاقطاع وكانت في مصلحة الطبقة العاملة والطبقة الراسمالية الناشئة في احضان المجتمع الاقطاعي في تحويل المجتمع الى مجتمع راسمالي. وفي جميع هذه التحولات كان يتحقق في بدايتها تطابق علاقات الانتاج مع تطور قوى الانتاج لفترة معينة تساعد قوى الانتاج في المجتمع الجديد على التقدم تقدما سريعا نسبيا ولكن علاقات الانتاج بعد فترة معينة من التطور تتحول الى عامل معيق لتطور قوى الانتاج وتدعو الضرورة الى طفرة جديدة، الى ثورة، تحقق تطورا لعلاقات الانتاج يتفق مع تطور قوى الانتاج المتطورة. كانت هذه الطفرات كلها عدا التحول من المجتمع الشيوعي البدائي الى المجتمع العبودي تتحق عن طريق الثورات الاجتماعية المسلحة نظرا لوجود قوى تقاومها لا تتنازل عن سلطتها بطرق سلمية ولا يمكن ازاحتها الا بالاطاحة بها بقوة الثورة. نحن نعيش اليوم في مجتمع راسمالي تحول النظام الراسمالي فيه الى عائق شديد لتطور قوى الانتاج منذ زمن بعيد. ولم تتحقق فيه الثورة والاطاحة بالراسمالية بصورة ناجحة الا في ثورة اكتوبر. وكانت مقاومة الراسمالية وما زالت شديدة تستخدم كل الوسائل في ايقاف الحركة ومنعها من الوصول الى هدفها الطبيعي، هدف الثورة الاشتراكية. وقد ساعد التحول الذي جرى على ايدي الخروشوفيين وتحطيم الدولة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي والاراء التحريفية التي نشرها الخروشوفيون طيلة نصف قرن على عدم بلوغ قوى الطبقة العاملة في مكان اخر الى يومنا هذا الى مستوى تحقيق ثورتها والاطاحة بالراسمالية. وفي يومنا هذا تبدو الثورات الاشتراكية بعيدة المدى لا تظهر في الافق عوامل تحقيقها، اي قوى بروليتارية ناضجة موحدة تقود الكادحين، في اي بلد من بلدان العالم الا في بدايتها. ولكن مفعول القوانين الطبيعية في المجتمع، الماركسية، يسري رغم كل مقاومة الطبقات الراسمالية ورغم كل جهودها في ايقاف الحركة. فهنا يتحقق القانون الطبيعي، القانون الديالكتيكي امام اعيننا كل يوم. فقانون الديالكتيك يسير قدما في دفع المجتمع نحو التحول الضروري الحتمي، ضرورة تطابق علاقات الانتاج مع مستوى قوى الانتاج. ولكن تحقيق القانون يتطلب وجود قوى قادرة على الاطاحة بالنظام القديم وتحقيق النظام الجديد الذي يتحقق فيه هذا القانون. وعند عدم وجود القوة القادرة على تحقيق التحول يؤدي قانون الديالكتيك الى فناء الضدين اي الى فناء النقيضين اللذين يشكلان الحركة التي لا تستطيع فيها القوة النامية الاطاحة بالقوة المسيطرة. ويتمثل فناء الطرفين في المجتمع الراسمالي في الازمات الاقتصادية والازمات العامة للراسمالية. ففي الازمة يجري فناء العديد من المشاريع الراسمالية وفناء الكثير من القوى العاملة عن طريق البطالة وتوقف الانتاج والافلاس وسائر مظاهر الازمات الاقتصادية المعروفة والسائدة بصورة دائمة في المجتمعات الراسمالية. ان البطالة في الدول الراسمالية هي اشد انواع فناء القوى العاملة فظاعة. فالعامل ينتج قوة عمله يوميا عن طريق الغذاء والكساء والسكن وانجاب عمال جدد. وقوى العامل معدة للانتاج الاجتماعي وتحقيق ما يزيد ثروة المجتمع. ولكن عطالة العامل تمنعه من استخدام هذه القوة العاملة لخدمة المجتمع وبذلك تباد قوة عمله لكل يوم يبقى فيه عاطلا عن العمل. وقد تحولت هذه الازمات الى ازمات دائمية مثل البطالة التي بلغت الملايين في جميع البلدان الراسمالية والتي عجزت الراسمالية عن معالجتها وفي المجاعات والقحط في البلدان المستعمرة وفي زيادة الفقر وغير ذلك من الازمات التي يعاني منها العالم اليوم. بهذه الطريقة يتحقق قانون الديالكتيك عندما لا توجد القوى القادرة على تحقيق التحول الاشتراكي. قد يناقش البعض بان قانون الديالكتيك لا يتحقق في هذه الحالة لان العامل العاطل ولو انه يصبح عالة على عائلته او على المجتمع، ويتدهور وضعه الاقتصادي والمعاشي، الا انه لا يفنى لان المجتمعات الراسمالية تبذل بعض المساعدة بمخصصات البطالة لابقاء العامل العاطل على قيد الحياة. ولكن هذا النقاش ينطوي على مغالطة. فكما ان الراسمالي ليس شخصيا احد النقيضين وانما هو الراسمال الذي يمتلكه كذلك ليس العامل هو النقيض الثاني وانما قوة عمله. فالراسمالي هو حامل الراسمال الذي يستغل الطبقة العاملة والعامل هو حامل السلعة التي يستغلها الراسمال. فالعامل يبيع سلعته الوحيدة، قوة عمله، الى الراسمالي. والعامل العاطل ينتج سلعته، قوة عمله، كل يوم طالما بقي حيا ولكنه لا يستطيع بيعها ولذلك فان قوته العاملة تفنى كل يوم لا يستطيع استخدامها في الانتاج لعدم استطاعته الاتصال بادوات الانتاج التي هي شرط لتحقيق قوة عمله لكي ينتجها في اليوم الثاني. فوجود مليون عامل عاطل يعني فناء مليون من قوى عمل العمال الصالحة للانتاج كل يوم. نتحول الان الى الاجابة على السؤال موضوع البحث. "هل الماركسيية نظرية طبقة معينة؟" ان القوانين الطبيعية التي تتحكم في حركة المجتمع الراسمالي الحالي، الماركسية، تدفع المجتمع في اتجاه واحد فقط، اتجاه الاطاحة بالراسمالية لتحقيق تطابق علاقات الانتاج التي ما تزال فردية مع مستوى قوى الانتاج التي اصبحت اجماعية. لذلك فهي لا تخدم اية طبقة اجتماعية سوى الطبقة العمالية التي القى عليها التاريخ مهمة تحقيق هذا التحول. فهل تستطيع طبقة اخرى كالطبقة الراسمالية او مرتبة من المراتب المتوسطة كمتوسطي الفلاحين او مراتب المثقفين استخدام الماركسية لصالحها؟ كلا. ولو حاولت طبقة اخرى غير الطبقة العاملة او مرتبة من المراتب المتوسطة استخدام الماركسية استخداما صحيحا فلن تعمل لمصلحتها بل تعمل لمصلحة الطبقة العاملة ضد مصالحها اي انها لابد ان تعمل في اتجاه تقدم المجتمع نحو الثورة الاشتراكية. ولذلك فان الماركسية في المجتمع الراسمالي هي نظرية للطبقة العاملة وليست لاية طبقة اخرى. لهذا لا تستطيع الطبقة الراسمالية مواصلة استغلالها للطبقة العاملة والكادحين الا عن طريق بذل كل ما تستطيعه لمحاربة الماركسية ومحاولة ايقاف سيرها الطبيعي. وهذا ما تعجز عنه لان قوانين الماركسية قوانين طبيعية تعمل بالاستقلال عن ارادة الانسان وليس بمقدور اي انسان ان يبطل او يلغي او يوقف سير اي قانون طبيعي سواء اكان قانونا يسري في الطبيعة او قانونا يسري في المجتمع. فارادة الانسان لن تستطيع الوصول الى قوانين تسري بالاستقلال عن ارادة الانسان او ايقافها. حسقيل قوجمان
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الماركسية تمر في ازمة ام المنظمات التي تبنتها
-
الهجوم على ستالين هجوم على الماركسية
-
البحث عن الطبقة الوسطى
-
هل تستطيع الطبقة العاملة قيادة الحركات الثورية؟
-
عيد العمال العالمي
-
حول مقولة لينين -الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية-.
-
أزمة اليسار- التكوين الطبقي لحزب الطبقة العاملة.
-
أزمة اليسار (من هو الشعب؟) الجزء الثاني
-
أزمة اليسار (من هو الشعب ) في جزأين
-
الاخ العزيز سلامه كيله
-
ازمة اليسار - صنعة ماركسية عربية
-
أزمة اليسار - تعاريف
-
جواب سريع الى الاخ سلامة كيله
-
من كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - القسم الا
...
-
ملاحظات حول رايي في الحزب الشيوعي الاسرائيلي سنة 1962
-
من كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية
-
عودة الى قرار تقسيم فلسطين - 2
-
عودة الى موضوع قرار تقسيم فلسطين 1
-
حول الطبيعة التقدمية لحزب البعث السوري
-
من كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية - جواب الى الرفيق الكس
...
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
الدين/الماركسية نحو منظور جديد للعلاقة من اجل مجتمع بلا إرها
...
/ محمد الحنفي
-
اليسار بين الأنقاض والإنقاذ - قراءة نقدية من أجل تجديد اليسا
...
/ محمد علي مقلد
-
الدين/الماركسية من اجل منظور جديد للعلاقة نحو أفق بلا إرهاب
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|